سردار أحمد
الحلقة التاسعة:
أحكام الزواج بالجواري والعبيد ج1:
يدعي أغلبية المسلمين إن الإسلام شجع على الزواج من الإماء والجواري وذلك لتقليل أعدادهن في المجتمع، لكن الحقيقة غير ذلك، والزواج من الجارية يُعتبر كأكل الميتة ولحم الخنزير، لا يباح إلا عند الضرورة.
وبموجب الآية التالية يُحرم الزواج من الجواري والإماء إلا بشروط:
((وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ *النساء 25))مدنية
” {ولا لحر مسلم أن يتزوج أمة مسلمة، إلا أن لا يجد طولا بحرة مسلمة، ويخاف العنت} الكلام في هذه المسألة في شيئين، أحدهما، أنه يحل له نكاح الأمة المسلمة إذا وجد فيه الشرطان، عدم الطول، وخوف العنت. وهذا قول عامة العلماء، لا نعلم بينهم اختلافا فيه.” (المغني- ج15 ص160)
الشرطان:
1- { مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ…}:
ذُكِر في (تفسير البحر المحيط- ب15 ج4 ص93) معنى الـ ” الطول: السعة في المال قاله: ابن عباس، ومجاهد، وابن جبير، والسدي، وابن زيد، ومالك في المدونة” والمحصنات هن الحرائر.
وقيل في (الوسيط لسيد طنطاوي- ب25 ج1 ص916): ” قال صاحب الكشاف:الطول: الفضل. يقال: لفلان على فلان طول أي: زيادة وفضل. وقد طاله طولا فهو طائل. قال الشاعر:
لقد زادني حبا لنفسي أنني ……. بغيض إلى كل امرئ غير طائل.
“… يجوز للرجل أن يتزوج بالأمة إلا إذا كان لا يقدر على أن يتزوج بالحرة لعدم وجود ما يحتاج إليه في نكاحها من مهر وغيره. وقد استدل بقوله: {من فتياتكم المؤمنات} على أنه لا يجوز نكاح الأمة الكتابية، وبه قال أهل الحجاز، وجوزه أهل العراق، ودخلت الفاء في قوله: {فمن ما ملكت أيمانكم} لتضمن المبتدأ معنى الشرط.” (فتح القدير- ج2 ب23 ص120)
” نكاح الأمة عند علماء العراق حرام على من وجد عشرة دراهم، وعند بعض علماء الحجاز إذا كان واجدا ثلاثة دراهم لم يحل له نكاح الأمة، وعن بعض أصحاب ابن المسيب إن وجد الرجل درهمين حرم عليه الأمة…” (قوت القلوب- ج2 ص210)
2- { لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ…}:
العنت: المشقة والضرر، ولا ضرر أعظم من مواقعة الإثم، ولا سيما بأفحش الفواحش، وهو الزنا، وفي (النكت والعيون – ب25 ج1 ص289) “قيل في العنت أربعة تأويلات: أحدها: الزنى، وهو قول ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والضحاك، وابن زيد، وبه قال الشافعي، والثاني: أن العنت الإثم، والثالث: أنه الحد الذي يصيبه، والرابع: هو الضرر الشديد في دين أو دنيا .”
” وأصل العنت انكسار العظم بعد الجبر فاستعير لكل مشقة وضرر، ولا ضرر أعظم من مواقعة المآثم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما هو الزنا لأنه سبب الهلاك” (تفسير النسفي- ب24 ج1 ص222)
” عن جابر: أنه سئل عن الحرِّ يتزوج الأمة، فقال: إن كان ذا طول فلا. قيل: إن وقع حبّ الأمة في نفسه؟ قال: إن خشي العَنَت فليتزوجها.” (تفسير الطبري- ب25 ج8 ص184)
” وقال بعض المفسرين: إن الشبق الشديد في حق النساء قد يؤدي إلى اختناق الرحم، وأما في حق الرجال فقد يردي إلى أوجاع الوركين والظهر والأول هو اللائق ببيان القرآن.” (تفسير اللباب لأبن عادل- ب25 ج5 ص134)
” أبيح نكاح الأمة عند خوف العنت مع أن فيه إرقاق الولد وهو نوع إهلاك وهو محرم على كل من قدر على حرة ولكن إرقاق الولد أهون من إهلاك الدين وليس فيه إلا تنغيص الحياة على الولد مدة وفي اقتحام الفاحشة تفويت الحياة الاخروية التي تستحقر الأعمار الطويلة بالإضافة إلى يوم من أيامها. (أحياء علوم الدين- في الترغيب في النكاح والترغيب عنه- ص 384)، و” قال عمر رضى الله عنه: إيما حر تزوج بأمة فقد أرق نصفه، يعنى يصير ولده رقا” (تفسير اطفيش- إباضي باب25 ج2 ص80)
* * *
وذكر من موانع النكاح، المانع: ” السابع: أن تكون رقيقة والناكح حراً قادراً على طول الحرة أو غير خائف من العنت، الثامن: أن تكون كلها أو بعضها مملوكاً للناكح ملك يمين..” (إحياء علوم الدين- ج1 ص390). أي لو كانت لديك جارية لا يجوز أن تتزوجها، فهي مباحة لك شرعاً من غير زواج تطأها وإسلامياً وتركبها شرعاً كما تشاء.
” (ولا ينكح الحر أمة) لغيره (إلا بشرطين) بل بثلاثة وإن عم الثالث الحر وغيره. واختص بالمسلم أول الثلاثة (عدم) قدرته على (صداق الحرة) ولو كتابية تصلح تلك الحرة للاستمتاع بها، أو قدر على صداقها ولم يجدها، أو وجدها ولم ترض إلا بزيادة على مهر مثلها، أو لم ترض بنكاحه لقصور نسبه ونحوه، أو كان تحته من لا تصلح للاستمتاع كصغيرة لا تحتمل الوطئ، أو رتقاء أو قرناء أو هرمة أو نحو ذلك،…” (الإقناع- ج2 ص65)
” ( ولا ) ينكح ( الحر أمة غيره إلا بشروط ) أربعة: ثلاثة في الناكح، وواحد في الأمة، وهو يعم الحر وغيره، ويختص بالمسلم أحد الثلاثة ( أن لا يكون تحته حرة ) ولو كانت كتابية، والتقييد بالمؤمنة في الآية خرج مخرج الغالب، ثم وصف الحرة بكونها ( تصلح للاستمتاع ) بها؛ لأنه حينئذ لم يخش العنت، ولأن وجودها أعظم من استطاعة طولها، واستطاعة الطول وعدم خشية العنت مانعان من نكاح الأمة، فهذا الشرط مع شرط خوف الزنا متحدان؛ لأن من كان تحته من تصلح للاستمتاع أمن من العنت، ولأنه إذا كان الأمن من العنت بلا وجود حرة مانعا فلأن يكون مع وجودها أولى، فلا حاجة إلى هذا الشرط، ولعله إنما ذكره لأجل قوله: (قيل ولا غير صالحة) للاستمتاع بها كأن تكون صغيرة لا تحتمل الوطء أو قرناء أو رتقاء لإطلاق النهي في خبر: {نهى رسول الله (ص) أن تنكح الأمة على الحرة} رواه البيهقي عن الحسن مرسلا.” (مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج- ج12 ص271)
” أما المنهى عنه فهو الزواج من الإماء بعقد ومهر كالحرة، وهو لا يجوز إلا عند توفر أمرين، أولهما العجز عن مهر الحرة، والثانى خوف الزنا إن لم يتزوج.” (فتاوى الأزهر- ملك اليمين والخدام- ج10 ص171)
” واختلفوا في زواج الحر بالأمة. فرأي الجمهور أنه لا يجوز زواج الحر بالأمة إلا بشرطين: (أولهما) عدم القدرة على نكاح الحرة. (وثانيهما) خوف العنت.” (فقه السنة- ج2 ص91)
” موانع النكاح أربعة الرق والكفر وتقدما وكون الشخص خنثى…” (شرح مختصلا خليل للخروشي- ج11 ص138) و(الشرح الكبير للشيخ الدرير- ج2 ص275)
ذكر في (مجموع فتاوي ابن تيمية- المجلد 31): ” إذا تزوج العربي مملوكة فنكاح الحر للمملوكة لا يجوز إلا بشرطين: خوف العنت، وعدم الطول إلى نكاح حرة، في مذهب مالك والشافعي وأحمد. وعللوا ذلك بأن تزوجه يفضي إلى استرقاق ولده، فلا يجوز للحر العربي ولا العجمي أن يتزوج مملوكة إلا لضرورة، وإذا تزوجها للضرورة كان ولده مملوكا. وأما أبو حنيفة فالمانع عنده أن تكون تحته حرة، وهو يفرق في الاسترقاق بين العربي وغيره، يقول أبو حنيفـة فلا يجوز استرقاق العرب، كما لا يجوز ضرب الجزية عليهم؛ لأن العرب اختصوا بشرف النسب؛ لكون النبي (ص) منهم.”
{ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفًا * النساء28} مدنية
” قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: “يريد الله أن يخفف عنكم”، يريد الله أن يُيسر عليكم، بإذنه لكم في نكاح الفتيات المؤمنات إذا لم تستطيعوا طولا لحرة “وخلق الإنسان ضعيفًا”، يقول: يسَّر ذلك عليكم إذا كنتم غيرَ مستطيعي الطوْل للحرائر، لأنكم خُلِقتم ضعفاء عجزةً عن ترك جماع النساء، قليلي الصبر عنه، فأذن لكم في نكاح فتياتكم المؤمنات عند خوفكم العَنَت على أنفسكم، ولم تجدُوا طولا لحرة، لئلا تزنوا، لقلّة صبركم على ترك جماع النساء.” (تفسير الطبري- ج8 ب28 ص215)
وقيل في (أيسر التفاسير لأسعد حومد- ج1 ب28 ص521) بخصوص تلك الآية: “يريد الله تعالى أن يخفف عنكم التكاليف في أوامره ونواهيه وشرعه، ولم يجعل عليكم في الدين من حرج، لأن الإنسان ضعيف في نفسه وعزمه وهمته، لذلك أباح لكم الزواج من الإماء بشروط حددها.”
” وأما الخادمات فهن حرائر ولسن إماء، فلا يجوز التمتع بهن إلا بالزواج الصحيح. والرق قد بطل الآن باتفاق الدول، ولا يوجد منه إلا عدد قليل جدا في الدول التي لم توقع على الاتفاقية الدولية.” (فتاوى الأزهر- ملك اليمين والخدام- ج10 ص171) وأرجو أن توضح هذه الفتوى من الأزهر للبعض الذي لا يريد أن يفهم ويميز بين الجارية والخادمة ويتفنن بالكلمات ويشبه الجواري والعبيد وسوق النخاسين بالخدم والعمال المستعبدين وغيرهم في هذا العصر، فالعبودية على الطريقة الإسلامية هي شكل مختلف وأدنى مستوى.
{ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ}:
يقول ابن كثير في تفسيره ب25 ج2 ص260: ” فدل على أن السيد هو ولي أمته لا تزوج إلا بإذنه، وكذلك هو ولي عبده، ليس لعبده أن يتزوج إلا بإذنه، كما جاء في الحديث: {أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر}”
وهي كذلك في تفسير النسفي- ب24 ج1 ص222: ” ليس للعبد أو للأمة أن يتزوج إلا بإذن المولى… وأدوا إليهن مهورهن بغير مطل وإضرار وملاك مهورهن مواليهن، فكان أداؤها إليهن أداء إلى الموالي لأنهن وما في أيديهن مال الموالي”
” والأمة إذا غاب مولاها ليس للأقارب التزويج” (الفتاوى الهندية- ج7 ص28)
” أما إذا لم يأذن له المولى في التزويج فلا نفقة لها؛ لأن النكاح فاسد ولا نفقة في النكاح الفاسد” (الجوهرة النيرة- ج4 ص347)
العبد ليس من حقه تزويج أبنه او بنته: والعبد “…كذلك لا يزوج ابنه؛ لأن الرق الباقي فيه مخرج له من أهلية الولاية بالقرابة وسبب الملك في ابنه أبعد عنه من عبده لما بينا أن من دخل في كتابته فهو مملوك لمولاه ولهذا لا يزوج ابنته أيضا؛ لأنها لما دخلت في كتابته صارت مملوكة لمولاه بمنزلة نفسه ولا يزوجها بدون إذن مولاها وله أن يزوج أمته؛ لأن تزويج الأمة اكتساب في حقه فإنه يكتسب به المهر ويسقط عن نفسه نفقتها وهو منفك الحجر عنه في عقود الاكتساب (فإن قيل) هذا موجود في حق ابنته قلنا نعم، ولكن ابنته مملوكة للمولى وأمته ليست بمملوكة للمولى حتى ينفذ عتق المولى في ابنته دون أمته ولو عجز وقد حاضت ابنته حيضة لا يجب على المولى فيها استبراء جديد ويلزم ذلك في أمته ومكاتبته …” (المبسوط- باب جناية رقيق المكاتب وولده ج9 ص361).
” يجوز للولي أن يزوج أم ولده بغير رضاها عند أبي حنيفة وأحمد.” (جواهر العقود- ج2 ص16)
” وأكره أن يزوج الرجل أم ولده، فإن فعل فلا يفسخ…” (منح الجليل شرح مختصر خليل- ج6 ص240)
” وولى تزويجها إياه بذلك سيدها المذكور بحق ولايته عليها شرعا- أو مولاها مالك رقبتها فلان المذكور، ولا يحتاج إلى إذنها.” (جواهر العقود- ج2 ص75)
” وقد اتفق العلماء على أن نكاح الأمة بغير إذن سيدها غير جائز، عملا بظاهر هذه الآية الكريمة، فان قوله – تعالى -: { فانكحوهن بإذن أهلهن } يقتضى كون الإذن شرطا فى جواز النكاح، ولأن منافع الأمة لسيدها وهى ملك له فلا يجوز نكاحها إلا بإذنه.” (الوسيط لسيد طنطاوي- ج1 ب25 ص917)
فالعبد لا يستطيع الزواج دون موافقة سيده، وبعض المذاهب الإسلامية ترى أن مالك العبد يستطيع أن يرغم عبده على الزواج ويحق للمالك أيضا أن يختار من عليه الزواج بها أيضا.
مالك الجارية أو مالكة العبد:
لا يجوز لمالك الجارية أن يتزوج مملكوته، كونها مباحة له من دون زواج أي لا يتوفر شرط خوف العنت للزواج بها: ” {ذلك لمن خشي العنت منكم} فلا يحل للفقير أن يتزوج بالمملوكة إلا إذا كان يخشى على نفسه العنت. والمراد هنا: الأمة المملوكة للغير، وأما أمة الإنسان نفسه، فقد وقع الإجماع على أنه لا يجوز له أن يتزوجها، وهي تحت ملكه لتعارض الحقوق واختلافها.” (فتح القدير- ب23 ج2 ص120)
” لا يجوز للحر أن يتزوج أمة ابنه؛ لأن له فيها شبهة ملك. وهذا قول أهل الحجاز.وقال أهل العراق: له ذلك؛ لأنها ليست مملوكة له، ولا تعتق بإعتاقه لها. ولنا قول النبي (ص): {أنت ومالك لأبيك}…. ويجوز للعبد أن يتزوج أمة ابنه؛ لأن الرق يقطع ولايته عن أبيه وماله، ولهذا لا يلي ماله ولا نكاحه، ولا يرث أحدهما صاحبه، فهو كالأجنبي منه.” (المغني- ج15 ص189)
” لو كان الابن هو الذي تزوج أمة أبيه بتزويج الأب إياها منه جاز النكاح، فإذا ولدت فالولد حر؛ لأن الأب ملك الابن أمته، ولا تصير الجارية أم ولد له؛ لأنه لا ملك له فيها…” (المبسوط – ج6 ص339)
{وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ…}:
” فأذن لكم في نكاح فتياتكم المؤمنات عند خوفكم العَنَت على أنفسكم، ولم تجدُوا طولا لحرة، لئلا تزنوا، لقلّة صبركم على ترك جماع النساء.” (تفسير الطبري- ب28 ج8 ص215)
” ومعنى الآية: يريد الله أن يبين لكم، أي: يوضح لكم شرائع دينكم ومصالح أموركم، قال عطاء: يبين لكم ما يقربكم منه، قال الكلبي: يبين لكم أن الصبر عن نكاح الإماء خير لكم، {ويهديكم} ويرشدكم” (تفسير البغوي- ب26 ج2 ص198)
” { وأن تصبروا } عن نكاحهن، مع التعفف عن الزنا، {خير لكم} لئلا يرق أولادكم. وعن أنس قال: سمعت النبي (ص) يقول: «من أراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر» (البحر المديد- ج1 ص415)
” {وإن تصبروا} عن نكاح الإماء متعففين، {خير لكم} لئلا يخلق الولد رقيقا {والله غفور رحيم}” (تفسير البغوي- ب26 ج2 ص198) ….
{ وأن تصبروا } في محل الرفع على الابتداء أي وصبركم عن نكاح الإماء متعففين { خير لكم } لأن فيه إرقاق الولد” (تفسير النسفي- ب24 ج1 ص222)
فالصبر وعدم الزواج بالجارية أو السبية (المسلمة) أخيّر وأشرف وأفضل إسلامياً.
” الصبر على العزوبة خير من الزواج بالإِماء لإِرشاد الله تعالى إلى ذلك، وقد ذكر في ((أيسر التفاسير للجزائري- ج1 ب24 ص252): ” قوله تعالى: { وأن تصبروا…} أي على العزوبيَّة خير لكم من نكاح الإِماء. وقوله {والله غفور رحيم} أي غفور للتائبين رحيم بالمؤمنين ولذا رخَّص لهم في نكاح الإِماء عند خوف العنت، وأرشدهم إلى ما هو خير منه وهو الصبر فلله الحمد وله المِنَّة.”
” { وَأَن تَصْبِرُواْ } على تحمل المشقة متعففين عن نكاحهن حتى يرزقكم الله الزواج بالحرة، فصبركم هذا خير لكم من نكاح الإِسماء وإن رخص لكم فيه.
” وقوله { والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أى واسع المغفرة كثيرها، فيغفر لمن لم يصبر عن نكاحن – وفى ذلك تنفير عنه حتى لكأنه ذنب – وهو – سبحانه – واسع الرحمة بعباده حيث شرع لهم ما فيه تيسير عليهم ورأفة بهم.” (الوسيط لسيد طنطاوي- ب25 ص919)
أما آية: (( وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ … * النور32 )) {مدنية} فـ “هذا أمر بالتزويج.” (تفسير ابن كثير- ب32 ج6 ص51) “وأمرهم أن يزوّجوا أحرارهم وعبيدهم” (تفسير الطبري- جزء 19 ب33 ص166)
{ وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم } هذا أمر بالتزويج.” (الوسيط لسيد طنطاوي- ب32 ص 3077)
” قوله: {والصالحين مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ} ظاهره يقتضي الأمر بتزويج هذين الفريقين إذا كانوا صالحين.” (تفسير اللباب لأبن عادل- ج12 ب32 ص93)
قوله {وأنكحوا الأيامى منكم } والأيم اسم لأنثى لا زوج لها كبيرة أو صغيرة، ” وانكحوا الأيامى… قال الضحاك هن اللواتي لا أزواج لهن يقال رجل أيم وامرأة أيم وقد آمت تئيم.” (معاني القرآن- ج4 ص527)
” واختلفوا في جواز نكاح الأمة لواجد طول الحرة. وظاهر الآية يدل على أن من لم يستطع ما يتزوج به الحرة المؤمنة وخاف العنت، فيجوز له أن يتزوج الأمة المؤمنة، ويكون هذا تخصيصا لعموم قوله: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم}.” (تفسير البحر المحيط- ج4 ب15 ص93)
نهاية ونتيجة لكل ما سبق: “…اعتبر للإحصان أكمل أحواله وهو أن يتزوج بالحرة التي يرغب الناس في مثلها دون الأمة التي لم يبح الله نكاحها إلا عند الضرورة فالنعمة بها ليست كاملة ودون التسري الذي هو في الرتبة دون النكاح فإن الأمة ولو كانت ما عسى أن تكون لا تبلغ رتبة الزوجة لا شرعا ولا عرفا ولا عادة بل قد جعل الله لكل منهما رتبة والأمة لا تراد لما تراد له الزوجة ولهذا كان له أن يملك من لا يجوز له نكاحها ولا قسم عليه في ملك يمينه فأمته تجري في الابتذال والامتهان والاستخدام مجرى دابته وغلامه بخلاف الحرائر..” (شمس الدين بن القيم- علام الموقعين عن رب العالمين)