بهذا العنوان وبمبادرة من المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية انعقد يوم الاثنين 17 تشرين اول/اكتوبر2016 مؤتمر على الإنترنت شارك فيه كل من الدكتورأحمد رمضان عضو الائتلاف السوري المعارض وعميد الركن أحمد رحّال المحلل العسكري والخبير الستراتيجي، والدكتور سنابرق زاهدي رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. وكانت محاور النقاش هي:
– الرابح والخاسر في الثورة السورية: الشعب السوري والمعارضة السورية ام نظام ولاية الفقيه وبشارالأسد؟
– علي الصعيد السياسي بعد فشل مجلس الأمن المعارضة ترفع القضية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة
– على الصعيد العسكري نظام ولاية الفقيه وبشارالأسد لم يستطيعا من التقدم على الأرض والسيطرة على حلب الشرقية
– التناقضات بدأت تظهر على السطح في نظام ولاية الفقيه: البعض يضع علامة الاستفهام أمام جدوى التمادي في قتل أبناء الشعب السوري
– جنرالات نظام الملالي بدأوا يشككون في إمكانية تحقيق نجاح في سوريا ويخافون من توافق دولي على حساب مصالحهم.
واستهلّ د. سنابرق زاهدي حديثه بالقو: نظرة ظاهرة إلى المعطيات على الساحة السورية لا تنبئ عن خير سواء على الصعيد العسكري او على الصعيد السياسي. على الصعيد العسكري حلب رمز ومعقل الثورة محاصرة من الأرض ومعرّضة لعمليات قصف جنونية ولا يوجد في الأفق القريب الخروج من هذه الحالة. في المناطق الأخرى أيضاً ليس هناك ما يبشّر بالانفراج لأن النظام وحلفائه يضغطون لخروج المجموعات المسلحة من بعض ضواحي دمشق، كان هناك اشتباكات بين بعض فصائل المعارضة واسفر عن استعادة بعض القرى والمناطق المحرّرة إلى سيطرة النظام. وفي الساحل والجنوب ليس هناك تحرّك يذكر من المعارضة. والتقدم الوحيد لقوات المعارضة في شمال شرق حلب بإسناد تركي، لكن من المعروف أن تركيا لا يهمها مصير الشعب السوري بل تعمل وفق ما تمليه استراتيجيتها للضغط على الأكراد الذين تعتبرهم تهديداً لأمنها الوطني.
على الصعيد السياسي والدولي تم إفشال المحاولة الفرنسية في مجلس الأمن من خلال الفيتو الروسي، مؤتمر لوزان لم يحقق شيئا وانعقد بدون حضور المعارضة وبحضور أعداء الشعب السوري كالنظامين الإيراني والعراقي و…. وخضعت أمريكا لطلب روسي في عدم دعوة الدول الأوروبية المؤثرة كفرنسا وبريطانيا. كما أن اجتماع لندن أيضا لم يسفر عن شيء يذكر. والمشكلة الكبرى هي أن أمريكا أوباما لا تريد أن تحرّك ساكناً هذا إذا لم تكن متواطئاً مع روسيا ونظام الملالي في ضرب المعارضة السورية. وأميركا الآن تعيش مرحلة الانتخابات الحامية، فلا تستطيع أداء دور فاعل مع أن دورها كانت في الأصل فاشل. وهذه الحقيقة تعرفها روسيا فتستغلّ هذه الفترة لقصم ظهر المعارضة المسلحة خاصة في حلب حتى تتقدم القوات المؤتمرة بأمر نظام ولاية الفقيه على الأرض.
ثم أضاف د. زاهدي: لكن الحقائق النضالية تقول غير ذلك، لأن شرقي مدينة حلب البطلة تصمد وتقاوم. وهذه المقاومة والصمود التاريخي يأخذ بعداً شعبياً حيث لا يقبل الأهالي بترك المدينة بالرغم من القصف الهمجي. كما أن المعارضة السورية استطاعت خلال هذه الفترة من التصدى للقوات التابعة للملالي وبقايا قوات بشار الأسد. وهذا معناه أن قوات العدو ومع أن لها اسناد جحيم من النار لكنها لا تستطيع أن تتقدم والمعادلة داخل حلب بقيت تقريبا كما كانت قبل عمليات القصف الأخيرة. كما أن المعارضة تقدّمت كثيرا شمال شرقي حلب وحرّرت مناطق ذات اهمية تاريخية واستراتيجية كبلدة دابق، وعشرات من البلدات والقرى.
على الصعيد السياسي صحيح أن روسيا استخدمت حق النقض وحالت دون المصادقة على مشروع فرنسا في مجلس الأمن، لكن القرار حظي بموافقة 11 دولة وهذه الأغلبية وضعت روسيا في موقف منعزل تماما في العالم خاصة وأن مشروع القرار المقدم من قبل روسيا لم يحظ سوى بقبول ثلاث دول ما عدى روسيا نفسها. ونرى أن فرنسا وبريطانيا أعلنتا بأن قصف المدنيين في حلب جريمة حرب يجب أحالة ملفه إلى المحكمة الجنائية الدولية. وهذا الموقع كررّتها هيلاري كلينون مرشحة الرئاسه الأوفر حظاً في أميركا.
المعارضة السورية أيضاً أخذت المبادرة وبمجرد فشل مجلس الأمن طلبت من الجمعية العامة للأمم المتحدة اختصاص جلسه خاصة بسوريا وتقدمت بمشروع قرار في إدانة قصف حلب وضرورة وقف اطلاق النار وتقديم المساعدة الإنسانية للمحاصرين في حلب. هذه المبادرة أيدها أكثر من 100 دولة ويقال أنها ستحظى بثلثي أعضاء الجمعية العامة.
وفي ما يتعلق بنظام الملالي لاشك أنه يرى في أي حل سياسي مصالحه معرّضة للخطر. الحل العسكري وسقوط حلب كأول خطوة هو الحل الوحيد لصالح نظام الملالي. وقال مهدي محمدي من الأعضاء السابقين في أمانة المجلس الأعلى لأمن نظام الملالي وعضو وفد المفاوضات النووية سابقاً « المعادلة السورية تحكمها روسيا في الجو وإيران على الأرض. ليس هناك حل سياسي في الأفق والحلس العسكري خلافا لما يتصوره الأميركيون سيأتي لصالح المقاومة في المنظور المستقبلي.» وبعد شرحه لمختلف الحالات يختم مقاله بالقول: «جميع هذه الأحداث تحمل رسالة فريدة لإيران وللمقاومة: إنهاء أمر حلب!»
من جهة أخرى في الآونة الأخيرة بدأت الخلافات داخل أروقة حكم الملالي بشأن سوريا. ووصف مهدي خزعلي الذي كان سابقاً رجلاً امنيا في النظام في رئاسة الجمهورية وصف الحرب في سوريا بأنها «مستنقع للنظام» وقال: “أن سوء إدارة قاسم سليماني للأزمة ورّط طهران في المستنقع السوري”.وأكد: “لولا أطماع فيلق القدس الذي … لرحل بشار الأسد لا محالة، … وحل محله أناس ديمقراطيون، وكان من الممكن لنا أن نقيم معهم علاقات جيدة دون أن تتضرر مصالح إيران، فنحن نزود سوريا بالنفط منذ ثلاثة عقود بالمجان، فإذا زودت أي طرف آخر بهذه الطريقة سيصبح صديقا لك». من جهة أخر الجنرال رحيم صفوي القائد العام السابق لقوات الحرس والمستشار العسكري الحالي لخامنئي اشتكي في حديث له مع تلفزيون النظام من تصرفات روسيا في سوريا وأعرب عن قلقه بعقد صفقة روسية – أميريكية بشأن سوريا فهو حذّر روسيا والولايات المتحدة من تجاهل «حصة إيران في سوريا» وقال إنه يتخوف من أن تؤدي الاتصالات السرية بين البلدين إلى «حصة أقل لإيران».
بعد شرح هذه الواقائع والمواقف نرى أن حجر الزاوية في جميع هذه التطورات هو المقاومة والصمود من قبل أبناء الشعب السوري بشكل عام رغم التضحيات الجسيمة وكفاح المعارضة المسلحة في ظلّ شراسة القصف. هذا هو بيت القصيد وصدق ابوتمام عند ما قال« السيف أصدق إنباءا من الكتب».
ومن جانبه شكر العميد الركن احمد رحال قائد سابق في الجيش الحرالمقاومة الايرانية على دعوته لهذه الندوة قائلا ان لثورة السورية لا تعتبر نفسها خاسرة رغم كل ما حصل. هناك نقطة في العلم العسكري يقال في عالم الثورات لا ينتصر صاحب السلاح الأقوى بل ينتصر صاحب النفس الأطول لأن الثورات تمتد لسنوات وسنوات تعتمد على ارادتها وتعتمد على التصميم لو كنا نعتمد على ميزان القوى العسكرية والشعب السوري لم يكن يملك قطعة سلاح واحدة لما أقامت الثورة لكنه يعتمد على أحقية القضية التي يقاتل من أجلها ويعتمد على الارادة الشعبية التي يتحلى بها ويعتمد على الهدف الذي يريد الوصول اليه وبالتالي هو جند كل الطاقات التي يملكها. اضطر لحمل السلاح أمام التوغل العسكري الذي مارسه نظام الأسد وحزب الله في البداية ومن ثم تبعته الفصائل الشيعية العراقية وفصائل ملالي طهران من الحرس الثوري وفيلق القدس وبالتالي المعركة مستمرة. الواقع الميداني أيضا فرضت عليه التغيرات الدولية. يكفي أن نقول حتى الآن رغم كل الجرائم التي ترتكب ورغم كل الابادة التي تقع على الشعب السوري مايزال بشار الجعفري يحكمنا بالاكاذيب والفبركات في مجلس الأمن وهذا دليل على أن المجتمع الدولي مازال يقبل بنظام الأسد أن يكون عضوا في الأمم المتحدة وعضوا في مجلس الأمن. نحن عانينا الكثير. ما يحصل في حلب الآن هو قمة الانحلال الاخلاقي.
400 ألف مواطن سوري يعانون القتل والموت على يد بوتين ونظام الأسد والمجتمع الدولي يطالب بخروج الناس بدل من أي يطبق القرار2165 الذي ينص على ادخال الاغاثة الى المناطق المحاصرة دون العودة الى نظام الآسد لكن وجدنا أن الولايات المتحدة الأمريكية دائما ما تتحجج من أن لا موافقة أسدية على دخول تلك الاغاثات وبالتالي أصبح موظفي الأمم المتحدة هم أكثر ما خرق قوانين مجلس الأمن وقوانين الأمم المتحدة ارضاء لنظام الأسد لأن نظام الآسد يملك عنصرين فقط عن طريق القوة التجويع والحصار والسلاح الجوي وهذان السلاحان فيما امتنع المجتمع الدولي عن تقديم أي دعم للشعب السوري ولم يقدم الاغاثة بالقوة للشعب كي يكسر الحصار ويفقد الأسد تلك القوة التي يملكها وامتنع عن اقامة مناطق آمنة أو تقديم وسائل الدفاع الجوي وهو آقل ما يقدم للشعب السوري ووسائل الحماية الذاتية.
اذن نحن نواجه ايران نواجه روسيا نواجه 25 فصيل عراقي نواجه حزب الله ونواجه المجتمع الدولي كنا نقول انه خانع ومتخاذل لكنه أصبح الآن شريكا. واضح أن توافقات ملالي طهران مع القيادة الأمريكية كان من ضمنها ترك نظام بشار الأسد يحكم في سوريا. الارهاب العابر للحدود هو أخطر من الارهاب ان كان يقصد بعناصر جبهة النصرة. الارهاب القادم من الافغان. الزينبيون والفاطميون ، الفصائل العراقية، الملالي والجيش الايراني وحزب الله كلها تمثل الارهاب العابر للحدود وبالتالي أختم بالقول نحن أمام مجتمع دولي يرى بعين واحدة يرى ما يقدم له الفائدة الشعب السوري أكثر مما تضرر بكل ما يحصل وبكل ما يقال انه داعم للشعب السوري وبالتالي نحن نخوض حربًا مع مجتمع دولي يريد لهذه الثورة أن تنكسر لا يريد التحرر لا يريد اقامة دولة مدنية ديمقراطية يحل بها الشعب السوري أن يعيش مع هذا المجتمع الدولي يريد أن يعيدنا الى قمقم بشار الاسد الديكتاتورية لأنه خدمهم على مدار 40 عاما ولا يريد استبدال تلك الخدمات لنظام الاسد ان كان عبر الأب أو عبر الابن.
بدوره قال الدكتور احمد رمضان عضو الائتلاف الوطني السوري: في هذا الظرف الحساس للغاية وحقيقة المشهد يبدو سياسيا معقدا بعض الشيء لكن رغم كل هذا التعقيد ثمة نافذة للأمل وثمة نافذة أيضا نرى فيها المستقبل. نحن الآن أمضينا قبل اسبوعين سنة كاملة من التدخل العسكري الروسي وهو الحلقة الأخطر الذي كان في مسار القضية السورية. روسيا تدخلت بثقلها العسكري وأسلحتها الستراتيجية بما في ذلك الصواريخ العابرة للقارات لكي تحسم الصراع فعليا على أرض سوريا ولكنها بعد سنة اكتشفت أنها غير قادرة على تغيير هذه المعادلة سوى أنها قادرة أن ترتكب المزيد من الجرائم وأن توصف فعليا بالدولة المارقة والدولة التي تنتهك ليس فقط حقوق الانسان وانما ترتكب جرائم الابادة وجرائم ضد الانسانية. وقبل أن يتدخل الروسي في سوريا قبل نحو سنة كان هناك تدخل ايران الحالة التي أصفها بالخمينية المتوحشة التي جاءت الى سوريا وجاءت بميليشياتها الارهابية والطائفية المستجلبة من عدة دول ولكنها أيضا على مدى أكثر من عامين منذ 2013 الى 2015 كُسرت في سوريا ولم تنجح في كسر ارادة السوريين أو استلاب مزيد من أراضي السوريين و انكسر معها النظام. اذن ارادة السوريين في المقاومة كانت كبيرة والارادة أيضا في التحرر كانت أكبر من ذلك وهي التي يستجمعها السوريون والسياسيون والعسكريون في مسارهم في الدفاع عن هذه الثورة النبيلة. من الناحية الفعلية نحن الآن لا نصارع فعليا نظام بشار الأسد نحن الآن نصارع قوى محتلة لسوريا في مقدمتها الاحتلال الخميني المتوحش والاحتلال الروسي الذي يتضامن مع الاحتلال الخميني ويحاول أن ينشيء معه نسيجا واحدا لكي يكسر ارادة الشعب السوري ولكن رغم كل ما وجدناه حقيقة لا أعتقد أن هناك امكانية لكسب هذه المعركة من قبل هذه القوى المحتلة التي وجدنا الآن أصوات بدأت ترتفع داخل ايران نفسها تتحدث عن جدوى هذه العملية وأصوات أيضا داخل روسيا تتحدث أيضا عن أن هذه العملية لم تعد لديها أهداف قابلة للتحقق رغم كل آلة الدعاية وآلة التحريض وآلة الكذب التي تنتشر في ايران وتنتشر في روسيا. هناك الآن معركة كبيرة تتضامن فيها ارادة السوريين مع ارادة الشعوب المتحررة بما في ذلك الأحرار في ايران والأحرار في الشرق الأوسط وأيضا معارضي النظام الروسي. نحن الآن في مرحلة نسميها مرحلة عض الأصابع التي كل طرف ينتظر لكي الطرف الآخر لكي يصيح متألما .. ربما هناك ضعف من قبل الدول التي توصف بأنها صديقة الشعب السوري والتردد وفي مقدمة ذلك القوات الأمريكية ولكن في مقابل ذلك هناك الآن تماسك أفضل مما سبق لدى بعض الدول واستمتعنا أيضا الى الصوت الاوروبي الذي ظهر في مجلس الأمن سواء من خلال الموقف الفرنسي أو الموقف البريطاني وباقي الدول التي تحدثت لأول مرة عن أن روسيا هي شريكة للنظام في جرائم حرب روسيا هي مسؤولة أيضا عن سلوك النظام ولن يطلب منها فقط الضغط على النظام. نحن الآن في مشهد معقد بعض الشيء ولكن أعتقد آنه رغم كل ما يجري ورغم التغيير الديموغرافي و التهجير القسري والاستخدام الهائل للقوة الاجرامية القوة المحرمة دوليا في قصف السوريين لكن ستبقى ارادة السوريين نحو الانتصار تسير بفضل الله سبحانه وتعالى.
واكد العميد رحال في رده على سؤال إحد الأسئلة قائلا: … يكفي أن نقول إن ثلث السلاح من صواريخ ومدفعية وبراميل و… التي القيت على سوريا القيت على مدينة حلب لوحدها بالتالي حلب رغم تأخرها تصدرت المشهد في عملية الاستهداف ان كان من قبل النظام الأسدي أو من ايران أو من العراقيين أو من الطيران الروسي… قاسم سليماني قال قبل حوالي شهرين ونصف سنسيطر على حلب ولو كلفنا الأمر مليون قتيل. اذن أهمية حلب عند الروس أهمية حلب عند ملالي طهران أهمية حلب بالنسبة الى النظام أوجدت هذا الضغط المتزايد من الضغط العسكري… نحن الآن نعيش وضع حقيقة مأساوي ولكن النقطة التي يجب أن يسعى اليها المجتمع الدولي بخجل من أن كل القصف الذي ينال مدينة حلب كان لتدمير البنية التحتية استهدف مراكز الدفاع المدني استهدف مراكز الاغاثة استهدف المشافي استهدف النقاط الطبية حتى دور العبادة لم تسلم. محطات الكهرباء محطتي الماء تم تدمير الأولى وتم تعطيل الثاني وبالتالي أصبحنا أمام أجندة واضحة المطلوب الآن اخراج السكان من مدينة حلب بدل من ايصال الاغاثة. واضح أن نظام الأسد غير قادر على تأمين الحماية وتأمين القدرة البشرية للسيطرة على 400 ألف مواطن لأنه يشعر أن كل واحد من الموجودين قنبلة موقوتة بوجه هذا النظام. نحن الآن أمام عملية تهجير تحصل بالقوة… الشعب السوري قال كلمته قد نخسر حلب وخسرنا حمص وقد نخسر مدن أخرى لكننا لن نخسر الارادة لن نخسر التصميم ولن نخسر الهدف الذي خرجنا من أجله.