بقلم: المحامي عبد المجيد محمد
Abl.majeed.m@gmail.com
النظام الفاشي الحاكم في إيران في حالة من العجز وعدم القدرة على الرد على مطالب انتفاضة الشعب الإيراني، الاجراءات القمعية ومن جملتها كانت اعتقال المتظاهرين.
ومتطلبات الشعب الإيراني المنتفض في 120 مدينة إيرانية احتجاجا على الفقر وعدم امتلاك الحد الادنى من متطلبات المعيشة الكريمة طرحت في الشارع الإيراني مع مطلب السقوط الكامل للنظام الفاشي الحاكم في إيران.
الشعارات الفارغة من اي محتوى مثل (الاقتصاد المقاوم) التي اطلقها الولي الفقيه وشعارات الملا روحاني الاقتصادية (التدبير والامل) ليس فقط لم يكن لها تأثير إيجابي، وإنما بالعكس زاد من اشتعال لهيب نار الانتفاضة. وركزت الشعارات أساسا على رأس هرم السلطة، أي ضد خامنئي، اي ضد الولي الفقيه. وقد وضعت انتفاضة المتظاهرين، باطلاقهم شعارات “الموت لمبدأ ولاية الفقيه” و”الموت لخامنئي”، الرموز الرئيسية للسلطة والنظام موضع كره وغضب واحتقار الشارع الإيراني.
وفي هذه الانتفاضة كان للملا روحاني وبرامجه وسياساته المعادية للشعب الإيراني ايضا والتي تتماشي مع سياسات الولي الفقيه نصيبا من الغضب والكره والاحتقار الشعبي له.
المتظاهرون وبصوت عال وقوي جدا حتى يسمعه العالم كله هتفوا بشعارات «الموت لروحاني» وفي جميع المدن المنتفضة قام المتظاهرون الغاضبون بتمزيق صور الخميني والخامنئي وروحاني. إن تمزيق صور رموز السلطة ذكرنا بالغضب الثوري للشعب في الثورة المناهضة للحكم الملكي عام 1979 الذي أدى إلى الإطاحة بنظام الشاه الديكتاتوري.
ومع بداية الأسبوع الثاني من الانتفاضة الإيرانية، تكشف التقارير عن عمليات اعتقال واسعة النطاق في أكثر من 120مدينة وتم اعتقال ما لا يقل عن 1000 شخص حتى الان وتم تعذيبهم. وتتركز الاعتقالات الرئيسية بمدن طهران وهمدان وإصفهان وجرجان وإيذه وتاكستان وأردبيل وتبريز واروميه وبرديس وكاشان ودورود وخرم أباد. وقد اعترفت السلطات والاجهزة القمعية في النظام، بما في ذلك قادة قوات الشرطة، باعتقالات في هذه المدن.
ووفقا لهذه الاعترافات الحكومية، فإن 90 في المائة من المحتجزين تقل أعمارهم عن 25 سنة. والعنصر الرئيسي في حشد هذه الاحتجاجات في المدن الكبرى كان من الشباب والنساء المنتفضين. وفي العديد من المدن هتفت النساء الإيرانيات في التجمعات الاحتجاجية الشعارات بصوت عال.
هذا هو نفس النظام القمعي الديني المعروف بكراهيته للمرأة، وعلى مدى السنوات الـ 39 الماضية، قمع العديد من النساء تحت ذرائع مختلفه، بما في ذلك عدم وضع الحجاب الاسلامي أو الحجاب الغيرمناسب، والآن نفس هؤلاء النساء المضطهدات يأتين إلى المشهد بقوة مضاعفه ويتحدين جميع اركان النظام ومطلبهن هو اسقاط النظام.
نظام زرع برياح القمع لمدة 39 عاما والان يجني حصاد الاعصار القادم وهذه هي سنة الحياة وتقليد التاريخ في جميع الثورات: الملك يبقى مع الكفر ولايبقى مع الظلم…
وقد زار جعفري دولت آبادي، المدعي العام في طهران، سجن إيفين في 3 يناير / كانون الثاني، وتفقد “وضع الأشخاص الذين تم اعتقالهم وذالك باستجوابهم وجها لوجه”. ووفقا للتقارير، فقد تعرض جميع المعتقلين تحت ضغط شديد للتهديد والترغيب بالرشوة للمشاركة في البرامج التلفزيونية الحكومية.
وتذكِّرنا هذه الممارسات لما يسمى المدعي العام في طهران بالممارسات اللاإنسانية لمدعي عام طهران سابقا سعيد مرتضوي خلال انتفاضة عام 2009 في طهران، التي أعقبتها عمليات اعتقال وتعذيب شديدين ضد المعتقلين وأسفرت عن مقتل عدد من المعتقلين. سعيد مرتضوي قاض سيء السمعة اعتقل لهذا السبب وتمت محاكمته، واضطر قضاء الفقيه إلى حرمانه من شغل مناصب قضائية فيما بعد.
والحقيقة هي أنه في النظام القضائي لنظام ولاية الفقيه في إيران، ما يسمى بالنيابة العامة او مكتب المدعي العام لا معنى ولا مفهوم له. وهذه الاجهزة كلها هي مسؤولية الملا صادق لاريجاني، حيث تقوم هذه الأجهزة رسميا بتعذيب وتهديد المعتقلين لإجبارهم على الظهور في برامج تلفزيونية جالبة للسخرية ويعترفون بأنهم مرتبطون بحكومات ودول أجنبية ويأخذون الاوامرمنها.
هدف ولاية الفقيه، من خلال جميع أجهزتها القمعية، هو الحفاظ على سلامة النظام الفاشي الديني، ولا يعرف هذا النظام أي حدود لاستخدام اعمال التعذيب وخلق مناخات الرعب والفزع.
ومع ذلك، أصبحت انتفاضة الشعب الإيراني حديث وسائل الإعلام والعالم، والنظام القمعي غير قادر على تغطية الحقائق التي تجري في إيران. وقد دعمت الحكومات والدول والرأي العام العالمي الانتفاضة وأيدتها، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ومعظم الدول العربية.
وقالت متحدثة باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، يوم الأربعاء، إن تحرك المواطنين في إيران ضد الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد يستحق الاحترام وقال:
“من نظر الحكومة الألمانية، الاحتجاجات الشعبية التي لديها الشجاعة لتكون في الشوارع والاحتجاج على الوضع الاقتصادي والسياسي هي شرعية وتستحق الاحترام”. ألمانيا هي واحدة من الأطراف التجارية الرئيسية للنظام الإيراني ولها ثقل في الاتحاد الأوروبي.
إن الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية من خلال مجلس الأمن وسائر أجهزة الأمم المتحدة ذات الصلة بالمدافعين عن حقوق الإنسان يريدون الدعوة إلى اتخاذ إجراءات فعالة للإفراج السريع عن المحتجزين.
إن النظام الفاشي الإيراني ينتهك كل القيم والأهداف التي أنشأتها الأمم المتحدة، ولذلك ينبغي طرده من المجتمع الدولي. ومن الجدير بكل الحكومات والأعضاء في الأمم المتحدة أن يقفوا بجانب الشعب والمقاومة الإيرانية للإطاحة بالنظام القمعي لولاية الفقيه ودعم إرادة الشعب الإيراني.