الحياة اللندنية: فؤاد السنيورة
كانت وجهة نظري دائماً أنّ المشكلات يمكن ان تصبح تحديات، ويمكن أن تتحول إلى فُرَص. وهذا التبادُل بين التحدي والفرصة متاحٌ اليوم، ربما أكثر مما كان عليه طوال أكثر من عقدٍ من الزمان. وأقول ذلك الآن أو أُقررُهُ في مناسبة الاتفاق الأميركي- الإيراني أو دخول إيران مع المجتمع الدولي في اتفاقٍ أولي بشأن برنامجها النووي. فمنذ بداية عهده الأول في السلطة، راهن الرئيس أوباما على ما يبدو وفي ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وفي المسألة الإيرانية بالتحديد على ما صار يُعرف بالقوة الناعمة. ولقد صدرت منذ العام 2004 سبعة قراراتٍ من مجلس الأمن حول ملف إيران النووي، ومنذ العام 2004 وإلى آخر القرارات القاضية بالعقوبات والحصار الاقتصادي ضد إيران في العام 2011 ما تغير العرض الأميركي (والدولي): تخفيض نسبة التخصيب، وإخضاع منشآت إيران النووية للإشراف والرقابة من جانب المنظمة الدولية للطاقة، وهو الأمر الذي ما كانت إيران توافق عليه، وقد وافقت عليه الآن. لقد خشيت أطرافٌ عربية من هذا الاتفاق وبعضٌ من هذه المخاوف محق؛ وأسباب التخوف تتناول ما صار يُعرف بالتبادل، أي أن تكون هناك صفقةٌ أو استعداد لإبرام صفقة بين الأميركيين والإيرانيين تُطلقُ الولايات المتحدة بمقتضاها يد ايران في المنطقة في مقابل تنازل إيران عن السعي إلى تطوير أسلحة الدمار الشامل، وتتجه إلى تحسين علاقاتها مع أميركا والغرب الأوروبي.
الواقع أنّ اليد الإيرانية طليقةٌ في المنطقة بالفعل منذ أكثر من عقدٍ من الزمان. ولا فرق في الموقف من هذه الظاهرة المقلقة يبن عهدي الرئيسين بوش وأوباما سوى في التفاصيل، فقد استعان الأميركيون بالإيرانيين في أفغانستان والعراق ومكَّنوهم في المحصلة من السيطرة عملياً على العراق، وسمحوا من دون اعتراضٍ جدي بتدخل إيراني سياسي وعسكري في لبنان وسورية واليمن. والذي أراه أنّ هذا الأمر، على صعوبته ومحاذيره، يمكن أن يتغير في المدى القريب، وذلك بالقوة الناعمة للعرب، وليس بالقوة الناعمة للولايات المتحدة، وعبر إثبات القدرة على التأقلم مع المتغيرات والتهيؤ لتداعياتها والتعامل مع مقتضياتها والعمل المبادر والفعّال لتحويل المشكلات الى فرص، وبما يحقق أملاً لطالما راود الشعبين العربي والإيراني في استعادة الثقة والوئام والتعاون.