مارثا فرنسيس
سمعتك وشاهدتك في بعض مقاطع من اليوتيوب واعذرني سيدي إن كنت لم اصدق ماتقول، فقد رأيت فيك وجهاً لطيفاً جديداً لم اعتده في غالبية الشيوخ ولم أعهده في معظم الدعاة، وكنت اسأل نفسي هل يتبع هذا الرجل مذهب او ملِّة غير التي يتبعها من يُكَفِر الآخر ويُحَرِض المأموم ويُهدد شريك الوطن ومن يغير كلامه معللا ذلك بأنه كان يمزح أو من يغير كلامه قائلا إنه لم يكن يقصد بعد أن تكون النار قد اشتعلت واستعرت ودمرت وفرقَت وتسببت في زيادة المسافة بين المصريين مسيحيين ومسلمين . وكنت أتعجب لماذا تبدو هادئاً حكيماً متزناً عكس الآخرين؟ وصدقاً اقول توقعت أن تكون حالة مؤقتة وستظهر في حوارات اخرى بالوجه الذي اعتدنا عليه! سامحني سيدي.
تابعتك مع السيدة هالة سرحان وصدقاً شاهدت كل البرنامج بعد أن كنت في الآونة الأخيرة اُحول مفتاح القنوات عندما تعرض بعض البرامج الحوارية مع بعض الشيوخ حرصاً على عدم الاستسلام للاستفزاز المستمر الذي نواجهه أمام هذه الشاشات، ولكنني سمعتُ حواراً جذاباً غير متطرفا وليس به خلط للأوراق بل على العكس كان كلامك عن الدولة المدنية وشرحك لخطأ المطالبة بدولة دينية- لأنه ليس هناك دولة دينية- كان شرحا سلساً مريحاً، خال من الاستعارات والمعاريض والتقية، حديثاً يخاطب العقل ويوضح المعنى الذي لا يمكن أن يختلف عليه عاقلان وهو أن المرجعية الدينية تصلح فقط في كل مايخص الامور الدينية ولا يمكن ان تكون هناك مرجعية دينية ثابتة في أمور المجتمع المدني المتغير الذي يعيش فيه مواطنين من أديان واطياف مختلفة، فهمتُ انك تطالب بالمرجعية الدينية في كل مايخص الدين في المجتمع وحياة ومشاكل الفرد وهذا يتطلب الرجوع للشريعة الاسلامية للمسلمين ويتطلب ايضا بنفس الكيفية شريعة غير المسلمين لغير المسلمين عملا بالآية الكريمة: وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ (المائدة 47)، وقلت انه لا بد ان تكون هناك شريعة تخص المسيحيين من كتابهم ولا يمكن تطبيق شريعة طائفة على طائفة أخرى، وان فكرة عدم ولاية المرأة أوالمسيحي يمكن الأخذ بها في الأمور الاسلامية الدينية فقط وليس في أمور المجتمع، فلا يمكن ولاية امرأة أو مسيحي على دار الإفتاء مثلا ولكن يمكن ولاية المرأة والمسيحي على الدولة، وصدقاً لم اسعد بكلام الشيخ اسامة القوصي لأني أطالب أو أتوقع أن يعتلي سدَّة الحكم في مصر امرأة أو مسيحي ولكن لأني اطالب مع الغالبية المتزنة من المصريين أن يكون الاختيار في كل مناصب الدولة بناء على الكفاءة والمواصفات الشخصية المناسبة للمنصب بغض النظر عن الجنس أو الدين، وانا أتفق معك سيدي واتصور ايضا أن غالبية المصريين المتزنين العاشقين لهذا البلد يتفقون معك. ايضا سألت نفسي ما الفرق بين الشيخ المحترم القوصي وبين الآخرين ولماذا لا يتحاور هؤلاء بشكل حيادي بعيداً عن التعصب والتكفير والعنف اللفظي؟ ماهو مذهب هذا الرجل الكريم ولماذا لا يتحدون جميعاً على مذهب السلام والحب والتمييز بين مايليق ومالا يليق، والتفرقة بين أمور الدين وأمور الدولة؟
سؤالي بطريقة أخرى: إذا كان ما ينادي به فضيلة الشيخ القوصي هو الإسلام فما هو دين من يحرق الأضرحة والكنائس؟
انا لا أعرف الاجابة ولكن اعرفُ شيئاً واحداً إني أحترمك ايها الشيخ وأوقرك من كل قلبي وأؤمن أن مصر بلدنا الحبيب ستتماثل للشفاء سريعاً وتعود بصحة وقوة وجمال في وجود المستنيرين من أمثالك.
اقبل مني كل التحية والتقدير والمحبة
محبتي للجميع