الإعلام المصري مشغول اليوم بإشكالات يفترض أن الإمام محمد عبده مؤسس الأزهر الحديث ، منذ بداية القرن العشرين والاسلام الحداثي ممثلا بتليمذيه العظيمين ( الأزهري علي عبدالرازق التنويري الدستوري الاصلاحي ، وطه حسين الأزهري المنشق عن شيخه محمد عبده ليبراليا وعلمانيا ،حيث يفترض تاريخيا ( كرونولوجيا ) أن مدرسة الإمام بفرعيها هذين ( عبد الرازق – طه حسين) قد حسمت معركة ( التأخر والتقدم ) عربيا وإسلاميا من خلال تأسيس الرؤية التطورية وإحلالها محل الرؤية الغيبية السحرية للعالم في الفكر العربي والإسلامي والأزهر …
لكن المفاجأة أن الإشكالات التي تثير الحوارات الفكرية اليوم في مصر هي ذات الإشكالات التي كانت شاغلة الفكر العربي الديتي الثقافي منذ قرن هي ذاتها الموروثة عن أربعة عشر قرنا …حيث تبدو هزيمة حزيران 1967 وكانها قد جرت البارحة، وأن هذه المعركة في ذروة سعارها بين ( الأخوان والعسكر)، حيث مثل الشيح متولي شعراوي يومها الأخوان المسلمين ) ‘ذ حمد الله وشكره على (هزيمة مصر أمام إسرائيل !!!) ، لأن مصر لو أنتصرت لا عتبر انتصارا للشيوعية ويرد القوميون الناصريون بأن هذا الموقف الشامت بهزيمة مصر هو موقف لا وطني إن لم يكن خيانة!!!
والمشكلة أن الشيخ شعراوي الأخواني انتشر صيته بوصفه ممثل الاسلام السياسي الأول سابقا بشهرته حتى الأخوان حيث جمع بين سمعة الداعية والمفكر سيما بعد إعدام السيد فطب (المفكر)، ولذا سيبرز الشيخ الشعراي بوصفه الرأسمال الديني السياسي الأكبر* بعد إعدام سيد فطب الذي بدى أن الحكومة التي كان فيها شعراي لم تعترض على إعدام قطب كأول موقف بيرغماتي مهادن ( معتدل) ضد ما سمي تكفيرية ( قطب ) ـ ومن ثم التوجه الأخواني بعدها إلى شعار ( طاعة أولي الأمر) على يد الهضيبي في كتابه ( دعاة لا قضاة ) كموقف الأحوان المصريين والسوريين المتردد تجاه ثورات الربيع العربي في بداياتها ، قبل الانتقال نهائيا إلى ادعاء أنهم قادة هذا الربيغ التفانا حول (قطر) التي استلمت رعاية وقيادة الأحوان من السعودية بأوامر أمريكية استدعتها استراتيجيتهم الجديدية لتقسيم المنطقة تعديلا لاتفاقات سايكس بيكو، بما ينسجم مع الدور العالمي الجديد لأمريكا التي ستصغر شأن الأخوان ليكونوا قادة الملياور ونصف مسلم حول (قطر الغظمى ) من خلال رفع راية (الخلافة الأخوانية كمعادل وحليف للإمامة الإيرانية) ، حيث أرغمت إيران عبر الشعبذة الأمريكية أن تضع نفسها في مقدمة العداء للعرب ، متقدمة حتى على إسرائيل في درجة كراهيتها من قبل الأمة العربية والإسلامية لصغر عقل إيران الملتي الآيتي الطائفي بهذياناتها أن أمريكا تقف إلى جانب (أهل البيت) ضد النواصب ( السنة ) الذين تتزعمهم السعودية وذلك ثأرا شيعيا لدماء الحسين بعهد احتلال أربعة عواصم عربية !!!..
والمشكلة أن الشيخ الشعراوي نصب نفسه أو نصبه الأخوان لقيادة المعركة الثقافية ليس ضد الشيوعية فحسب بل ضد القومية الناصرية والليبرالية ، حبث دخل الشيخ في مواجهة فكرية مع الكاتبين الكبيرن ( توفيق الحكيم ويوسف ادريس )
وكلا الاثنين مرشحا مصر مع نجيب مفوظ لجائزة نوبل ،وكلاهما وطنيين ليبراليين وأحدهما من أصول يسارية …….مما أجبر يوسف ادريس لأن يلقب الشعراوي بـ( راسبوتين مصر) ،سيما قي الفترة التي ذاعت شهرته بصلته يالفنانات المصريات، بحجة توبة الفنانات على يديه ، الأمر الذي دعا يوسف ادريس لتسميته باسم الراهب الروسي الشهواني ساحر النساء (راسبوتين) …
ويبدو أن الشيخ الشعراوي هو الذي دشن عودة الفنانات التائبات الذي استدعى بالضروة تحريم الفن وتكفير حتى السيدة أم كلثوم بوصفها ( فاسقة ) لأنها تظهر وتسمع صوتها للناس الذي هوعورة للرجال …
أي أن الشيخ الشعراوي أفرغ البرميل المثقوب الذي ملأة الإسلام التنويري ( مدرسة محمد عبده والأزهر الشريف) من كل تيارات الحداثة : الليبرالية والقومية واليسارية ، سيما أن القوتين الأساسيتين اللتين كانتا مستهدفة من النظام العسكري هما الإسلاميون (المتأسلمون والشيوعيون) ، سيما أن الشيخ الشعراوي كان وزيرا للأوقاف في الحكومة الناصرية المهزومة بخمسة حزيران، وهي التي أشرفت على القمع وتصفية الإخوانيين والشيوعيين !!!ّ!…..