الرد على مقال الشيخ محمد حبش‎

mohamedbarziالدكتور : محمد برازي
في حال غياب القانون هل يجوز لأي إنسان أن ينصّب من نفسه مسؤولاً ؟ أو منظراً ؟ أو قيّماً ؟ أو مرجعاً ؟
لقد ذهب الشيخ محمد حبش بعيداً في أقواله ، وتجاوز في تغوّله كل الحدود في مقاله الأخير المنشور في موقع ( كلنا شركاء ) بتاريخ ٢٠١٤/١١/٦ .
وبداية أرجو من القراء الكرام اعتبار كلامي هذا هو رأي شخصي ، وقد يحتمل الخطأ قبل الصواب ، وعلى القارئ الكريم أن يتأكد بنفسه من صحة ذلك .
وسأبدأ الكلام بمقولة : إذا أردت أن تتحدث معي فحدد مصطلحاتك ، ولا أريد هنا أن أخوض في أمور معلومة من الدين بالضرورة ، وذلك لئلا يكون الكلام هدراً للوقت في جزئيات تستهلك الموضوع ، وتحرفه عن مساره بقصد أو بدون قصد .
إتكأ محمد حبش في بداية كلامه على خيال المآته ؟ وتلطّى بها ؟ وبنى كل أقواله وأفكاره على هذا الأساس الواهي ظناً منه بأنه لايزال مديراً لمعاهد تحفيظ القرآن الكريم للأطفال ، وذلك في قوله ( أثارت كلمات سريعة كتبتها معارضة سورية ) وأنا لم أستوعب حتى اللحظة كيف تكتب الكلمات السريعة ؟ وكان مضمون هذه الكلمات السريعة التي ( كُتـِبٓتْ ) لهذه المعارضة تتناول موضوعين :
١ – موضوع أم قرفة ؟؟!
٢ – موقف خالد بن الوليد رضي الله عنه مع مالك بن نويرة ، وكيفية طبخ رأسه وتناوله في وجبة ( ربما كانت سريعة كالكلمات )
ثم يتنصّل من مسؤوليته عن مشاركة من كَتَبَ للمعارِضة السورية تلك الكلمات السريعة بقوله ( والمدهش أن الكاتبة أوردت النص التاريخي من مصادره مع تعليق لا يتجاوز أصابع اليد ، ولم يكن النص أكثر من قص ولزق ) ويتابع في قوله
( ولا يوجد فيه أي تحريف أو تزوير عن الأصل ) ثم يتقمص شخصية الفضولي بالدفاع عنها بقوله ( وكانت تبرر دافعها بالرغبة في تسليط الضوء على الجرائم التي ترتكب باسم الإسلام ) ويحاول مرة اخرى أن يمرر موقفه من مساندته لكلمات المعارضة السورية ولمن كتب لها هذه الكلمات بقوله ( مع أنني لا أبرؤها من موقفها الإتهامي ( لظاهر الإسلام ) نفسه بهذه الفظائع ) لأن ذلك يعني بمفهوم المخالفة بأنه يبرؤها في موقفها الاتهامي ( لباطن الاسلام ) نفسه )
ثم يقسم الناس الى فريقين :
الفريق الأول : من رأى في هذه الروايات سنداً حقيقياً لما يجب فعله على الأرض من عنف وإرهاب ) ثم يسوّق أدلة هذا الفريق لما ذهبوا اليه ؟
الفريق الثاني : هم الذين رفضوا هذه الروايات ، واعتبروها مسيئة للاسلام والصحابة الكرام ، ثم ينتقدهم بقوله ( ولم يقم واحد منهم بنقد أولئك الرواة الأوائل الذين دونوا هذه الروايات في كتبهم من ألف عام ونشروها في كل مكان في الدنيا )
ثم يوقع نفسه في الفخ الذي نصبه للإيقاع بالقارئ في قوله ( وسيدهش القارئ حين يتابع بعض أسماء الكتب والأشخاص مثل : معظم كتب السيرة النبوية ، وابن اسحاق وابن سعد والاكتفاء للكلاعي ، والسيرة الحلبية ؟ وغيرها .
ثم يقول الحبش ( الواقع ان من يرى أخباراً بهذه القسوة ، ثم لايعلق بحرف واحد عليها إنما يعبر عن قناعته بما فيها ، وليس كما يظن أنه قد أسند ومن أسند فقد أعذر ………..وفي هذه الحالة لابد أن الراوي مقتنعاً بما يرويه وليس مجرد قمع قول يمارس الاسناد والرواية اليها )
وهنا أسأل الدكتور حبش : هل اسنادك للحديث الذي أتيت به من صحيح الترمذي وضمنته كتابك عن المرأة والذي ذكرت فيه كيف أن صحابياً جليلاً اغتصب امرأة وهي في طريقها للمسجد لأداء صلاة الصبح ؟ وكيف ذكرت بأنها استنجدت بثلاثة صحابة كانو في طريقهم للمسجد لنفس المهمة وتجاهلوا صراخها وتخاذلوا عن نجدتها ؟ وكيف بعد ذلك دخلوا جميعهم الى المسجد وأتموا الصلاة ، وهم على ماهم عليه الى مانتهوا اليه حسب دلالة الحديث ؟! وأنت أدرى ببقية الرواية التي أسندتها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي يبرأ منها كل مسلم الى الله سبحانه وتعالى ، وكيف كان تعامله معهم بمنتهى التسامح بعدما طلب من الصحابية أن تستغفر ربها وطلب من الصحابي ألّا يعود لمثلها ؟! هذه الرواية التي تنصلت منها وذلك من خلا اسنادها الى الترمذي كما يفعل الكثير من الذين توجه اليهم سهام نقدك اللاذع لموقفهم المريب ، هذا الموقف الذي لن يصل في حدوده القصوى الى نصف او ربع ماوصلت اليه انت ؟! وكيف اقتنعت أنت بهذه الرواية التي حدثت منذ ١٤٠٠ عام واستشهدت بها ؟ والتي لو حصلت اليوم في البلاد التي تنادي بالحرية بكل اشكالها وألوانها لكانت نتائجها كارثية. ؟
ألا تعرف وأنت ربيب حلقات العلم والذكر بأنه لا تجب على المرأة جمعة ولا جماعة ؟ ومن الذي حرّض المرأة على على الخروج للجمعة والجماعة غير خطباء المساجد الذين أشبعتهم نقداً لاذعاً والذين كنت أنت أحدهم على مدى ثلاثين عاماً ؟!
لماذا تعتب على من لا يتجرأ أن ينتقد الرواة الأوائل وأنت أولى الناس بالقيام بهذا الواجب ؟ وكيف تبرر للمعارِضة السورية ولمن كتب لها الكلمات السريعة بقولك ( ولم يكن النقل أكثر من قص ولصق ، ولا يوجد أي تحريف أو تزوير عن الأصل الأول )
لماذا تحرّيت هنا عن الدقة والمطابقة في النقل عن الأصل ، وتبين معك خلوّه من أي تحريف أو تزوير؟ وعليه لماذا لم تكلف نفسك بمطابقة كتاب البداية والنهاية لإبن الأثير والمطبوع حديثاً والذي اعتمدت عليه برواية طبخ رأس ابن نويرة وأكله ؟؟؟
هل قمت ياعزيزي بالتحري عن أي تحريف أو تزوير عن أصل هذا الكتاب ومطابقته مع مخطوط البداية والنهاية لابن الأثير الموجود في المكتبة الظاهرية بدمشق ؟ ماذا لو فتح لك كتاب البداية والنهاية صندوقه الأسود ؟؟ وتبين لك أن كل هذه الدوامة لا أصل لها ؟ ماذا ستفعل ؟ هل ستقوم بطلاء خيال المآته بلون جديد آخر ؟!
في المكتبة الظاهرية ( بإمكانك معرفة مكانها بالبحث في غوغل ) كنت اتابع فيها بعض البحوث منذ سنين ، وحظيت بفرصة أتاحت لي الاطلاع على ( مخطوط ) البداية والنهاية لابن الأثير ، وأثناء تصفحه قرأت فيه الرواية التالية :قال خالد بن الوليد وهو على فراش الموت ( لقد خضت أكثر من معركة ، ومافي جسمي مسافة شبر إلّا وبه ضربة بسيف أو طعنة بخنجر ، وها أنذا أموت على الفراش ، ولقد وددّت أن أموت وأنا متترساً بلا إله إلّا الله ، فقال له أحد الجالسين الى جواره : ياخالد أنت لايمكن أن تموت في المعركة ؟ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمّاك سيف الله وسيف الله لا يمكن أن يكسر في معركة .
هذا هو النص المكتوب في مخطوط البداية والنهاية ، ولكن هل هذا النص ( بدون تحريف أو تزوير ) هو المكتوب على السارية المنصوبة أمام جامع خالد بن الوليد رضي الله عنه في حمص ؟ وهل هذه الرواية هي المعتمدة والمتداولة في كتب المؤرخين ؟ وهي نفسها التي يكررها خطباء الجمعة في كل مناسبة وأنت أعلم بذلك ؟!
هل قرأت في مجلة عالم الفكر التي تصدر من الكويت عن موضوع تحقيق طه حسين للمخطوطات ؟ عندما كان معاونه يقرأ له النص المخطوط ثم يعود طه حسين ويطلب من معاونه أن يكتب الجملة بصياغة أخرى تغاير معناها ؟ لييعترض عليه معاونه بقوله : ليس هذا هو منطوق الجملة المكتوبة في المخطوط ؟ فيرد عيله طه حسين : أكتب كما أقول لك ، فأنا المحقق ولست أنت ؟وبعد ذلك أبدى معاونه أسفه عن تجاوبه مع طه حسين ، ولكن بعد فوات الأوان ؟
وهل قمت أنت بنفسك ( وانت الباحث والمجدد والفقيه التنويري وحامل لواء التجديد والتحديث ) بمطابقة مضمون كتب التراث التي اعتمدت عليها في كتاباتك بالقص واللصق ، على أصولها المخطوطة ؟! إذاً لماذا تطالب غيرك بما عجزت أو تقاعست عنه أنت ؟ هل تخيفك النتائج المرعبة والتي سوف تنسف مشروعك التجديدي والتحديثي في حال ظهورها الى الضوء ؟
هل راجعت مخطوط البخاري الذي انتقدت فيه حديث المعراج في موضوع الصلاة وقلت قولتك في جريدة تشرين ( سوف يسجل التاريخ بأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان من أعظم المحامين الذين دافعوا عن قضايا أمته حين حاول تخفيض الصلاة من خمسين الى خمس صلوات ؟ متجاوزاً بذلك قوله تعالى ( ماكان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم …. )
إذاً لماذا التجديف في قولك ( ولكن مالا أفهمه أبداً هو موقف أولئك الذين يعتبرون الروايات تشويهاً للإسلام وإساءة اليه وفي الوقت لايقبلون كلمة واحدة في حق الرواة الذين دوّنوا ذلك إذا كانوا يرونهم قد كذبوا فيها ) ؟؟؟ ومن قال لك بأن الرواة قد كذبوا فيها ؟! وكيف ستبرر موقفك أمام الله عز وجل باتهامك هؤلاء الرواة الثقاة الذين أفنوا عمرهم بالحفاظ عليها ومن خلال هذه الروايات على الرسالة الاسلامية ونقلها من جيل لآخر لأداء الأمانة المناطة بهم ؟ ماذنب أولئك الرواة المخلصين إذا جاء من حرّف وكذّب وقوّلهم مالم يقولوه ؟
لماذا هذا الهرج وخاصة هذا الإفتراء والتدليس : هل نقلت أنت نفسك حديث الترمذي في كتابك عن المرأة من مظانه التي تشير اليها ؟ أم أنك نقلته عن طريق القص واللصق مثل غيرك من كتاب الترمذي المطبوع حديثاً واعتمدت عليه وعلى الاختراقات التي بُلي فيها من تجار ومغرضين وغيرهم ؟ ولماذا لم تنقذ نفسك وتنقل الحديث من مظانه ( مخطوط الترمذي )
وقبل أن تخرج للعلن خبيئة مافي نفسك وتقول ( نحن بحاجة إلى ثورة فكرية تنسف الأ يقونات جميعاً )
وأختم بناء على ماعتمدت عليه في بداية حديثي ، فحبذا لو شرحت لنا معاني هذه العبارات التي استعصت على أفهامنا :
١- من هم هؤلاء ال ( نحن ) في قولك نحن بحاجة الى ثورة فكرية ؟
٢-كيف ستكون هذه ( الثورة الفكرية )
٣- ماذا تعني كلمة ( تنسف )
٤- أنا شخصياً لم أفهم ولم أستوعب ولم أدرك .. حتى أنني لم أعرف كيف تقرأ كلمة ( الأ يقو نات )

About محمد برازي

الدكتور محمد برازي باحث في العلوم الاسلامية والقانونية من دمشق ، مجاز من كلية الشريعة بجامعة دمشق ، دكتوراة في عقد الصيانة وتكييفه الفقهي والقانوني ، مقيم في ستوكهولم .
This entry was posted in ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.