الصرصور والعصفور
خاطرة للاديب رياض نعسان آغا ,,,, أتمنى لو تترجم لكل لغات العالم
.
بدت اللعبة مسلية ، طائرة تحلق في السماء ، لكنها تقترب من أسطح المنازل ، سمع الأولاد أزيزها ، فرحوا لأنهم أوشكوا أن يروا الطيار يلوح لهم بيده بينما يده الأخرى تقود الطائرة ، هرعت أمهم إلى الشرفة وصرخت برعب :
– ماذا تفعلون هنا ؟
– نتفرج على الطائرة ، أمي انظري ، أليس هذا الطيار هو ابن جيراننا الذي صار ضابطاً يقود الطائرات ؟
تصعق الأم ، وتصرخ :
– لا ، هذا ليس ابن جيراننا ، هذا سيرمي قنبلة تدمر الحي كله .تعالوا ادخلوا واختبئوا في الحمام ، هيا بسرعة.
ابنتها فاطمة تشعر بالرعب تدخل مرتعشة ، وقد سرت قشعريرة الخوف في جسدها الناحل بينما ينظر ابن العاشرة الذكي إلى أمه المغفلة ويقول ساخراً :
– ألن تصل القنبلة إلى الحمام ؟
تلطم الأم على وجهها هلعاً ، بينما ابنها الأكبر ابن الثانية عشرة يضحك:
– يا أمي ، أفضل مكان للحماية من القنابل هو الشرفة ، هنا نطير، نصير عصافير ، في الحمام هناك احتمال أن نتحول إلى صراصير .
الطائرة تحوم كأنها تبحث عن هدف محدد ، وتشعر الأم أن قائد الطائرة رأى أبناءها ،وأنهم هدفه .
تنظر في عينيه ، تراه ، تحدس أنها تعرفه ، هو ابن الجيران حقاً ، يخيل إليها أنه يشاور لها بيده ضاحكاً، بل توشك أن تسمعه يناديها :
– جارتنا أم أحمد ، أنا سليمان ، ابن جارتك أم سليمان الذي كان يلعب في الحارة مع ابنك أحمد ، لقد صرت ملازماً . هل صحيح أن أحمد هرب من عامين وصار إرهابياً ؟
ترتعش أم أحمد ، هي لاتعرف أين ذهب ابنها الذي طلب إلى أداء الخدمة العسكرية فتلكأ طويلا وتوارى ثم هرب وترك رسالة صغيرة لأمه يقول فيها ( سامحيني ، لا أستطيع الذهاب إلى الحرب ، أخاف أن يطلبوا مني أن أقتل أحداً ، سأهرب ، أعدك بأن أعود ) لكن أحمد لم يعد .
تلتف الطائرة حول سلسلة العمارات المتلاصقة ، تعبر بين ملاقط الغسيل المنتشرة على الأسطح المكتظة بخزانات المياه والمازوت وصحون الدشات اللاقطة ، يصرخ ابنها الذكي وهو يرى أمه ترتجف :
– أمي ، هذه الطائرة لن تقصف ، الكابتن ابن حارتنا ، محال أن يهدم ابن حارتنا بيوت أهله وجيرانه . هو يبحث عن الإرهابيين فقط .
أما أخوه الصغير فقد باغته فرح جعله ينط كقط يتعربش لملاعبة فراشة ، وهو يصرخ :
– أمي ، شوفي البرميل ..
تصعق أم أحمد وهي ترى البرميل يتهاوى باختيال ، ويتراقص زهواً وهو في طريقه إلى الحي ، يصرخ وئام بفرح وسخرية.
– جارنا يعرف أنا نعيش بلاماء ، أكيد هذا برميل ماء.إنه يريد أن يسقي أهل حارته.
يضحك الصغير ويعلق بمكر :
– بل هو برميل مازوت ، أغمض عينيك ، المازوت يحرق العينين .
نسيت أم أحمد ذعرها وهي مأخوذة بمتابعة رحلة البرميل ، أين سيسقط ؟ ومن سيموت بعد دقيقة أو من سيفقد يديه أو رجليه ، أو من سيبقى حياً تحت أنقاض بيته ، والبرميل يقترب .. ويقطع عليها شرودها تصفيق حاد ، يعلن الصغير عن هطول برميل آخر أرسله جارنا إلى الحي .. تصرخ أم أحمد :
– يا ويلي ، تعالوا ادخلوا بسرعة . هذا برميل متفجرات ..
تقبض بيديها على الولدين والبرميل يقترب ويتهاوى ، ويصرخ وئام :
– أمي ، إن كنت خائفة ، صدقيني الشرفة هي المكان الآمن .
تصطك أسنان أم أحمد وهي تسحب الولدين راجفة اليدين إلى الداخل وتقودهما إلى الحمام ، ولم تعرف أين اختبأت فاطمة الصغيرة ، أما ابنها وئام فهو مصر أن يبقى في الشرفة ويحاول أن يفلت وهو يصرخ :
– لا أريد أن أموت كصرصور.
يضحك الصغير بخبث :
– أنا الذي سأكون العصفور ، وأنت ستكون الصرصور.
تنظر أم أحمد إلى ولديها ويجف الدمع في مقلتيها ، وتطفىء في جوفها حمى السؤال :
– لماذا يريد سليمان أن يهدم الحي فوق رؤوسنا ويقتلنا ؟ أطفالي لم يخرجوا في المظاهرات ، وأحمد هرب ، وجريمته أنه خاف أن يقتل أحداً من أبناء الجيران ، نسيت أم أحمد أن البرميل يوشك أن يصل ، وقبل أن تسمع الانفجار ، فلت الولدان من بين يديها ، ودوى انفجار لم يمهلها كي تسمع صداه ، لكن ولديها تحولا سريعاً ، إلى عصفور وصرصور، ولم يعرف أحد مصير فاطمة .
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :