بتحالف ضم عشر دول، وتأييد ودعم عربي وإسلامي ودولي لافت، قادت المملكة العربية السعودية عملية «عاصفة الحزم» في اليمن من أجل دعم الشرعية هناك، وضمان ألا يكون اليمن قاعدة لنفوذ دول تحاول المس باستقرار المنطقة، كما جاء بالبيان الخليجي الذي أعلن أن دول الخليج قد قررت ردع الانقلاب الحوثي.
وليس بسر أن هذه الدولة التي أشار لها البيان الخليجي الصادر من خمس دول باستثناء عمان هي إيران، ولذا فإن عملية «عاصفة الحزم» هذه ليست إنقاذا لليمن فحسب، بل هي إنقاذ غير مسبوق للمنطقة ككل، وبقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي دشن مرحلة جديدة بمنطقتنا عنوانها أن بمقدور دول المنطقة التصدي لمن يستهدف أمنها، وأن بمقدور دول المنطقة تغيير الواقع السيئ إذا ما تحققت الرؤية والإرادة. وعندما نقول إن السعودية أنقذت المنطقة، فإن «عاصفة الحزم» هذه تأتي بعد أن باتت إيران تفاخر علنا، وبشكل دعائي فج، بأنها تسيطر على أربع عواصم عربية، وباتت القيادات الإيرانية العسكرية، وعلى رأسهم قاسم سليماني، ينشرون صورا دعائية من الدول العربية، العراق، وسوريا، وربما كان اليمن من ضمن مواقع الخراب التي كان الإيرانيون يريدون ضمها لقائمة المواقع السياحية الدعائية، إلا أن «عاصفة الحزم» التي تقودها السعودية غيّرت قواعد اللعبة، وخصوصا أن الطائرات السعودية كانت في الأجواء، بينما كان الوفد الإيراني يحاول الخلود للنوم استعدادا لمفاوضات مع أميركا والغرب، ومن ضمن أوراق تفاوضه وهم القدرة على تقديم حلول بالمنطقة!
ولذا فعندما انطلقت «عاصفة الحزم» فإنها كانت بمثابة فجر جديد للمنطقة، وبقيادة سعودية أدارت بكل حكمة تشكيل تحالف خليجي عربي، وإسلامي، ودعم دولي، لإيقاف عملية النزيف غير المسبوقة بمنطقتنا، ومن أجل وقف محاولات هدم دولنا، وبعبث إيران، وعملائها بالمنطقة. وأولى نتائج عاصفة الحزم هذه أنها حققت فكرة لطالما كانت حلما، وهي إقرار العرب تشكيل قوة ردع عربية للتدخل السريع، مما يفتح آفاقا بالطبع لإعادة الاستقرار والشرعية في ليبيا، وكذلك يمهد لمشروع حقن دماء في سوريا، وقبل هذا وذاك هو رسالة واضحة لإيران، وأعتقد أن الرسالة قد وصلت، وخصوصا أن إيران قد بلعت لسانها، حيث لا موقف لافتا، ومنذ انطلاق «عاصفة الحزم»، وحتى كتابة هذا المقال. وقد يكون التعليق «الصوتي» عبر أحد عملائها بالمنطقة، مثل حسن نصر الله، وهذا أمر متوقع، وليس بالغريب، ولا المهم.
الأهم اليوم أن منطقتنا قد تغيرت، وللأحسن، فرسالة «عاصفة الحزم» وصلت للجميع، حيث انتهى وقت التسويف، والتلاعب بالأوطان، وانتهت مرحلة لا غالب ولا مغلوب على حساب الأوطان، الآن هناك موقف، وحزم، وهناك دول عربية قوية قررت ألا تتردد لحظة في حماية أمنها واستقرارها، رافضة التساهل أمام الخطر الإيراني. وكما كانت السعودية حريصة على أمن المنطقة في السنوات الأربع الأخيرة، فها هي تقف وقفة تاريخية، وعملية، لإنقاذ المنطقة ككل، وبقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز.
tariq@asharqalawsat.com
نقلا عن الشرق الاوسط