الدول العربية الى اين ! !

المتابع للوضع العربي الراهن ، يلاحظ أن الدول العربية تمر بأسوأ مراحلها ، نعم أنها دول مستقلة ولكنه أستقلال صوري ، دول لا تحكم بل تحكم ( بضم التاء ) …روؤساء / ملوك / أمراء هم بالنتيجة حكام ( أغلبهم ) صور مشوهة / للحاكم الأوحد ، فشلوا في السياسة ولكنهم نجحوا في تحقيق مصالحهم الخاصة !! وأبقوا شعوبهم في زنزانة كبيرة أسموها الوطن ، فكيف يحكمون !! وهم أبعد ما يكون عن الحراك السياسي الدولي المتمثل بعالم تحكمه التكتلات الأقليمية و الموازنات الدولية و المصالح الأقتصادية المقترنة بالسياسات الدولية أضافة الى دور الشركات العظمى أقتصاديا .
نحن دول الشعارات ، أمضينا عقودا من الزمن نهتف لفلسطين ..( الهدف المركزي هو تحرير فلسطين ، معركة المصير الواحد ، عودة اللاجئين ، سنعود ، معركة حتى النصر، بالروح بالدم نفديك !! ..) وبعد أن خضنا ثلاثة حروب رئيسية / 1948 ، 1967 و 1973، قادة القضية باعوا القضية فلا تحرير ولا عودة ولا أرض .
حكام خطب و كلام وليس حكام أفعال وأنجازات ، في حفل التتويج / التنصيب يقسم الحاكم أن لا يخون الوطن وأن يخدم الشعب ، بعدها يكفر بأي شي يتعلق بسيادة الوطن وبكرامة الشعب .
حكام يندى لهم الجبين / في تاريخنا العربي القديم / العهد العباسي لدينا نموذج مميز ، المستعصم بالله ( أخر الخلفاء العباسيين والذي حكم بين 1242 – 1258 م والذي أوكل بأهم قراراته لوزيره/ أبن العلقمي الذي خانه و سلمه لهولاكو / القائد المغولي ليهلكه بكامل طاقمه من الأمراء والقضاة و الوجهاء … ) يقال عنه كان طيبا ومتدينا !! ولكنه لم يكن متمرسا في الحكم ، فلم يجييش الجيوش لمجابهة الغزاة لأدعائه بعدم كفاية الاموال لدفع رواتبهم ( لأن الاموال كانت تدفع للملذات و اللهو / الجواري والغلمان ) ، هذا الخليفة سلم بغداد حاضرة الدنيا الى الغزاة لان الملذات كانت تشغله عن أمور الوطن وأحوال الشعب ، يعد هذا أول سقوط لبغداد و من أعظم المأسي تاريخيا بالنسبة للعرب وهو أفجع من السقوط الثاني لبغداد نيسان / 2003 ، أما الأن نمر بمرحلة سقوط من طراز جديد يتعلق بالهوية و الانتماء الذي سيتضح لاحقا ، وهذا كله نتيجة للجهل السياسي التي تمر بها حكومة العراق الحالية أضافة الى أنعدام الولاء للعراق أرضا وتاريخا وحضارة لأن كل شي الأن أصبح له سعر وثمن !
الدول العربية دول مشرذمة لا يوحدها هدف ولاتجمعها غاية ، دول ليس لها ستراتيجية موحدة
وانما لكل منها مصالح تحارب من أجلها ، دول تدخل في تحالفات ولكنها تنظر الى مصالحها الخاصة ، لذلك نرى بعدم وجود أي دور مؤثر لقرارات جامعة الدول العربية في سياسات الدول العربية !
ونظرة الى تاريخ بعض التحالفات العربية حديثا نرى بأنها تحالفات أكثرها أنهار أو تفكك لاحقا / حيث قامت الدول العربية بتأسيس التكتلات والتحالفات في التاريخ الحديث لغايات أنية مرحلية
مثلا :
* جبهة الصمود و التصدي – نوفيمبر1977 وتضم ليبيا ، سوريا ،العراق ، منظمة التحريرالفلسطينية واليمن . الجبهة لم تحقق شيئا و أنهارت لاحقا !!
* مجلس التعاون الخليجي – مايو 1981 ويضم السعودية ، الامارات ، الكويت ، عمان ، البحرين
وقطر ، المجلس به تحالفات وتجاذبات داخلية لزعامة / لقيادة المجلس أضافة الى أن قطر دائما تغرد خارج السرب ، والمجلس مهدد بالتفكك !!
* مجلس التعاون العربي – فبراير 1989 والذي يضم العراق ، اليمن ، الاردن و مصر .
أنهار لاحقا بعد دخول العراق للكويت ( علما أن مصر متمثلة برئيسها حسني مبارك أول من باع حليفه العراق / برشوة في مؤتمر القمة العربي الطارئ المنعقد في مصر عام 9.8.1990 والذي مرر قرارا بتدخل القوات الأجنبية !! ) .
دول حكامها تجار يتقاضون العمولات والرشاوي حالهم حال رجال الأعمال ، يحكمون الدولة بمشاركة كل أفراد العائلة أضافة الى الأصهار و النسباء ، لأن الحكم بالنسبة لهم مشروع تجاري خاص !!
أما الوضع العربي / بعد 2011 قالوا عنه انه الربيع العربي ! الربيع الديمقراطي ! وهو بالأحرى بداية الأنقسام العربي وبداية المذهبية العربية و بداية التوزيع الأثني و العرقي و القبلي ، نعم أنهم أرادوا الحرية ولكنهم لم ينجحوا في أدارة الوضع ، وأكبر دليل مايحدث في الدول العربية على سبيل المثال وليس الحصر ( العراق ، سوريا ، ليبيا ، لبنان ، الصومال ، تونس والبحرين … ) دول ستتقسم و المنقسم منها سيتوزع بين رجال مراكز القوى .
أما العراق ! فكله علامات أستفهام ، فالكتل والجبهات والتحالفات والأحزاب في تطاحن وتناحر من أجل المصالح و الكراسي ( لأن كل فئة لها أهدافها و أرتباطاتها الأقليمية و الدولية ) و الشعب يدفع الثمن . فأذا تركنا جانبا فكرة الخلافة الأسلامية التي تنادي بها (داعش ) وأبتعدنا قليلا عن من يحارب أو متحالف معها ، ومن يمول ومن يخطط ويدعم هذه المنظمات / الارهابية التي ظهرت بين ليلة وضحاها ، فبعيدا عن كل هذه التساؤلات التي ستدخلك في دوامة يعقبها متاهة أخرى ، لوجدنا وضع العراق … كسفينة محطمة مغرزة في واقع طيني ، البوصلة مفقودة والمجذفين غير منتمين للسفينة وكان الحاكم السابق / المالكي يمتطي حصانه لا يستطيع التجول في السفينة لعدم معرفته وجهله في أدارة الدفة ولا أن يترك السفينة لأنه سيغرق .. فطوبى لركاب السفينة ! أما ورئيس الحكومة الحالي / العبادي سوف لا يتركوه الاخرين أن يحكم لتضارب المصالح !!
ويحضرني بهذه المناسبة البيت الشعري التالي لشاعرنا / العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري رحمه الله الذي قال :
حييت سفحك عن بعد فحييني يا دجلة الخير يا أم البساتين
فقم من رقادك أيها المارد العظيم وأشهد واقع العراق الحالي الأليم ، فدجلة نضبت مياهها وأصبحت مدفن للجثث و البساتين التي ناشدتها حرقت و باتت مقابر جماعية !!

About يوسف تيلجي

باحث ومحلل في مجال " نقد النص القرأني و جماعات الأسلام السياسي والمنظمات الأرهابية .. " ، وله عشرات المقالات والبحوث المنشورة في عشرات المواقع الألكترونية منها ( الحوار المتمدن ، كتابات ، وعينكاوة .. ) . حاليا مستقر في الولايات المتحدة الأميريكية . حاصل على شهادتي MBA & BBA .
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.