دعوني اكون معكم أكثر صراحة…فنحن نتناول خطب جلل ونتحدث عن مصيبة عظيمة، لقد تمت صناعة الدين الموازي لإسلام السماء، وصار ذلك الدين المصنوع هو معتقدنا الذي ندافع عنه وهو منهاجنا الذي نعتقده…وصار هو الدين الذي يتم تدريسه بمعاهدنا الدينية ويتم بتحصيله الحصول على أعلا الشهادات الدراسية والبحثية.
إنه دين يسمى [الإسلام] لكنه يتنافر مع إسلام السماء ولا يلتق معه أبدا…
1. فهو دين تجد فيه ضرب الرجل لزوجته لتأديبها وهو يتنافر مع المعروف الذي استحث القرءان الناس ليكون بين الزوجين…ومع هذا وضعوا ذلك الضرب أنه من شريعة الله…ثم قاموا بما يسمى بدعة الضرب بالسواك ليخففوا مصيبتهم وليستمر طمس المعروف الواجب بين الزوجين.
2. وحللوا للرجال جميعا تعدد الزوجات…بل وأوجدوا له أسبابا تتنافر مع مرامي آيات الذكر الحكيم.
3. وأرغموا النساء جيعهن الإفطار في نهار شهر رمضان طالما كانت إحداهن حائض أو نفساء….وزعموا بأن ذلك هو شرع الله.
4. وأرغموا الأمة الإفطار بشهر رمضان يوميا عند موعد أذان المغرب واعتبروه أنه الليل الوارد بقوله تعالى [ثم أتموا الصيام إلى الليل] ولم يهتموا لتعريف القرءان لمعنى كلمة [الليل] أنه ظلام بلا ضياء…فأفطروا إبان الضياء ودون وجود الظلام…فصار أذان المغرب للطعام والشراب هو نهج كثير من بيوتنا..وتأخرت صلاة المغرب لما بعد الانتهاء من التهام الطعام..
5. وصنعوا السلام على رسول الله بالصلاة بينما يقول تعالى [أقم الصلاة لذكري] بل وصنعوا خطابا مع الرسول إبان الصلاة وتم إرفاقه مع خطابهم لله في الصلاة فيما أطلقوا عليه اسم [التشهد].
6. وصنعوا رجم إبليس بالحج والعمرة فرجموا الأحجار بالأحجار وتوهموا أنهم يصيبون إبليس ولم يعلموا بأن ذلك تجسيد لما يمتنع تجسيده بالإسلام..وأنه فعل لم يأمر به الله..
7. وأوجبوا الهرولة للرجال بين الميلين الأخضرين بالصفا والمروة ومنعوا هرولة النساء بينما أن الهرولة سُنّة عن امرأة هي السيدة هاجر رضي الله عنها وكانت الهرولة بسبب لعدم رؤيتها خط الأفق لكنهم صنعوا إسلام التقليد الأعمى فهم يهرولون مع غياب السبب.
8. وصنعوا شريعة قتل المرتد وقتل الكافرين الذين وصلتهم دعوة الإسلام فأفسدوا مرامي آيات القرءان التي تمنح حرية الاعتقاد بالإيمان أو الكفر.
9. وصنعوا شريعة قتل تارك الصلاة بعد استتابته لثلاثة أيام… وقتل المفطر عمدا بشهر رمضان بغير عذر…وصنعوا استحلال قتل الزنديق والمثليين وغير ذلك من الفئات كثير….. وأطلقوا على ذلك أنه [شريعة الله] بينما الله ورسوله بريئان من تلك الشريعة.
10. وابتدعوا شريعة قتل المستهزئ بكتاب الله رغم أنف القرءان القائل بعدم مصاحبتهم مؤقتا فقط…لكنها صناعة الدين الموازي والغليظ والسفيه الذي تغذيه شياطين الإنس والجن لخدمة لإبليس.
11. وصنعوا شريعة تسمى الفتوحات الإسلامية واعتبروا من قام بها فهو بطل في نظرهم المعتل والبعيد عن كتاب الله…وكل هذه الأمور السابقة واللاحقة صنعت البلادة في إحساس المسلمين بدلالات القرءان وآياته.. حيث تم إحلال فقه السُنَّة مكان فقه القرءان وتدبره الواجب علينا…وحل فقه العنف والدم والكراهية والعنصرية محل فقه القرءان الداع إلى الحكمة والموعظة الحسنة وفقه أن من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
12. وقام أئمة المساجد بعملية تحدي جماعي لكلمات الله وأوامره ونواهيه حينما جهرون بالصلوات بمكبرات الصوت وهم يتراشقون بها ….وياليتهم كانوا بقومون بتأدية الصلاة من خلال سماعات لتوصيل الصوت للمصلين…لكنهم يقومون بها بواسطة ميكروفونات…بل ويتراشقون بها بين بعضهم البعض وبخاصة بخطب الجمعة وأداء صلوات الفرائض وقيام الليل بالمساجد فيما يطلقون عليه اسم [التراويح]…بينما أمرنا الله بالصلاة تضرعا وخُفية ودون الجهر من القول… ونهانا عن الجهر بالصلاة أو التخافت بها..
13. وجعلوا للقرءان قراءات عشرة يختلف بها المعنى لكنهم اعتمدوا تلك القراءات العشرة بل وهناك القراءات الخمسة عشر….بينما هم لا يدركون أنهم مختلفون في معنى كلمات القرءان…وباتالي اختل فهم الأمة للقرءان وفقا للقراءة التي يقرأ بها كل فريق..
14. ولما لم يعرفوا سببا للاختلاف في تكوين أحرف الكلمة القرءانية المكتوبة عن أحرف الكلمة الإملائية …فقالوا عن القرءان بانه بالرسم العثماني بينما هو بالرسم الرحماني الذي له معانيه المختلفة باختلاف أحرف كتابة الكلمة القرءانية….ولم يكلف أحدهم خاطره ليبحث دلالات تلك المعاني …بل ويرفضون اعتماد أي جديد في البحث بهذا الأمر.
15. وقالوا بأن بالقرءان ناسخ ومنسوخ فأوقفوا فعاليات بعضا من آيات كتاب الله لذمة تلك القاعدة الشيطانية….ويا ليتهم اتفقوا على ناسخه ومنسوخه المزعوم….لكنهم اختلفوا فيه ففاض كيل الانحراف بعدم فهم كتاب الله.
16. وزيادة في الانحراف فقد جعلوا من مدونات السُنَّة حاكما على مدونات القرءان فقالوا بالأحكام التالية:
• السُنَّة النبوية المخصصة لعام القرءان الكريم.
• السُنَّة النبوية المقيدة لمطلق القرءان الكريم.
• السُنَّة النبوية الناسخة لحكم ثبت بالقرءان الكريم.
• السُنَّة النبوية التي جاءت بأحكام لم ترد بالقرءان الكريم….
وكل ذلك يتم تدريسه بالمعاهد الفقهية ويتم توارثه لتغليظ فسق الأمة وانحرافها بينما هم يجسبون أنهم يحسنون صنعا….إن علمائكم لا يستحون حين يقومون بتقديم فقه الرواية على فقه الآية….
17. واعتبروا أن كل المسيحيين واليهود كفّارًا… مخالفين بذلك قول ربنا بالقرءان في عدة آيات…..بل وتراهم يُكَرّسون ويكررون قول آيات بعينها لتفي بغرضهم في هذا الصدد، بينما يطمسون ذكر الآيات التي تؤكد عدم كفر كل المسيحيين واليهود وكل صاحب رسالة سماوية….تماما كما كانت تعمل بعض أحبار اليهود.
18. وهم حينما لم يفهموا كلمات القرءان فقد خلطوا الأمور فلم يبينوا للناس الفرق بين الساعة والقيامة فقالوا بعلامات الساعة الصغرى وعلاماتها الكبرى…..
ولا بين الرؤية والنظر والبصر ليعلموا مراد الله في غض البصر….
ولا بين معنى [أهل الكتاب ـ أوتوا الكتاب ـ آتيناهم الكتاب] فلما اختل فهمهم أوجبوا الجزية على كل مسيحي ويهودي مخالفين بذلك القرءان الكريم….
كما لم يفهموا الفرق بين كلمة [رأى ــ رءا] وكلاهما بالقرءان وينطقان نطقا واحدا لكن الأولى تعني رؤية البصيرة والثانية تعني رؤية البصر…ومع هذا لم ينتبه أحد….. [نعمت الله ـ نعمة الله ] …[لعنة الله ـ لعنت الله]….الخ… ومئات من هذا لم يفهموه فاختلت بالأحكام وأطلقوا عليها بأنها أحكام الله وأنها أحكاما شرعية.
19. وبرز عدم فهمهم لكلمات الله في تشريعهم نكاح الرضيعة والصغيرة وما ذلك إلا لعدم فهمهم معنى قوله تعالى بالآية رقم 4 من سورة الطلاق [وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ]….وبهذا اجازوا نكاح البنات قبل أن يبلغن المحيض…بل وقالوا عنها بانه سنن حيث صنعها لهم البخاري رجما في شرف رسول الله.
20. وفهموا القطع الوارد بالقرءان في حق السارق والسارقة أنه بتر لكف اليد لأنهم لا يدركون الفرق بين [البتر ـ القطع ـ التقطيع] ولأنهم اتخذوا من ثقافات وفهم الأجداد وسيلة للتقرب إلى الله رغم نهي الله عن ذلك الأسلوب في العبادة.
21. ونشروا بين الناس معتقد بفكرة عذاب القبر رغم أنف صريح الآيات بتأجيل عذاب المعذنبين ليوم الحساب، لكنهم قاموا بتقديم الآيات ظنية الدلالة على الآيات قطعية الدلالة ليصلوا إلى المصادقة على انحرافاتهم الروائية.
22. وتصادموا مع القرءان حين قالوا بعصمة النبي…بينما حقيقتها القرءانية أنها عصمة الرسول….أما النبي فهو يصيب ويخطئ لأنه واقع بشري أما الرسول فتعني الرسالة وهو معصوم بشأنها فقط…وهناك آيات عدبدة تعيد وتراجع وتلوم النبي في بعض تصرفاته وأخرى تغفر له ذنوبه…لكنه الانحراف الفكري والفقهي المتصادم مع كتاب الله والذي توارثناه من خلال الإسلام الموازي..
23. والصحابة ليسوا كلهم عدول كما انتهى إلى ذلك الفقهاء…لكن بعضهم عدول وبعضهم وصلوا لدرجة أنهم ملاعين وعدهم الله بالخلود بالنار…مثل أولئك الذين أغمدوا سيوفهم في صدور وبطون صحابة مثلهم وتابعين من المؤمنين في حروب نشبت بينهم…
وبعضهم منافقون لا يعرفهم أحد وسيعذبهم الله مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم….لكنه الفرق بين ففقه القرءان والفقه البشري الذي لم يهتدي بهدي القرءان فصنع لنا الدين الموازي للإسلام عقيدة وشريعة.
24. ولما انحرف فقههم وفهمهم قالوا بأن أمية الرسول الواردة بالقرءان تعني عدم معرفته للقراءة والكتابة وهو مما يتصادم مباشرة مع كتاب الله بشأن العقيدة…فهو حتى لو كان لا يعلم القراءة والكتابة [وهذا مستحيل] لأنه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها….فطالما امره أن يقرأ فهذا داخل في مقدرته…..لكن وعلى فرضية جدلية بعدم معرفته القراءة والكتابة فإنه بمجرد أن يصله مراد الله [اقرأ] فهو يقرأ بحول الله وقوته لقوله تعالى [إنما أمرنا لشيئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون]….لكنه الدين الموازي الذي يعترف يالرواية ويطمس الآية.
25. ولأنهم يريدون تعظيم النبي بكل ما تطاله افكارهم فقد ابتدعوا ما يسمى بالطب النبوي وقالوا عنه بأنه وحي من السماء وصدر عمن لا ينطق عن الهوى …فأفسدوا العقيدة الإسلامية بخرافاتهم وانحرافهم..بل وأفسدوا سمعة السنة النبوية…وسخر منا الشرق والغرب من فكاهات الطب المزعوم بأنه نبوي.
26. وإمعانا منهم في معاداة آيات الله فقد صنعوا علما لا يزالون يفخرون به وهو [علم الجرح والتعديل]…ويطلقون أيضا ما يسمى[علم الرجال]…وهي العلوم التي تم تشييدها على صرح من ممارسة الغيبة والنميمة والتنابز بالألقاب ليصلوا إلى ما أطلقوا عليه أنه [العدل الضابط] الذي يأخذون منه الرواية عن رسول الله ليصنعوا علم الحديث…فصنعوا علوما تم تشييدها بالمعصية المباشرة لله باستباحة الغيبة والنميمة والتنابز بالألقاب.
27. وهم لما فهموا معنى الصراط المستقيم من البخاري ظنوا بأنه جسر على جهنم تعبره الخلائق يوم القيامة ، ولم يفطنوا أنه السلوك المطلوب من العبد المؤمن حال الحياة.
28. وطمسوا كل الآيات التي تقول بأنالله يورث الجنة لكل من يعنل صالحا في الدنيا…. {وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }الصافات39……
لكنهم وفقا لما دأبوا عليه من معاداة كتاب الله فقد قالوا بأن الناس تدخل الجنة برحمة الله وذلك وفقا لمكتوبات السُنّة التي تعادي القرءان الكريم.
29. ولأنهم لا يرتوون من القرءان فقد شرعنوا عدم استحقاق الزوجة المسيحية أو اليهودية لإرث من زوجها المسلم…وصادروا حق الوارث في الوصية…وجَمَّدوا الوصية لغير الوارث في حدود ثُلُث التركة فقط.
30. ولم يفهموا بأن الصلاة على النبي هي الدعاء له وليس ردّا للأمر على الآمر كما اعتدنا على ذلك حال ممارسة فقه القطيع الذي لا يفكر بعد تفكير أهل العمائم واللحى….لذلك تجدهم يأمرون الله بأن يصلي على سيدنا محمد رغم أن الله هو من أمرهم بالصلاة عليه.
31ـ وجعلوا للفقه الإسلامي أئمة أبعة اختلفوا في كل شيئ وزعم الفقهاء بأن اختلافهم رحمة حتى انهم اختلفوا في [بسم الله الرحمن الرحيم] فقال بعضهم أنها ليست من الفاتحة.
32ـ وإمعانا منهم في العنصرية فقد قال المفسرون المعتمدون بأن المغضوب عليهم والضالين الواردين بفاتحة الكتاب هما اليهود والنصارى…..وقال الإمام مسلم بان الله سيضع ذنوب المسلمين على كاهل اليهود والنصارى ليدخل المسلمون الجنة ويتم إدخال اليهود والمسيحيين النار يوم القيامة.
سأكتفي بهذا القدر وإن كان انحرافنا أكبر من هذه الصفحات…لكنه حقنا للوقت ومنعا للملل أدعوكم لتفكروا وتتدبروا وتهتموا بالقرءان ولا تعتمدوا فقها في العقيدة أو الشريعة يخالف نصوصه….ومن يتعلل بالسُنّة فهذا نرد عليه بأن رسولنا الأكرم كان قرءانا يمضي على الأرض ولم يتنزل عليه سُننًا تخالف القرءان الكريم…وأنه من الواجب علينا ان نمارس دين الإسلام السماوي وليس ذلك الدين الأرضي الموازي للإسلام والذي صنعه الفقهاء بأيديهم وأدمغتهم القاصرة..
وأرى وغيرى العقلاء بأن تغيير ذلك الدين الموازي لن يكون إلا من خلال تضافر جهود أجهزة الحكم بجميع مؤسساتها للعمل على وضع خطة إعلامية وثقافية وتعليمية وفقهية لتفعيل إستعادة دين الإسلام السماوي.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض وباحث إسلامي