السلطة الرابعة : #قوات_سوريا_الديمقراطية نواة “ #الجيش_الوطني_السوري” المستقبلي . التركيبة والتحديات في المعادلة الإقليمية #للإطلاع
تتكون قوات سوريا الديمقراطية من مجموعة من الفصائل والألوية العسكرية المقاتلة المنتمية إلى كافة شرائح والمكونات التي تتواجد في مناطق انتشارها على الجغرافية السورية، وهذه الفصائل هي:
أولاً: وحدات حماية الشعب
(YPG):
وهي وحدات عسكرية ضخمة العدد مؤلفة من المقاتلين الكرد في معظم تشكيلاتها العسكرية وكما تضم في صفوفها العديد من المكونات السورية مثل العرب والتركمان والآشوريين والشيشان
ثانياً- وحدات حماية المرأة (التي تضم النساء الكرديات المقاتلات بالإضافة إلى النساء العربيات).
ثالثاً- قوات الصناديد ( وهي قوات عسكرية عربية تنتمي في اغلب تعدادها إلى قبيلة شمر والتي يترأسها الشيخ حميدي دهام الهادي الجربا حاكم مقاطعة الجزيرة في مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية في سوريا).
رابعاً- جيش الثوار ( ينتمي مقاتلي هذا الفصيل العسكري إلى مناطق حلب وإدلب وحمص وحماه ومناطق اعزاز والباب واغلب هذه القوات ينتمون إلى المكون العربي)
خامساً- تجمع ألوية الجزيرة: وهي مكونة من مجموعة من الفصائل العسكرية التي ينتمي أبنائها إلى العشائر العربية كعشائر شمر والشرابية والجبور و البكارة وكذلك نسبة من المقاتلين السورين الشيشانيين المنحدرين من مدينة رأس العين السورية).
سادساً- تجمع ألوية الفرات: وهم من المقاتلين العرب المنتمين إلى عشائر منطقة تل أبيض وريف الرقة. وهذه العشائر هي: البدو، العساف، العفادلة، والولدة.
سابعاً- كتائب شمس الشمال : هذه الكتائب كانت سابقا تعمل مع الجيش الحر قبل ان تنشق عنهم ويشكل المكون العربي غالبية مقاتليها ، وحاليا هذه الكتائب تشكل العنصر الأساسي من مكونات مجلس منبج العسكري
ثامناً- ثوار منبج : مؤلفة من المقاتلين العرب وهم كانوا سابقا ينتمون إلى الجيش الحر وهم الآن يعملون تحت قيادة مجلس منبج العسكري.
جند الحرمين: وهم من المقاتلين العرب الذين ينحدرون من مدينة منبج.
لواء تحرير الفرات : يشكل أبناء مدينة منبج وريفها معظم مقاتليها من المكون العربي.
كتيبة شهداء الفرات لجرابلس: هم من المكون العربي ويشكل أبناء مدينة جرابلس معظم مقاتليها.
أحرار جرابلس : هذه الفصائل مكونة من الكُرد والعرب وهم من أبناء مدينة جرابلس.
أحرار مدينة الباب : وهي مؤلفة من المقاتلين العرب الذين ينحدرون من مناطق مدينة الباب.
أحرار عريمة : وهم مقاتلين عرب وأعلنت انضمامها إلى مجلس الباب العسكري.
كتائب شهداء قباسين: ويشكل المقاتلين العرب من ريف حلب الشمالي معظم مقاتليها وهم الآن منضمون إلى مجلس الباب العسكري.
جبهة ثوار الرقة : وهم من المقاتلين العرب الذين ينتمون إلى مدينة الرقة.
المجلس العسكري لدير الزور : ويشكل المقاتلين العرب من أبناء العشائر العربية في دير الزور معظم مقاتليها.
مجلس الباب العسكري : وهو خليط من العرب والكُرد والتركمان وينتمي مقاتلي هذا المجلس إلى مدينة الباب وريفها .
مجلس جرابلس العسكري : مشكل من المقاتلين العرب والكُرد المنحدرين من مدينة جرابلس وريفها.
النشاط العسكري لقوات سوريا الديمقراطية ضد الإرهاب
منذ تأسيسها في العاشر من أكتوبر /تشرين الأول من عام 2015، خاضت قوات سوريا الديمقراطية العديد من الحملات العسكرية ضد تنظيم “داعش” الإرهابي.
هذه الحملات مُرتّبة حسب التسلسل الزمني:
حملة تحرير الهول والريف الجنوبي لمحافظة الحسكة.
حملة تحرير سد تشرين الاستراتيجي.
حملة غضب الخابور والتي تم فيها تحرير مدينة الشدادي.
حملة الانتقام للطفلين الين وجودي.
حملة تحرير مدينة منبج الاستراتيجية.
حملة غضب الفرات لتحرير ريف الرقة (وهي لازالت مستمرة).
المساحة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية حتى ساعة إعداد هذه الدراسة مشمولة بالأحياء الكردية في مدينة حلب تقدر بــ 34.800 كيلو متر مربع بما يعادل 18.79 من المساحة الإجمالية للأراضي السورية.
المناطق الجغرافية المحررة من تنظيم “داعش” من قبل قوات سوريا الديمقراطية منذ إعلان تشكيلها تُقدَّر حتى ساعة إعداد هذه الدراسة بـ 15.400 كيلو متر مربع .حيث تتضمن هذه الجغرافية مدن كبرى مثل منبج وتل أبيض والهول والعشرات من النواحي والبلدات والمئات من القرى والمزارع.
وفيما يخص طول الجبهة القتالية، فإن قوات سوريا الديمقراطية تواجه تنظيم “داعش” الإرهابي بجبهة أمامية على امتداد 450 كيلو متر حتى ساعة إعداد هذه الدراسة.
تبسط قوات سوريا الديمقراطية سيطرتها على مناطق واسعة من الشمال والشمال الشرقي للأراضي السورية. وهي بذلك تتحول يوماً بعد يوم إلى أكبر فصيل عسكري على مستوى سوريا من حيث العدد والكفاءة التي يتميز بها مقاتلوها فمعظم الفصائل العسكرية المنضوية تحت لواء قوات سوريا الديمقراطية تلقت التدريب العسكري على يد وحدات حماية الشعب المعروفة بقدراتها وتكتيكاتها العسكرية وبسالة مقاتليها حيث أثبتت هذه الوحدات قدرتها على تحقيق الانتصارات سواء ضد الجيش النظامي كالجيش السوري أو حرب العصابات كمعاركها ضد جبهة النصرة و “داعش”.
من خلال متابعة قوات سوريا الديمقراطية وانتشارها على مساحات جغرافية واسعة من الأراضي السورية يلاحظ تزايد عدد المنتسبين إلى فصائلها وبالأخص من أبناء العشائر العربية في أرياف الرقة و منبج ودير الزور وجرابلس.
وتعود هذه الزيادة العددية في أعداد المقاتلين إلى جملة من الخصائص التي تتمتع بها قوات سوريا الديمقراطية، أهمها:
تتمثَّـل إحدى أهم تلك الخصائص في هيكليَّة قوات سوريا الديمقراطية التي تعتمد في انتشارها على المجالس العسكرية الخاصة بكل منطقة أو مدينة وهذه المجالس العسكرية تشكل من قبل أبنائها وتقاتل تحت علم خاص يمثل رمز المدينة أو المنطقة وهذا الأمر يشكل دافعا قويا لأبناء هذه المناطق والمدن إلى الانتساب لقوات سوريا الديمقراطية ومثالا على هذه المجالس العسكرية هو مجلس منبج العسكري الذي تأسس بتاريخ 2016\04\02.
كما وتتوزع مكاتب العلاقات العامة، التابعة مباشرة لمجلس قيادة قوات سوريا الديمقراطية، في المدن والبلدات التي حررتها قوات سوريا الديمقراطية وتختص بالاختلاط مع السكان المحليين والاستماع إلى الآراء أو المشاكل التي يعانون منها وكما تختص بمحاسبة أفراد قوات سوريا الديمقراطية في حال حدوث أي تجاوزات ضد السكان المحلين ، وعادة ما تتكون مكاتب العلاقات العامة من شيوخ العشائر أو وجهاء المناطق.
أضف إلى ذلك عامل المقارنة العملية والميدانية التي يكتشفها السكان المحليين في مناطق انتشار قوات سوريا الديمقراطية حيث أن غالبية المدن المحررة من قبل قوات سوريا الديمقراطية مثل الهول و منبج و الشدادي كانت محتلة من قبل جماعات مسلحة مختلفة ابتداءً من الجيش الحر وجبهة النصرة وانتهاء بداعش حيث أن هذه الجماعات أذاقت السكان المحليين مختلف صنوف الظلم والعبودية وهذا مالا تعيشه في ظل قوات سوريا الديمقراطية.
كما تعتمد قوات سوريا الديمقراطية في استراتيجيتها على تسليم المدن إلى المجالس المحلية المدنية الخاصة بكل مدينة بعد تحريرها من داعش الذين بدورهم يشكلون إدارة ذاتية خاصة بهم مكونة من أبناء المدينة أنفسهم حيث قامت هذه القوات بتسليم مدينة منبج إلى مجلس مدينة منبج المدني الذي يدير المدينة حاليا والذي أعلن بتاريخ 2017\2\20 عن الإدارة المدنية الديمقراطية لمنبج وريفها. ناهيك عن أن الدعم المقدم من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية إلى قوات سوريا الديمقراطية الذي تجعل من هذه القوات مرغوبة بشكل أكبر للانضمام إليها من قبل السكان المحليين.
قوات سوريا الديمقراطية تعتمد على التدريب الفكري لمقاتليها قبل الانخراط بالعمل العسكري وذلك عبر أكاديميات تنتشر في مناطق الحسكة و منبج وريف الرقة حيث تتركز الدروس الفكرية على نبذ التطرف والتركيز على المبدأ المعتمد في منهجية سلوكها والمتمثل في “أخوة الشعوب” المبني من وجهة نظرها على العدالة والتسامح والمساواة.
دور المرأة القيادي في صفوف قوات سوريا الديمقراطية
وحدات حماية المرأة هي من المكونات الأساسية في صفوف قوات سوريا الديمقراطية والتي تضم في أغلبها النساء الكرديات مع خليط من النسوة من المكونات العربية والسريانية والآشورية حيث أن الثوابت التي أسست على أساسها هذه الوحدات الخاصة بالمرأة تنبذ عقلية التطرف وتؤكد على حق المرأة في العيش الحر الكريم والدفاع عن نفسها ضد العقلية الذكورية المعادية لحرية المرأة، حيث أثبتت النساء الكرديات قدرة كبيرة من الوعي والقوة في مواجهة التنظيمات الإرهابية وغدت أنموذجاً يُحتذى به في كل أنحاء العالم، ومع إنشاء قوات سوريا الديمقراطية وتوسعها في المناطق ذات الأغلبية العربية كمناطق الشدادي وريف الرقة، كان من الطبيعي أن يتم تعميم تجربة ريادة المرأة في الوسط العربي. ازدادت إثر ذلك أيضاً أعداد المنتسبات العربيات إلى صفوف قوات سوريا الديمقراطية وحول هذا الموضوع تخص الناطقة الرسمية باسم حملة غضب الفرات لتحرير الرقة المقاتلة جيهان شيخ أحمد لدراستنا ما يلي:
“لا تقتصر وحدات حماية المرأة ا
لمنضوية تحت لواء قوات سوريا الديمقراطية في تركيبتها على النساء الكرديات فحسب بل تضم النساء من المكونات الأخرى وبالأخص النسوة العرب، وهم ينضمون إلى وحداتنا بحماسٍ شديد وبأعداد تتزايد مع تقدم القوات تجاه الرقة. حملاتنا العسكرية في صفوف قوات سوريا الديمقراطية ترافقها حملات توعية كبيرة بين السكان المحليين وبالأخص بين النساء العربيات اللائي مُورِسَ عليهن القمع بفعل العادات والتقاليد البالية المناهضة لحرية المرأة وكذلك ممارسات التنظيمات المتطرفة بحق المرأة العربية.
لدينا أكاديميات توعوية خاصة بالمرأة تهتم بشرح حقوق المرأة والمساواة بين الرجل والمرأة و أحقية المرأة في تنظيم نفسها والدفاع عن نفسها أيضاً. كما أن إحدى الأسباب الأساسية للانضمام النسوة العرب إلى صفوف قوات سوريا الديمقراطية، هو ما تعرضت له النسوة الإيزيديات من ظلم واعتداء واغتصاب حيث أصبحت المرأة العربية على قدر كبير من الإرادة الحرة، وهناك تجاوب كبير من العشائر العربية لدعم هذه الأفكار”.
إنَّ تركيبة قوات سوريا الديمقراطية لجهة الانتماءات الإثنية والعرقية، تتناسب طرداً مع عمليات تحرير المناطق التي تقوم بها هذه القوات وفيما يتعلق بهذه النقطة الهامة التي تُـفـنِّـد الأكاذيب التي تروج لها الفصائل أو الدول الإقليمية المعادية لمشروع قوات سوريا الديمقراطية بأن قوات سوريا الديمقراطية هي قوات كردية في معظمها وتطمح إلى احتلال المناطق العربية أو تغير ديمغرافيتها. في هذا السياق، يضيف العميد حسام العواك مسؤول العلاقات العامة في مجلس قيادة قوات سوريا الديمقراطية لدراستنا هذه ما يلي:
“تأسست قوات سوريا الديمقراطية بتاريخ 2015\10\10 وكانت تشكيلتها الأساسية تعتمد على تحالف جميع المكونات الموجودة في منطقة الجزيرة السورية من كرد وعرب وسريان و تركمان و آشور وكان المكون الكردي هو الغالب حيث ترتفع نسبة المنتسبات والمنتسبين من أبناء الشعب الكردي بسبب أن المناطق التي تم تحريرها من تنظيم “داعش” الإرهابي هي مناطق ذات أغلبية كردية وخاصة مناطق كوباني، ولكن بعد تقدم هذه القوات وبدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت تحرير عدد كبير من المناطق العربية مما أدى إلى انضمام عدد كبير من العرب إلى صفوف قوات سوريا الديمقراطية، وعندما تشكل الغطاء السياسي لهذه القوات المتمثل بمجلس سوريا الديمقراطية وطرحه لأفكاره السياسية والاجتماعية والإنسانية ضمن رؤية مستقبلية يتشارك فيها جميع المكونات ضمن عقد اجتماعي ضامن في ظل نظرية الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب والتعايش المشترك الذي يحقق الحرية والديمقراطية لأبناء المنطقة دون تميز عرقي أو طائفي أو عشائري،
وبعد تشكيل المجلس ومعرفة أهالي المنطقة للرؤية المستقبلية بادر وجهاء المناطق وشيوخ العشائر العربية إلى مقر مجلس سوريا الديمقراطي وطالبوا بانضمام أبنائهم وبناتهم للمجلس السياسي بالتوازي مع انضمامهم إلى صفوف قوات سوريا الديمقراطية والمشاركة في طرد الإرهاب المتمثل بداعش حيث تم فتح المعسكرات التدريبية وعمل من يملك خبرة عسكرية كمدربين ومن لم يكن لديه خبرة عسكرية تدربوا على يد مدربين من الكرد والعرب ، كما انه تم التواصل مع العشائر العربية في مناطق سيطرة داعش وتم خلال هذه الاتصالات تشكيل خلايا سرية لتزويد قوات سوريا الديمقراطية بالمعلومات والعمل معها بشكل سري ، ونحن في مجلس قيادة قوات سوريا الديمقراطية نعتقد بان المكون العربي وخاصة أبناء العشائر العربية سيصل نسبتهم الى 50 % من تشكيل قوات سوريا الديمقراطية خلال الشهرين القادمين ، ومن هنا يجب أن يدرك الجميع بأن قواتنا أصبحت ركيزة أساسية ونواة تشكيل الجيش الوطني السوري وان الدعم النوعي لهذه القوات سيوفر الوقت والدماء للخلاص من الإرهاب وبناء علاقة ممتازة مع جميع الدول أساسها تحقيق المصالح المشتركة لشعوب المنطقة”.
ويؤكد المتحدث الرسمي باسم لتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية الكولونيل جون دوريان أن حوالي 13 إلف عنصر من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية البالغ عددهم حوالي 45 ألف مقاتل هم من المكون العربي وذلك في تصريح له بتاريخ 8 كانون الأول / ديسمبر من العام المنصرم.
انطلاقاً مما سبق، يمكن القول أن الهيكلية التنظيمية المتماسكة لقوات سوريا الديمقراطية وكفاءة مقاتليها على الأرض وما تملكها من خصائص تستند إلى المفاهيم الديمقراطية في تشكيلها ونبذ مفاهيم الكراهية والثأر، وذلك من خلال تسليم المناطق المحررة بعد تأمينها إلى المجالس المدنية جعلتها قوة ريادية قياسا إلى كافة المجموعات المسلحة الأخرى التي تقاتل في سوريا والتي يغلب على معظمها التطرف الإسلامي أو القومي الشوفيني، كل ذلك جعل منها هدف للكثير من الأطراف المعارضة والمؤيدة للنظام السوري الخارجية منها والداخلية وبالأخص دول ومجموعات سياسية وعسكرية مرتبطة بتركيا وإيران التي تخشى من أي نموذج ديمقراطي يعتمد على التعددية التاريخية المجتمعية وحقوق الشعوب بتقرير مصيرها فضلا أنها تملك قضايا مجتمعية داخلية معقدة تأبى حلها من خلال قمع شعوبها والقضية الكردية هي من كبريات القضايا المقموعة والممارس عليها كافة أنواع الإبادات العرقية والسياسية في إيران وتركيا لاسيما و أن المقاتلين الكرد هم من الفصائل المؤسسة والفاعلة في قوات سوريا الديمقراطية.
تركيا و قوات سوريا الديمقراطية
لا تخفي الدولة التركية عداءها لقوات سوريا الديمقراطية، لا بل تُجاهِر بهذا العداء في تعاطيها مع عموم الأزمة السورية. فتركيا، ومنذ بداية الصراع السوري، كانت ولا تزال تختزل مساعيها الحثيثة في عدم تطور الحالة السياسية والعسكرية الكردية في سوريا (روج آفاي كردستان)، ذلك أن نيل الكرد في سوريا لحقوقهم القومية سيثير الكرد في تركيا الذين يشكلون ما يزيد عن خمسة وعشرين مليون كردي في تركيا.
ففي خطوات استباقية متقدمة من الثورة السورية كانت الدولة التركية تقوم بدعم جماعات سورية عربية مسلحة بغرض خوض معارك ضد القوات الكردية وتجلى ذلك في الدعم التركي لمجموعات من أحرار الشام وجبهة النصرة في معارك رأس العين الواقعة على الحدود السورية التركية وكان ذلك الدعم جلياً وواضحاً فانتشار صور تلك الجماعات في مواقع التواصل الاجتماعي وهي تعبر المعبر الحدودي الفاصل بين تركيا وسوريا لا يخفى على احد ، وبعد فشل السيطرة على مدينة رأس العين (سري كانيه) لجأت الاستخبارات التركية في جمع الشباب العربي من أبناء مناطق دير الزور والرقة و الحسكة في مخيمات اللجوء في تركيا وعملت على جذب العشائر والشخصيات العربية من أبناء تلك المناطق آنفة الذكر بهدف تشكيل قوات عسكرية عربية موازية ومعادية للكُرد في روج آفا وتكون بديلاً مستقبلياً لقوات التحالف الدولية في معارك قادمة محتملة ضد تنظيم داعش في مدن مثل الرقة و دير الزور وكان ذلك متناسبا طردا مع تقلص نفوذ داعش لصالح وحدات حماية الشعب.
إعلان قوات سوريا الديمقراطية عن مشروعها في ريف الحسكة والرقة المتضمن تشكيل آلوية مسلحة من أبناء عشائر منطقتي الحسكة وريف الرقة قصمت ظهر المشروع الدولة التركية في الاستفادة من أبناء العشائر في تلك المنطقة. وخاصة بعد دعم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية شريكة تركيا في حلف الناتو لهذا المشروع.
من نافل القول أن السير قُدُماً بمشروع قوات سوريا الديمقراطية ودعم التحالف الدولي لهذا المشروع، سيُقلِّل من فرص تحقيق أطماع الدولة التركية في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية و ستتضائل شيئاً فشئياً آمال الدولة التركية في السيطرة الميدانية على مناطق في أرياف الحسكة و دير الزور والرقة عن طريق مجموعات تابعة لها.
كل ذلك دفع بتركيا إلى اتخاذ قرار بالتدخل المباشر في جرابلس لوقف تقدم الكرد باتجاه مناطق عفرين لاسيما في أعقاب تحرير هذه القوات لمدينة منبج. ناهيك عن الحرب التركية غير المعلنة عبر دائرة الحرب الخاصة التي لم تتوقف عن محاربة تلك القوات.
إذ تحارب تركيا قوات سوريا الديمقراطية وتسعى إلى للقضاء عليها باتباع العديد من الأساليب:
لا تعترف أنقرة بقوات سوريا الديمقراطية ولا تعترف بهذا المسمى لا في خطاباتها الرسمية أو الإعلامية بل تربطها بوحدات حماية الشعب والتي بدورها (حسب الدولة التركية) منبثقة من منظومة حزب العمال الكردستاني، المصنفة كمنظمة (إرهابية) حسب لوائح حلف الناتو والاتحاد الأوربي، ويكاد يكون هذا الموضوع هو العنوان الرئيسي للدبلوماسية التركية، وبذلك تربط مشروع قوات سوريا الديمقراطية بمنظومة حزب العمال الكردستاني في مواجهة دول التحالف وخاصة الولايات الأمريكية المتحدة ومطالبة هذه الدول وقف الدعم وأبطال مشروع قوات سوريا الديمقراطية.
تعتمد تركيا وتتعمد في عداء مشروع قوات سوريا الديمقراطية (تشويه الصورة) بأنها قوات انفصالية تهدف إلى تهجير العرب والتغير الديمغرافي في مناطق انتشارها شركائها وكذلك تعتمد على المعارضة السورية الموالية لتركيا في ترسيخ مفهوم موالية هذه القوات لنظام الأسد داخل المجتمع السوري وبذلك تقصي قوات سوريا الديمقراطية من أي مفاوضات تشارك فيها الفصائل المسلحة لتحديد مستقبل سوريا أو لعمليات وقف إطلاق النار.
إمكانية لجوء تركيا إلى سياسية تفكيك الألوية والفصائل المسلحة والمنضوية تحت مظلة قوات سوريا الديمقراطية وذلك عن طريق زرع العملاء وتحفيز عناصرها إلى الانشقاق بالترغيب المادي الكبير.
اللجوء إلى عمليات الاغتيال ضد القيادات البارزة في صفوف قوات سوريا الديمقراطية كما حدث في عملية اغتيال قائد مجلس جرابلس العسكري عبد الستار الجادر وذلك بتاريخ 2016\8\22 المنضوي تحت مظلة قوات سوريا الديمقراطية حيث قامت قوات سوريا الديمقراطية باتهام عملاء الدولة التركية بحادثة الاغتيال هذه.
إيران والنظام السوري والموقف من قوات سوريا الديمقراطية
لا يخفى على أي متابع في الشأن السوري مدى قوة ونفوذ إيران في عملية إصدار القرارات الاستراتيجية في سوريا، وبالأخص عندما يتعلق الأمر بالكُرد في سوريا. ذلك أن إيران، حالها حال تركيا، تخشى من تطور تطلعات الكرد وتأثيرها على الداخل الإيراني حيث القومية الكردية التي تعتبر من كبريات القوميات داخل إيران حيث تطلعات وآمال الشعب الكردي ستزداد وتائرها في إيران (شرق كردستان).
فمع تنامي دور الكرد في سوريا ومضيهم في تشكيل منظومتهم السياسية والعسكرية من خلال الإعلان عن إدارة ذاتية ديمقراطية في مناطق (روج آفا) ، أدركت إيران خطورة الوضع وما لبثت أن اتخذت قرارا بالحد من تنامي الدور الكردي في سوريا من خلال البدء بتشكيل ميليشيات من العشائر العربية وبالأخص في محافظة الحسكة (الجزيرة).
ولكن إيران الشيعية المذهب ستلاقي صعوبات في تنظيم العشائر العربية التي تنتمي إلى المذهب السني، والتي لها امتداد عشائري في الجغرافية العراقية التي تتخوف وتشتكي أصلا من ممارسة الحشد الشعبي العراقي المدعوم إيرانيا.
لأجل بناء إيران هذه الميليشيات في سوريا وبالأخص في مناطق نفوذ القوات الكردية وتخطي العقبة الطائفية والمذهب الديني ، اتخذ الحرس الثوري الإيراني من اللعب على الوتر القومي العربي في تشكيل هذه الميليشيات خياراً لتجاوز عقبات المدخل الكلاسيكي المتبع لديها (أي المدخل المذهبي/الشيعي). وبالفعل بدأت إيران في العام 2013 بتشكيل هذه ميليشيات بالاعتماد على جهاز أمن الدولة السوري وضباط من حزب الله اللبناني حيث استفادت إيران من تواجد النظام السوري في بعض المربعات الأمنية في مدينتي الحسكة والقامشلي التي اتخذها أساسا في بناء هذه الميليشيات.
هذه التشكيلات والفصائل العسكرية التي قام عناصر حزب الله بتدريبها وقامت إيران بتمويلها والأجهزة الاستخباراتية السورية بمتابعتها والتي كانت متمثلة (الدفاع الوطني، ميليشيا المغاوير) ما لبثت أن واجهت بصرامة شديدة من قبل القوات الكردية وصلت إلى حد التصادم والاقتتال في شوارع القامشلي و الحسكة وسُحِقَت من قبل “الوحدات الكردية” ولم يبقى لها سوى الوجود الشكلي في المربعات الأمني.
بعد تحرر مناطق تل حميس وتل براك من قبل وحدات حماية الشعب، سارت الأمور في منحى أخر معاكس لما أرادته طهران وأدواتها في المنطقة.
إذ بدأت طلائع الشباب العربي من أبناء عشائر تلك المناطق بالانتساب إلى وحدات حماية الشعب وازدادت وتيرة الانتساب مع إعلان تشكل قوات سوريا الديمقراطية ، مما دفع بإيران إلى التعاون مع النظام السوري بدعم من ضباط حزب الله باتباع محاولات جديدة عن طريق تجميع شيوخ وشخصيات عربية عشائرية وإطلاق مصطلح تحرير (الريف العربي) في مناطق ريف الحسكة، هذه الدعوات لم تلقى تأييداً عشائرياً عربياً واسعاً وذلك لعدة أسباب أهمها التعامل الجيد للوحدات الكردية مع أهالي المنطقة ومعارضة الكثير من الشيوخ العربية في المنطقة لهذا المشروع ما دفع بأجهزة النظام السوري إلى فرض التجنيد على الشباب والموظفين لدى مؤسسات الدولة وحتى هذه المبادرة تمت رفضها من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية وبالتحديد منظومة الأمن الداخلي (الآسايش) حيث وقعت اشتباكات هذه المرة مع النظام السوري مباشرة في مدن القامشلي و الحسكة.
رغم الفشل الذريع للحرس الثوري الإيراني في تشكيل ميليشيات في ريف الحسكة، إلا إنها تسعى وبكل قوتها إلى إنشاء قوة عسكرية عشائرية سنية بالتوافق مع النظام الذي من المتوقع أن يسعى إلى بسط سيطرته على مناطق الكرد بعد تهدئة جبهته الداخلية في سوريا. فقد عمل الحرس الثوري الإيراني على مدار السنتين السابقتين على تشكيل ميليشيات من أبناء محافظة دير الزور وبمساعدة مباشرة من النظام السوري بحيث تكون مهمة هذه الميليشيات هي تحرير دير الزور وتدمر وذلك بالتعاون مع الحشد الشعبي العراقي الذي أعلن في أكثر من مناسبة عن استعداده بالدخول إلى الأراضي السورية وجاء ذلك على لسان أمين عام منظمة بدر العراقية هادي العامري الذي أعلن بتاريخ 16/11/2016 بأن الحشد الشعبي العراقي قد تلقى دعوى من الرئيس السوري بدخول الأراضي السورية بعد تحرير الموصل من تنظيم “داعش”.
في المقابل، فإن تشكيل قوات سوريا الديمقراطية وتوغلها في عمق مناطق انتشار القبائل العربية في أرياف الحسكة والرقة ودير الزور والإقبال الكثيف من أبناء هذه العشائر على هذه القوات، شكل تهديداً مباشر للمشروع الإيراني، حيث أن الجغرافية التي تتوغل فيها قوات سوريا الديمقراطية وتبسط سيطرتها العسكرية والتنظيمية تشكل “الجغرافية المستقبلية” التي من المفترض أن تلتقي فيها قوات الحشد الشعبي العراقي والميلشيات التي تم تجهيزها من قبل إيران في أرياف الرقة ودير الزور ونقصد هنا مناطق الحدود العراقية السورية. ما يعني فشل المخطط الإيراني كما أسلفنا القول.
في الآونة الأخيرة، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية عن تشكيل فصيل مجلس دير الزور العسكري، المنضوي تحت لوائه بتاريخ (). وقام هذا المجلس العسكري الوليد فعلاً بتحرير أولى قرى محافظة دير الزور انطلاقاً من الحدود الإدارية في محافظة الحسكة بتاريخ 2017\2\17 حيث كسب هذا الفصيل الآلاف من أبناء عشائر دير الزور في فترة قياسية نظراً لما تتمتع به قوات سوريا الديمقراطية من سمعة طيبة لدى السكان المحليين، ذلك أن المجالس المحلية العسكرية لكل محافظة تقاد من قبل أبنائها وتقاتل تحت علم خاص بها وبدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، هذه كلها محفِّزات للمجتمع المحلي (السني) في محافظة دير الزور للانضمام إلى صفوف قوات سوريا الديمقراطية ورفض الانضمام إلى الميليشيات المدعومة من إيران الشيعية، وبذلك تكون قوات سوريا الديمقراطية متواجدة على الأرض في وجه الجسر البري التي تريد إنشاءه إيران والممتد من العراق إلى سوريا مروراً بدير الزور وتدمر ومناطق حمص الحدودية مع لبنان حيث تواجد حزب الله اللبناني.