الدولة في ايران لن تشذ عن منطق التاريخ

*د . حسن طوالبهhassantawalba
ان دراسة تاريخ الدول قبل الميلاد وبعده تعطينا حقيقة ثابتة اكدتها دراسات الفلاسفة والمفكرين العرب والمسلمين والغربيين. وهي ان الدولة تنشأ وتصعد وتستقر فترة من الزمن قد تطول وقد تقصر، ثم تأخذ بالانحدار ومن ثم السقوط.
هذا هو حال الدولة اليونانية والرومانية وهو حال ما ألت اليه حروب الفرنجة كما سماها العرب (الحروب الصليبية) كما سماها الغربيون . وكذلك حال الدولة الفارسية والبهلوية. فالدول لها بداية ولها نهاية، كما عرفها المفكر العربي ابن خلدون، ظاهرة في كل مرة تنتهي فيها الدورة السياسية “فالدولة فى نظره لا دائمة ولا مستقرة. وينطلق ابن خلدون في تفسيره لظاهرة عدم استقرار الدولة، من فكرة عزيزة عليه، فكرة أكثر شمولية، وهي عدم إثبات ظواهر الاجتماع الإنساني على الإطلاق عنده، يقول ابن خلدون في مقدمته: ” آن أحوال آلعآلم والأمم وعوائدهم ونحلهم لا تدوم علي وتيرة احده ومنهاج مستقر، إنما هو اختلاف على الأيام والأزمنة وانتقال من حال إلى حال، وكما يكون ذلك في الأشخاص والأوقات والأمصار فان ذلك يقع في الآفاق والأقطار والأزمنة والدول . فالدولة تبقى مؤسسة دائمة التعرض للتبدل والتغيير.
ويفسر الدكتور محمد احمد خلف االله فكرة عدم دوام الدولة واستقرارها علي نحو أخر حيث يراه مرتبطا بمفهوم الدولة فى الإسلام. فالدولة في القرآن الكريم إنما تعني السلطة، والسلطة في القرآن الكريم لا تثبت ابد الدهر ولا تستقر على حال، فإنما تجئ وتذهب وتقوى وتضعف، وهكذا دواليك.
فالدولة كما يقول ابن خلدون لها عمر مثل عمر البشر ينتهي عندما تنعدم العدالة والمساواة بين ابناء المجتمع، ولا سيما اذا كان المجتمع متعدد الاقوام والاجناس والاديان والمذاهب، فهذا التنوع يكون مصدر قوة اذا كان الحكم عادلا، ويكون التنوع مصدر ضعف اذا كان الحاكم ظالما يقسو على ابناء شعبه لمجرد اختلافهم معه بالدين او المعتقد او المذهب.
لقد ايد هذه النظرية اكثر من كاتب وفيلسوف في العالم، كما ايدتها وقائع التاريخ القديم والحديث، وفي التاريخ الحديث سقطت الامبراطورية البريطانية التي كانت واسعة بفعل اسطولها الكبير، كما سقطت الامبراطورية الفرنسية ومعها الايطالية، وسقط الاتحاد السوفيتي، وهاهي الولايات المتحدة تتدحرج من فوق الجبل نحو السفوح، وتعصف بها الازمات الاقتصادية المتتالية، ويسود مجتمعها التفسخ والانحلال.
الدولة الايرانية او الجمهورية الاسلامية الايرانية التي بدأت عهد “ولاية الفقيه” عام 1979 اخذت قدرا كبيرا من الشعبية في بداية عهدها نظرا للشعارات البراقة التي اطلقتها، ومنها معاداتها للولايات المتحده التي اكدتها بمسرحية احتجاز الرهائن فى السفارة الامريكيه فى طهران لمدة زمنية طويلة، وشعارات تحرير فلسطين المشروطة بمرور قواتها من بغداد، وهو الاشتراط الذي تحقق بتحالف نظام الملالي من الولايات المتحدة “الشيطان الاكبر” حسب وصفها الاعلامي الكاذب. وهو تحالف اكده اكثر من مسؤول ايراني في سلطة الملالي ومنهم محمود احمدي نجاد، وقد تباهوا بهذا التحالف مع الشيطان الاكبر في احتلال افغانستان والعراق.
لقد انكشف زيف شعارات الملالي يوما بعد يوم، وظهر حقدهم على كل العرب الذين لا يوالوهم في معتقداتهم الشيطانية التي شوهت مبادئ الاسلام الحنيف، وأعطت أسوأ صورة للمسلمين امام الرأي العام العالمي. أضف الى ذلك شعارات نظام الملالي بنشر معتقدهم في كل العالم الاسلامي بالقوة وبالرشوة والاعلام المضلل، وكذلك استخدام العنف والارهاب ضد منشأت اقتصادية او دبلوماسية لدول اجنبية وعربية. كما ظهر تدخل هذا النظام المتجبر في الشؤون الداخلية لعدد من الدول العربية مستغلا وجود مواطنين في ذاك البلد يدينون بالمذهب الذي يؤمن به ملالي طهران.
انكشف زيف شعارات نظام الملالي المنادي بالحرية عندما ايد الانتفاضات في البلدان العربية المعنية، وعارضها عندما قامت في سورية ضد نظام بشار الاسد الذي يلتقي مع الملالي في المذهب فقط. وقد ظهر زيف شعارات حزب الله الذي يتبع “ولاية الفقيه” في طهران، واعلن زعيمة اكثر من مرة انه يدين بالولاء الى “اية الله خامينئي”، وكذلك هو حال المالكي الذي قدم انتماؤه للمذهب قبل انتماؤه للوطن الذي يحكمه بالحديد والنار والعنف الطائفي.
نظام الملالي نظام ارهابي اداته بالارهاب “قوة القدس” الذي يقودها بيد من حديد قاسم سليماني، وقد نفذ عدة عمليات ارهابية في بلدان العالم والبلدان العربية وراح فيها العشرات من الابرياء. ولم يكتف هذا النظام بالارهاب الخارجي بل مارسة ضد الشعوب الايرانية وخاصة الذين يعارضونه في الفكر والمعتقد. لان شعاره هو “من لم يكن معنا فهو ضدنا” وهو الشعار الذي نادى به جورج بوش الابن.
لقد اعدم نظام الملالي الالوف من الايرانيين المعارضين لفكرة “ولاية الفقيه”، لان هؤلاء اعملوا المنطق العقلاني في تفسير الامور الدينية والدنيوية، ووجدوا ان الاعتقاد بولاية شخص من البشر مهما كانت صفاته، هو من البشر يخطئ ويصيب، لانه ليس معصوما، لان العصمة لعدد من الانبياء خصهم الله بهذه السمة. وعلية لا طاعة لظالم، ولا طاعة لمن يميز بين المواطنيين، ولا طاعة لمن يهدر ثروات البلاد في مشروعات الارهاب، لا طاعة لمن يغلب الاوهام على الحقائق، ولا طاعة لمن يبتكر البدع والضلالات، ويتنكر للشريعة السمحاء.
لقد استهدف نظام الملالي منظمة مجاهدي خلق منذ ان رفضت فكرة ولاية الفقيه، وطاردها داخل البلاد وخارجها، ولو كان نظاما عادلا ونظاما يؤمن بالمساواة بين الناس، ويعترف بالحوار الحضاري، ويعترف بحق الاخر في الرأي والاعتقاد، لما هجر والالوف من الايرانيين من الاساتذة والاكاديميين والمهندسين والعلماء الى خارج البلاد ليعملوا في شوارع المدن العالمية. ولكنه نظام ظالم وبعيد عن منطق العصر الذي ينادي بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان في الحرية والعدالة والمساواة.
هذا النظام وصل الى مرحلة الانحدار وفق منطق التاريخ والنظريات الاجتماعية التي تم استنباطها من واقع الحياة العملية. نظام الملالي بدأ بالانحدار باتجاه السقوط، لانه استنفذ كل ممكنات القوة الروحية ومعها القوة المادية في مشروعات الارهاب والتخريب ضد الانسانية وحقوق الانسان.
قد يتمكن نظام الملالي بالتعاون مع اداته في بغداد من فرض حصار على الاشرفيين القابعين في سجن ليبرتي قرب مطار بغداد، ويمنع عنهم الغذاء والدواء، ويقوم باطلاق الصواريخ عليهم من اماكن حول السجن بعلم وتنسيق قوات المالكي ، ولكن ارادة المناضلين اقوى من ارادة الجبارين اعداء الشعوب، ستبقى ارادة المجاهدين اقوى من الظلمة والارهابيين. والنهاية الحتمية هي زوال الدول التي تحكم بالارهاب، ولا تعير بالا لرفاهية الشعوب، فالعقد الذي يجمع الطرفين قد انفرط، وسوف تنتصر ارادة الشعوب في نهاية المطاف، ويندحر الجبابرة ويرموا في مزبلة التاريخ، ولن يذكرهم المؤرخون الا بالاوصاف التي تليق بهم، كما وصفوا العتاة الجبارين المنتقمين.
. رئيس لجنة الاعلاميين والكتاب العرب دفاعا عن ليبرتي *

About حسن طوالبه

رئيس لجنة الكتاب والصحفيين والكتاب العرب دفاعا عن أشرف. اكاديمي. الاردن.
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.