الردح في بلاد الملح

ارسل وزير الاسكان في بلد من بلدان الكفار رسائل الى مجموعة من المواطنين يسكنون في مجمع جكومي يرجوهم مغادرة سكناهم خلال 90 يوما لأجراء الصيانة على هذه البيوت.
ولم يشر هذا الوزير الى توفير سكن مؤقت لهم، ويوم امس كان مارا من المجمع السكني فتصدى له احد كبار السن ورمى عليه”سطل” من التراب. الوزير نفض التراب من بدلته الانيقة واكمل طريقه.
هذا الخبر بثته وكالات الانباء وعدد من القنوات الفضائية وحين شاهد عدد من اولاد الملحة هذا الخبر المصور اقسم بعضهم بانهم لايمكن ان يرموا المالكي بحفنة تراب ويستحيل ان يتصدوا الى حسن السنيد او محمود عبد الحسن بل ولا حنان الفتلاوي التي نالت شهادة الدكتوراه الثانية والموسومة “الردح في بلاد الملح”.
ولكن ان نفعت الذكرى فانهم فقط يذكرون هؤلاء بان اكثر من نصف مليون يعيشون في بيوت عشوائية حول بغداد ،عدا نفس الرقم في بقية المحافظات.
طبعا عدا بيوت التنك وهم يصلون كل ليلة الى رب العزة الا تمطر عليهم السماء وتغرق”تنكهم” كما حدث في الشتاء الماضي.
لايهمهم من يسرق ومن يوزع الرشاوى من اجل كسب الاصوات،كما لايهمهم توزيع الاراضي الزراعية بالمجان ولكنهم يذكرون المالكي بانه قال قبل فترة”كل عراقي يستحق سكنا خاصا”.
يارئيس وزرائنا الموقر لو تنفذ هذا الوعد لوجدت ان كل الفقراء معك ومستعدون لأنتخابك للولاية العاشرة وربما الى الابد.
لأنك تعرف تماما ان كل رئيس يجلس على كرسي السلطة يوعد بذلك ولاينفذ وعده وهي فرصة امامك ان تكسر هذا الطوق وتكون اول الرؤوساء الذي يقول ويفعل.
صحيح ان وعودك كانت كثيرة خلال ال 8 سنوات الماضية ولكن توفير السكن يعني توفير الكرامة للعراقي.
لاتدر بالا الى هؤلاء الذين ينادون بالديمقراطية فانها”ماتوكل خبز” هذه الايام،كما لاتعير اهتماما الى بعض وزرائك وهم يصرخون في القنوات الفضائية بانجازاتهم التي تحققت في عهدهم، لأنهم بصراحة كذابون حد النخاع.
السكن ثم السكن ثم السكن.
هذا كل مايريده اولاد الملحة حتى يكونوا الى جانبك، واذا لم ترد ذلك فستكون الخسران الوحيد.
لماذا؟
لأن هذا الشعب له ذاكرة قوية وسيضمك الى بقية الروؤساء الذين ابتعلهم التاريخ ونساهم الناس.
اتذكر الزعيم عبد الكريم قاسم حين امر ببناء مدينة “الثورة” واسكن فيها كل المحتاجين؟
فاصل ينتل: نفت وزارة الكهرباء، امس، الانباء التي تحدثت عن هروب مسؤوليها الى خارج البلاد، معتبرة إياها “اشاعات مدفوعة الثمن”، فيما اكدت انها ماضية لزرع البهجة لدى ابناء العراق..
ما هي هذه البهجة يرحمكم الله؟.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.