قد يرى البعض في اغتيال الروس لقائد جيش الإسلام، زهران علوش، ضربة موجعة، وقاصمة للظهر، بينما هي ليست كذلك.. صحيح أن مقتل علوش يعد ضربة معنوية، لكنه فرقعة إعلامية، وليس قاصمة للظهر، ولن يغير المعادلة ميدانيًا، وكما يتأمل الروس.
اغتيال علوش، قائد أحد أقوى فصائل المعارضة المسلحة، يقوي الآن حجة الرافضين لتصنيف المعارضة السورية، وكما قال وزير الخارجية القطري بموسكو، وأمام نظيره الروسي، حيث رفض الوزير القطري التصنيف قائلاً: «نحن ضد التصنيف المطلق للجماعات. الأهم هو فهم المنطق الذي من ورائه حملت هذه المجموعات السلاح.. أهدافها ودوافعها». والأمر لن يقف عند هذا الحد، فمن شأن اغتيال علوش، والذي يحاول الإعلام الروسي التنصل منه، إضفاء مزيد من الشرعية على جيش الإسلام، وتعزيز مكانته، فاغتياله لن يؤدي إلى تسريح قرابة خمسة عشر أو عشرين ألف مقاتل هكذا، كما أن من شأن اغتيال علوش تأجيج التطرف، والتشدد، وتعزيز حمل السلاح، بل وخدمة «داعش»، وغيرها، خصوصًا أن علوش، رحمه الله، كان على خلاف فكري مع «داعش» و«القاعدة»، وتبنى توجهًا أكثر اعتدالاً منهما.
وعليه، فإن تزايد موقف الرافضين لتصنيف المعارضة، وتحديدًا بعد اغتيال علوش، يعد أمرًا منطقيًا، فهل المطلوب أن يتم تصنيف المعارضة، وتقديم معلومات عنها للروس حتى يقوموا بتصفيتهم، وكما تم بحق علوش؟ سيكون ذلك عبثًا لا يقل عن العبث الروسي نفسه، خصوصًا أن الحقائق، ميدانيًا: تقول إن الروس لا يزالون يتخبطون بسوريا، ودون تحقيق إنجاز يذكر، وحتى بعد تنفيذ ما يزيد على خمسة آلاف ضربة جوية، حيث لم تصفِّ موسكو قائدًا مهمًا في «داعش» بينما تواصل استهداف المعارضة المعتدلة، ومنها علوش الذي وافق، ووقع، على اجتماع المعارضة السورية في الرياض، وارتضى التفاوض مع النظام وفق الطرح الدولي. فهل يريد الروس كسر المعارضة؟ حسنًا، وماذا بعد ذلك؟ الإجابة هي لا شيء!
الحقيقة أن كل يوم يمضي بسوريا يؤكد أنه ليس لدى الروس رؤية واضحة، فبعد زوال «ذهول» لحظة دخولهم سوريا، فإنه لا يوجد شيء تحقق ميدانيًا. ومن يتابع الأزمة السورية سيلحظ أن الوجود الروسي هناك هو أشبه بمشهد فيل كبير في غرفة صغيرة، حيث كثير من الخراب، والأضرار، وسيضطر الفيل للبحث عن مخرج، عاجلاً أو آجلاً، وكما حدث في أفغانستان سابقًا.
الخلاصة هي أن اغتيال الروس لعلوش لا يعدو أن يكون ضربة معنوية ستتجاوزها المعارضة المسلحة مثلما تجاوزت من قبل اختطاف المقدم حسين هرموش، عام 2011، وكما تجاوزت تعرض العقيد رياض الأسعد، مؤسس الجيش الحر، لتفجير عام 2013، وأدى إلى بتر ساقه، لذا فإنه لا إنجاز روسيًا حقيقيًا بعد اغتيال علوش أكثر من كونه حضورًا إعلاميًا لمدة 24 ساعة، وبعدها يوم آخر، وتستمر الحياة، وكذلك الأزمة السورية، والورطة الروسية.
*نقلا عن صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية.