السيد عبد الكريم قاسم(قدس) والزعيم محسن الحكيم‎

بقلم محمد باقر الحسيني – النجف‎

مقدمة‎ :
يلاحظ المتتبع لدور المرجعية الشيعية في العراق , منذ مطلع القرن العشرين , الدور الوطني الواضح ضد الاستعمار البريطاني , الذي قاده السيد محمد سعيد الحبوبي, والذي حارب الاستعمار البريطاني في الشعيبة , ولم يك هذا الجهاد لحساب جهة ما آو دولة معينة كالخلافة الاسلامية في تركيا . وقد تحمل السيد مسؤوليته للدفاع عن الدين حسب اجتهاده , وشارك عدد من رجال الدين الذين الهبتهم فكرة الدفاع عن الوطن , ولم يبتعدوا مطلقا عن دورهم التقليدي الديني ليحلوا مكان السياسيين كما هو حاصل الان . وواقعا توج رجال الدين هذا المنهج بالمشاركة وقيادة الثورة التحررية عام 1920 . وقد بذل الاستعمار جهدا واضحا لجر رجال الدين للسياسة , فهذا الحقل يمكن ان يفهمه المستعمر ويتعامل معه عكس الحقول الدينية المملوءة بالمطبات والالغام والاجتهاد والعبادات والحقوق الشرعية . فالسياسة اقرب للتجارة , والتجارة شطارة , وما على المهتمين بها الا ابراز شطارتهم والباقي معروف. وقد ادرك المستعمر هذه الحقيقة وحاول استمالة رجال الدين وزار برسي كوكس النجف قبل زيارتة الاولى لبغداد في محاولة لاشراك رجاال الدين الشيعة في كعكة الحكم . كما ارسل الملك فيصل عبد الواحد الحاج سكر لاستمالة رجال الدين لكنه فشل . وبعد انكفاء ثورة العشرين اصاب المرجعية احباط كبير لكن التاريخ خلد لنا اسماءا خالدة في سماء العراق كشيخ الاخوند ابي الاحرار الملا كاظم الخراساني الذي ساند الثورة الدستورية في ايران , والخالصي ومحمد تقي الشيرازي والميرزا محمد رضا صاحب اول دعوة للثورة العربية وصاحب جريدة بين النهرين , والنائيني والسيد ابي الحسن الذين رفضا طلب الشاه بتكفير حزب تودة , ومحمد حسين كاشف الغطاء الذي فضح مؤتمر بحمدون في لبنان , اقول ان المرجعية حافظت على مسافة مناسبة من السياسة للحفاظ على استقلاليتها غير منقوصة . وبعد وفاة السيد ابي الحسن الاصفهاني , ضعفت هذه الاستقلالية واندمجت المرجعية رويدا رويدا بالسياسة , وظل خوفنا مبررا من ان السيد السيستاني سيكون آخر مرجع تقليدي للشيعة في هذا القرن , نسآل الله ان يمده بالصحة ويدرآ الفتنة وبدع السياسة ‎ .
ان نقص الاستقلالية وضع المرجعية عائمة ويتعامل معها السياسيون حسب المصلحة , وتشبهت بدور الازهر الذي تعامل مع اليسار واليمين ووجد التبريرات الدينية جاهزة والايات التي تخدم هذا الغرض وذاك كثيرة , وامسى ذيلا خلف السياسي . فبعد وفاة السيد جواد البرجوردي في قم دعم شاه ايران مرجعية الحكيم , لاضعاف المعارضة الدينية في ايران , ونقل المرجعية خارج ايران لتوفير مسافة مآمونة , وكانت الطريقة المعتمدة في ترشيح مرجع ما , هو ان يرسل شاه ايران برقية تعزية موجهة للعالم الذي يرغب الشاه ترشيحه لهذا المنصب , ويكون صاحب البرقية هذا هوالاكثر حظا في نيل المرجعية . فالسيد محسن الحكيم لم يكن الاعلم او الاكبر سنا , فقد كان السيد محمد حسين الحمامي حيا يرزق ,وكان هو صاحب المرجعية العامة بعد وفاة السيد الاصفهاني في العراق , وكان بجانبه التبريزي والشاهرودي والشيرازي , لكن السيد الحكيم كان الابرز في التعاطي مع سياسة الشاه كما سيآتي تبيانه , فهو الذي حطم المرجعية التقليدية وادخل السياسة والسياسيين لعرينها , واصبح بيت السيد يشبه احد مقرات الاحزاب , وقد شبه احد طلاب الصدقات بيت السيد تشبيها بليغا عندما قال بان السيد قد (سد باب الفقراء وفتح باب الوزراء ) , ومنه انطلقت جماعة العلماء والحزب الجعفري والشباب المسلم وحزب الدعوة , ومنه ذهب البعثيون وتسلمواالحكم في بغداد في رمضان باعتراف الكل , ونفس البيت الذي استقبل فيه السفير امريكي لاول مرة في تاريخ المرجعية اضافة الى ميشيل عفلق والبكر ورشيد مصلح علم 63 بعد بيان13 ‎.

السيد محسن الحكيم وعبد الكريم قاسم ‎ :
يستغرب المتتبع لتصرفات الحكيم آبان حكم قاسم موقف وتصرفات السيد اتجاهه , فمنذ قيام الثورة تصرف السيد سلبيا اتجاهها , فلم يرسل مثلا رسالة تآييد بعد قيام الثورة , في حين ارسل السيد الحمامي والبغدادي والشيخ كاشف الغطاء وعدد آخرمن العلماء من مناطق العراق المختلفة برقيات تهنئة مختلفة المضامين , لكن السيد الحكيم لم ينس ارسال برقية تهنئة وبهجة لانقلابيي 14 رمضان التي قتلت شهيدا صائما وابنا بارا للشعب العراقي اضافة للمجازر التي افتتحها عهد البعث والسيد ايضا لم ينس ارسال برقية لايقاف اعدام الطبقجلي وزملائه واخرى لايقاف اعدام السيد قطب واخرى لايقاف قانون الاحوال الشخصية، واخرى بحرمة الحرب في كردستان بعد ان تحالف مصطفى البرزاني مع الشاه ضد عبد الكريم قاسم ‎.
فما الذي فعله قاسم لينال هذا الجزاء؟ ! . لقد ارسل له الزعيم متصرف كربلاء مظهر عارف لزيارته بعيد الثورة مباشرة , وزار النجف والسيد , كما زاره للاطمئنان على صحته في مستشفى الكوفه وقيل انه قبل يديه , وقيل ان الزعيم قد اوصى السيد للصلاة على جنازته ولم يحصل السيد على هذا الشرف , لانه كان مشغولا برفع برقيات التهاني للقيادة البعثية العارفية , وقيل ان الزعيم اعطاه صكا بمبلغ 3 ملايين من الدنانير لبناء مساكن للفقراء , وبكل عفة اعتذر السيد عن استلامها , نظرا لعدم توجه السيد تلك الوجهه !! . فما الذي فعله السيد مقابل ذلك ؟ لقد شطب السيد على ثورة تموز من البداية , وعقد العزم على مواجهتها , وقام بتحديد الاجراءات الضرورية لهذه المواجهة قبل ان تتنفس الثورة , فدعا اعداء الثورة للالتفاف حوله وباشر في استغلال الدين والمناسبات الدينيه , لقد صادف يوم الثورة 26 ذو الحجة 1377 وبعد ايام معدودة بدآت الشعائر الحسينية , وكانت الردات والقراء مآخوذين بفعل الثورة التي سرعان ماتحولت لثورة شعبية , وظل الجانب المضاد مراقبا لاستيعاب مداها واستمرت المظاهرات المؤيدة للثورة في مدارس النجف , وظهرت التنظيمات طلبة شباب عمال انصار السلام نساء…الخ . مما لجم الجانب الاخر , وظل السيد يفكر ويلاحظ الحشد المتزايد من المصلين على يمينه حيث جماعة السيد حسين الحمامي , ومن خلفه الشيخ علي كاشف الغطاء , وقلة المصلين خلفة , اضافة لقلة تآثير الرواتب في جلب المزيد من المصلين خلفه فالبلد في ثورة . وبعد اشهر من التفكير والاتصالات والمشورة تفتقت ذهنية السيد لاخذ المبادرة وتذكر ان الحسين عليه السلام ولد يوم 3شعبان وهو مايصادف الخميس 12 ‎959 ‎ فآقيم المهرجان للمرة الاولى وكآن الحسين(ع) قد ولد بعد ثورة الرابع عشر من تموز, وقد هيء للحفل بكل كفاءة وبذل من اجله الكثيرواقيم في الجامع الهندي وكان الشيخ احمد الوائلي عريفا للحفل وقدم فيه فحول الشعراء في النجف كمحمد علي اليعقوبي ومنعم الفرطوسي والسيد جواد شبر ومحمد حسين الصغير وفي مقابلة خاصة مع الاستاذ محمد سعيد الطريحي قال الصغير بان السيد طلب من الشعراء ان يحملوا عصا الاعدام حسب قوله , فالسيد حدد الهدف وما عليهم الا اقتناصه فقال الصغير في قصيدته : وان حزبا دخيلا في مبا دئه لينين فيه اقر الذل والهونا لابد نقضي عليهم فآنتظر فرجا او يرسفون باغلال مساجينا وهذا ماتحقق فعلا بعد سنتين او اكثر . سمع اهل النجف هذا الصوت النشاز , فهجم علي الشاعر بعض العامة فهرب الصغير للحضرة المشرفة بمعونة البعض واختفى الصغيربعدئذ في بيت القاموسي وانهزم بعدها لبغداد . لقد اريد لهذا المهرجان ان يكون بديلا لمهرجان الرابطة الادبية وتحت قيادة وتوجيهات الحكيم , لاستعراض قوته , وتجميع فلول الثورة المضادة الذين تزايدوا بالتدريج . والغريب في الموضوع ان هذا المهرجان وهذه لمواقف المتطرفة جاءت قبل ان تتخذ الثورة مواقفها الصريحة وتصدر قوانينها ,فقد اقيم المهرجان قبل حركة الشواف في الموصل في 8 اذار عام 59 وقبل الانسحلب رسميا من حلف بغداد (24/3/59) وقبل احداث كركوك ( تموز59) وقبل قانون الاصلاح الزراعي ( كانون الاول 59) وقانون الاحوال الشخصية (كانون الاول 59) , اي ان موقف السيد سبق الاجراءات اعلاه , ولم تقم الثورة بعد بآي اجراء ضد الدين كما يدعيه الحكيم واتباعه , ان القانون الذي سبق الاجراءات تلك هو الخروج من منطقة الاسترليني, ولم اقرآ نصا دينيا يحرم هذا القانون. ان الشئء المنطقي الذي نستنتجه من الموقف اعلاه هو ان الثورة قد فكت عرى حلف بغداد الذي تحتل ايران الشاه موقعا مهما فيه , واتخذ القرار بتدمير وقتل هذا الوليد بحجة حرمة الشيوعية ‎ .
لم يفكر السيد قبل الثورة بلينين او حزبه الهدام , بل قد توسط هو للسيد موسى الحلو لاطلاق سراح ابنه الشيوعي السجين في سجون نوري السعيد!! , واختفى الشيوعيان صادق الجواهري والشيخ حبيب الشيخ هادي عند ابرز معاونيه وهو مرتضى آل ياسين خال السيد باقر الصدرومربيه ورئيس هيئة العلماء التي اسسها السيد محسن . وظلت العلاقة بالشيوعيين غير محددة لاسلبا ولا ايجابا طيلة الفترة الملكية , خاصة وان بعض من قادة الشيوعية في العراق من ابناء العلماء كحسين الشبيبي وحسين محمد الرضي بل كان بعض منهم علماء كحسين مروة . واشترك كثير من الشيعة في تنظيمات الشيوعية باعتبارها نظرية للعدالة الاجتماعية ومع مطلع عام 1955 العام الذي توفى به العلامة البرجوردي , بدآت العلاقة بالشيوعيين الذين كانوا يجاهدون الحكم الملكي بالضعف , ودليلي في ذلك هو الموقف الغريب للسيد من العدوان الثلاثي على مصر . فقد عمت النجف مظاهرات جرارة اصطدمت مع الشرطة وسقط الكثير من الجرحى في ثانوية الخورنق , وذهب المتظاهرون لبيت السيد الحمامي وعبد الكريم الجزائري وكاشف الغطاء والبغدادي وقد ندد الجميع بالعدوان , كما ذهب المتظاهرون لبيت السيد لنفس الغرض , لكن الباب ظل مغلقا ولم يندد السيد بالعدوان , مما حدى باحد العامة لرمي نعاله باتجاه الباب ‎ .
ان مواقف الشاه تفسر المواقف اللاحقة للسيد من عبد الكريم وعبد السلام وعبد الرحمن وجمال عبد الناصر.. لقد قلت ان السيد راجع حساباته وجرد قوته بعد الثورة مباشرة واستعرض تحالفاته , ووجد ان الكفة تميل لصالح الشعب الذي لم يعلم ان الثوره سوف يذبحها فيما بعد عالم ديني , وقد ظهر ان النقص الذي تعانيه حسابات السيد تلك هو التنظيم لافراغ الخطط فيه وتنفيذها بعدئذ , فدعى الكادر الاقرب من المناصرين العلماء الذين يتميزون بالشكل والمضمون المناسبين, وهم الشيخ مرتضى الياسين , والسيد محمد تقي بحر العلوم , والشيخ حسين الهمداني , والسيد علي الخلخالي , والشيخ محمد طاهر الشيخ راضي ومحمد جواد الشيخ راضي,والسيد محمد باقر الشخص , والشيخ محمد رضا المظفر , والشيخ محمد تقي الايرواني , والسيد موسى بحر العلوم , والسيد اسماعيل الصدر والشيخ حسن الجواهري واطلق على هذه المجموعة اسم جماعة العلماء لانها تمتلك صفات العلماء , لكنها لم تكن تمتلك امكانية التحشيد الجماهيري او الامتداد العشائري او الصلات المؤثرة في عشائر الريف , وكانت اقرب الى مجموعة استشارية مهنية منها الى اداة تحشيدية تستطيع ان تنفذ خطط السيد ‎ .
وقد اسس الشيخ عبد الكريم الماشطة مجموعة اسماها جماعة العلماء الاحرار فضحا لتوجهات المجموعة الاولى التي توقف نشاطها بالفعل . واشتدت حاجة السيد لتكوين حزب يشابه تنظيم الحزب الشيوعي , وقد قال السيد محمد باقر الصدر نحن بحاجة لحزب مقابل حزب , ويوجد بحث فذ للاستاذ محمد سعيد الطريحي يوضح اسس هذا التشابه . فمن اين للسيد بهذه العجالة ان يكّون حزبا ومهداد القوانين التي تسنها الثورة لايتوقف ؟ ‎.
حاول تشكيل الحزب الجعفري وولد ميتا , وبدآت الاتصالات لتشكيل حزب الدعوة , واجتمع قادته في بيت السيد في كربلاء , لكن عصف الاحداث افقد الانتباه لتشكيل هذا الحزب , وخرج السيد بعد ذلك بقناعة ان الاحزاب ليست موادا جاهزة يمكن ان تشترى من العطار , ولا يمكن باي حال من الاحوال تشكيلها وزجها في اليوم التالي لانجاز الثورة المضادة . فجرى بعد ذلك التفكير بالموجود , وكان حزب البعث بقيادته الشيعية وحماسته ضد الزعيم وارتباطاته ووجود بعض من قادته الكبار في النجف وهم من ابناء العلماء ايضا ( فاتك ونجاد وحسين الصافي ومحمد رضا ومحسن الشيخ راضي ) ولاشائبة على تدينهم سيما وانهم من اصدقاء الابن محمد رضا الحكيم , فقد وجد السيد ضالته , وماعليه الا المباركة والاسناد , واصبحت للسيد ذراع طولى متكونة من حزب يعم العراق كله , ويحتوي على مايتمناه السيد من كل ما هو مضاد للثورة ورموزها . والذي لايصدق هذا القول, اليه ما قاله السيد محمد حسين فضل الله في مقابلة منشورة في صفحات ومواقع عديدة ( ان البعثيين يختبئون خلف الحركة الدينية , لقد كان البعثيون الذين ينتسب بعضهم الى بعض علماء الدين الكبار في النجف , يختبئون خلف هؤلاء العلماء , وكانوا يستفيدون من هذه الحالة الدينية في مواجهة الشيوعية ‎ ).
لقد حلت العقدة اذن واصبح الافق مفتوحا واضحا , وما على هذه القوة الناهضة الا التشمير عن السواعد والتنفيذ , فجرى بسرعة ارسال الوكلاء الدينيين الى مناطق العراق الشيعية , وفوتح من هو موجود اصلا بالساحة بالخطط الجديدة , وجري الهجوم على من استعصى عليهم كما حصل ضد عائلة الحكيم البصرية , وشن الحملات الاعلامية ضد المراجع الذين لايسيرون على خطى الثورة المضادة , خاصة المراجع من ذوي الاصول العربية كالحمامي والبغدادي وكاشف الغطاء , وفجآة اخذت يد المنون العلامة محمد حسين الحمامي والخطيب محمد الشبيبي والشيخ عبد الكريم الماشطة في نفس العام 59, وخسرت المرجعية الوطنية اطوادا شامخة وانفتح الطريق واسعا لتحول المرجعية الدينية في النجف الى مرجعية سياسية وتطلب ذلك ايضا تنظيم القوى والاستفادة من الموظفين الذين يخدمون في اجهزة الثورة , والذين اختلفوا من قاسم او كانوا في طريق الاختلاف, وجرى تنظيم الصلات معهم الار, فهذا عبد الحميد الحصونة مثلا الضابط وامر الفرقة الاولى والمسئول العسكري عن المنطقة الجنوبية يذهب للسيد ( يستفتيه ) بجواز الدخول عسكريا للكويت بعد ان امره عبد الكريم قاسم بذلك , ولم يفت السيد بل اخبر اولي الامر ونزلت في اليوم التالي القوات البريطانية في الكويت , وقد ذكّر السيد باقر الحكيم المسؤولين الكويتيين بهذه الحادثة عندما زار الكويت . ويلاحظ ان السيد قد ابدع في بيان وجهة الثورة المضادة , فكانت شعارات حزب البعث في الوحدة والحرية والاشتراكية متخلفة عن اهداف السيد الانية بزج كل شيء من الدين والسياسة والعلاقات العشائرية والاقطاعية الى التحالفات الخارجية والداخلية من اجل افشال الثورة , وكان السيد بالحقيقة رآس الحربة , فآفتى بحرمة الصلاة على ض المغتصبة , وهو يعني اراضي الاصلاح الزراعي , وافتى بحرمة شراء اللحم من القصاب الذي ينتمي للحزب الشيوعي , ولكي تكون الصورة زاهية , بدا بتشجيع الامور التي تجعل من المرجع ان يكون مرجعا مقدسا ويسطع النور من جبينه , فقام بتخصيص من يصلي على محمد وآله ويقولها بصوت جهوري عندما ياتي السيد للصلاة , وكانت اسماء مثل حدّيد وعباية وهادي كرماشة والشرطي ابي قيس من الاسماء المعروفة والتي يدفع لها السيد من الحقوق الشرعية دون ان يكونوا متدينين بل ( ثرثرية ‎) .
وكان الشقاوة حسين عجمي ورضا حسنابة من اتباع السيد في كربلاء . وبالرغم من قلة مايعطيه لهؤلاء لكن دورهم كان كبيرا , فقد ارسل السيد انف الذكر هادي كرماشة لضرب احد معارضيه وهو الشيخ مجيد زائردهام في الشارع وامام الناس ليكون عبرة لمن اعتبر , فاليد طويلة والامكانيات هائلة . وقد نشرت الحوار المتمدن قصيدة طويلة للشاعر الشعبي الحسيني عبد الحسين ابو شبع مستهلها ( آية الله شلون آية معتز بحديد وبعباية ) ومع الاسف انتحل القصيدة احد سمى نفسه محمد مظلوم ‎ .
كانت النجف في تلك الحقبة من الثورة ولنقل السنة الاولى منها , تعيش كباقي المناطق الاخرى من العراق فرحة انتصار الثورة المتجسدة بشخص احب الفقراء وساعدهم وبنى المدارس ورياض الاطفال وارتفع الدخل العام للناس , وازداد تحمس الناس لتلك الانجازات بمن فيهم بعض من رجال الدين , واصدر الزعيم قرارات بتعيين رجال الدين كمدرسين لمادة اللغة العربية والدين الاسلامي في المدارس الرسمية , وانتمى عدد من رجال الدين لحركة انصار السلام كالامام كاشف الغطاء والشيخ عبد الكريم الماشطة والشيخ محمد الشبيبي والشيخ عبد الحليم كاشف الغطاء والشيخ مجيد زايردهام والشيخ عبد الواحد سميسم والشيخ باقر الفيخراني والشيخ علي سميسم والخطيب عبد الصاحب البرقعاوي وخادم الروضة الحيدريه السيد محمد الحكيم والسيد حسين الحكيم ( مرافئ) , كما اشترك خدام المنبر الحسيني بكثافة لربط الثورة الحسينية ومطالب العدالة الاجتماعية مع اهداف الثورة كفاضل الرادود والشعراء الحسينيين كالشاعر ابراهيم ابوشبع وعبد الحسين وشهيد ابو شبع وهادي القصاب ‎ .
لقد قلت فيما مضى ان الصورة زاهية وهي بالحقيقة كذلك , لكن الخلفية كانت رمادية او مظلمة , رجال دين من جهة واخرون من الجهة الاخرى , مالذي يجعل التناحر ياخذ صفة دينية ؟ اهو الدين ام السياسة ؟ ان مرجعية الحكيم مهما تلبست بلباس الدين والتقوى فان الدين منهم براء والسيد محسن ماهو الا سيا سي لبس اللباس الديني ومات بعد ان نجح في اسقاط اول جمهورية للشعب العراقي , ومات السياسي الاول عبد الكريم قاسم ( قدس الله سره) صائما وفي منتصف شهر رمضان المبارك ولم يعرف له قبرا سوى قلوب العراقيين الشرفاء ‎ .
يعقبه في الجزء الثاني( فتوى الشيوعية كفر والحاد ) ثم (شخصية الحكيم ) ‎

محمد باقر الحسيني ‎
النجف – 25/4/2007 ‎

عبد الكريم قاسم وقرارتعيين الدكتور عبد الجبار عبد الله رئيساً لجامعة بغداد

abdelkarimqasemparashot

عبد الكريم قاسم يستعرض فوج مظلي

abdelkarimqasem3

احمد صالح العبدي وعبد الستار الجنابي

ولد الدكتور عبد الجبار عبد الله في قلعة صالح – لواء العمارة عام 1911.-اكمل دراستة الاعدادية في بغداد عام 1930.- نال شهادة البكالوريوس في العلوم من الجامعة الامريكية في بيروت عام 1934.-حصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الطبيعية (الفيزياء) من معهد مساتشوست للتكنولوجيا
MIT
في الولايات المتحدة الامريكية ومعهد مساتشوست للتكنولوجيا يعتبر ارقي جامعة علمية في العالم على الاطلاق حيث كان و ما يزال.-عين استاذاً ورئيساً لقسم الفيزياء في دار المعلمين العالية في بغداد من سنة 1949 الى 1958 , و في خلال هذة الفترة رشح استاذا باحثا في جامعة نيويورك الامريكية بي ن سنتي 1952 و 1955.- في عام 1958 عين أميناً عاماً لجامعة بغداد ووكيلاً لرئيس الجامعة واستمر في هذين المنصبين حتى عام 1959.في عام 1959 عين رئيساً لجامعة بغداد.- له العديد من البحوث العلمية التي نشرت في ارقى المجلات العلمية الامريكية و الاوروبية.-عضو في العديد من الجمعيات العلمية في امريكا واوروبا.-استمر بمنصب رئيس جامعة بغداد حتى قيام انقلاب 8 شباط الدموي حيث اقيل من منصبة.-اعتقل وعومل معاملة مهينة عند اعتقالة بعد انقلاب 8 شباط 1963 الأسود. الدكتور عبدالجبار عبدالله.

والحقيقة ان كل عراقي يفتخر في ان تكون بلاد مابين النهرين قد انجبت عالما عبقرياً ووطنياً وأباً مربياً مثل الدكتور عبد الجبار عبد الله وقد لمس الزعيم عبد الكريم قاسم abdelkarimqasem2منه هذه المكانة العلمية العالمية العالية والوطنية وإخلاصه لتربة العراق وثورة 14 تموز، وقد قرر ان تكون لجامعة بغداد الفتية منزلة علمية عالمية عالية من خلال ترؤس شخصية مثل الدكتور عبد الجبار عبد الله رئاسة جامعة بغداد.واحب ان اضيف لسيرة الدكتور عبد الجبار عبد الله القصتين التاليتين لكي يقدر القارئ الكريم الفارق الكبير بين عهد الزعيم عبد الكريم قاسم و العهد الذي تلاه وتضيف اليه وصمة عار اخرى كان الكثيرون غافلين عنها.
القصة الاولىان الزعيم عبد الكريم قاسم كان عراقيا صرفا ولا يفرق بين عراقي وآخر لأي سبب كان و كان دائما يلتمس مصلحة العراق وابنائه في كل خطوة و قرار من قراراتة.
جامعة بغداد جامعة فتية خطط الزعيم عبد الكريم قاسم لها مستقبلا كبيرا لتخدم عموم الحركة العلمية والثقافية في عراق 14 تموز، وعليه فقد اختار أروع بقعة من ارض في بغداد وهي شبة جزيرة الجادرية التي تحيط مياه نهر دجلة الخالد بها من ثلاثة جوانب, وهذه المنطقة تتميز ببرودة هوائها وجمال منظرها، كما يمكن الوصول اليها براً من خلال شبكة طرق حديثة، ومن خلال نهر دجلة بواسطة زوارق تخصص لهذا الغرض، كما اناط اعداد تصاميمها بأشهر مهندس معماري في العالم وهو المهندس لوكوربزية (الولايات المتحدة) وبنفس الوقت وقع اختياره على الدكتور عبد الجبار عبد الله رئيساً لهذه الجامعة الفتية والدكتور عبد الجبار عبد الله عراقي ينتمي الى طائفة الصابئة المندائيين، ولم يعن هذا بالنسبة للزعيم الخالد أي محدد فأولاً واخراً هو عراقي وهو يفتخر بكل عراقي.
طرح الزعيم عبد الكريم قاسم اسم الدكتور عبد الجبار عبد الله مرشحاً لرئاسة جامعة بغداد الفتية الى مجلس الوزراء مبيناً كفاءته العلمية العالمية العالية وما سيقدمه هذا الرجل للجامعة من مكانة دولية علمية.. عدد من اعضاء مجلس الوزراء مدعومين من قبل الفريق الركن نجيب الربيعي رئيس مجلس السيادة رشحوا الدكتور عبد العزيز الدوري وشخصية اخرى.الزعيم عبد الكريم قاسم يعرف الدوافع من طرح اسم الدكتور الدوري و الاسم الآخر كمرشحين لهذا المنصب والتي اهمها كون الدكتور عبد الجبار عبد الله غير مسلم، وبنفس الوقت فالزعيم يعرف ارتباطات الدوري بالمخابرات البريطانية.انها المرة الوحيدة والاولى التي يصر فيها الزعيم عبد الكريم قاسم على موقفه ويجبر مجلس الوزراء على تبني هذا الموقف. من اليسار / الفريق الركن ـ نجيب الربيعي ـ ، الزعيم ـ قاسم ـ ومهدي كبة
حاول الفريق الركن محمد نجيب الربيعي التسويف و المماطلة بهذا الموضوع، وخلال كل اجتماع اسبوعي لمجلس الوزراء يذكره الزعيم عبد الكريم قاسم بملف رئيس جامعة بغداد، ويدعي انه قد نساه في البيت. استمر هذا الحال نحو الشهرين والموضوع بالنسبة للزعيم مهم وملح لان خطوات مهمة ستبنى عليه ففي احد الاجتماعات عندما طالب الزعيم بفتح ملف رئيس جامعة بغداد، ادعى رئيس مجلس السيادة نجيب الربيعي عدم و جود الملف معه قال الزعيم في الاجتماع “انني وبحكم كوني القائد العام للقوات الوطنية المسلحة سوف اقوم بحل مجلس السيادة ونشكل غيره لان الكثير من الامور تتعرقل”، عندها ابرز الربيعي الملف ووقع الجميع عليه موافقين على ترؤس الدكتور عبد الجبار عبد الله جامعة بغداد.
القصة الثانيةحدثني أستاذي في الرياضيات في الجامعة الأستاذ الفاضل طالب محمود علي (خريج جامعة لندن بمرتبة الشرف في الرياضيات)، وكان الأستاذ طالب احد الذين اعتقلوا اثناء انقلاب 8 شباط 1963 الدموي، وقد حشر في احدى الزنزانات الصغيرة التي ملئت بالمعتقلين من شتى المستويات.عرفت الدكتور عبد الجبار عبد الله كأحد المعتقلين في هذه الزنزانة، وكنا في الزنزانة واحداً بجانب الآخر وظهورنا مستندة الى الحائط و بهذه الوضعية كنا ننام يوميا ولا مجال للحركة فيها نهائياً.
يقول الأستاذ طالب”كنت لا استطيع ان ارفع عيني في مواجهة عين الدكتور عبد الجبار عبد الله لما له من مكانة علمية وشهرة عالمية وكنت اختلس النظرات واشاهده يغوص في تفكير عميق ثم تنهمر الدموع من عينية، في احد الايام استثمرت فترة اخراجنا لدورة المياه وجلست بجانبة.القيت علية التحية وعرفته بنفسي وانا اخجل من كل كلمة اتحدث بها اليه، بعد ان توطدت الصداقة بيننا سألته يوما عن سبب انهمار الدموع من عينيه قال ” كان في قسم الفيزياء الذي ادرس به طالب فاشل.. حاولت عدة مرات مساعدته لكي يعدل من مستواه ولم يتعدل ومع ذلك عاونته.في يوم 14 رمضان 1963 جاءت مجموعة من الحرس القومي لاعتقالي من بيتي, ميزت منهم طالبي الف اشل بسهولة، وطلبت منهم امهالي عدة دقائق لكي ابدل ملابسي واذهب معهم وانا اعرف انه ليس لدي ما احاسب عليه.بدلت ملابسي وخرجت لهم، وفجأة ضربني تلميذي (راشدي) قوي افقدني توازني وكدت اسقط على الأرض وقد استخدم عبارة (اطلع دماغ سز) ولم يكتف تلميذي وانما مد يده بجيب سترتي واخذ مني قلم الحبر الذي اعتز به ولم يفارقني ابداً، هذا القلم الحبر هو من الياقوت الأحمر هدية من العلامة المشهور البرت انشتاين، استخدمه لتوقيع شهادات الدكتوراه فقط، وهذا هو سبب حزني وانهمار دموعي كلما اتذكر هذا الحادث.

About عادل حبه

عادل محمد حسن عبد الهادي حبه ولد في بغداد في محلة صبابيغ الآل في جانب الرصافة في 12 أيلول عام 1938 ميلادي. في عام 1944 تلقى دراسته الإبتدائية، الصف الأول والثاني، في المدرسة الهاشمية التابعة للمدرسة الجعفرية، والواقعة قرب جامع المصلوب في محلة الصدرية في وسط بغداد. إنتقل الى المدرسة الجعفرية الإبتدائية - الصف الثالث، الواقعة في محلة صبابيغ الآل، وأكمل دراسته في هذه المدرسة حتى حصوله على بكالوريا الصف السادس الإبتدائي إنتقل إلى الدراسة المتوسطة، وأكملها في مدرسة الرصافة المتوسطة في محلة السنك في بغداد نشط ضمن فتيان محلته في منظمة أنصار السلام العراقية السرية، كما ساهم بنشاط في أتحاد الطلبة العراقي العام الذي كان ينشط بصورة سرية في ذلك العهد. أكمل الدراسة المتوسطة وإنتقل إلى الدراسة الثانوية في مدرسة الأعدادية المركزية، التي سرعان ما غادرها ليكمل دراسته الثانوية في الثانوية الشرقية في الكرادة الشرقية جنوب بغداد. في نهاية عام 1955 ترشح إلى عضوية الحزب الشيوعي العراقي وهو لم يبلغ بعد الثامنة عشر من عمره، وهو العمر الذي يحدده النظام الداخلي للحزب كشرط للعضوية فيه إعتقل في موقف السراي في بغداد أثناء مشاركته في الإضراب العام والمظاهرة التي نظمها الحزب الشيوعي العراقي للتضامن مع الشعب الجزائري وقادة جبهة التحرير الجزائرية، الذين أعتقلوا في الأجواء التونسية من قبل السلطات الفرنسية الإستعمارية في صيف عام 1956. دخل كلية الآداب والعلوم الكائنة في الأعظمية آنذاك، وشرع في تلقي دراسته في فرع الجيولوجيا في دورته الثالثة . أصبح مسؤولاً عن التنظيم السري لإتحاد الطلبة العراقي العام في كلية الآداب والعلوم ، إضافة إلى مسؤوليته عن منظمة الحزب الشيوعي العراقي الطلابية في الكلية ذاتها في أواخر عام 1956. كما تدرج في مهمته الحزبية ليصبح لاحقاً مسؤولاً عن تنظيمات الحزب الشيوعي في كليات بغداد آنذاك. شارك بنشاط في المظاهرات العاصفة التي إندلعت في سائر أنحاء العراق للتضامن مع الشعب المصري ضد العدوان الثلاثي الإسرائيلي- الفرنسي البريطاني بعد تأميم قناة السويس في عام 1956. بعد انتصار ثورة تموز عام 1958، ساهم بنشاط في إتحاد الطلبة العراقي العام الذي تحول إلى العمل العلني، وإنتخب رئيساً للإتحاد في كلية العلوم- جامعة بغداد، وعضواً في أول مؤتمر لإتحاد الطلبة العراقي العام في العهد الجمهوري، والذي تحول أسمه إلى إتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية. وفي نفس الوقت أصبح مسؤول التنظيم الطلابي للحزب الشيوعي العراقي في بغداد والذي شمل التنظيمات الطلابية في ثانويات بغداد وتنظيمات جامعة بغداد، التي أعلن عن تأسيسها بعد إنتصار الثورة مباشرة. أنهى دراسته الجامعية وحصل على شهادة البكالاريوس في الجيولوجيا في العام الدراسي 1959-1960. وعمل بعد التخرج مباشرة في دائرة التنقيب الجيولوجي التي كانت تابعة لوزارة الإقتصاد . حصل على بعثة دراسية لإكمال الدكتوراه في الجيولوجيا على نفقة وزارة التربية والتعليم العراقية في خريف عام 1960. تخلى عن البعثة نظراً لقرار الحزب بإيفاده إلى موسكو-الإتحاد السوفييتي للدراسة الإقتصادية والسياسية في أكاديمية العلوم الإجتماعية-المدرسة الحزبية العليا. وحصل على دبلوم الدولة العالي بدرجة تفوق بعد ثلاث سنوات من الدراسة هناك. بعد نكبة 8 شباط عام 1963، قرر الحزب إرساله إلى طهران – إيران لإدارة المحطة السرية التي أنشأها الحزب هناك لإدارة شؤون العراقيين الهاربين من جحيم إنقلاب شباط المشؤوم، والسعي لإحياء منظمات الحزب في داخل العراق بعد الضربات التي تلقاها الحزب إثر الإنقلاب. إعتقل في حزيران عام 1964 من قبل أجهزة الأمن الإيرانية مع خمسة من رفاقه بعد أن تعقبت أجهزة الأمن عبور المراسلين بخفية عبر الحدود العراقية الإيرانية. وتعرض الجميع إلى التعذيب في أقبية أجهزة الأمن الإيرانية. وأحيل الجميع إلى المحكمة العسكرية في طهران. وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات، إضافة إلى أحكام أخرى طالت رفاقه وتراوحت بين خمس سنوات وإلى سنتين، بتهمة العضوية في منظمة تروج للأفكار الإشتراكية. أنهى محكوميته في أيار عام 1971، وتم تحويله إلى السلطات العراقية عن طريق معبر المنذرية- خانقين في العراق. وإنتقل من سجن خانقين إلى سجن بعقوبة ثم موقف الأمن العامة في بغداد مقابل القصر الأبيض. وصادف تلك الفترة هجمة شرسة على الحزب الشيوعي، مما حدى بالحزب إلى الإبتعاد عن التدخل لإطلاق سراحه. وعمل الأهل على التوسط لدى المغدور محمد محجوب عضو القيادة القطرية لحزب البعث آنذاك، والذي صفي في عام 1979 من قبل صدام حسين، وتم خروجه من المعتقل. عادت صلته بالحزب وبشكل سري بعد خروجه من المعتقل. وعمل بعدئذ كجيولوجي في مديرية المياه الجوفية ولمدة سنتين. وشارك في بحوث حول الموازنة المائية في حوض بدره وجصان، إضافة إلى عمله في البحث عن مكامن المياه الجوفية والإشراف على حفر الآبار في مناطق متعددة من العراق . عمل مع رفاق آخرين من قيادة الحزب وفي سرية تامة على إعادة الحياة لمنظمة بغداد بعد الضربات الشديدة التي تلقتها المنظمة في عام 1971. وتراوحت مسؤولياته بين منظمات مدينة الثورة والطلبة وريف بغداد. أختير في نفس العام كمرشح لعضوية اللجنة المركزية للحزب إستقال من عمله في دائرة المياه الجوفية في خريف عام 1973، بعد أن كلفه الحزب بتمثيله في مجلة قضايا السلم والإشتراكية، المجلة الناطقة بإسم الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية، في العاصمة الجيكوسلوفاكية براغ. وأصبح بعد فترة قليلة وفي المؤتمر الدوري للأحزاب الممثلة في المجلة عضواً في هيئة تحريرها. وخلال أربعة سنوات من العمل في هذا المجال ساهم في نشر عدد من المقالات فيها، والمساهمة في عدد من الندوات العلمية في براغ وعواصم أخرى. عاد إلى بغداد في خريف عام 1977، ليصبح أحد إثنين من ممثلي الحزب في الجبهة التي كانت قائمة مع حزب البعث، إلى جانب المرحوم الدكتور رحيم عجينة. وأختير إلى جانب ذلك لينسب عضواً في سكرتارية اللجنة المركزية ويصبح عضواً في لجنة العلاقات الدولية للحزب. في ظل الهجوم الشرس الذي تعرض له الحزب، تم إعتقاله مرتين، الأول بسبب مشاركته في تحرير مسودة التقرير المثير للجنة المركزية في آذار عام 1978 وتحت ذريعة اللقاء بأحد قادة الحزب الديمقراطي الأفغاني وأحد وزرائها( سلطان علي كشتمند) عند زيارته للعراق. أما الإعتقال الثاني فيتعلق بتهمة الصلة بالأحداث الإيرانية والثورة وبالمعارضين لحكم الشاه، هذه الثورة التي إندلعت ضد حكم الشاه بداية من عام 1978 والتي إنتهت بسقوط الشاه في شتاء عام 1979 والتي أثارت القلق لدي حكام العراق. إضطر إلى مغادرة البلاد في نهاية عام 1978 بقرار من الحزب تفادياً للحملة التي أشتدت ضد أعضاء الحزب وكوادره. وإستقر لفترة قصيرة في كل من دمشق واليمن الجنوبية، إلى أن إنتدبه الحزب لإدارة محطته في العاصمة الإيرانية طهران بعد إنتصار الثورة الشعبية الإيرانية في ربيع عام 1979. وخلال تلك الفترة تم تأمين الكثير من إحتياجات اللاجئين العراقيين في طهران أو في مدن إيرانية أخرى، إلى جانب تقديم العون لفصائل الإنصار الشيوعيين الذين شرعوا بالنشاط ضد الديكتاتورية على الأراضي العراقية وفي إقليم كردستان العراق. بعد قرابة السنة، وبعد تدهور الأوضاع الداخلية في إيران بسبب ممارسات المتطرفين الدينيين، تم إعتقاله لمدة سنة ونصف إلى أن تم إطلاق سراحه بفعل تدخل من قبل المرحوم حافظ الأسد والمرحوم ياسر عرفات، وتم تحويله إلى سوريا خلال الفترة من عام 1981 إلى 1991، تولى مسؤلية منظمة الحزب في سوريا واليمن وآخرها الإشراف على الإعلام المركزي للحزب وبضمنها جريدة طريق الشعب ومجلة الثقافة الجديدة. بعد الإنتفاضة الشعبية ضد الحكم الديكتاتوري في عام 1991، إنتقل إلى إقليم كردستان العراق. وفي بداية عام 1992، تسلل مع عدد من قادة الحزب وكوادره سراً إلى بغداد ضمن مسعى لإعادة الحياة إلى المنظمات الحزبية بعد الضربات المهلكة التي تلقتها خلال السنوات السابقة. وتسلم مسؤولية المنطقة الجنوبية حتى نهاية عام 1992، بعد أن تم إستدعائه وكوادر أخرى من قبل قيادة الحزب بعد أن أصبح الخطر يهدد وجود هذه الكوادر في بغداد والمناطق الأخرى. إضطر إلى مغادرة العراق في نهاية عام 1992، ولجأ إلى المملكة المتحدة بعد إصابته بمرض عضال. تفرغ في السنوات الأخيرة إلى العمل الصحفي. ونشر العديد من المقالات والدراسات في جريدة طريق الشعب العراقية والثقافة الجديدة العراقية والحياة اللبنانية والشرق الأوسط والبيان الإماراتية والنور السورية و"كار" الإيرانية ومجلة قضايا السلم والإشتراكية، وتناولت مختلف الشؤون العراقية والإيرانية وبلدان أوربا الشرقية. كتب عدد من المقالات بإسم حميد محمد لإعتبارات إحترازية أثناء فترات العمل السري. يجيد اللغات العربية والإنجليزية والروسية والفارسية. متزوج وله ولد (سلام) وبنت(ياسمين) وحفيدان(هدى وعلي).
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.