هذا عنوان الجزء الثاني من كتابنا سدنة هياكل الوهم، وقد صدر عن رابطة العقلانيين العرب في “دار الطليعة –بيروت -2005 .. وقد استدعا التذكير به هو ما أثاره قرار ابعاد (الشيخ القرضاوي) كـ(إرهابي) عن قطر ، قبل أن نبدي راينا بموضوع الابعاد هذا، فإننا نعلن رفضنا بل وادانتننا الانسانية والاخلاقية لرجل شيخ تسعيني (كالقرضاوي) الذي يعتبر في راس قائمة من يسمون بعلماء المسلمين، بعض النظر عن رجحان صفحة ( التسامح أو الارهاب ) على منظومته الفكرية ، لأن منظومته (ما قبل الحداثية ) تسمح له بالقراءتين دون أس استشعار بالتناقض، ككل المنظومات الدينية (إسلامية –مسيحية –يهودية !!! )، وكل المنظوات الفكرية ماقبل الحداثة، أي ما قبل المنظومات المترابطة والمتشارطة والمتسقة كنظام بنيوي تكويني متجانس للعقلانية الحديثة المؤسسة على منظومات العلم البرهانية وشجرة معرفتها التجريبة التي تتفرع عن بيكون وهيغل ودارون وماركس وفرويد واينشتاين التي عمادها التجربة وليس الإيمان الذي يستند إليه الفكر الديني ( السماوي أو أوالدنيوي) …مما هو غير مطلوب منه البراهين العلمية على اتساقه، بوصف العلوم الدينية هي من علوم القلب والايمان والكشف وليس علوم التجربة والبرهان، حيث الإيمان من معارف الوجدان والذوق ونور ينقذف في داخل المرء حسب تعبير الامام الغزالي …
ولعل أهم مدخل لهذه الرؤية للعالم، هو اعتذار الشيخ القرضاوي من الامام الغزالي لا ضطرارنا في العصر الحديث أمام التحدي (اليهودي المسيطر على الجامعات العالمية ) أن لا نقف عند حدود اعتبار (العلوم الطبيعية والرياضي ) كعلوم كفاية ، بل هي ترتقي إلى مستوى ( فروض العين )، بسبب اليهود الانجاس الذين أجبرونا على الاهتمام بهذه العلوم الوضعية ( الوضيعة ) …حسب راي الشيخ ….
فنحن ضد قرار ابعاد أو حصار الشيخ الدكتور قرضاوي ليس لأسباب انسانية أخلاقية فحسب ، بل لأسباب تتعلق بالحرية المطلقة للفكر الانساني بوصفها حقا شرعيا مكتسبا للعقل والكائن الانساني والكائن، واعتبار أن الأفكار لا توتجه إلا بالأفكار، وهذا ماحدث معنا كمثقفين مدنيين ديموقراطيين علمانيين، في حوارنا الهالفي وردنا على الشيخ القرضاوي منذ أكثر من عشرين سنة تقريبا ، عندما أعاد الاعتبار لفتوى تطبيق حد (قتل المرتد ) بدون محاسبة أواستتابة، لأن التهاون في تطبيق هذا الحد هو الذي أدى إلى انتشار العلمانية وتشجيع العلمانيين على الهرطقة.
والمشكلة أن العلمانية بالنسبة للشيخ القرضاوي هي صفة فكرية يطلقها على كل من هو غير إسلامي أو اخواني، وهذا ما أظهره في حواره السجالي المطول مع المفكر العلماني الشهير (الدكتور فؤاد زكريا ) رئيس قسم الفلسفة في عدد من الجامعات العربية ، وقد تناولنا هذاالحوار بشكل مطول في كتابنا المشار إليه للمهتمين بالموضوع ، حيث وجدنا أن الشيخ في حمى غضبه على العلمانيين يتهم ( نساءهم بأنهن يسرن على حل شعرهن )، فتساءلنا حينها هل بنطبق ذلك الحكم على العمال والفقراء الناصريين الذي لا يختلفون في وعيهم الثقافي والاجتماعي الشعبي المحافظ عن جمهور الأخوان، رغم أن الشيخ يصكهم بالعلمانية التي لا يعرفون معناها … وعلى هذا فإن وسائل الاعلام الاسلاموية تتحدث عنه بصفته (صلى الله عليه وسلم)، رغم أنهم استاؤوا منا عند صدور كتابنا المذكور منذ أكثر من عقدين، إذ إخذوا علينا تبجيله اسلاميا وشعبيا بوصفه ( بابا العالم الاسلامي )، رغم أن البابا يبقى دون التبجيل النبوي والولايتي للباباالاسلامي القرضاوي الذي ندين الاساءة المادية والمعنوية إليه فكريا أو انسانيا بكل الأحوال من أية جهة أتت…