الإتحاد الاماراتية: سالم حميد
عنوان مثير لفتوى مثيرة أطلقها أحد منسوبي روافد الاتجاه من المتاجرين بالدين، هذه الفتوى تفضح المعايير الازدواجية التي يفكر بها أحد الدعاة المزيفين ممن أطلق هذا الوسم على فضاء موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، في هذا التوقيت بالذات، وهو يعلم تمام العلم أن المجتمع الإماراتي الذي كسب رهانه في تأكيد دولة القانون، يحبس أنفاسه في انتظار النطق بالحكم في قضية موقوفيه الذين انتهت جلسة محاكماتهم، وتقرر يوم الثاني من الشهر القادم موعداً للنطق بالحكم، ما جعل التنظيم الإخواني يحاول التسلل إلى الرأي العام لصرف نظره عن نتائج الحكم، أو على الأقل إضعاف التفاعل مع الأحكام القادمة، ومحاولات شق الصف الفكري التعاطفي، وهي خطوة ظنّ التنظيم أنها مدروسة، لكنه وجد توقعاته قد خانته للمرة الثانية بعدما عجزت عن مناطحة درجة الوعي العالية عند المجتمع الإماراتي، ففي المرة الأولى التي استهدف فيها التنظيم الإخواني المتأسلم الدولة، وحاول التشويش على مفاهيمها المجتمعية والاجتماعية، هبّ المجتمع بكامله لصدّ الاستهداف والذود عن بلاده، فعمرت ساحات التواصل الاجتماعي، خاصة التويتر، بالملاحم الفكرية البطولية التي بيّنت مدى حبّ الإماراتي لبلاده، وتمسكه بخصوصيته، ومجتمعه وولاة أموره، وهاهو ذا التنظيم الإخواني المتأسلم الذي حاول كسر وحدة صف الرأي العام، يُواجه بعاصفة من الردود عبر التويتر، ليس من المواطنين والمقيمين في الدولة وحدهم، ولكن من محبي الإمارات من مختلف أرجاء الكرة الأرضية، وهو مقياس يجب أن يعيه أباطرة ومخططو التنظيم الإخواني المتأسلم، فانتزاع حبّ الإمارات من قلوب الآخرين لا يأتي بمثل هذه الفتاوى الهزلية الباطلة التي تفضح مدى هشاشة خيوط الربط بين القناعات والشعارات في فكر التنظيم الإخواني المتأسلم الذي أشعل الأرض حرائق باسم «الربيع العربي»، وشرّد الأسر الآمنة باسم الحريات، وأزهق مختلف الأرواح البريئة باسم الجهاد، فالإمارات لم تبن حبها في قلوب الناس بشعارات مزيّفة خادعة، ولكنها زرعت هذا الحب وحافظت على رعايته في مختلف المواقف التي وجدها فيها المنكوبون معهم في ظلمات الليل وسط الكهوف تقدّم لقمة لجائع، أو في برد قارس تقدم غطاءً لمعدم، أو بسمة غائبة أعادتها لمريض تحملت نفقات علاجه، وما إلى ذلك من غرس بدأه زايد ولم ينقطع حتى الآن، وسيتواصل ما دامت السماوات والأرض قائمة، بينما البديل الذي يبشرنا به التنظيم الإخواني المتأسلم هو أن نكون مع كل هؤلاء الناس، مع اختلاف ما نقدمه لهم، أو على الأقل لتوجيه ما نقدمه لهم كثمن لأغراض مريبة، ومدرسة زايد الواضحة الخطوط والأحكام والمتسمة بالشفافية التامة، والتي أخذت كل أحكامها من الدين الإسلامي الوسطي الصحيح المعافى المعتدل، لم تقرّ هذا الأسلوب، وجرّمته لدرجة التحريم. ومهما بلغت مظاهر وصور الاستهداف من سوء فإن إماراتنا الآمنة التي أوجدت أرقى أسلوب للتعايش الاثني والديني والعرقي والجهوي في العالم، رفضت أن يعيش فيها هذا الفكر الذي حاول التسلل كسرطان يريد القضاء على هذه العافية التعايشية الاستثنائية في العالم، ومن حق الدولة درء المرض عنها، وجاء هذا الوباء الإخواني المتأسلم رافعاً شعار التغيير، فالتغيير غير المعالجة، وهو تعبير يعني التحوّل للنقيض، ولذلك رفضنا بكل قناعة تحويل ما نحس به من أمن للنقيض، أو تغيير ما نعيشه من تقدم وازدهار ورفاهية للنقيض، في ظل نظام حكم يخاف علينا أكثر من خوفنا على أنفسنا، ويبحث عن مصالحنا ويحققها لنا قبل أن نطلبها. التغيير الذي تنادي به هذه الجماعة شهدناه في إعدام الطفل السوري محمد قطاع (15 عاماً)، والذي اضطر لترك مقاعد الدراسة والعمل كبائع للشاي في منطقة سد الوز بحي الشعار لإعالة أسرته، على أيدي مجموعة مسلحة من «جبهة النصرة» الإرهابية في بلاد الشام، في حي الشعار بحلب (شمال سوريا)، بدعوى الإساءة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فقد اقتادته كتيبة أفرادها، يتحدثون اللغة العربية الفصحى في تمام الساعة العاشرة ليلاً، وذلك بعد أن تجادل مع شخص آخر وقال له: «إذا بينزل النبي ما راح أدّين»، فاتهموه بالكفر، وأخذوه معهم وعادوا به بعد ذلك إلى مكان عمله، وقميصه إلى وجهه، وعلى جسده آثار الجلد الواضح، وتجمع الناس حوله، فقال أحد عناصر الكتيبة الإرهابية باللغة العربية الفصحى: “يا أهالي حلب الكرام، الكفر بالله شرك وسب النبي شرك، ومن سب مرة سيعاقب مثل هذا»، وأطلق النار عليه من بارودة آلية أمام أمه والحضور، طلقة بالرأس وطلقة بالعنق، وركبوا السيارة وغادروا المكان. وهو الطفل الثالث الذي تتم تصفيته بتهمة الإساءة للإسلام في حلب. فكيف نقبل بهكذا تغيير، والطفل في بلادنا الآن يمشي آمناً في أي وقت من نهار أو ليل دون أن يتعرض له أحد؟! وكيف نقبل بالتغيير وها هم يقولون في فتواهم إن السفر إلى بلادنا حرام؟ وهي بلاد تضم عدداً لا يحصى من المساجد والمصلين والمؤسسات الإنسانية والخيرية والخدمية، وتقيم جوائز دورية دولية للقرآن الكريم، وتشجّع العلماء والأئمة، وتطبع المصحف الشريف، وينطق سكانها الشهادتين، ويعتمرون ويحجون سنوياً، ويصلون الخمس، ويصومون ويزكون ويتصدقون ولا يكذبون، وكيف يصبح السفر إلينا حراماً؟! وهجرة الفتيات القاصرات للجهاد بأجسادهن في إمتاع المقاتلين الجهاديين المتأسلمين في مناطق النزاع الإخواني حلال؟! وأخيراً، كيف يكون سفر الإخوان المتأسلمين الدائم إلى البلاد غير الإسلامية حلال، والسفر إلى دبي حرام؟ عفواً، وبعد السلام عليكم، أنا من أهالي المدينة الحرام!