في الحانة، ككل ليلة سبت، روائح موسيقى الجاز، ترانيم القوارير والكؤوس، أدخنة الثلج، كلها تمتزج بقهقة عشاق يحبون الحياة. ملامسات بريئة لأفخاذ وصدورتشتهي الحب.
تصفع مادلين شاباً أمامها بقوة ثم تنهض صارخة في وجهه :ـ “لا شيء يؤخذ بالقوة”
تصلح فستانها القصير وتعيد سروالها الداخلي إلى مكانه بعد أن هبط إلى نصف فخذيها.
تبدو فعلاَ غاضبة ومتوترة، صديقتها (ليز) ما تزال ترقص مع ذلك الشاب الذي تعرفت عليه قبل نصف ساعة لذلك لم تحضر لتهدئتها.
ينهض الشاب الذي تلقى الصفعة مبتسما، يمد يديه لتمسك كتف أو يد مادلين، يتظاهر وكأنه رفيقها وحدث بعض الخلاف، الجميع منشغل بعالمه الخاص، تتراجع نحو زاوية هادئة حيث يوجد مشجب المعاطف، يبدو أنها ستأخذ معطفها وتغادر، هنا طاولة فارغة عليها بقايا طعام، تتذكر ما حدث قبل قليل، تقدم نحوها مبتسماً، هي لم تسأله إلى عن أسمه، ظنت أنها ستتبادل الحديث مع هذا الشاب الوسيم، لكنه يتعامل معها كعاهرة، مادلين لم تكن متحمسة للخروج هذه الليلة وكانت تعتذر لصديقتها كل ليلة سبت وهي ليلة ينتظرها الشباب والطلبة للخروج والفرح.كأنها أحسّت بمصيبة ستحدث لكن ليز لم تمنحها فرصة خسارة ليلة حمراء سيكون فيها شبان ظرفاء.
يعلو الضجيج وصرخات البنات وضحكات الشبان مع قيام فتاة مخمورة بتقديم عرضاً إيروتيكياً شجاعاً على طاولة الحانة.
هنا هجم ذلك الشاب ليحصر مادلين في منطقة ضيقة حيث يوجد صورة مكبرة لفتاة شابة عارية تماماً، طوقها بذراعه، مزق سروالها الداخلي وظلت يده تحاول أن تمسك أشياءها الأنثوي، عليها الآن أن تفعل شيئاً أو تنادي الرغبة، يدها اليمنى معطله خلف ظهرها، يدها اليسرى تبحث عن أي شيء، تمسك بسكينة، لم تفكر أو تدرك ماذا حدث؟
شاهدته يتراجع، ثم يتقدم نحوها وتلك السكينة مغروسة في عنقه، تسرع لترك تلك الطاولة، يستند عليها الشاب ويعجز عن وقف نزيف الدم، يجلس، يلفض أنفاسه الأخيرة، تسرع مادلين لجمع بقايا سروالها الداخلي، تترك الحانة.
تركض مادلين أحد الأزقة الضيقة والخالية من المارة، تنظر إلى الوراء، تتخيل الشاب المطعون يركض ورائها ودمه يصب من رقبته ويلوث الجدران، تعجز عن ترجمة مشاعرها أو توقف طبول صور هذا الحدث.
لا تدري كيف وصلت إلى غرفتها بالسكن الجامعي، لكنها وصلت، بعد دخولها تغلق الباب، تنظر من ثقبه كأن ذلك الشاب يطاردها، تتحسسّ سريرها، ترمي بجسدها المنهك، تطفئ الضوء لتغط في نوم أو غيبوبة.
في الصباح الباكر، تدخل ليز لتجد صديقتها وشريكتها في الغرفة نائمة، تستغرب وتشك أنها وجدت الباب مفتوحاً، تنتبه مادلين، تنهض مفزوعة بينما صديقتها تبدل ملابسها وهي تتمايل وتغني، عندما ترى مادلين تسرع إليها وضمها بفرح.
ليز :ـ حبيبتي وصديقتي..متى تركتي الحانة..معذرة كنت مشغولة وكانت ليلة من جهنم لا أعلم كم مرة ومع من كانت معاشرتي..المهم كانت ليلة مشبعة باللذة..وأنتِ كم قضيباً كسرتيه بين أفخاذك..
تقاطعها مادلين :ـ اللعنة على ألفاظ القذرة وفمك النتن..لا أحب هذا الكلام القبيح.
تضحك ليز، تتمايل راقصة ثم تقفز بجانب صديقتها وهي تضحك.
ليز :ـ أنا آسفة..حسناً هيا..أحكي لا تكوني خجوله وسأحكي لك ما حدث معي، كنت أرقص مع شاب ظريف لا أتذكر أسمه ثم جاء شاب أخر من الخلف ربما كانت صدفة غير مقصودة لكنها جعلتني مشتعلة..رقصنا ثلاثتنا ثم نزلنا إلى الأسفل وفعلنا شيء لا يصدق، من الأمام والخلف..حسناً سأحكي لك من البداية..
تقاطعها مادلين مترجية :ـ لا لا أنتِ إذاعة سكس أو تصلحين كاتبة أفلام إباحية…ولكن ألم يحدث شيء غريب أو أي حدث مهم؟
تلف ليز شعرها وهي ترد :ـ كالعادة أحدهم سارق هاتف أحدى الفتيات وعركة صغيرة كما يحدث كل مرة..تعرفين أجواء الحانات وخصوصاً نهاية الليلة… أه أتعرفين بقرب الجدار حيث تلك اللوحة الغريبة لفرج امرأة..على الجدار والأرضية وجد النادل داني بعض الدم.
مادلين :ـ دم وجثة ؟
تضحك ليز :ـ جثة لا يوجد أي جثة..فقط دم ..ربما أحداهن كانت بدون فوط وسال الدم منها أو هو ذلك الفرج ..ضحكت من كلام داني وهو يصرخ هذا الفرج حاض..بعدها قام بتنظيف المكان وتعقيمه.
تظهر ملامح القلق على وجه مادلين، تتحرك ليز نحو سريرها لتنام.
ليز :ـ حبيبتي سأنام أرجو أن تدعيني نائمة لا جامعة ولا دروس..
هنا تتمدد مادلين، تضع رأسها على المخدة، تتذكر الشاب يتراجع ليلتصق بالجدار وهو يشهق ويحاول أن ينظر للوحة، هي نظرت إليه كأنه جزء مكمل للوحة.
تحاول مادلين أن تغيب عن الوعي وتنام لساعات قليلة، تدور في رأسها أسئلة مرتبكة فهي لا تعرف أين ذهبت جثة ذلك الشاب؟ أم أنه لم يمت؟ هو لم يعرف أسمها ولم يكلف نفسه طرح أي سؤال، كان همه العبث بجسدها فقط، هي متأكده أنه لم يلم بتفاصيل ملامح وجهها، كانت الإضاءة خافته والروئية ضعيفة، حتى تلك الزاوية حيث لقي مصرعه كانت الأجواء شبه معتمة، القليل فقط من الضوء يهطل على تلك اللوحة.
تفكر وتفكر، أهي في ورطة حقيقية، ربما يكون السر عند داني الذي يدير الحانة، الساعة الآن السابعة صباحا، قررت أن تستريح وتجمع قواه ثم العودة إلى الحانة والتحدث إلى النادل داني.
قرب الحانة مع داني
الواحدة ظهراً ما تزال الحانة مغلقة، تصل مادلين، يبدو القلق والتعب على وجهها، تتأمل باب وواجهة الحانة، يزداد قلقها لأنها مغلقة وتغطيها ستارة بلاستيكية، هنا هاجمتها الشكوك متخيلة أن الشرطة قامت بغلقها للتحقيق بالحادثة.
ظلت عرضة لكوابيس مزعجة ، تتخيل أن شرطياً يقترب منها ليعتقلها، يمسك بها، يقيدها ثم يدخلها بعربة الشرطة وهي تصرخ ” أنا بريئة..هو حاول أن يغتصبني..لم أكن أقصد قتله”
يسخر منها الشرطي بقوله :ـ التحقيق سيكشف كل شيء.
يأتي صوت داني ليخرجها من هذا الكابوس.
داني :ـ مرحبا مادلين
تنتبه له، تحاول التماسك والعودة للواقع.
مادلين :ـ ماذا يحدث هنا؟
يشعل داني سيجارته، ينظر حوله يزداد قلقها ثم يرد :ـ تقصدين الحانة؟
كأنه يعرف كل شيء هكذا أحست، رجفة ما تكاد تفقدها القدرة على الوقوف..يكمل حديثه.
داني :ـ ستظل الحانة مغلقة لعدة أيام ..هناك تجديدات وتنظيف ودهن بعض الجدران..لقد وضعنا تنبيه يبدو أنك لم تنتبهي له.
هطل هذا الخبر برداَ وسلاماً، هكذا دار في ذهنها أن أثر الحادثة سينمحي نهائياً لكنها تريد التأكد أكثر، سألته.
مادلين :ـ ألم يحدث شيئاً مريباً البارحة؟
داني ( مبتسماً) :ـ ككل ليلة بعضهم يسكر أكثر من قدرته ويسبب مشاكل صغيرة ..الغريب أن واحدة لطخت بدم حيضها الأرضية وجزء من الجدار بجانب اللوحة العارية..لكننا سنجدد ذلك المكان وسنرفع اللوحة قليلاً ..ضحكنا كثيراً ظننا المرأة العارية باللوحة فعلتها.
هنا تتغير ملامح الفتاة، تضحك، لكن أسئلة أخرى بلا أجوبة..الجثة؟ أم أنه خرج ولم يمت؟ ولو أنه لم يمت هل سينتقم منها؟ لكنه لا يعرفها؟
إنها بحاجة للحديث مع أي شخص ولكن كشف السر قد يجلب لها المصائب، تحركت مودعة داني، لم تكن تعرف إلى أي زقاق ستقودها قدماها؟
تسير بأحد الزقاق حيث يوجد بعض المارة، ترى أحد المشردين جالساً ورأسه فوق صدرة، يمد يده نحوها طالباً حسنه، يرفع رأسه، تصاب بالذعر، ترى وجه الشاب الذي طعنته، تتراجع إلى الوراء، تعيد النظر لتكتشف أنها عرضة لتهيئات بصرية مفزعة، يبتسم المتشرد، تعطيه حسنة وتسير بخطوات سريعة مرتبكة.
في المساء
تدخل مادلين إلى غرفتها، تغلق الباب جيداً ثم تتأكد من ذلك، كأنها تخاف من شيء ما أو أنها مطاردة، تظل ملامح القلق والتوتر ظاهرة عليها، تجد صديقتها ليز تباشير ترتيب مائدة العشاء حيث حظرت نقانق وهي تقشر الآن الخيار، تسارع مادلين لخلع معطفها، تنظر إلى الطاولة متأملة طريقة وضع النقانق وطريقة مسك صديقتها للخيار والتى تتعمد إبتكار أشياء تتحول إلى مدلولات جنسية، وتوضحها أكثر بصب المايونيز في الصحن بطريقة تؤكد هذه الدلالات.
مادلين :ـ ليز ..ماذا يحدث في رأسك بالضبط؟ كل شيء عندك وتفكيرك كله جنس.
تقترب ليز وهي تمرر يدها على الخيارة الطويلة المقشورة وتبدو متفاعلة ..تضحك وتداعب صديقتها بما في يدها.
ليز :ـ صديقتي الحياة قصيرة وعلينا التلذذ بها..الجنس ..أه الجنس..نعم أحب الجنس وسأظل حرة وأتمتع وقتما أحب ..دون قيود ..
تجلس مادلين، تأخذ سكينة وتقطع النقانق لقطع صغيرة، تنظر لها صديقتها كأنه لم يعجبها المشهد، تقترب من صحنها، تتأمله وهي تعض على شفتها السفلى، بسرعة تقوم مادلين بقطع النقانق في صحن صديقتها لتهدم الدلالة الجنسية.
تصرخ ليز :ـ لا لماذا هذه القسوة..يجب أن تقطعي نقانقي بهذه الطريقة.
تضحك مادلين :ـ نعم هذه نقانق وليست..وهذا طعام..فرقي بين الأشياء وهذا الشيء برأسك..أنت مجنونة فيه.
هنا تبتسم ليز ثم تتجه نحو سريرها، تستخرج علبة من تحت مخدتها، تقترب بهدوء، تستخرج أداة جنسية (شكل قضيب الرجل)، تكون مادلين منشغلة في الأكل وكذلك التفكير، تقترب ليز لتداعب وجه صديقتها بهذا الشيء.
تصرخ مادلين مفزوعة :ـ أبعدي عني هذا الشيء..أنت مجنونة.
في جو شبه معتم قرب القناة، تظهر فتاة شابة، تستخرج كيس التبغ الصغير من جيب معطفها، تصنع سيجارة ملفوفة، تشعلها، تدخن وهي تتأمل ماء القناة، تظل لبعض الوقت مستغرقة في تأملاتها وتدخن، تنهي سيجارتها، ترمي بها قرب قدمها ثم تدوسها برأس حذائها، تتمايل، تدور حول نفسها، ترقص.
في غرفة مادلين وليز
تظهر ليز نائمة، تحتضن مخدة ولا يغطي اللحاف جسدها شبه العاري الذي يتكشف مع حركتها الخفيفة في الجهة الثانية تكون مادلين نائمة وهي تشد على جسدها اللحاف.
يُسمع صوت حركة خلف الباب، أحدهم يبدو محاولة فتح الباب، ينفتح الباب، يدخل ذلك الشاب الذي طعنتة مادلين، يسير بخطوات هادئة نحو مادلين، تكون السكينة في رقبته ويضع يده اليمنى ليمنع تدفق الدم، يقترب من مادلين، يظل وأقفاً يتأملها، يبدو أنها تشعر بوجوده، تفتح عينيها، تظل جامدة ومشلولة، يتحول شكله إلى وحشٍ مرعبٍ، ينزع السكينة من رقبته ليطعنها، بها.
تنهض مادلين صارخة ومفزوعة، تستيقظ صديقتها على وقع الصراخ وتنهض لرؤية ما يحدث، تظل مادلين كمن يدافع عن نفسه وهي تستنجد.
مادلين :ـ أنقذوني ..أنقذوني من هذا الوحش.
تحاول ليز مساعدة صديقتها لتستيقظ من هذا الكابوس.
ليز :ـ مادلين مادلين لا يوجد أحد هذا كابوس..أنتِ بخير.
تستيقظ مادلين وهي تلتفت وتعاين الغرفة، ثم تنهض مسرعة نحو الباب، تجده مغلقاً، تضع ظهرها عليه ثم تهبط جالسة ومسندة جسدها على الباب، تقترب صديقتها حاملة قنينة ماء صغيرة، تجلس بجانبها، تضمها إلى صدرها وهي تواسيها.
ليز :ـ كان مجرد كابوس..ما حكايتك أرى أحوالك تتبدل وتبدين قلقة أو خائفة؟ أخبريني كيف يمكنني مساعدتك؟
تستمر مادلين مرعوبة، تبكي.
في المقهى الجامعي
تجلس الصديقتان على طاولة لتناول القهوة، تكون ليز تعبث بتلفونها وتشاهد مقطعاً إباحياً، تعرضه على مادلين لكنها ترفض، تستمر متلذذة بالمقطع.
مادلين :ـ ألا تملين من التفكير والعيش مع الشهوة الجنسية، أنت مهووسة بل مريضة.
تضحك ليز، ترفع فنجانها الذي يطفو عليه الكريمة، تأخذ رشفة، تظل أثر الكريمة قهوة بالكريمة، تحرك لسانها على شفتيها وكأنها تغيض صديقتها ثم تضحك.
ليز :ـ أنتِ جدية وعصبية أكثر من اللازم أو خائفة وقلقة..الحياة متعة لذيذة وأجمل متعة أنك تمسكين بقضيب صلب…
تقاطعها صديقتها..
مادلين :ـ ستوب توقفي أرجوك لا أحتمل حديثك الشهواني المتواصل.
هنا يهتز هاتف مادلين رسالة يبدو أن رسالة وصلتها، تهرع مرتبكة لأخذ التلفون، يندلق فنجانها، تسيل القهوة على الطاولة، تأخذ الهاتف تقرى نص الرسالة ” لدي كل الاجابات على الأسئلة التي تحيرك بخصوص ليلة السبت في الحانة..قابلني عند القناة..قبل الغروب”
يزداد إرتباكها، تظل ليز تنظر إليها، يدق هاتف ليز، يبدو أنها تلقت هي الأخرى رسالة نصية.
مادلين :ـ أنتِ أيضاً تلقيتي رسالة ماذا تقول؟
تضحك ليز :ـ هي دعوة للمتعة من شاب ظريف..عرفته على موقع تعارف جنسي بلا حدود..أتحبين التسجيل بالموقع.
مادلين :ـ لا لا اعفيني ..حسنا ..سأذهب إلى المكتبة.
ليز :ـ وأنتِ ماذا وصلك؟ أخبريني مغامرة..تعارف
مادلين :ـ لا شيء مجرد إعلانات.
تنهض ليز لتذهب لموعدها، تظل مادلين ممسكة بهاتفها تعيد تصفح الرسالة الأخيرة، يديها ترتجف.
عند موقف الحافلات، تصعد مادلين أحدى الحافلات، بعد صعودها تتوقف متأملة الشارع، تتحرك متوجة إلى مؤخرة الحافلة، تصاب بالصدمة، بالشلل، تعجز عن التقدم أي خطوة، تحدق بعمق المكان، ترى الشاب المطعون يجلس على أحد الكراسي، ينظر إليها، ينهض، السكينة في عنقة، يخطو ببطء نحوها وهو يترنح..تحاول مادلين فعل شيء، تصرخ، تلوي رقبتها مستنجدة لكن الحافلة شبه خالية، ثم تعيد النظر فلا تجده، تدرك أنها فريسة هذا الكابوس المخيف أصبح يلاحقها في صحوها ومنامها.
عند الغروب قرب القناة
يرسم ضوء الغروب لوحات فنية بديعة رغم لفيح نسمات باردة، تحضر مادلين للقاء شخص لا تعرفه، تلف على رأسها الوشاح الذي برقبتها، تبدو كالمجبات، رغم مخاوفها إلا أنها تريد الخروج من هذه المتاهة، ظنت أنها وحيدة هنا على الجسر المشرف على القناة أو هذا اللسان البحري، تتأمل ما حولها، تمر الدقائق بطيئة تكاد تفقد الأمل في صدق وجدية الرسالة التي وصلتها.
تتأمل عدة أغصان يابسة تطفو سابحة ببطء على ظهر ماء القناة، هنا تتخيل ذلك الشاب الذي طعنتة يخرج من الماء مشوه الوجه ويتجه نحوه، تصاب بالفزع، تتراجع خطوات، هنا تصتدم بفتاة لا تعرفها، تصرخ مفزوعة.
تسارع الفتاة لتهدئتها :ـ مادلين لا عليك ..أنتهى الكابوس لا يوجد ما تخافين منه.
تستدير مادلين، تحاول التماسك وفهم ما يحدث.
مادلين :ـ من أنتِ؟ ماذا تقصدين؟
تبتسم الفتاة :ـ أعرفك بنفسي..أسمي جوليا ولدي الأجوبة؟
مادلين :ـ أي أجوبة؟
الفتاة :ـ ما حدث ليلة السبت في الحانة..ذلك الوغد المتوحش هو الآن بقاع هذه القناة..أنتِ لم تفعلي جرماً..تمنيت أن أكون أنا من غرس السكينة في عنقه..إنها العدالة.
تتلعثم مادلين تحاول قول شيء.
الفتاة :ـ أنا تعرضت للإغتصاب من ذلك الوغد..
تتحدث وهي تتخيل قصتها كمشهد حي.
الفتاة :ـ كانت ككل ليلة سبت، الأجواء مفرحة ومغرية، دخلت لقضاء ساعة مرح، كنت وحدي ليلتها وعلى خصام بسيط مع رفيقي، بعد لحظات، وجدت نفسي أتحدث مع ذلك الشاب، دعاني إلى كأس ولم أعلم أنه وضع فيه مخدراً، بعد تناولي نصف الكأس أحسسّت أني أخف من ريشة، قادني لتلك الزواية حيث الصورة، فعل بي ما فعل، ما يزال ذلك المشهد حياً استعرضه كل ليلة، ثم تركني عارية أسفل اللوحة، لم ينتبه أحد لي ولا أدري كم من الوقت بقيت ككومة من اللحم البارد..أخيراً وجدت يد ليز صديقتك تحاول مساعدتي، منذ تلك الليلة وأنا أسعى للإنتقام.
مادلين :ـ ليز كانت تعرف ما حدث؟
هنا تظهر ليز مبتسمة تقترب، تتراجع مادلين خطوات إلى الوراء.
ليز :ـ عزيزتي..لم يغب بصري عنك للحظة واحدة وكنت سأتدخل ولن أسمح لذلك الوغد أن يمس شعرة واحدة.
تتدخل الفتاة :ـ منذ زمن وأنا أبحث عن ذلك القذر، لكنه كان يظهر ويغيب، تلك الليلة وجدناه يقترب منك، راقبنا المشهد أنا وليز وفي لحظة تقدمنا كنتِ سيف العدالة، بعد خروجك تكفلنا بالتخلص من الجثة ورميناها هنا.
تبكي مادلين :ـ كل ثانية منذ تلك اللحظة كانت مليئة بكاوبيس مرعبة.
ليز :ـ أنا أسفة حبيبتي..
الفتاة :ـ ذلك الوغد لقي مصرعة..كنت تمنيت أن أفعلها.
مادلين :ـ قد تطفو جثته وتعثر عليها الشرطة.
الفتاة :ـ ليحدث ذلك..فهو شاب ماجن وموزع مخدرات وله سوابق..موت هذا المجرم خلاص للمجتمع..ارحت الناس من شره.
تقترب ليز من صديقتها :ـ أنا مختلفة ولست تلك الشابة المهووسة بالرجال ..أنا سحاقية مثلك وأعشقك بجنون.
مادلين :ـ لا أفهم ما تقصدين؟
هنا تودعهما الفتاة وتنصرف، تظل مادلين متجمدة، تقترب ليز، تلتصق بها.
ليز :ـ أنا مجنونة فيك..أشعر بدفء أنفاسك وأشم عطر جسدك..أمنحيني فرصة أن أسعدك..لا داعي لتخفي نفسك.
تصمت مادلين، للحظة تتراجع إلى الوراء :ـ أنا من عالم آخر عائلتي متدينة ولن تسمح لي بهذه اللذة ..أرجوك دعي جسدي في ثلاجة الموتى…أنا أسمي مريم وسميت نفسي مادلين منذ صغري حتى لا أكون غريبة..أنتِ لا تعرفين قصتي كاملة.
ليز تتقدم أكثر هامسة :ـ لا تهمني عائلتك ولا دينك، لنؤمن بالحب ليكن عائلتنا وديننا.
تنزع ليز الوشاح من على رأس صديقتها، تطوقها بذراعيها، تضع الوشاح حول ظهر صديقتها ثم حول خصرها ، ترطه عليها، تستنشق عبير عطرها، تستجيب مادلين لمداعبات صديقتها، تبتسم.
مادلين :ـ أنا كذلك كنت أشعر بأحسيسّ نحوكِِ..لكنك كنتِ تغظيني بالحديث عن الرجال بشهوانية.
ليز :ـ لماذا لم تفصحي؟ ..أنا غبية..أعدك ألا أثرثر عن الرجال..أنا لك وحدك وإلى الأبد وسنجتاز كل الصعوبات..لنعش سعداء وأحرار.
يتوقف الكلام لتبدأ حوارات جسدية جريئة تزداد سخونة، تكبرُ الرغبة باسطة أذرعها للذة شجاعة.