Salwa Zakzak
والسوري يعرف الخيمة جيدا. يرتبها كقصر.يعود إليها كالعائد متوجا بالنصر .يعرف أناتها ومقدار متانة أربطتها وصدى الريح فيها.وكل الحزن الساكن بين الفرش والوسائد.
يعرف بيته الطيني العتيق .يتمسك بالجدار المتهالك ويقول له ليس لي إلاك..وكلما بزغت حفرة طمرها..وكلما تصدع جسر سنده بقلبه وانتظر الصباح محدقا في احتمالات التصدع.
يعرف بيته الذي لا يملكه ويعرف تراب الحديقة العزلاء التي تحتويه.
قل له هذه المساحة لك وارحل..اتركه يصفف أحواض الورد ويثبت الستلايت ويختار رنة الجرس ودرجة حرارة المكان..
هو المحترف في التكيف مع اسم الحارة وأنواع كرات الاولاد وتوقيت خروج الأهالي الى العمل…
لا أحد ينطق عبارة ..حارتنا..شارعنا.جيراننا..كما السوري…
السوري منطلق الوجع وخاتمة الموجوعين..عاشق العشرة ونديم الصباحات …
مساحة للعيش…سكن واكتفاء..لاحدود ولامسافات..مجرد مساحة صغيرة وباب خارجي ومفتاح وجرس مكتوب عليه هنا يسكن السوري فلان الفلان…
إنه ليس مجرد عنوان لاستلام الرسائل ولا ملكية للتوريث..هو بيته..رائحته وروائح أهله وأبنائه..
كيف تهوي الجدران بالرصاص؟ بالمطر؟ بالشوق؟ بالغياب؟
بها كلها تهوي..ويبقى ليقول هناك بيتي..حارتي..جيراني..ويتلاشى حضوره كاملا وتغيب الأنا..ويبقى السؤال أين أنت؟..يعني هل أنت حي ؟ أم أن الغياب طواك كجناح طائر يمتهن الهجرة كل حرب او كل فيضان او كل استخفاف …
هو السوري…هوالسوري..وليس لنا إلاك..فكن أنت ياابن أمي.