في اول اجتماع ظهر على زاوية الكاميرا ولما انتبه لإقترابها منه قوم ظهره وسواه ورفع رأسة وقطب حاجبية معطيا سيماء التنبة والادراك واليقظة وكان قبل صدور النتائج بيومين فقط قد اكترى عددا من السيارات مع سائقيها لإلصاق صور الدعاية الإنتخابية له وهو بالبدلة الرسمية وتحت صورته كلمتان فقط .. أنا معكم .. . لكن العاملين على الصاق الصور كانوا على عجلة من امرهم و يعرفون البيت وأهله ومثالبهم وروائحهم العطرية ؟ فقاموا بإلصاق الكثير من الصور على حاويات الزبالة في الحارة والمناطق القريبة مما اثار غضبه وخرج هو وإخوته بسياراتهم لإزالتها وأثاروا انتباه اهل الحارة والمارين وهم جانب حاويات الزبالة يقلعون الصور ويرغون ويشتمون .. لم ينتظر أحد يوم النتائج لأنه لا أحد ايهتم بها أصلا خاصة في هذة الظروف فالكل يعلم ان الأمور مسبوقة ومعروفة سلفا . وفي معرض احتفاله بنجاحه وترسيمه (عضوا) في المجلس قضيت واسرتي أياما ننام على طلق النار ونستيقظ عليه وتقاطرالمهنئون والعواطلية من ساسة ومدراء سابقين ومتخلفون عقلياً يرتدون الزي الديني وأعضاء حزب قدماء والذين كان وإخوته ورهط من عشيرته يستقبلونهم ويودعونهم بالتهليل والترحاب والاصوات العالية المفتعلة المقصودة .. ولشد ما ازعجنا شيخ قريب له كان اكثر الناس حماسا يدخل من الوافدين ويخرج مع الخارجين لا يكل ولا يمل يرحب ويجامل بصوت عالي حاد ولكنة مُحيرة , يلقب بين الشيوخ ومغيبي العقل (بناسك الجبل ) فقد ولد هذا المخلوق وتيتم صبيا صغيرا وعاش طفولته عند أحد اقرباءه يعمل بالمنزل كالخادم وحينما كبر وارتفع مستوى التستسترون عنده وصار يطيل النظر الى مؤخرات النساء غادر المنزل ليعمل حارسا في منطقة الجبل على أحد بساتين التفاح وأقام في البستان بعيدا عن المدينة والناس ثم اهتدى اليه العارفون والبسوه لباس شيوخ الدين وأخذوا يلقنونه كلمات الدين ويحفظونه مقاطع من صلوات وادعية خاصة ولأنه متنسك زاهد لا إمراه عنده ( يبدو ان وجود المرأة يخفض درجة النسك و البعد عنها معاناة تستوجب الصبر وتضاف الى أجر الناسك ) علا نجمه وذاع صيته وأصبح حاضرا ومدعوا ثابتا عند وجود مشكلة اجتماعية ما أو حدث يستدعي وجود -وجوه الخير- و رجال الدين ولان الخبرة بالحكم والمحافظة علية تستوجب الحركة والخفية , فقد تنبه اليه رجالات الدولة و زاره في معتكفه الجبلي رئيس شرطة المدينة ورجالات الأمن وطلبوا منه الرضا والبركة وصار ضيفا شبه دائم في مكاتبهم يشرب القهوة ويتنقل بسياراتهم . . هذا الشيخ لديه مشكلة بالنطق يرطن و يلكن ويلثغ بأكثر من حرف بحيث يبدو كلامه غريبا سريعا يحتاج للتحليل والتخيل والإفتراض لفهمه . ولإيجاد حلا لمشكلته أوجد له العارفون الدجالون حلاً اضاف مدماكا الى شأنه الديني العالي ! فقد أ شاعواان الشيخ -ناطق- وناطق بعرف أهل السويداء تعني متقمص – وانه عاش أكثر من حياة مختلفة وأنه في آخر حيواته السابقة كان شخصا يعيش في الصين جانب السد العظيم وانتقلت روحه بعد وفاته وتلبست جسد شيخنا العزيز وأن الشيخ في حياته الجديدة هذه ورث جزءا من اللغة الصينينة التي كان يتحدث بها في حياته السابقة واختلطت عليه اللغات فهو اكثر من روح ولغه إنصهروا معا واوجدوا هذا البطل!! . معتكفه في الجبل صار محجاً وامتلا بعلب الراحة والبسكويت وقناني الدبس والزبيب والخبز العربي المتقن والمصنوع بايدي الشيخات مما تطلب الحاجة الى مساعد وقد تبرع اخوة بذلك وغدا مستشارة وأمين خزنته وتموينه ؟ وصاحب جدول اعماله .
على لائحة اسماء الناجحين بالإنتخابات ورد اسم صاحبنا إلا انه ويا للعجب مسبوقا ً بلقب دكتور؟ الدكتور فلان الفلاني . قلنا وأخذنا تنذكر لعل أحد منا قد نسي تاريخه العلمي وقد كنا معا من الابتدائية الى بداية صف الثامن الاعدادي حين صار عندنا جبر وهندسة واعداد سالبة وموجبة وسين وعين فلم يستطع ذهنه استيعاب الخيال والإفتراض! فهرب من المدرسة ويمم شطر دمشق ليعمل كرسون باحد الفنادق الكبيرة والتي يرتادها الممثلون والممثلات واصحاب التجارة الواسعه ولحقهم لاحقا ضباط الحرس الجمهوري .ولأن التأثير الجيني لا بد أن يظهر فقد ارتبط مع هؤلاء الأخوة الافاضل بعلاقات تختص بالمتعة الحسية فقط ؟ ودرج على سلم المجد صاعدا خاصة بعد ان تزوج صبية جميلة من أحد الطوائف النافذة أنجب منها ابنتان وطلقته بعد ان اغناها الله من تجارة الشنطة من والى تركيا أيام سُتَر الجلد الطبيعي والأحذية .
لكن لا زال الموضوع يثير جدلا!! في اي من مجالات العلم والمعرفة صار صاحبنا دكتورا ومتى اخذ الثانوية العامة ؟؟ اخوه الأكبر وهو على شاكلته إنما مستواه الديوثي ارفع هو من اخترع له لقب الدكتور ويبدو انه كان يهيئه لهذه المناسبة من فترة طويلة خاصة بعدان شاخ وانطفئ أحد الاعضاء السابقين من نفس العائلة ( المعروف بصاحب الشوارب المصبوغة ) بعد ان تيبست مفاصلة على كرسي المجلس من كثرة الجلوس في الدورات المتتالية وكان لا بد من وريث يحفط مكان العائلة في المجلس .. كان العضو الجديد قبلا من جماعة فلان وعندما أُخرِجَ فلان من الديار محملا بالقناطير المقنطرة من الذهب والفضة وخزينة البنك المركزي انتقل الى جماعة علان إلا ان جماعة علان لم تمنحه الثقة الكافية . إلا حين دارت هذة الحرب الوسخة فوظفوه أو أوكلوا إليه مهة المشاركة في لجان الصلح والسلم . وصار منزله ملتقي شبة يومي لشعراء الربابة والشعر النبطي يصدحون ويكذبون بحب الوطن , واجرى العديد من اللقاءات الاذاعية بالاذاعة المحلية الجديدة . . يعشق السلطة ومكاتب الامن وابو حيدر وابو سومر .. يعرف عنه المقربون ان لديه أمنية يحب تحقيقها وهي ان يمتلك السطوة والسلطة على سجن الناس كأ ن يشيربإصبعه مثلا ويقول : خذوه الى السجن فياتي الحرس ويقتادون -المشار اليه – الى السجن فورا دون اعتراض ؟؟ لا شهادة لديه إلا شهادة النصب والعائلة الكبيرة المنبطحة الحالمة بإعادة مجد العائلية ويقول عن نفسة ضاحكا مصرحا دون خجل :أنه قضى عمره ينصب عى الناس إلا أنه انه مرة واحدة في حياته تعرض هو للنصب على يد شخص من (بيت مسعود) وذلك عندما انتشرت في اوائل الثمانينات حالة من حمى البحث عن اللقى الأثرية والذهب وروى ان احدهم من بيت مسعود جاءه واخبره ان في منطقة تسمى ( الزلف ) القريبة من البادية عثر اكثر من واحد عل سلاسل ذهبية وتماثيل صغيرة اثرية ذات قيمة وأن أحدهم وجد تمثالا وعملات ذهبية قديمة واقنعه بالقيام برحلة تنقيبية . فخرجا معا ذات صباح بسيارة جيب صغيرة ومعهم عدة الحفر والطعام وأقاما في المنطقة يبحثان مسترشدين بإشارات قالوا لهم عنها فإذا وجدوا حجرا عليه اشارة الصليب مثلا فهذا يدل على وجود شيء أنما ليس بالكثير أما اشارة الافعى فهي تدل دلالة اكيدة على وجود شيء ما كبير نسبيا …بقيا يبحثان مدة يومين كاملين وكانا يشاهدان من بعيد مهربي الأغنام من البدو ينقلون قطعان الأغنام من البادية الى الأردن . في ثالث يوم أطلق عليهما المهربون النار من بعيد لأبعادهم عن المنطقة وكادا ان يُقتلا فرجعا خائبين . وذات مساء جاءه ابن مسعود وتكلم معه سريعا ودخلا المنزل ينظران حولهما قال له أن أحدهم – أحد المنقبين – وجد شيئا ثمينا وأراه خنجرين لكل واحد منهما مقبض يبدو من العظم او العاج مرصعا بقطع صغيرة من الأحجار الامعة , وقلائد من الخرز ملظومة بخيوط من الجلد القوي وقال له : ان الرجل يخاف أن يظهرهم ولا يعرف أحدأ من تجار هذا الكار ثم مال عليه وقال بصوت خفيض : اشتريهم انت وبيعهم على طريقتك ستجني مبلغا كبيرا , الرجل لايعرف القيمة الحقيقية لهم وطلب مبلغ عشرة الاف ليرة سورية فقط وانا متاكد ان ثمنهم عند تجار الاثار وخبراء القطع الاثرية أكثر من ذلك بكثير . اخذهم طمعاً ولفهم بقطع من القماش بتاني وحذر وقبل نهاية الاسبوع كان هو وأخته في الطريق الى لبنان بعد أن أخفت الأخت القطع داخل ثوب عربي فضفاض في مناطق الجبال والاخاديد والشقوق قريبا من مخارج التصريف ..
تبسم التاجر اللبناني كمن يتبسم لطفل صغير يؤدي حركة مرحة وقال له : هل جئت من سوريا لتبيعني هذة الاشياء ؟
رد عليه صاحبنا : انت تعلم جدية النظام عندنا وتدخلاته من يعلق لا يخلص , والدولة تعاقب من يعمل بهذة ا لاشياء
. قال التاجر: يعني كان بامكانك أن تبيعهم بسوق الحميدية بالشام .
—- لا أعرف أحدا هناك وأخاف ان ينكشف أمري
— لا . بامكانك أن تبيعهم علنا ً!!!
قال صاحبنا وقد انقلبت سحنته كمن ينتظر خبرأ سيئاً ماذا تقصد ؟
قال التاجر: هذة الاشياء لا تعدو كونها خناجر قديمة من الحديد ومقابضها من العظم المرصع بالخرز العادي من الزجاج الملون وكذلك القلائد فهي من الخرز الزجاجي الملون وليس لها قيمة اثرية .. بهت صاحبنا وأحس بصغرة وغباءة وأخذت أختة تهز ساقيها وتنظر لأخيها قال التاجر ملاظفاً عيني أخته السوداوين : أعذريني مدام انا متأسف يبدو انكم خُدعتم هذه الامور تحتاج للخبرة وستتعلمون في المرة القادمة . ضمت الأخت ثوبها الفضفاض على جسدها وزمتّه على خصرها وخرجا معا ووجه ابن مسعود يسبقهما .
والمرة الأخرى والتي يُحدث فيها صاحبنا دائماً انه كان السبب في ثراء مجموعة من الشباب كانت عندما شكل فرقة للرقص الشعبي وهي ليست فرقة بالمعنى الفني الواسع المتعارف عليه للكلمة , كانت مجموعة من الشباب – القافز – ! مع عدد من الصبايا المنفتحات أكثر من غيرهن يصفون على نسق مستقيم أو يتحلقون يتوسطهم – قاصف الدربكة ونافخ الشبابة – يؤدون حركات لا تتعدى بتنوعها اثنتين أو ثلاثة تتضمن القفز بالهواء و التبديل والخبط بالرجلين وشبك اليدين و وللصبايا هز الردفين والتصفيق الرتيب على الحان شعبية مكررة معروفة ممجوجة يتقنها الصغير والكبير . واستطاع صاحبنا استخراج فيزا للفرقة من السفارة الامريكية على انها فرقة للرقص الفولوكلوري السوري ستقدم عروضا في الولايات الأمريكية ,
لم تقبل اي من المسارح صعودهم عليها فلم تكن هناك موسيقى ولا نوط ولا موسيقيين ولا مصممي رقصات واعتبروهم مجموعة من الشباب يرقص مثل فرق الغجر وفرق الشوارع الامريكية و لم يطل اقامة الفرقة أكثر من شهر قضاها الراقصون يرقصون على جوانب المسابح وفي حفلات الاعراس والخطوبة وفي سهرات الأغنياء المتبطرين وذات صباح بحثوا عن صاحبنا فلم يجدوه كان قد اختفى مع النقود وعاد الى سوريا وترك الفرقة في أمريكا . تدبرت الفرقة ثمن بطاقات العودة وبقي هناك شابين أو ثلاثة مخالفين نظام الهجرة يعملوا متخفيين الى أن استطاعوا تدبير قانونية اقامتهم وعملوا كما يعمل العرب يالسندويش وعربات الايس كريم ولأنهم يكسبون بالدولار الأمريكي صاروا من الاغنياء في بلادهم بنوا الابنية وتزوجوا وعادو مع نساءهم وجوازات سفرهم الامريكية واستقروا هناك ويؤكد صاحبنا قي كل مرة انه هو السبب في نقلة حياتهم النوعية ولولا أن أخذهم الى هناك لما حلموا بأن تطأ أقدامهم أرض أمريكا .
انتهى امر الفرقة ولم يبق ما يُذكّر بها إلا صاحبة العينين الخضراوين وقصة زواجها من الاخ الأصغرلصاحبنا , ويعرف الجميع ان صاحبة العينين الخضراوين اغرمت بالبدء بالعضو المنتخب كونه مؤلف الفرقة والمنتج والمخرج ومصمم الرقصات لكنه لا حظ غرام اخية الاصغر بها وميله اليها فتنازل له عنها طوعاً!! وتزوجا وعملا معا في احدى الموسسات الإجتماعية هي تجلس على مكتب حديدي قديم لا تدري ما هو عملها !! وهو سائق في نفس المؤسسة
و لم ينجبا اطفالا وكا ن هو- ازو سبرميا – وظل وجهه لاصفا لا لحية ولا شارب . وبعد سنتين حبلت المراة وغادر الزوج من الفرح ! لأحدى دول الخليج ولم يعد إلا بعد اربع سنوات .. تشغل اليوم صاحبة العينين الخضراوين وظيفة مهمة في احدى الموسسات بعد أن وطدت علاقتها مع إحدى الوزيرات ولا زال زوجها منفياً في الخليج لا ياتي إلا نادرا ولم ينجبا ولدا أخر .
كنت أنظف امام منزلي وأدفع عربة مليئة يالحشائش والاحجار الصغيرة مرالعضو المنتخب – الدكتور – وقد تحول اسمة الى (المُشنهق ) لكثرة ضحكاته العالية وحديثة الصاخب العالي النبرة وكأنه يريد أن يُسمع الكل فاذا ضحك افترّ فمه عن اسنان كبيرة نسبيا ناصعة وظهر جزء من لثته العليا مشابها منظر الحمار حين يشنهق . اوقف سيارته سريعا واقترب مني وصاح… مرحبا دكتور… ونزل وقال وهو يضع فمه قريبا من أذني أنا نجحت بقوة شعبيتي و لم يدعمني أحد لا المال ولا العائلة …. وقال انه يعرفهم كلهم واحد واحد وانهم عرصات حرامية وقال أنة سيربيهم بدءاً من المحافظ الى رئيس البلدية . قلت له ولله يا دكتور انا أتمنى ذلك والله يعينك على حمل المسؤولية ولما قلت كلمة دكتور تبسم وضحك وكأنه عاد اليه جزء من ذاكرة طفولتنا وحارتنا , فقلت له مبتسما : لكن صحيح بشو الدكترة يللي معك .؟ قال : أخذت دكتوراة بالإجتماع السياسي من أوكرانيا