حول الزعيم هنانو هل هو تمثال (مثال أعلى) !! أم صنم تشييء ل(عقيدة شعارية خرافية سياسية أو مذهبية ) ؟؟؟؟
التمثال مشتق من المثال …اي المثل الأعلى الذي يجسد القيم والفضائل لعصره …ولهذا تقول الأساليب العربية الأدبية عن العظماء ليس في السياسة فحسب، بل في الفكر والثقافة والفلسفة و والأدب والفن، أن الواحد منهم يستحق أن ينصب له (تمثال) يتجسد فيه وتتعين به فضائله وموهبته وعظمته الابداعية بوصفه (مثلا ) أعلى يحتذى…
أي أن يكون مثلا أعلى (لعصره ) في المجال الذي ابدع به وظهرت موهبته وعبقريته الخلاقة …وهذا أمر آخر غير (الصنم ) المرتبط بالثقافة البدائية حول تجسيد العقائد السحرية بالأصنام بحجر صنم .. ومن ثم تعددها بتعدد معتقداتها الخرافية التي حطمها النبي ابراهيم واتبعها الأنبياء كسنة بما فيها الإسلام، بوصفها كائنات (شيئية) سحرية عاقلة تعطي وتمنع …وهذا ما ثارت عليه النبوة لتحطم الأصنام التي تمثل أرواحا إلهية خرافية شريرة أو خيرة …
لكن التجسيد الفني الجمالي ( المثالي المعياري) بأمثال من الشعر العظيم في (تمثال) المتنبي أو الشعر والفلسفة بتمثال أبي العلاء المعري، أو الفكر والابداع النثري بالجاحظ وأبي حيان التوحيدي، أوعلم الاجتماع والفلسفة بابن خلدون أو ابن رشد …أو أو …الخ فهذا ليس (تصنيما) لأحد بالمعنى الأسطوري، أي نفخ الروح في التمثال …وكل هؤلاء الذين ذكرناهم على سبيل المثال هم مبدعون عقلانيون لا علاقة لهم بالسحر والغنوصية والعرفان الباطني التقمصي أو التأليهي أو الأرواح الإلهية الشريرة أو الخيرة كما كانت تمثل (الأصنام ) في عهد البني التي حطمها وأزالها، والتي لو عاش النبي إلى اليوم لحطم (أصنام العقول الصنمية ) التي تحطم التماثيل كمثل عليا بوصفها أصناما تعبد وتؤله، وليس بوصفها ( مثالا / تمثالا) رموزا (مثالية ) لبشر عظماء يمثلون (ذروة القيم الانسانية العليا ) الفكرية والابداعية والأخلاقية كتماثيل المعري والمتنبي والجاحظ والتوحيدي وابن خلدون وابن رشد …
بل وأرسطو وأفلاطون وسقراط الذين تعامل معهم الفكر العربي والإسلامي (كمثل عليا فكرية إنسانية )، وجسد حضورهم (مثالهم) بترجمة مؤلفاتهم ونظرياتهم وفلسفاتهم ترجمة وتحليلا وليس (تصنيما)، كما وأنه وليس نحتا وتماثيلا لأن فن النحت والتمثيل والتشكيل العربي لم يكن من فنون العرب، الذين ابدعوا في الشعر والنثر …
ابراهيم هنانو يمكن أن يكون (مثالا ) وان يكون له (تمثال) للوطنية العليا في نزاهتها القائمة على (الثورة وليس الثروة كما هي معارضاتنا اليوم دينية أم علمانية )، حيث ضحى بثروته كابن عائلة غنية، في سبيل ثورته الوطنية الشعبية، التي سماه فيها الشعب (ابو الفقراء) ، و(مثالا/ تمثالا) لابن سورية التي تتمازج في تكوينه الأعراق القومية : (العربية والكردية ) دون أن نجد في فكره السياسيي والوطني اية نعرة قومية أو أو طائفية وهو ابن البيئة الاسلامية (سوريا وتركيا ) حيث تعلم في البلدين …
وعندما توفي خلف مكانه (كرسيه- تمثاله ) في رئاسة الكتلة الوطنية فارغا، لأنه لم يتجرأ أحد من زملائه في الكتلة الوطنية أدبيا ومعنويا ومثاليا أن يتبوأ موقعه (تمثاله ) الرمزي والسياسي الوطني …ومن يقرا سيرته سيجد أن الشعب السوري بكل مكوناته القومية والاثنية والطائفية ) لم تجمع على رمزية كرمزيته الوطنية في العصر السوري الحديث ولم يخرج في جنازته بكل مناطق سوريا ومحافظاتها كما خرج يوم وفاة الزعيم هنانو …فهو رمز ومثال وطني ( تمثال)، وليس (صنما ) طائفيا أو حزبيا أو عقائديا فارغا ممتلئا بالهواء والشعوذة الايديولولوجية، حيث يفرض صنميته بالقتل والذبح والسلخ والأكاذيب الشعارية وبيع الأوطان والأرض مقابل التسلط بشعبه وحكمه رغما عن أنفه ورقبته وكرامته ..