السيد رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو يتسائل (من يضمن لنا ان الدول العربية ستقف الى جانبنا وتدعمنا وتدافع عنا لو تدخلنا عسكريا في سوريا) واستشهد بموقف الجامعة العربية وادانتها للتدخل التركي في العراق عند اطراف الموصل في معسكر بعشيقة للتدريب وكأن لسان حاله يقول يجب على الدول العربية ان تشرعن تدخلها في العراق بعكس إرادة الحكومة العراقية ولكن السيد رئيس الوزراء لم يعلن لماذا سيدخل الى سوريا هل من اجل الاطاحة بـ بشار الاسد ونظامه ام سيدخل لمحاربة داعش والنصرة ام لمحاربة الشعب الكردي فلو كان الهدف هو بشار الاسد ونظامه اعتقد انه تاخر كثيرا ولم يعد الامر بمتناول اليد بعد خمسة سنوات من الازمة و دخول روسيا الى سوريا مع وجود ايران والاتراك لم يطلبوا من النظام اكثر من ادخال الاخوان المسلميين ضمن تركيبة النظام ولا اعتقد ان السيد رئيس الوزراء يقصد داعش او النصرة لان دخول هاتين المنظمتين تم عن طريق تركيا وبعلمها مع تقديم التسهيلات اللازمة لهما .اما اذا اذا كان التدخل من اجل محاربة الشعب الكردي وهو الاكيد.فان هذا يضعه على مفترق طريق مع الدول العربية لان اهدافها بخلاف الهدف التركي هو محاربة النفوذ الايراني ومرتكزاته وهلاله الشيعي الذي بات يحاصر الدول الخليجية وكذلك محاربة داعش لانها تزاحم الانظمة العربية على عروشها بالعكس من الموقف التركي وجيرته الحسنة مع هذه المنظمات والدول الخليجية ليست في وارد زيادة الاعداء بل بالعكس هم يريدون ان يكسبوا الشعب الكردي الى جانبهم في ظل الصراع الطائفي في المنطقة اما علاقة تركيا بايران فان المشتركات بينهما اكثر مما يفرقهم وحجم التبادل التجاري مخطط له ان يصل الى 35 مليار دولار في هذه السنة بالاضافة الى الاتفاقيات الامنية بينهما لمحاربة الشعب الكردي رغم خلافهما في سوريا.وفي الاونة الاخيرة عينت طهران سفير برتبة مسؤول مفوض استثنائي رفيع المستوى في انقرة .حيث لا يوجد سفير ايراني بهذا المستوى إلا في موسكو .تركيا تريد من العالم ان ينظروا بعيونها وحسب مصالحها الى المنطقة واحداثها .ونست ان من ينظر باتجاهين مختلفين بنفس الوقت بصاب بالحول وتختلط عليه الصور عندئذ من الحكمة ان يفكر ان الاخرين غير مصابين بالعمى ليروا ما يراه هو .الموقف التركي من الازمة السورية لا ينتمي الى الواقع الحالي بل يجتر التاريخ من اسوأ مكامنه ينطلق من قبل اتفاقية سايكس ـبيكو يرجع بنا الى عهد الخلافة العثمانية عندما كانت تحكم باسم الاسلام وترى مصالحها من خلال ذلك التاريخ
تركيا تقف وحيدة امام تطورات الازمة السورية رغم انها تملك اوراق قوية للتاثير على الوضع الداخلي السوري اقلها وجود اكثر من مليونين ونصف من المهجرين السوريين وتحكمها الى حد كبير بدخول الاسلحة الى الفصائل المختلفة من المجموعات المقاتلة التي تستخدمها في الوقت والمكان الذي تريده تركيا لا كما تتطلبة ظروف وشروط معركة المعارضة مع النظام .تركيا الدولة الوحيدة التي لا ترى ما يراه كل دول العالم ان تنظيم داعش وجبهة النصرة جماعات ارهابية تشكل خطر على امن واستقرار العالم بعكس حتى حلفائها في الاطلسي .تركيا لا تريد ان تنظر او تتفهم ان معركة الدول العربية وانظمتها مع ايران هي معركة وجود مصيرية بالنسبة لها وان الشعب الكردي ليس جزء من هذا الصراع. الشعب الكردي يطالب بحقوقه القومية المشروعه وهو ليس في وارد الاعتداء على احد بل يسعى الى رفع الغبن الذي لحق به نتيجة المؤامرات الاستعمارية ومن بعدة الاقليمية .
وقوف النظام التركي على اطلال التاريخ لن يمكنها من رسم مستقبل زاهر لاجيالها بل بالعكس فهي ترحل لها الدمار والخراب وهدر للطاقات والاموال والارواح .فكيف لهذا النظام ان يساعد او يساهم في ايجاد حلول لمشاكل الشعب السوري المتعدد القوميات والاديان والطوائف اذا كانت تركيا تعاني منذ عقود من مشكلة هذا التعدد وفشلت في ايجاد حلول مرضية في داخلها ولم تستطيع ان تتصالح مع نفسها مشكلة تركيا اعمق من الازمة السورية ولكنها مؤجلة او مرحلة وستنفجر في يوم ما .
الحول الذي يعاني منه النظام التركي لا يمكن ان يساهم في ايجاد ارضية مشتركة للتسوية في سوريا مع حلفائها واصدقاءها .لان الهدف التركي محاربة الشعب الكردي اولا ولا يهمها حتى لو بقي الاسد في السلطة وليس من المستبعد في لحظة ما ان تغير تركيا تموضعها وتقف الى جانب طهران التي باتت تتحكم في ورقة العمال الكردستاني بشكل كامل واصبح هذا الحزب يؤرق انقرة داخليا وعلى حدودها الجنوبية على طول تسعمائة كيلو متر وبدعم مباشر من طهران ودمشق والنظام العراقي الذين يستخدمونه في اكثر من موضع سواء على الساحة السورية او العراقية واخيرا حماية حدود ايران .وبذلك ستتخلص تركيا من كثير من المشاكل والحروب الداخلية او على حدودها مع سوريا مقابل ان تتخلى تركيا عن دعم المعارضة السورية .
لذلك فان الدول العربية لا تستطيع ان ترى الازمة السورية بعيون تركيا الحول إلا اذا كانت الدول العربية مصابة بالعمى وفاقدة للذاكرة.
عبدالقادر عمر
26.02.2016
a.kadir-1959@hotmail.com