من المغرب كتب : مصطفى منيغ
مدينة الصويرة سكنها “ريح “، من ذوي البصيرة لا يستريح ، أضفى على مريديه بركة ضريح ، مُحتفى بالمدفون داخله حياً تمويها في السر دون التقيد بتصريح ، يُحَصَّلُ بحسه الجاه والمنصب ويظل خلف الستائر بعيدا عن أي تجريح أو مديح ، إذ المهمة ما ينتج عنها بعد سنوات أو قرن بالمعنى الشبيه بالصريح ، عند نبغاء فضلوا حتى الساعة التفرج على موسم “كْنَاوَة” وليس المساهمة بالرقص مَنْ للخروج به عن التوازن مع الأصيل يُبيح .
مدينة الصويرة اشتكى من التاريخ لبه داخلها بما أضيف إليه من روايات منتمي فيها سائح، جر بها عاشقة أمريكا لتلهو وعن جو المواقف المبدئي منها تزيح ، كأن القضية مجرد توزيع الخصوصيات المبتكرة عن قصد لتشتيت الإجماع الوطني، لدهاء سياسة ظن واضعوها، أن المغاربة في اختياراتهم الأساس ميسور اختراقهم لأهداف بعيدة في جوهرها، عن التنمية أو الازدهار أو الاستقرار .
الموضوع شائك ، لمن في كل شيء يشكك، وعادي للواثق من النفس بالنسبة لمن لا يملك شيئا من الذهب أو له منه السبائك ، إن كان عارفا أن المغرب حينما أعلن قيام دولته فعلها مطمئنا أنها مستمرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولا يحتاج في ذلك، لا وسيطا للعب أي دور ،ولا مخططا عن بعد بما يتوصل بها من تعويضات مسرور، ولا متحالفا مع دولة وعد بلفور ، فقط الإيمان ، أنه للمغاربة كيفما كانوا وأينما كانوا أول وآخر وطن.
مدينة الصويرة صخرة تستحم منذ الأزل بضخات تلاطم أمواج بحر قاسي عليها ، هذا قدرها ، وَمَن جاء على أصله لا سؤال عليه كما ذهب حكماء اللغة أيا كانت هذه الأخيرة. مصيرها المتجدد لا تتحكم فيه برامج الجمعيات السياسية التي بفرط تشابه تصرفات بعضها لم تعد مؤهلة (في المجمل) لأي تصنيف أكانت من اليسار أو اليمين أو الوسط ، فقط حملات دعائية متكررة لدرجة الشعور معها بالملل، أثناء الاستحقاقات الانتخابية وهي تردد شعارات لا تواكب الواقع ولا تقترب بنسبة معقولة إليه ، فقط لجر الانتباه أنها في دولة ديمقراطية تحيا . ولا تميل لغد يفقدها هويتها بالكامل، ولا مَن يمنّ عليها بترفيه موسمي لترسيخ “فلكلور” حوله البعض (بإيعاز من صاحب نفوذ) ليكون وعاء تقارب بين شعوب لها بواسطته جزءا من طقوس هي ادري بالتمثيلية الروحية لديها، عكسنا تماما.
مدينة الصويرة جَرَّ الزمان عليها ما لا تشتهيه المدن ، حينما سلَّط اتجاهها مَن استغل في الأقصى مرحلة الانكماش والانزواء والدخول في قاعة الانتظار، تحسبا لكل من يفكر في جعل هذه المنطقة تعج بمظاهر الازدهار ، وتلك حكاية مهما أراد البعض إبعادها عن أذهان العارفين (بعد بحوث مُضنية قاموا بها) لا زالت حية تتربع أي تعبير عن الحقيقة خدمة لصفحات غُيِّبت عن مجلد التاريخ المحلي ، التي عثرت على بعضها بالصدفة حينما زُرت شخصيا مدينة “فارو” البرتغالية ذات يوم ،؟ ألم تكن عاصمة للمغرب اقتصاديا ؟، ألم تتقدم في صناعة الصباغة استخراجا من الرخويات ؟، ألم ينفذ المهندس الأوربي تيودوركورني
(Cournut Théodor )
كل التعليمات الممنوحة له من طرف السلطان سيدي محمد بن عبد الله انطلاقا من سنة 1760م لإعادة بناء ذات المدينة من جديد ، على أنقاض ذاك الماضي التليد ، لتكون جوهرة زمانها ، مَثَّلَ عمرانها رغم الحجم الصغير، ما عُرف في بعض المدن الجميلة لشبه الجزيرة الايبيرية وبلاد الغال ؟، عشرات الأسئلة وأخريات أشد عمقا منها ، تؤكد أن الصويرة رأس حربة إن وُضع ماسكوها في الطليعة تجمع السيل الهادر مطالبا الإنصاف في صرف مبلغ الغلاف الناتج استخلاصه عن الثروة الوطنية بالمفهوم الشامل ، نأيا عن التقسيمات الإدارية القائمة على البعد السياسي ، والمغاربة أذكياء يفهمون وبسرعة القصد . وأن يكف من يريد أن تظل الصويرة قائمة على العفاف والكفاف وتجارة الخزف ، علما أنها مؤهلة لتكون بنفس المواصفات النبيلة أيضا ورائدة في مجالات الملاحة البحرية تكوينا وممارسة وما يدخل في عموميات الصيد البحري ذي المقاييس العالمية وواجهة فكرية محلية المصدر دولية الانتشار تعانق في الموضوع كبريات الساحات الأمريكيات ، ومنها الشمالية (كندا والولايات المتحدة الأمريكية) وأمريكا الجنوبية ، وأمور أخري سنحاول التطرق إليها مستقبلا . أما أكلة المضيرة وهم جلوس على الأرائك الفاخرة ، يتلذذون بما يتلقفوه من أخبار النائمين على حصيرة ، المتراكضين كل فجر لطرق أبواب الرزق الحلال لاحتساء “الحريرة”، أن الوقت حان للتفكير في الابتعاد (ولو المرحلي) عن ذاك “الريح” الذي من ذوي البصيرة لا يستريح .
مصطفى منيغ
كاتب صحفي ومحلل سياسي مغربي
مدير نشر ورئيس تحرير جريدة العدالة الاجتماعية
المحمول : 00212675958539
aladala@outlook.com
mustaphamounirh@gmail.com
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمس
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :