الخميني… الشاعر الهندي

muf9بسم الله الرحمن الرحيم

علي الكاش
كاتب ومفكر عراقي

في هذا المبحث سنلقي الضوء على شعر الخميني أولا، ومن ثم نتعرف على أصول الخميني من خلال شعره المنشور في ديوانه بالترجمتين العربية عن الفارسية. ونقيم الحجة على المعارضين، لأن الكلام مصدره الخميني نفسه.
الخميني الشاعر
من المعروف إن موقف الإسلام من الشعر واضح وليس فيه غموض، فقد ورد في سورة الأنبياء/5((بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ)). وفي سورة الشعراء224 ـ227 ((وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ. أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ. وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ. إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)). وفي سورة الصافات/36 ((وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ)). وفي سورة الطور/30 ((أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ)). وفي سورة الحاقة41/42 ((وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا. وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)). وأخيرا في سورة يس/69 ((وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ)). وهذا الأمر يفسر لنا تقلص الشعر في فجر الرسالة الإسلامية، ورغم محاولة البعض من أن يستشف من خلال السور الكريمة السابقة إن الغرض ليس التقليل من أهمية الشعر، بقدر ما هو نفي صفة الشعر عن النبي(ص) بعد أن إتهمه قومه بالشعر.
صحيح إن بعض السور تشير الى هذه الحالة وتؤكدها على إعتبار إنه لا يجوز الجمع بين النبوة والشعر، لكن توجد سور أخرى تشير الى نبذ الشعراء كما يتجلى في سورة الشعراء. فقد حُددت صفاتهم بالغاوين والمنافقين على اعتبار إنهم يقولون ما لا يفعلون. وقد أخرج الإمام البخاري الحديث النبوي الشريف” لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا ودما خير له من أن يمتلئ شعرا”. (صحيح البخاري4/50). بل ووصف الشاعر الفحل إمرؤ القيس ” إنه أشعر الشعراء، وقائدهم إلى جهنم”.
البعص الآخر يظن بإن الشعر لم يجزر في فجر الدعوة بل إرتقى وتهذب وتحددت أغراضه ليتوافق مع خلق الإسلام. يمكن القول إنه من هذه الزاوية فقط، يمكن تأييد صحة ذلك، لكن هذا لا ينفِ حقيقة جزره بسبب إنشعال المسلمين بالدعوة الجديدة وحفظ القرآن الكريم واحاديث النبي(ص) والفتوحات وغيرها. لاشك إن الإسلام ضد العصبية والعشائرية والمفاخرة بالأنساب والكهانة والتكسب من وراء الشعر والنفاق والغواية والمغالاة والإسراف في المديح والهجاء والإبتذال الجنسي، وهذه أبرز أغراض الشعر حينذاك.
ربما يستشهد البعض بقول النبي(ص) لحسان بن ثابت” إهجِ قريشاً فو الله لهجاؤك عليهم أشد من وقع السهام من غلس الظلام” وكذلك حديثه” لشعرك أجزل عند قريش من سبعين مقاتلاً، ولشعر كعب بن مالك أشد على قريش من رشق”. على إعتبار أن هذا المديح يعني تشجيعا للشعر! لكن من المعروف ـ لو صحت هذه الأحاديث على قلتها ـ فإن النبي(ص) ربما رغب في دعم فجر الدعوة بالشعراء والرد على الشعراء الذين ناصبوه العداء، سيما أن الشعر كان أفضل وسيلة إعلامية وقتها، ولكن سرعان ما تخلى عنهم. وربما كان حديثه الشريف قد سبق نزول الآيات المذكورة. ولا يغرب عن بالنا إن قريشا هم قوم النبي(ص) وهجائهم يعني هجاءا لأهلة وعشيرته وهذا أمر لا يعقله لبيب، سيما ان هناك الكثير من الأحاديث النبوية التي تشيد، بقريش وإفتخار النبي(ص) بأصله القريشي. علاوة على ذلك هناك أبيات لا تزيد عن عدد الأصابع نُسبت للخلفاء الراشدين الثلاثة أيضا، ولا نعرف مدي صحتها، رغم إنها تصب في خدمة الدعوة الإسلامية والإشادة بالنبي(ص).
لكن الطامة الكبرى هي في ديوان الشعر الذي نسب للخليفة الرابع الإمام علي، بالرغم من ان جميع الروايات التي تتحدث عنه بلسانه تخلو من الإستشهاد بالشعر، كما لم يُسمع يوما من النبي(ص) او الخلفاء الراشدين أشارة إلى شعر الإمام علي، أو إستشهاد أولاده كالحسن والحسين بأبيات من شعره أبيهم المزعوم. والإمام علي إدرى من غيره بموقف الإسلام من الشعر، ولكن نسب الشعر إليه لا يعد غريبا، فهذا الصحابي الجليل ظُلم من المهد إلى اللحد على أيدي من يدعِ إنهم أتباعه! فقد نسبوا له صفات ربانية، ونسبوا إليه فنون السحر والشعوذة والدجل، ربما الشعر يُعد أسهل من بقية الصفات المنسوبة إليه.
كالعادة إنبرى الصفويون الجدد إلى تمجيد الشعر الذي يصب في خدمة العقيدة وتحفيز الشعراء للإشادة بسيرة الأئمة وسماتهم. وهناك من أدخل الغاوين والمنافقين إلى الجنة بسبب قولهم الشعر فقط في مدح أهل البيت، حتى لو كان الشعراء من الزنادقة والماجنين! فقد نسبوا للإمام المفترى عليه الصادق القول”من قال فينا بيت شعر بنى الله له بيتاً في الجنّة”. (وسائل الشيعة10/467). وزادوا الطين بله بأن نسبوا له القول “ما من أحد قال في الحسين شعراً فبكى وأبكى به، إلا أوجب الله له الجنّة وغفر له” (رجال الشيخ الطوسي/ 289). وهذا أمر عجيب! فالجنة عند الصفويين غير جنة المسلمين، هي مفتوحة الأبواب لمن يقول الشعر في أهل البيت، ولمن يبكي على الحسين، ولمن يمارس المتعة، ولمن لا يؤدي أي فروض إسلامية! أي جنة هذه؟ ربما هناك خلط بين الجنة والنار في عقولهم المريضة.
الحقيقة إن الجمع بين الدين والشعر تبدو فكرة غير مستساغة، إلا في حال كون الشعر بأكمله ينصب على العقيدة ولا يخرج عن ضوابط الإسلام المعروفة، وهذا ما لا نجده في الدواوين المنسوبة للإمام علي والإمام الشافعي وغيرهم، مما يجعلنا في شك من أمرها، والله أعلم.
يبدو إن الأحاديث السابقة المنسوبة للأئمة شجعت الخميني على الخوض وحل الغاوين والمنافقين، والحقيقة إن الآية الكريمة(( وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ)) تنطبق على الخميني بحذافيرها. في الديوانين المنشورين للخميني بترجمة عن الفارسية لمحمد علاء الدين منصور. والآخر لغسان حمدان.هناك العديد من القصائد التي تفتقر إلى الإلهام الشعري والحدس والأبداع التصويري، والخيال الواسع، والبلاغة الرصينة، ناهيك عن بقية الإلتزامات في الشعر كالوزن والقافية، ربما لأن شعره بالفارسية، لذا لم يلزم نفسه بها، ولم يتمكن المترجمان من معالجتها، فبقيت جمل ركيكة مضطربة، تحاول أن تجسد الأفكار العقائدية بطريقة رتيبة ومملة للغاية بسبب التكرار. فالديوان معظمه يتناول كلمات مكررة كالمعشوقة والحانة والسكر والدرويش والخانقاه والحجاب والسفور، والطاووس. من الصعب جدا أن ينتقل القاريء من محطة شعرية الى محطة أخرى دون ان يتوقف كإستراحة من الملل والسأم والركاكة. علاوة على الأخطاء الإملائية التي يزخر بها ديوانه مع إنه يجيد اللغة الغربية ويفترض به والمترجمان أن يلاحظا ذلك ويتلافيانها.
من شعره الركيك على سبيل المثال ” لن يذهب ببغاء بستان المحبة إلى صومعة البوم. وأنى لصقر الفردوس أن يكون كلبا معلما”. (الديوان. ترجمة غسان حمدان/77). ومنه” لقد منح تقبيل حبيبتي وعناقها روحي الحياة. وفي فراقها ما من خبر عن التقبيل ولا العناق”.(الديوان/114). كذلك” ففكِ عني قيدي لكي أطير متشقلبا، خرقتي الملوثة هذه وسجادة الرياء”.(الديوان/144). ومنه ” ونحن في حوزة اصحاب النظر كالثلج باردين”.(الديوان/157). كذلك ” إني بعوضة ولكني أغدو طاووسا بلطفك” .(الديوان/253). صدق الخميني في قوله في قصية (اصحال الألم)” في معبد الأوثان نحن كالرجال أوفياء العهد مع عبدة الأصنام”. (الديوان/157).
وفي بعض أشعاره توجد مغالاة لحد الكفر، كقوله في موسى بن جعفر:
وإذا لم يقل موسى بن جعفــــــــــر ولي الحضرة الإلهية إنه إمام للخلق
فإني أعلنها صراحة أنه رسول الله ومعجـزته ابنــته هذه بــلا شــــــــك
لاحط ركاكة الشعر، والغاية الخبيثة منه، فهو يعتبر فاطمة بنت موسى معجزة! وهي صبية عليلة لا ذكر لها في التأريخ سوى إنها كانت مريضة وماتت خلال سفرها للقاء أخيها الرضا. فما هي المعجزة التي أتت بها؟ ثم كيف يجرأ على وصف موسى الكاظم بصفة رسول الله(ص) ، فيكون نبي؟ ويتمادى في المغالاة معتبرا إن الفاطمتين:
وهما ابنتان لم يأت مثلهما من مشيمة القدرة ولن يأتي مقدر قــط
وهذا الشعر نفسه قد حوره من شاهنامة الفردوسي:
من هذا العالم إلى أربعمئة سنة لاحقه ……لن يرى العالم مثل هذه النطفة
ويصف الفاطمتين بقوله “الأولى صارت على فرق الأنبياء تاجا، والثانية على رأس الأولياء مغفر”.(الديوان/308). قد فهمنا فضل فاطمة بنت النبي(ص) بأنها بنت رسول الله لا غير. لكم ما هو فضل فاطمة بنت موسى الكاظم؟ وهل الفاطمتان أفضل من مريم العذراء وآسيا زوجة فرعون وخديجة؟ ثم أفضل بماذا؟ ولماذا؟ ماذا قدمتا للإسلام لتكون إحداهما تاجا فوق الأنبياء، والأخرى كالذات المقدسة بيدها صك الغفران؟
كالعادة فبرك الشعوبيون أحاديثا هزيلة ونسبوها للأئمة منها: عن الإمام الصادق “إن للجنة ثمانية أبواب، ثلاثة منها لأهل قم، تقبض فيها إمرأة من ولدي، واسمها فاطمة بنت موسى، تدخل بشفاعتها شيعتنا الجنة بأجمعهم”. (بحار الأنوار60/288). وعن الإمام الرضا “من زارها عارفا بحقها فله الجنة”. (عيون أخبار الرضا2/267) دون أن يكلف نفسه بتعريفنا ما هو حقها؟ وعنه أيضا “من زار المعصومة بقم كمن زارني”. (رياحين الشيعة5/35). وعن الجواد ” من زار قبر عمتي فله الجنة”، (كامل الزيارات/536). أحاديث تافهة تفضح نفسها بنفسها بأنها من صنع الصفويين وليس الأئمة.
حاول الخميني ان يجمع بين الإسلام (نور فاطمة) والزرادشتية(قوى النور والظلام) في شعره حيث يذكر في ديوانه:
ولا عجب لهذا الممكن لأن نوره من الزهراء التي نورها من علي ونوره من الرسول
ونور الله في الرسول الأكرم ظاهر وتجلى نوره على علي الحيدر القائد
وشع منه على حضرة الزهراء ثم ظهر من ابنه موسى بن جعفر
هو ذاك النور الذي خلقته مشيئة كن وهو العالم الذي ينير العالم
ذاك النور هو النور الذي من تجلي القدرة أضفى على آنسات الوجود زينة وبهاء
ولو علم الشيطان بهذا النور ما قال عن آدم إنه من تراب وهو من طين وهو من نار
شرف الممكنات كلها من هذا النور وإلا لبطلت عن بكرة أبيها
(الديوان/ ترجمة محمد علاء /213)
وحول نور فاطمة المزعوم أجاب جواد التبريزي عن سؤال يتعلق بحضور فاطمة في مجالس النساء بقوله” الحضور بصورتها النورية في امكنة متعددة في زمان واحد، لا مانع منه، فإن صورتها النورية خارجة عن الزمان والمكان، وليست جسما عنصريا ليحتاج إلى الزمان والمكان”. (للمزيد راجع صراط النجاة للخوئي3/438). طرح زرادشتي واضح.
في قصيدة الخميني بعنوان (الإنتظار) عن الإمام المهدي، يتجاوز الخميني بشكل سافر على القرآن الكريم بقوله” ان القرآن كله فصل مختصر في مدحه. سلطان الدين ملك الزمان، مالك رقاب الرجال والنساء”.(الديوان/213).
ويتلاعب الخميني في شعره بألفاظ القرآن الكريم ولا يحصر الآيات بين أقواس كقوله” قل للمدعي حسبك جنة النعيم”.(الديوان/46) ويقصد بها سورة الشعراء/58 (( وإجعلني من ورثة جنة النعيم)).
وقوله: العارفون بوجهك، كلهم ظلوم وجهول”. (الديوان/50) في إشارة إلى سورة الأحزاب/72(( وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا)) و” ان كنت آدميا فما حدث لعلم الأسماء؟(الديوان/85). من قوله تعالى في سورة البقرة/31(( وعلم آدم الأسماء كلها)) وأيضا” قل لجميع الموابذة، إن طريقنا يختلف وطريقكم، فلكم دينكم ولي ديني”. (الديوان/124). من سورة قل يا أيها الكافرون آية/ 6((لكم دينكم ولي دينِ)). وكذلك يفعل مع الأحاديث النبوية الشريفة كقوله” ان الفقر فخر إن فرغ المرء من العالم”.(الديوان/77) وهو من حديث النبي(ص) ” الفقر فخري، وبه أفتخر”.
الخلاصة: من ديوان الخميني تخرج بنتائج.
أولهما: تمجيده لملوك المجوس. له قصيدة بعنوان (شيخ المجوس) مطلعها” العهد الذي كنت قد عقدته مع الشيخ بائع الخمر”.(الديوان/123). ويشبه قلبه بدير المجوس” كروب عشقك بروحي غير أني لا أفصح عنها لأحد. لا أقدر نشر مكنون قلبي لأمريء. فليس في دير المجوس هذا من يكتم الأسرار” .(الديوان/64). وكذلك ” اعتكفت من بعد هذا بباب شيخ المجوس. إذ أغناني عن كلا الدارين برشفة من خمرة”. (الديوان/74). ومنه ” كنٌ خادم شيخ المجوس ففي مذهب العشق ما من حاكم غير المعبودة حاملة الكأس”.(الديوان/102). وقوله” جئت الى باب شيخ المجوس صاحب الأسرار. طردوني عن زقاقك بإذلال”. (الديوان/130). و” وأنا جئت مترنما إلى دير المجوس بقلب حزين، وتوجهت من الدير الى المسجد”.(الديوان/130). و” فلا تحقرن كوخ شيخ المجوس فأني أشم عطر الحسناء من بابه وجدرانه”.(الديوان/148). و” في بلاط شيخ المجوس شيوخ عبيد مضاجعون للمحبوبة” .(الديوان/161).و” حلٌ الربيع فمزقوا عمامة الزهد، وإذهبوا إلى شيخ المجوس واستشيروه”.(الديوان/356). ولاحظ ما يقول في هذه القصيدة في مدح آل ساسان له بعنوان( وصف الربيع ومدح أبي صالح إمام الزمان) ” إستولت قوته (يقصد المهدي) على ما بين بلاد العرب واقليم إيران، وما بين اعالي بلجيكا حتى حدود غازان. والهند والقوقاز والحبشة والبلغار والتركستان والسودان على طراز السهل والجبال بإتساع بحر عمان، لقد تلت دولته ومجده في العظمة دولة آل ساسان”.(الديوان/325). بمعنى حتى دولة المهدي المزعومة تأتي عنده في العظمة بعد دولة آل ساسان! بل انه يشبه المهدي بأحد ملوكهم بقوله” وامر الرعد ان يكون جاهزا بإمتثال أمره كأنه الملك جمشيد”.(الديوان/326)
ثانبا: تمجيد النوروز دون بقية أعياد المسلمين ولم يأتِ على ذكرهما مطلقا، مع إنه أشار الى عيد ما يسمى بالغدير. من قصائده قصيدة بعنوان عيد النوروز ومطلعها” هبت ريح النوروز على السهل والجبال”. (الديوان/29). وكذلك” ما دام تهب ريح النوروز كل سنة في البستان، وينبعث من غيوم آذار الريحان والزهر الى الأرض”.(الديوان/315). أيضا” أحال النوروز القديم من جديد خيالا للشباب”.(الديوان/319). و” في هذا النوروز تسمع الجلبة والثورة في الجنان الثماني وللملائكة أيضا في عالم اللاهوت”.(الديوان/329). و” فهذا النوروز إقترن بميلاد المهدي”.(الديوان/329).
ثالثا. الإشادة بكسرى الذي مزق كتاب النبي(ص) حيث يصف كسرى بالمقتدر ويتغنى به متشبها بقوته” إذ حولتني بجرعة واحدة إلى كسرى المقتدر”.(الديوان/108). وأيضا” لا تتكلموا عن عرش سليمان ولا كرة جمشيد فتاج كسرى الملك لدي”.(الديوان/141). كرة جمشيد حسب الاساطير الفارسية كرة بلورية يرى فيها الملك جمشيد العالم كله. و” في حزنك يا وردتي البرية يا من أنت لي ككسرى”.(الديوان/147). و” فيا كسرى الفلك المعلى، انظر برهة كرما”.(الديوان/314) و” فإنبعث إيها الكسرى من غيبتك وأعن أهل الإيمان”.(الديوان/332). لاحظ يشبه المهدي بكسرى ويناشده البعث.
رابعا: نظرة الغلو عند الخميني، وهي نظرة لها إمتداد في الفكر المجوسي والزرادشتي القديم، وتتجلى في قصائده عن المهدي وفاطمة المعصومة وغيرها. علاوة على بدعة نور فاطمة بنت محمد(ص) المستمدة من صراع قوى النور مع الظلام في العقيدة المجوسية والزرادشتية و عقيدة المخلص المستمدة من العقيدة الزرادشتية
فقد جاء في كتاب(تثبيت دلائل النبوة) بأن المجوس أدعوا بأن موعودهم المنتظر (الميت الحي) هو( ابشاوثن إبن بشاسف) ويقيم في حصن يقع ما بين خراسان والصين. كما جاء أيضا في السفر المجوسي (بونداهش وكذلك باهمان ياشت) بأن” آخر رسل المستقبل سيتجدد في زمانه ويصلح الكون ويقيم القيامة”. ومن الكتب القديمة أيضا التي تناولت فكرة المنقذ ما ذكره الهمداني بأن” المجوس يدعون لهم منتظرا حيا باقيا من ولد بشتاس يدعى بشاوثن وإنه في حصن عظيم بين خراسان والصين”. وجاء في مقتضب الاثر لإبن عياش وبحار الأنوار للمجلسي” لما جلى الفرس عن القادسية وبلغ يزدجر بن شهريار ماكان من رستم وادالة العرب عليه وظن ان رستم قد هلك والفرس جميعا وجاء مبادر وأخبره بيوم القادسية وانجلالها عن خمسيين الف قتل ، خرج يزدجر هاربا في اهل بيته ووقف بباب الايوان وقال: السلام عليك ايها الايوان ها انا منصرف لكني راجع اليك أنا أو رجل من ولدي لم يدن زمانه ولا آن اوانه. قال سليمان الديلمي فدخلت على أبي عبد الله فسألته عن ذلك وقلت له: ماقوله أو رجل من ولدي فقال: ذلك صاحبكم القائم بأمر الله عز وجل فهو ولده”. وهذا كلام صريح بأن القائم من سلالة يزدجر وليس من سلالة النبي(ص).
خامسا. أن الكثير من شعر الخميني مسروق من إبن العربي والحلاج وابن الفارض والشعراء الفرس. على سبيل المثال لا الحصر:
قال ابن العربي: وبيت لأوثان وطعبة طائف وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه، فالحب ديني وإيماني
ويذكر الخميني: المسجد والصومعة والمعبد والدير والكنيسة
حيث يمر ذكرك وهو سكينة فؤادي
نحن حجب وأستار وأنقاب وألثام
والحجب هي ذاتها سري الغامض (الديوان/42)

الخميني يعترف بأصوله الهندية
عندما أشارت بعض المقالات الأجنبية والعربية إلى الأصول الهندية للخميني، إنتاب البعض الغضب والهيجان، وأخذوا يشككون بهذه المقالات ويعتبرونها ذات أهداف مغرضة! والمثير في الأمر إن المعارضين كانوا من العرب وليسوا من الفرس! وهذا طلسم يصعب فك رموزه عندما يكون العرب أشد تعصبا للجنس الفارسي من الفرس أنفسهم! روى ابن أبي شيبة أن جماعة من الصحابة قالوا لسلمان الفارسي” صلِ بنا يا أبا عبد الله أنت أحقنا بذلك! فقال: لا! أنتم بنو إسماعيل الأئمة، ونحن الوزراء”. وروي عن سلمان أيضا قوله: اثِنْتَانَ فَضَلْتُمُونَا بِهَا يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ لاَ نَنْكِحُ نِسَاءَكُمْ وَلاَ نَؤُمُّكُمْ”. (السنة2/336) والحديث النبوي الشريف “يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله”. وقال النبي (ص) ” إن الله أذهب عنكم عيبة الجاهلية وفخرها بالأباء. إنما هو مؤمن تقي، أو فاجر شقي. الناس كلهم بنو أدم، وأدم من تراب”.
وتجدر الإشارة بإن اللقب النرجسي الذي أسبغه الخميني على نفسه (روح الله) يعود إلى النبي يوسف، حيث جاء في التلمود” وكانت روح الله مع يوسف”. (التلمود/130)!
نشر موقع

(Burbuja)

الإسباني مقالا بعنوان (من هو الخميني؟) إستند إلى وثائق سرية تشير بأن الخميني لم يولد في إيران، ولا تجرِ في عروقه الدماء الفارسية، وإنما هو أبن سيدة هندية من كشمير. وأنه لم يكن يستحق لقب آية الله الذي تكرم به شريعة مداري للخميني عام 1964 كي ينقذه من حكم الإعدام الذي أصدره شاه إيران بحقه، على إعتبار إن الحائز على لقب آية الله يُعفى من حكم الإعدام. ويدعي صاحب المقال الوثائقي بأن والد الخميني هو

(William Richard Williamson)

أي (وليم ريتشارد وليامسون) وهو من مواليد 1872 في بريستول، وأورد الكاتب أسماء شهود يؤيدون كلامه، ممن عملوا في شركة النفط الإيرانية البريطانية (بريتيش بتروليوم)، كشهادة الكولونيل آرشي تشيشولم

( Archie Chisholm)

الذي تولى رئاسة تحرير صحيفة (فاينانشال تايمز). ويشير التقرير بأن وليامسون إعتنق الإسلام وغير إسمه إلى (الحاج فضل الزبيري) وإنه تزوج من(7) سيدات من العرب والهند. وإن أحد أبنائه هو (الخميني).
وبغض النظر عن مدى صحة المعلومات الواردة، فأن الذي يدعم آراء المتشككيين في أصول الخميني هو رفضه الحديث عن أصوله، وعدم معرفة النسابين شجرته العائلية، حيث يتوقفون عند أبيه أو جده. وسواء كان الخميني من أصول هندية أو غيرها، فإن عدم فكه لغز أصله ساعد على تثبيت أصوله غير الفارسية. ومع هذا فإن العرق الهندي بحد ذاته لا يعني إهانة للخميني، فالعرق الهندي ليس أقل أهمية ومكانة من العرق الفارسي، والحضارة الهندية أكبر وأهم من الحضارة الفارسية، والهند حاليا أهم وأقوى وأكثر تقدما من جمهورية إيران. ولا نفهم سر الإنزعاج من الأصول الهندية للخميني إلا إذا اعتبر البعض ان الأصل الهندي لا يشرف الخميني، وهذا حمق وغباء لا مثيل له.
فطن الخميني بأنه من الصعب أن يقنع الناس بأنه من سلالة علي بن أبي طالب إذا بقي على أصوله الهندية، ولذا فمن الأفضل أن يتوارى خلف جدار العنصر الفارسي، وذلك لأن الفرس لا تهتم بالأنساب. فخيرهم يعجز عن ذكر إسم جده الرابع أو الخامس، قد قال المتنبي:
وإنّما الناس بالملـــــــوك وما تفلح عُربٌ ملوكها عجم
لا أدبٌ عندهم ولا حسب ولا عهودٌ لـــــــــهم ولا ذمـم
ولأن بعض من ذرية الإمام علي عاشوا في بلاد فارس، ويمكن أن يطعم لقبه في جذعهم عنوة.
لكن محاولة الخميني لإثبات نسبه للأئمة لم تثبت نجاحها، فالكذب حبله قصير، وسرعان ما يتعثر لسانه بكلامه ويعود إلى أصوله الهندية. وربما نسبه غير الحقيقي فضحه الله تعالى على لسان الخميني نفسه. أن إدعاء النسب جريمة مخلة بالشرف، لأنه يخلط في الأنساب، ويضيع للحقوق، علاوة على أنه كذب صريح، وكفر. فقد ورد في الحديث النبوي الشريف ” ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر بالله، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار”. (صحيح البخاري6/539). وآخر”لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفر”. (صحيح البخاري12/54). لاحظ مثلا ترجمة غسان حمدان لسيرة الخميني، حيث يذكر” ولد عام 1902 في خمين إبن أصغر لأب كان الزعيم الديني لمدينته، ولأم من عائلة دينية هي الأخرى، كانت معروفة ومحترمة في خمين”. (ديوان الخميني/7). هذا كل ما جاد به لنا مترجم ديوانه عن أصول الخميني! وكذلك بقية الكتاب الذين تحدثوا عن سيرته.
عن ترجمة حياة الخميني في موسوعة ويكيبيديا ورد” هاجر أجداد الخميني من موطنهم الأصلي نيسابور الواقعة في شمال شرق إيران الى مملكة عودة الواقعة غي شمال الهند، والتي كان يحكمها حاكم شيعي من أصول فارسية. إستقرت العائلة المهاجرة في قرية كنتور. جد الخميني سيد أحمد موسوي الهندي ولد في كنتور، اضطر لمغادرة الهند عام 1830 الى مدينة النجف العراقية. وعام 1834 غادر النجف الى فارس ليستقر عام 1839 في مدينة خمين. وتزوج في خمين لاحقا وانجب ثلاثة بنات وثلاثة أبناء، أحدهم كان السيد مصطفى أب الإمام الخميني. تزوج مصطفى نحو 1882 مع هاجر آغا خانم بنت آقا ميرزا احمد، وكان أحد أولادهم روح الله الخميني”. مجرد ألقاب آغا وخانم وآقا وسيد وموسوي! ولا شيء مثبت تأريخيا حول صحة إقامتهم في النجف وتنقلاتهم المذكورة بين الهند وفارس والعراق.
وردت إعترافات الخميني بأصوله الهندي في ديوان شعره الذي ترجمه غسان حمدان(12) مرة، وقد حار فيها المترجم كما يبدو فيها! ثم فسرها في هامش ديوانه بقوله ” تخلص الإمام الخميني أو توقيعه الأدبي” ولا نفهم ما يقصد من العبارة اللغز! ربما يعني تخص وليس تخلص، وتبقى العبارة غير واضحة! جاء في شعر الخميني” لا يفصح الهندي عن أسرار حبك. ما أنا فاعل وهي مكشوفة بلونها”. (الديوان/40). و” وإني لأقتفي أثرها كل ايامي مثل الهندي. مع إنني لا أوفق في رؤيتها كل أيامي”. (الديوان/59). و” لأحملن روحي بكفي وأعجل بها الى ميدان الوغى. نظم الهندي هذا مع ان استاذا قد أنشد”. (الديوان/69). ويصف نفسه” ذلك المسافر الذي أقام في وادي الروح. لا يغادر مقامك قط مثل الهندي”. (الديوان/72) . كذلك” أنت ملكة جمع الحسان والهندي هو المفتون بك. وكل ما يملكه من حياة، نثره ترابا على عتبتك(الديوان/83). وأيضا” قد أتى الهندي من الهند الى رأس زقاقك. أنى له أن يتناجى مع ملك شيراز وطوس”.(الديوان/120)؟ وفي قصيدة بعنوان (شيخ المجوس) يناجي شيخه بقوله ” ولن تسمع أنت من فم الهندي حديثا آخرا، غير حديث عن صفاء الخمر، وكلام بائع الخمر”.(الديوان/124). ويحدث نفسه قائلا” فأسعد قلبا يا هندي من عاقبة الأمر”. كذلك” إن سمع قصيدة الهندي هذي شاعر شيراز وذلك الأديب البليغ”.(الديوان/309). يقصد بالشاعرين حافظ الشيرازي وسعدي الشيرازي. منها” مادام بقيت الولاية مقررة على ولي العصر، والنبوة لمحمد، والخلافة لحيدر، وما دام شعر الهندي من الرحيق كالسكر المكرر”.(الديوان/333). كذلك” شجيرة حبك في قلب الهندي لا تثمر غير التنهدات والحسرة”.(الديوان/349). ويناجي نفسه أخيرا بقوله” فلا تقرأ حديث ليلة وصالك يا هندي، فأني أخشى عيون الحاسدين السيئة”.(الديوان/149). علاوة على إشارات أخرى منها حديثه عن نهر جيحون الذي ينبع من جبال بامير في الهند ويصب في بحر آرال في روسيا بقوله” فمن همٌ لقاء وجهك، تمتليء المآقي كنهر جيحون”.(الديوان/105). ربما له ذكريات مع النهر بإعتباره يقع في موطنه الأصلي الهند!
هذه نماذج من شعر الخميني التي لا ينفِ فيها أصله الهندي، فلماذا يتنطع المتنطعون ويدعون أصوله الفارسية؟

علي الكاش

هوامش
1. نشر ديوان الخميني بترجمتين:
. ديوان إمام، أشعار الإمام الخميني. ترجمة عن الفارسية غسان حمدان. دار التنوير. بيروت 2009
. الديوان. الإمام الخميني. ترجمة محمد علاء الدين منصور. من منشورات المجلس الأعلى للثقافة في مصر. سنة 2004، ضمن سلسلة المشروع القومي للترجمة العدد 674.
2. سبق ان نشرنا موضوعين مهمين عن الخميني هما: (الخميني يطمر غدير خم، ويهدم كل أحاديث الولاية). والثاني بعنوان(حيرة الإسلام بين الكاتب والإمام/ بجزئين) حول أصل فتوى الخميني بهدر دم الكاتب المأفون سلمان رشدي، يمكن الرجوع اليها على المواقع الألكترونية.
3. نشرنا على موقع البرهان حصريا مبحثا عن الخميني تحت عنوان( الخميني إنموذج صارخ للصفوي الصوفي).
4. نشرنا على موقع البرهان حصريا مبحثا عن الخميني تحت عنوان (الإنحراف الجنسي عند آية الله) يمكن الرجوع اليه على موقع البرهان.

مواضيع ذات صلة:  

الحققية الضائعة: الخميني هو ابن الجندي البريطاني وليم ريتشارد وليامسون 

الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني

About علي الكاش

كاتب ومفكر عراقي . لدي مؤلفات سابقة وتراجم ونشرت ما يقارب 500 مقال ودراسة. لدي شهادة جامعية في العلوم السياسية واخرى في العلاقات الدولية شاركت في العديد من المؤتمرات الدولية لدي خبرة واسعة جدا في الكتب القديمة والمخطوطات
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.