Nizar Nayouf
مشروع تحرير الرقة من جيش النبي محمد، المسمى “داعش”، بالطريقة التي خُطط لها أن تكون، لا يعني سوى مشروع تقسيم حقيقي، وتنفيذ لما قلته حرفيا عند الإعلان عن “الهدنة” في شباط الماضي. فقد أشرت يومها إلى أن تفاهما أميركيا على تقاسم النفوذ قد حصل، من موقع الضعف والجبن الروسي، بحيث تكون “سورية المفيدة” (الغرب السوري باستثناء حلب، أو جنوب وغرب نهر الفرات) من نصيب كبير مزرعة الخنازير وشركائه الروس والإيرانيين، و الضفة اليسرى للنهر من نصيب الأميركيين، على أن تكون تدمر “جائزة ترضية” للروس. لكن “الزيطة والزنبليطة” التي هرّج بها الروس عند تحرير المدينة ، لم تُؤتِ أكلها، وانتهت كما لو أنها فسوة نسر أو ضرطة فأر!(من يريد أن يتأكد ، يمكنه العودة إلى “البوست” الذي كتبته آنذاك ).
لكن الأهم من ذلك، وهذا برسم الشبيحة وأركان المقاومة والممانعة الذين فلقوا طيزنا بالدب الروسي والعالم متعدد الأقطاب، هو أن تقاسم النفوذ المشار إليه أعاد الروس إلى حجمهم الحقيقي: دولة بحجم جيبوتي، لا أكثر ولا أقل، وجوّف كل ما حققوه من خلال ما سماه المقاومون ـ الممانعون بـ”عاصفة السوخوي”. فكان حالهم كما حال البقرة التي تبول في دلو الحليب أو ترفس فيه بعد تكون ملأته بحليبها. فالذل والمهانة التي يتجرعها الروس يوميا من خلال ترجّي الأميركيين بالسماح لهم بالاشتراك في محاربة الإرهاب، أظهرهم (بالنسبة للآخرين وليس لي، فأنا أعرفهم كما أعرف نمرة حذائي) على حقيقتهم التافهة والجبانة والغبية و… الانتهازية الرخيصة والحقيرة.
وأما “مشروع الدستور” القذر الذي خطط له الروس مع الأميركيين، فقصة أخرى ينبغي التوقف عندها مليا.
الدرس الذي لا يقل أهمية، وهذا برسم الأخوة الأكراد: التفاهم الذي حصل بينهم وبين الأميركيين جعلهم يعتقدون أن من يضع بيضه في السلال الأميركية يمكن أن يحصل على صيصان. لكن عليهم أن يدركوا أنهم لن يكونوا أقل من “أدوات رخيصة” وبنادق للإيجار في أيدي المشاريع الأميركية الإجرامية للأسف. ومن لا يصدق، يمكن أن ينتظر بضعة أشهر فقط. ومن لا يحب الانتظار، يمكنه العودة إلى السجل الأميركي المفتوحة صفحاته على امتداد العالم، منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن.
شيء أخير لا بد من الإشارة له: قيام صالح مسلم بركوب طائرة للجيش الأميركي من السليمانية إلى كوباني/ عين العرب، وسماحه للجيش الأميركي باستحضار قواته إلى مناطقه، وخصوصا الجنرال المجرم “جوزيف فوتيل (شاهده هنا فيديو زيارة سرية لقائد القيادة المركزية الأمريكية إلى سوريا)”، هو طعنة نجلاء في ظهر العقيدة التقدمية لحزبه قبل أن تكون طعنة في ظهورنا نحن. وأعني بضمير “نحن”، ليس “عروبتنا”(فالقومية ، أي قومية، لا تساوي عندي سوى أقل من ضرطة)، ولكن “الوطنية السورية”!
مع ذلك، فإن كبير “مزرعة الخنازير”، وبقية حيوانات مزرعته،مع الاعتذار من “جورج أورويل”،وحده من يتحمل مسؤولية كل ما جرى ويجري، ليس منذ آذار 2011 فقط، بل منذ 10 حزيران 2000!
مقالة تافهة وألفاظ يخجل منها أولاد الشوارع.. فكيف بمن يعتقد أنه بأنه إن حمل شهادة دكتوراه أنه أصبح أشبه بالبشر المحترمين!