بعد 1967، أطلق المصريون هذه النكتة:
الأستاذ: من هو أعظم قائد عسكري في التاريخ؟
التلميذ: المارشال جوكوف، لأنه ترك الألمان يتوغلون في روسيا، حتى جاء الثلج فقضى عليهم.
الأستاذ: ومن هو أهم قائد عربي؟
التلميذ: المشير عبد الحكيم عامر، لأنه ترك الإسرائيليين يحتلون سيناء «واهو بقى مستني الثلج».
كان جوكوف شخصية عسكرية استثنائية. وقد حيرني أن كتابات بعض الروس عنه كانت نقدية وربما متحاملة. ففي بعضها أنه كان باذخا على نفسه من أموال الدولة، وفي البعض الآخر أنه ظل فلاحا جلفا رغم بلوغه أعلى المناصب العسكرية. ويوثق كتاب فرنسي حديث (جوكوف.. الرجل الذي هزم هتلر) كيف حال جوكوف دون وصول الجيش النازي إلى موسكو بعدما وقف على بعد 25 كيلومترا منها. فقد ارتعدت الفرائس في «الكرملين» واتصل ستالين بجوكوف يسأله: كيف نستطيع أن نرد عن موسكو هذا الغزو؟ فأجابه: أعطني فرقتين إضافيتين و200 دبابة.
حال جوكوف دون سقوط موسكو وخاض معركة رهيبة في ستالينغراد ثم طارد هتلر حتى مخبئه في برلين. ومع أن السوفيات نفوا ذلك رسميا، فإن أوامر وزير الدفاع لضباطه وجنوده كانت باغتصاب كل امرأة ألمانية يرونها. وكانت نتيجة الثأر أن مليوني ألمانية تعرضن للاغتصاب. لا رقم لعدد الروسيات اللاتي اغتصبهن النازيون.
عام 1941، هرب الجميع من موسكو، ومن أشهر الفارين كان زعيم الحزب الشيوعي الفرنسي موريس توريز. كان هتلر قد وقع معاهدة مع ستالين (ومع لندن) بعدم الاعتداء، لكن الروس فوجئوا بجحافله تطبق عليهم بوحشية الحروب وفظاظة فرقة «الصاعقة»، وهو اللقب التحببي لفرق الموت التي تبنتها الكثير من الجيوش العربية.
يحاول مؤلفا «جوكوف» الفرنسيان القول إن الأفراد الأفذاذ هم الذين يصنعون التاريخ وليست الجماهير كما تدعي الشيوعية. ولكن في ذلك ظلما هائلا في حق الشعب الروسي الذي كان يقاتل التوحش النازي في الفقر والجليد. ولعل أكثر من يعرف ذلك هو فلاديمير بوتين الذي كان والده طاهيا عند ستالين في ستالينغراد. فمن هو «جوكوف» للشعب السوري؟ من هو الرجل الذي يقود صمود الجائعين والمشردين في العراء تحت الذل وتحت القصف؟ بالعكس. القائد هو الذي يقود الجيش العربي السوري والسلاح الجوي العربي السوري من غارة إلى غارة ومن مدينة إلى قرية.
أيام الانقلابات كان هناك شيء مفزع (للسوريين) يدعى «الفرقة 70». الآن اسمها «الفرقة الرابعة». وفي مرحلة ما بين المرحلتين عرفت بـ«القوات الخاصة» لصاحبها الدكتور رفعت الأسد. وكان اختصاصها جميعا حمص وحماه وحلب. وبيروت خلال الاستراحات.
منقول عن الشرق الاوسط