مواصلة الحوار مع الأخوان المسلمين و(شرعية استيلائهم) على تمثيل الثورة السورية ….الرد على حماسنا للثورة وكأنه حماس لهم ………… الحلقة (2)
تعود علاقتي الحوارية المباشرة مع الأخوان، إلى فترة (إعلانهم ميثاقهم الوطني) في لندن، الذي تحمسنا له، بسبب إعلانهم التوافق مع (القوى الوطنية السورية الأخرى) على مفهوم (الدولة المدنية) ….فكتبت عدة مقالات حوارية في جريدة (النهار اللبنانية)، التي كانت (منبرا) للصوت المعارض السوري، وكانت فترة الحوارات هذه من أخصب الحوارات الوطنية السورية.. حيث شارك فيها صوتان أخوانيان يتصفان بالنزاهة والصدق والانفتاح على الآخر الوطني …
وهما الراحل الأستاذ محمد الحسناوي، والأستاذ محمد زهير سالم ..كما وتزامنت هذه الحوارات في الصحافة بحوارات على (قناة الديموقراطية ) شاركت فيها مع الأستاذ علي صدر الدين البيانوني، والأستاذ محمد زهير سالم …
تواصلت علاقة الصداقة على الأرض من خلال تضامن الأخوان معي في هجرتي المضطرة للخارج، وتعاوانهم معي للخروج من بيروت، وقد قدموا دعما ماليا شهريا عند وصولي إلى باريس، فوافقت عليه شريطة ان يكون مقابل أربع مقالات في جريدتهم (أخبار الشرق)، وبعد شهرين من ذلك ..أخذت الجريدة تغير عناوين مقالاتي ملطفة من لهجتي النقدية الحادة نحو النظام الأسدي، فرفض الموقع (الأخواني) تسميتي لللنظام الأسدي بـ (سفهاء سوريا) ، فغير العنوان دون استشارتي، وكان ذلك بالتزامن مع إعلان الأخوان عن (تجميد معارضتهم ) مع النظام، بالتوافق مع اليسار الشيوعي لحزب الشعب ( الترك وصبرة) …
أعلنت رفضي لموقف الحزبين (الأخواني والشيوعي) في كتاباتي، ورفضت في الشهر الثالث التعاون مع جريدتهم، واستلام المكافأة المالية، وكان رد فعلهم غاضبا ومقاطعا لي من قبل ( الأخوان وجماعة والترك ) حتى اليوم …
مع ذلك، تجاهلنا الموقف المخجل الداعي، إلى تجميد معارضة النظام من قبل الأخوان، وتزوير موقف (إعلان دمشق) من قبل حزب رياض الترك بتوظيف (صبرة) صاحب تيار الحوار مع (النظام )، ومثقفيه (برهان غليون) دعاة (رفض محاصرة النظام، ودعوة الغرب لنصيحة النظام وليس إلى مقاطعته …
مع قيام الثورة، والتحاق الطرفين (الأخواني والشيوعي) بالثورة، تجاهلنا كل خلافاتنا مع الطرفين، بل وكرسنا جهودنا الإعلامية على القنوات الغربية (الحرة الأمريكية -24 الفرنسية -بي-بي-سي البريطانية) للدفاع عن الأخوان المسلمين ، بوصفهم فريقا وطنيا مدنيا ديموقراطيا جزءا لا يتجزأ فكريا وسياسيا من الحراك الديموقراطي ضد النظام الطغياني الأسدي….
يبدو أن الأخوان لم يروا في موقفنا دعما للثورة ولوحدة القوى الوطنية الثورية السورية ، بل اعتبروا مواقفنا هذه، أنها مواقف داعمة لهم حزبيا، وأنهم (هدية السماء لنا ليكونوا قادتنا …
وعندما فوضت بالدعوة إلى تشكيل (لجنة تحضيرية ) لمؤتمر (أنطاليا )، بعد الثورة بشهرين، دعوت بعضا ممن أعرفهم وأثق بهم من الأخوان، للمشاركة في مؤتمر أنطاليا، فاعتذروا على أن لديهم مؤتمرهم في (بروكسل )، لكني فوجئت بمجيئهم لأنطاليا، وبعد يومين ذهابهم جميعا لبروكسل … فكانت أول مرة اكتشف بها درجة التشهي والجوع للسلطة في محاولتهم السيطرة على المؤتمرين…عندما وجدت اكتساحهم لمؤتمر أنطاليا بشكل مفاجيء انسحبت من الترشيح لأية هيئة تمثيلية انسجاما مع موقفي بأن مؤتمكر أنطاليا ، هو مؤتمر تضامني مع الثورة ، وليس مؤتمرا تمثيليا لنرشح أنفسنا لقيادة ثورة لم نصنعها …ولم يصنعها لا يمين ولا يسار …
وكان من نتائج مؤتمر بروكسل وأنطاليا …ترشح الأخوان في كليهما …ومن ثم تشكيل أغرب وفد في التاريخ السياسي الحديث …حيث سيضم الأغلبية المطلقة من (الأخوان ) لتمثيل الثورة في الحوار مع موسكو ….التي أظهرت أنيابها الذئبية من الأيام الأولى للثورة .. ولا نعرف ما هي الحكمة من استيلاء الأخوان على الوفد ؟؟ ومع الدولة التي اتخذت موقفا معاديا وشرسا صريحا من الثورة…..
.لم نستطع أن نفهم أي مبرر سياسي لهذا الاستيلاء على تمثيل الثورة ….إلا بالنهم الأخواني للهيمنة وتجاهل الآخرين ليس استنادا لقاعدة شعبية ، بل استنادا لقاعدة العلاقة الأخوانية مع تركيا …
في حين أن الديموقراطيين السوريين (العلمانيين ) هم أكثر تلاقيا وتواشجا ودعما وثقة بالمشروع اللإسلامي التركي التنويري الليبرالي الديموقراطي …هذا السلوك من اللحظات الأولى للثورة ، هو الذي يفسر هيمنة الأغلبية المطلقة للأخوان في تشكيل ( المجلس الوطني بداية ، وفي الإئتلاف لاحقا …وهو مايفسر تجربة المأساة في مصر ( بين الأخوان والعسكر ) ونحن نتحدث بهذه الصراحة والعلنية والتفصيلية لكي نتجنب أخطاء وعيوب تجارب الربيع العربي في مصر …