لن نعرف على وجه الضبط ماذا حدث بين باراك أوباما ووزير دفاعه تشاك هيغل، إلى أن يضع الاثنان مذكراتهما. وحتى عندها، سوف تحذف الرقابة الذاتية والرقابة الحكومية بعض الحقائق، لكن ما نعرفه من الاستقالات أن الرئيس الأميركي قد يختلف مع وزير خارجيته أو وزير الدفاع، ولو أن الرئيس هو الذي ينتصر، كما هو مفروغ منه.
تحدث المشكلة المعاكسة عندما يخضع الرئيس للوزير، أو لمن هو دونه. إلى الآن، يدرس المؤرخون دور وكيل وزارة الدفاع بول وولفويتز، في قرار احتلال العراق. يقال إن وولفويتز هو الذي أثر في قرار وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، ورامسفيلد أثر في قرار نائب الرئيس ديك تشيني، وتشيني أثر في قرار الرئيس جورج دبليو بوش.
جميعهم كانوا في الإدارة خلال حرب الكويت، لكن جورج بوش الأب لم يصل إلى درجة احتلال بغداد. والسبب الأول أنه كان يخشى أن تنسحب الدول العربية من التحالف، إذا قرر احتلال العراق. وكذلك كان رئيس أركانه العسكري كولن باول ضد الفكرة، وعندما أصبح باول وزيرا للخارجية، في عهد بوش الابن، كان أيضا ضد مشروع الاحتلال. لكن فريق وولفويتز هو الذي انتصر. واحتل العراق من دون تحالف عربي، ومن دون قرار أممي. وأقدم بوش الابن على تفكيك العراق، في حين أحجم والده، خوفا أيضا من أن يصبح العراق دولة هزيلة أمام القوة الإيرانية المتصاعدة.
كان تأثير الأستاذ الجامعي السابق واضحا على مسؤوليه في الإدارة. فهو ذو مظهر متواضع وصوت خافت. وعندما خلع حذاءه ليدخل أحد مساجد تركيا، لاحظ الجميع أنه يضع جوارب مثقوبة. وهذا المؤثِّر في الآخرين، كان يخضع بدوره لتأثير زوجة يهودية، ومن ثم لزوجته الثانية، المسلمة، شاها علي رضا. أما التأثير الأكبر، فقد جاء من العراقي أحمد الجلبي، الذي دخل بغداد مع الأميركيين بحراسة ماردين من رجال المارينز.
يحمِّل المؤرخون الجدد بول وولفويتز، المسؤولية الأكبر في خطأ الاحتلال ونتائجه المادية (300 مليار دولار)، والسياسية. وفي رسم شخصيته، يروي كتاب «كنغ ميكر»، أنه ولد لمهاجر بولندي وأستاذ جامعي كان من رواد الحركة الصهيونية في أوروبا. وتلقى هو علومه في جامعة شيكاغو المعروفة بالغلاة في السياسة الأميركية، الدولية والمحلية. ومن بين مناصبه السياسية، سفير في جاكرتا، حيث شاهد الديمقراطية تعود، فاعتقد أن الأمر سوف يكون سهلا في العراق. وفي عام 1991، كتبت أنه بعد الإطاحة بصدام، «لن يعود هناك شيعي وسني وكردي، بل عراقيون».
نقلا عن الشرق الاوسط