أكثر الطفولة خيال. بعضه يُفرح وبعضه يُخيف. فيه البطل وفيه الغول وفيه الغولة. قرأت في طفولتي ما كان متوافراً تلك الأيام، أو الأزمان، إذا شئت. «ألف ليلة وليلة» و«السندباد» و«الزير» و«ابن شداد». لكنني، حتى كطفل مليء بالسذاجات، (بعضها لا يزال ملازماً بوضوح) فإنني لم أكلف نفسي قراءة حكايات الكائنات الفضائية التي تزور الأرض على صحون طائرة. وعندما صار الكبار أيضا يقرأون مثل هذه الموضوعات، بقيت على قناعتي بأن فيها شيئاً من انعدام الذوق في التخيُّل.
عندما اختفت الطائرة الماليزية ما بين كوالالمبور وعليها 200 مسافر، قامت حول العالم سلسلة من التكهّنات. لم يبق خبير أو طيار متقاعد أو «مركز استشارات» إلا وأعطى نظرية ما. آخرها كانت شركة بريطانية «حددت» مكان سقوط الطائرة في المحيط الهندي مما دفع عدداً من الدول إرسال طائراتها وسفنها وغوّاصاتها إلى المنطقة، حيث أمضت أسابيع طويلة، مرة تعثر على كرسي عائم ومرة على «جسم» آخر لا علاقة له بالطائرات أو السيارات أو الدبابات.
كان أهالي المفقودين يفرحون عند كل خبر ثم يبكون. يصدقون كل خبير ثم يشعرون بصدمة أخرى. ونحمد الله على أن الصينيين والماليزيين المنكوبين لا يفهمون العربية ولا يصغون إلى فضائياتنا. ففي ذات مساء أطل وجه بهيج على تلفزيون لبناني تسبقه ابتسامة الواثق وسخرية المطمئن.
متابعو الرجل اعتادوا عليه أن يحدثهم في أخبار الأيام الآتية ومستقبل العرب (المبهج). لكنه هذه المرة سحب من جيبه مفاجأة العصر. قال للمذيعة السائلة: «خذيها مني»، أي طبعاً منه، الطائرة خطفها الأميركيون وهي مخبأة في مكان ما لأنه كان عليها 12 عالماً صينياً.
بكلام آخر، إذا كانت تريد أميركا التخلص من نحو مليونين و550 ألفاً وثلاثة علماء صينيين، فإن عليها أن تخطف نحو مليون و323 ألف طائرة. إلى أين؟ ليس مهماً. عاد العالم اللبناني يؤكد: «بكره بتشوفي». أي ما معناه، تقريباً، عش رجباً ترَ عجبا.
لم أحضر البرنامج كله، غير أنني شعرت بتغير رهيب في حياتي. ها هي العبقرية اللبنانية تسبق جميع أهل الكون، براً، بحراً وجواً. سطت عليّ ابتسامة عالمنا الساخرة وسيطرت عليّ ثقته العارمة بالنفس. خامرني شعور داخلي لا أعرف كيف أصفه. كان الوقت ليلاً ولكنني قمت من مقعدي قبل نهاية البرنامج وذهبت إلى مكتبة لا تزال مفتوحة الأبواب واشتريت مجلة عن الصحون الطائرة، في أي مكان.
نقلا عن الشرق الاوسط
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :