لعبة كرة القدم تعني الكثير للعراقيين, لكن مع الأسف وقعت في يد من لا يرحم, فجعلوا من اللعبة وسيلة للتكسب ومزاد للبيع, على حساب الوطن وحق العراق الكروي, فمصيبة الكرة العراقية تتعلق بالإدارة والقيادات التي تسيطر على العمل, التي هي ألان بؤرة قذرة تحيطها الشبهات والفساد وكل الأشياء النتنة التي تخطر على بال القارئ, مما جعل لعبة كرة القدم في العراق تنزل الى منحدر يصعب الخروج منه.
هنا سنتكلم فقط عن أخطاء الاتحاد العراقي لكرة القدم بحق المنتخب العراقي برسم تصفيات كاس العالم, ولن نتوسع وإلا فأخطائهم فاقت العد.
الخطيئة الأولى: عدم جدية الاستعداد
بعد أن تأهل منتخبنا للدور الحاسم بصعوبة شديدة كانت هناك فترة طويلة قبل أن ينطلق, وكل الاتحاد الأسيوية أعلنت برنامج عمل مكثف وخلايا متشابكة وادوار واضحة لان القادم معركة وليس مجرد مباريات ترويحية, والتاريخ لا يرحم الكسالى والفاشلين.
عمد كل اتحاد الى تهيئة اللاعبين وترتيب القضايا الإدارية وحل أي إشكالات موجود, وتنقية الأجواء وفهم ما تحتاجه المرحلة من معالج نفسي عال المستوى وحشد أعلامي وطني, ومحاولة الاستفادة من الإخفاقات السابقة لان فقط الغبي من يقع دوما في نفس الأخطاء, وهكذا نجحت بتميز اتحادات إيران واليابان وكوريا والسعودية والإمارات وأوزبكستان.
إما اتحادنا النكتة فلم يكن يعلم أن بانتظاره تصفيات كاس العالم, وصنع فوضى عجيبة حيث ذهب بالمنتخب الى اولمبياد ريو وترك مدرب الفريق من دون لاعبيه, الى ما قبل التصفيات بأسبوع, مما جعل الانسجام وهضم الأفكار مع مدرب المنتخب غير موجود, وللهروب رموا الكرة بساحة شنيشل مدعين انه هو من وافق على أن يذهب اللاعبون الى ريو مع عبد الغني شهد, فهل شاهدت مهزلة اكبر من هذه, المشاركة بمزاج المدربين والاتحاد غير معني, مصيبتنا برعاع يحكمون الكرة في العراق.
الخطيئة الثانية: تسمية الكادر التدريبي
كل منتخب ينتظر استحقاق كبير ( ولا يوجد اكبر من استحقاق تصفيات كاس العالم) يهتم باختيار كادر تدريبي خبير ومتمكن كي يعبر الحرب القادمة ( التصفيات المونديالية), حيث كان على الاتحاد أن يختار وقبل انطلاق التصفيات الأولية كادر خبير وجيش من المساعدين والمستشارين والعيون على الفرق الأخرى والمحللين, مع معالج نفسي وخبير في اللياقة ولا ينتظر اشتراطات مدرب ما, بل هو يرتب ويحضر ويجهز لمعركة التصفيات, هكذا تعمل الاتحادات القوية, وهذه الأمور لا تحتاج لأموال بل لعقول تفكر وتعمل, فالعراق يملك عدد كبير من الخبراء مما يمكن تشكيل فريق مرتبط بالمنتخب يكون حاضر معه في كل مكان وليس مجرد استشاريين بل هم جزء من المنتخب.
مثلا أي مدرب يتم اختياره لكن يكون معه أنور جسام وموفق مولى وعامر جميل يكونون مع المنتخب ولا يفارقوه, ليس وجودهم تكميلي بل جزء من المنظومة التي تمد المدرب بالأفكار والخطط وتقيم العمل.
وللعامل النفسي كان من الضروري تواجد لاعبي المنتخب السابقين مثل حبيب جعفر أو سعد قيس أو عباس عبيد, حيث مجرد مشاركة اللاعبين المعتزلين في المران والتفكير وحل المشاكل يخلق جو عالي الاستعداد, لكن مع الأسف الجهلة هم من يقودون الكرة.
مع فريق من الجواسيس والمحللين للفرق المنافسة, وهذا ممكن جدا مع العدد الهائل الذي نملكه من اللاعبين المعتزلين والمدرب السابقين, فانظر لحجم التفريط الذي قام به الاتحاد وضيع علينا الفرصة تلو الأخرى للصعود لكاس العالم.
الخطيئة الثالثة: ضياع أيام ألفيفا
كل دول العالم تستغل الفرصة التي أتاحها الاتحاد الدولي للاتحادات الوطنية لإجراء مباريات ودية, فتقوم المنتخبات باللعب مباريات في كل يوم من أيام ألفيفا الموزعة على أشهر السنة, وعملت كل الفرق المنافسة لنا بتهيئة جدول سنوي حيث حجزت مواعيد ثابتة مع منتخبات وطنية عالمية وأسيوية, مما جعل وتيرة استعداداتها للتصفيات تنضج.
أما العراق فحاله غريبة عجيبة, حيث لم يجد الا معسرات مجانية تتفضل علينا بها بعض الدول, فالاتحاد فاشل جامد نائم أو في غيبوبة لا يقوى على الحركة ولا التفكير, كأن التصفيات ليست مهمة, وأمر خروج المنتخب تحصيل حاصل, وغرق مع الفكرة الغبية الداعية الى تجميع لاعبي الدوري والدخول بهم معسكرات ضعيفة, وفيها خسر كل المباريات ولم تنتج المعسكرات أي لاعب مهم للمنتخب, وضاعت فرص أيام ألفيفا من دون فائدة, وانعكس هذا الأخر على المنتخب.
والاهم أن تكون المباريات الودية مدروسة لا أن نقبل بالفتات التي يرمى لنا, فنقبل بأي دعوة تصلنا, بل يجب إن نخرج من دائرة ( الأردن وسوريا ولبنان وقطر), الى دائرة لقاء الفرق العالمية.
كل هذا لم يحدث فقط حققنا مباراة مع فريق من العمال الهنود في ماليزيا, قبل مباراة اليابان, وحصلت على مباراة مع رديف الأهلي القطري قبل مباراة الإمارات, فكان الاتحاد العراقي يخطط لخسارة المنتخب العراقي, فهل تجد هكذا مهازل الا في الاتحاد العراقي الفاسد؟
الخطيئة الرابعة: عدم جدية السعي لرفع الحضر
في عام 2012 تم فرض حضر جديد بسبب إطفاء الإنارة في أول مباريات تصفيات كاس العالم في اربيل إمام الأردن, وكان على الاتحاد الاستئناف والعمل بجد على رفع الحضر لكن يبدو أن البعض مستفيد من هذا الوضع سفرات ومعسكرات وغيره, مما جعلهم يقبلون بالعقوبة الدولية والتي من الممكن إزالتها لو تعاملنا معها باحترافية, لكن ومنذ عام 2012 والاتحاد لا يتحرك بشكل حقيقي لرفع الحضر,مجرد مهاترات إعلامية وكلام عنتري, لا يصل بنا لشواطئ الأمان.
كان على الاتحاد ومنذ عام 2015 العمل وفق منهج وخطة واليات على رفع الحضر, لكن بقي الاتحاد نائم لا يقوم بخطوة واحدة.
كان يجب أن نسعى لرفع الحضر عن ملاعب البصرة وكربلاء وبشكل قانوني كي تكون ملعب لمباريات تصفيات كاس العالم, كي تكون نقاط مبارياتنا الخمسة مضمونة, لكن بقي اتحاد مسعود في اغمائة تامة لا يقوم منها.
ألان الجهود هي جهود وزير الشباب وليس للاتحاد أي دخل, فانظر لحجم المصيبة التي ترأس الاتحاد العراقي, اتحاد ضيع علينا فرصة الصعود الى كاس العالم عبر تفريطه بحقه, فكسله عن المطالبة بحقه كان خطيئة لا تغتفر.
ألان بجهود وزير الشباب الأمل كبير, وسيغير من لوحة المستقبل والتي نتمنى إن يتبعها تغييرات كبيرة في الاتحاد العراقي.
الخطيئة الخامسة: ضعف القرار والرضوخ للضغوط
الاتحاد لكي يكون ناجحا يجب أن يتميز بالقوة وعدم الرضوخ للضغوط, خصوصا إذا كان يملك منهج وهدف وخطة عمل, وهذا خلاف ما عليه الاتحاد العراقي الهزيل, فحتى ضغوطات الفيسبوك تؤثر عليه والدليل تغيير أكرم سلمان ويحيى علوان كان بسبب الضغط الفيسبوكي, وليس لإرادة الاتحاد في التغيير, فتصور معي مدى هزالة الاتحاد العراقي, وهل تنتظر من هكذا اتحاد تحقيق النجاح, الضعف تسبب بتحويل مسابقات الاتحاد الى فوضى وضياع وفشل فمسابقة الدوري غير منتظمة على مدار سنوات, ومسابقات الشباب والناشئين ألان في عام 2016 تذكرونها بعد نسيان عجيب, والنسيان بسبب الضعف لان الأندية لا تستجيب لإقامة دوري للفئات العمرية.
نحتاج اليوم لقوة في القرارات كي تسير المناهج والخطط المستقبلية, وعندها ستكون الآمال واسعة بتحقيق شي كبير.
ألان التكفير عن هذه الخطايا صعب لان المنتخب غرق, والأمل شبه معدوم, لكن نحن هنا نشخص الخلل, عسى أن يفهم أعضاء الاتحاد جرم ما فعلوا بحق الوطن والتاريخ, ويصححوا مسارات عملهم مستقبلا.