طلال عبدالله الخوري 10\8\2018 © مفكر حر
قامت أميركا مؤخرا بفرض عقوبات إقتصادية مؤلمة على كل من روسيا وتركيا وإيران, طبعا بحجج ظاهرية معلنة تخفي ورائها الاسباب الحقيقية لهذه العقوبات, وهي كما قلنا سابقا تتمحور في الصراع الوجودي بين المعسكر الغربي بقيادة أميركا والمعسكر الشرقي بقيادة روسيا, وكما هو معروف بأن الصراع الوجودي لا ينته إلا بتدمير أحدهما للأخر, ربما تتخلله مراحل زمنية من التعايش السلمي أو الصراع الخفي الغير ظاهر للعلن,.. أما سبب العقوبات الاقتصادية على كل من تركيا وإيران فهو تحالفها استراتيجيا مع المعسكر الروسي, ضد المعسكر الغربي بقيادة أميركا, أما ما يقال عن موضوع القس “اندرو برونسون” المحتجز بتركيا أو ما يقال عن المشروعين الايرانيين النووي والصاروخي الغير متطورين والذين لا يشكلا أي تهديد لأحد, فهذه حجج ظاهرية لإخفاء الأسباب الحقيقية الاساسية وهي الصراع الوجودي بين المخابرات الروسية وحلفائها من جهة والمخابرات الاميركية السي أي ايه وحلفائها من جهة ثانية..
طبعا كان بإمكان كل من إيران وتركيا أن تتراجعا عن تحدي أمريكا وتتجنبا العقوبات الإقتصادية, ولكنهما للأسف قررتا التمادي بالتحدي, والأكثر من هذا دفعتا بكل ثقلهما إلى جانب المعسكر الروسي ضد المصالح الأميركية في صراعهما الوجودي..
الآن ماذا نتوقع أن يكون تصرف الحلف الروسي التركي الايراني مع جماعة الإخوان والنظام السوري
كما قلنا سابقا في سوريا هناك ثلاث مشاريع تتصارع مع بعضها, واحيانا تتحالف مؤقتا بزواج متعة ضد خطر أكبر, وهي مشروع الخلافة الإسلامية بقيادة تركيا وجماعة الإخوان, والخلافة الشيعية بقياد ايران وحزب الله, ومشروع الامبراطورية الروسية العظمى بقيادة بوتين .. وهناك ايضاً المشروع الأميركي الذي هدفه منع المشاريع الثلاثة السابقة من تحقيق أهدافها, عن طريق استنزافهم وضربهم بعضهم ببعضاً … لهذا أنا طالبت الوطنيين السوريين من بداية الثورة الانضمام للمشروع الأميركي لأنه هو الذي يتطابق مع المصالح السورية … فلسنا بحاجة لمشروعي الخلافة السني او الشيعي أو امبراطورية روسيا العظمى لكي يحالوا أن يبنوا أحلامهم البائسة على حساب الدم السوري.
كما قلنا سابقا بأن مشروع الخلافة الإسلامية “داعش” تم إطلاقه بأروقة المخابرات الروسية بالمشاركة مع الايرانية والتركية والنظام السوري, وكان هدفهم منه هو هز استقرار العالم, تماماً كما فعلوا بالعراق مع تنظيم القاعدة لكي يجبروا أميركا على الجلوس معهم والتفاوض معها على مشاريعهم, وانتزاع التنازلات منها, ولكن اميركا, كما قلنا, فهمت هذه اللعبة وتحالفت مع التحالف العربي الكردي وقضوا على داعش في الرقة .. ولم يبق إلا فرع داعش المتحالف مع النظام في كل من البادية وغرب درعا ( الذين تم نقلهم لشرق السويداء وحدث ما حدث من مجزرة وخطف واغتصاب بحق أهلنا في السويداء بأوامر من النظام السوري).
نحن نتوقع, الآن, أن تقوم تركيا وبالتخطيط مع كل من روسيا وإيران وجماعة الإخوان والنظام السوري أن يوحدوا بقايا داعش وجبهة النصرة وكل جبهات المسلحين السوريين التابعين لتركيا وإيران وروسيا والنظام, وبدعم لوجستي سري من مخابرات روسيا وإيران وسوريا وتركيا لإعادة إحياء مشروع الدولة الإسلامية لهز استقرار العالم في اوروبا واميركا, والقيام بعمليات إرهابية هناك لإجبار اميركا والغرب على الجلوس معهم وانتزاع التنازلات منهم.. ونحن نتوقع أن يكون رد الغرب على هذه الخطوات قوياً, وعدم الانصياع لهذا التهديد الأحمق, وستؤدي هذه الخطوة بالنهاية إلى انهيار الاقتصاد في كل من روسيا وتركيا وإيران والنظام السوري وبالتالي انهيار هذه الانظمة وإسقاطها تحت ضربات شعوبها التي بدأت تثور من الوضع المزري الذي تم وضعهم فيها..
الخيار الآخر هو أن لا يسيرون على السيناريو السابق وأن لا يفعلوا شئ وبالتالي ستستمر اقتصاداتهم بالاستنزاف والانهيار وسيكون انهيار هذه الانظمة ونقصد الروسي والايراني والتركي والسوري ابطأ من الحالة الاولى ولكن بالنهاية ستنهار كلها ..
الخيار الأخير أمامهم هو أن يتراجعوا عن تحدي اميركا ويهتموا بشؤون بلدانهم الداخلية وهذا هو افضل حل لهم ولكننا لا نتوقع أن يختاروه .. لان الطغاة مثل بوتين وخامنئي واردوغان والاسد هم اغبى من أن يختاروا الحلول العقلانية.