1 –
كثيرا ما ادعى الحمار الأبيض بقدرته على التمييز بين الخواص ذات القيمة والخواص الطارئة. طرح على عموم حمير الخان وحمير البلد والحمير من الزوار والبلدات الشقيقة، تفسيرا قريبا لما طرحه الفيلسوف الإغريقي أرسطو عن نفس الموضوع. الحق يقال ان الحمار الأبيض لم يسمع بأرسطو، أرسطو نفسه لم يفكر ان حمارا ما قد يصير قائدا لنظام خان عربي وفيلسوفا في زمن قادم ويكون من الحكمة والذكاء على قدر يجعله بموازاة أرسطو نفسه.
ذكاء الحمار الأبيض أصبح حديث الحمير في البلدات المختلفة، بل وتناقل أخبار ذكائه أصحاب الحمير، كما يتناقل الناس اليوم أخبار الدواعش. صحيح ان بعض الحمير عبروا عن استهتارهم بهذا اللغو البشري، لو عرفوا النطق كما يعرفون النهيق لأوصلوا الرسالة لأصحابهم ولينقلب فرحهم غضبا.. المسألة لم تعد تفرق مع حميرنا التي تعاني من اضطهاد وتقييد في حريتها، تشغيل بالسخرة مقابل بعض العلف الذي لا يتغير ولا يضاف إليه ما يفتح الشهية.. لذا ليس بالصدفة ان يعرف الحمار باسم ” أبو صابر”. غير ان المقلق كما يتبادل الحمير الأسرار فيما بينهم ، بلغة مشفرة يعجز عن فك طلاسمها أشطر الناس .. ان يكون وراء ذكاء الحمار الأبيض الذي تزعمهم عنوة، حقيقة غيرت أسلوب التعامل معه، فحظي دونهم بما يحلم به سائر الحمير.. معاملة محترمة من أسياد العالم الملقبين ب “البشر” ، فقد بلغ بهم السيل الزبى من القهر والعنف غير الضروري.
حسب المعلومات المنقولة من خان الحمير، حيث بات الحمار الأبيض يعامل باحترام حتى من مسئول الخان وعمال النظافة، بحيث لا يحملوه أوزانا مرهقة كما هي حال الحمير السوداء..ربما بسبب لونه الأبيض ؟ ربما بسبب فهمهم انه حمار على درجة من الذكاء النادر في عنصر الحمير؟
الواقع ان المسئول عن الخان ، قد يكون فك طلاسم هذه اللغة التي يتبادلها نزلائه بعد يوم عمل شاق، بسبب تواجده معهم يكاد يكون معظم ساعات الليل ، مستمعا لثرثرتهم من غرفته المجاورة لمدخل الخان .. إذ ليس من المعقول في عالمهم ان يعامل الحمار إلا بالعنف والضرب .. فلماذا هذه التخصيص والتكريم والاعتبار للحمار الأبيض ؟ هل ذلك بسبب اكتشاف مسئول الخان تميزه وعبقريته وقدراته العقلية ولغته الخاصة التي تشبه لغة الثقافة بوقعها على الأذن ، حيث ان نهيقه بالغ الأناقة كنهيق سائر زعماء ، ملوك وقادة لا يتبدلون إلا بالعنف أو بقضاء الله؟ .. رغم ان السبب غائب عن فهم حتى زملائه الحمير ، فكيف يفهمها البشر أو حتى مسئول الخان ؟ معضلة لم يتوصل إليها مجلس الحمير الموقر إلى تفسير.
كان من عادة الحمار الأبيض ان يقف في الزاوية البعيدة داخل الخان ، مراقبا انتظام الحمير في أماكنهم ، شاعرا انه مميز عن سائر الشعب ، يجيل نظراته بين حمير خانه ، قبل أن يخطو خطوتين للأمام ويبدأ حديثه المنمق شارحا فحوى فكرته الجديدة ، جاهدا لتفسيرها بلغة بسيطة وسهلة ، قائلا : ان الخواص القيمية هي التي لا يمكن ان يوجد الشيء بما هو عليه بدونها. ويسال :
– مفهوم ..؟
ويرد الشعب مهموما من الجهل والإرهاق بعد يوم عمل من شروق الشمس حتى مغربها:
– مفهوم !!
الشعب لم يفهم بالتأكيد. لكنه موقف احتياطي حتى لا يتورطوا بالتحقيقات الجنائية والسياسية لدى مجلس التأديب داخل الخان ويتهموا بالعمالة لأعداء الوطن، فتنهال عليهم العصي أثناء راحتهم أيضا. ويواصل:
– أما الخواص الطارئة فهي التي تقرر كيف يكون الشيء وليس ما هو الشيء.
ينظر بحدة بعيني حمير خانه منذرا من اللغط المتزايد دون ان ينبس ببنت شفة ، يمشي الخيلاء دائرا حول نفسه.. عارضا لونه الأبيض المميز . عندما يسود الصمت الكامل يقف مسلطا نظراته القاسية على الجمهور المحتشد ويسأل :
– الشرح واضح ؟
– واضح، واضح تماما يا سيدنا…
ينهق الحمير بببغاوية مستصعبين استيعاب كلام ملكهم الأبيض . لكنهن لا ينسون للحظة واحدة ان الطاعة واجبة لمن يولى عليهم حتى لو كان حمارا!!
لا أحد يعرف هل تلقى الحمار الأبيض الولاية بمرسوم من صاحب الخان، قاده تلقائيا لهذه المرتبة السامية ، حتى بدون تصويت ديمقراطي ؟
حتى مسئول الخان الذي وقف دون أن يراه الحمار الأبيض متأملا نهيقه الأنيق ، مثل حديث زعماء المعمورة الذي سمعه مرة في الراديو … فشل في فهم أسرار كلامه.. والآن لا تسعفه خبرته بالمزيد من فهم ما يدلي به حمار خانه الأبيض.. تأمل ذهول سائر الحمير أمام شموخ الحمار البيض، أصابته الحيرة من تصرفاته. كان هو المحبوب من عمال النظافة ، هو معشوق عموم أهل البلد .. لما يجلبه عليهم من حظ جيد عندما تكون مهمته في أحيائهم كما يروون.
ليس سرا ان نساء الحارة وأطفالها المتواجدين خلال ساعات النهار في بيوتهم ، يخرجون لاستقبال الحمار الأبيض وملامسة عنقه وإطعامه الخبز الناشف أو بعض القمح وعرض الشرب عليه من مياه نظيفة ، بل ومد عامل النظافة ببعض أرغفة الخبز أو بعض القروش حتى لا يسرع بإبعاد الحمار الأبيض، ليفرح الأولاد بهذا اللون النادر للحمير ..وربما لهذا السبب تستمر زعامته على خان الحمير.
صحيح تماما ان مسئول الخان صار يعرف من علاقته طويلة السنين مع حمير الخان ، نهيق الغضب من نهيق الغرام ونهيق الألم من نهيق الفرح ونهيق المعاشرة من نهيق الرفض. ونهيق المرض من نهيق الصحة .. ولو كان يعرف الكتابة والقراءة لوضع قاموسا بلغة الحمير الصوتية، بحيث يصير التفاهم كاملا وشاملا بين البشر وأبو صابر..
لكن مثل هذا الحمار لم يشهد في حياته . الحق يقال انه يدير الخان بانضباط شديد ولا يقصر بالواجبات التي يكلف بها، وإلا لصار لحمه أزرق من العصي ولصارت عظامه مورمة من الحمولات المرهقة والركض من حي إلى حي لجمع الفضلات التي لا تنتهي من الأحياء .
صحيح انه في الشهر الأخير قصر في واجباته بسبب ضغط الموضوع الجديد على دماغه. لكن بغل جديد انضم لنزلاء الخان أنقذ الوضع بسد بعض العجز في عمل الحمار الأبيض ، حتى صار العمال أنفسهم يستثنوه من العمل المرهق ، ولا يجروه إلا لأحياء الفيلات الفاخرة ، حيث تبقى الشوارع نظيفة ، ولكن لا أحد يخرج لملاقاته والتربيت على عنقه وإطعامه وسقيه الماء .. والحق انه كان يفضل الأحياء الفقيرة وساكنيها رغم الإرهاق الزائد في العمل .
2 –
لكل مضرة فائدة .. الراحة فتحت للحمار الأبيض المجال لتطوير نظريته ، بدأ يجد الوقت ليحدث بها مسئول الخان الذي ينصت لنهيقه كما ينصت الحمير محاولا فك طلاسم لغته.
بدأ الحمار الأبيض يكرس وقت أكبر ليشرح للحمير الأشقاء العابرين من أمام الخان ما توصل إليه من معرفة. فيتعوقون رغم غضب راكبيهم وضربات العصي وصرخات ” حاحا يا سايب ” لحثهم على المشي .. لأن الاستماع للحمار الأبيض زعيم الخان المشهور، فيه من المتعة والفائدة العقلية ما يعلوا حتى عن آلام الضرب. بل وظن بعض الأغبياء من الراكبين ان الحمار الأبيض مجرد أتان شبقه ، لكن بان السبب وبطل العجب حين مرت قرب الخان أتان في عز توحمها ، لدرجة أن الحمار الأبيض نسي نظرياته والطابع الهادئ لتصرفاته وقفز عليها موقعا راكبها أرضا ، وقامت طوشة كبيرة بين مسئول الخان وصاحب الأتان ، ولما انتهت الطوشة كان الحمار الأبيض قد قضى وطره منها وعاد لمجلسة هادئا سعيدا بأنه لم يفوت الفرصة السانحة..
وقد منح الحمار الأبيض تبعا لذلك شهادة تقدير من خان البلدة المجاورة ، مشيدين بدورة الوطني في خدمة القضية الوطنية العادلة.. إذ ان الأتان التي قفز عليها ولدت حمارا ابيض صغيرا وجميلا من صنف الزعماء ، لا بد ان يصل للزعامة بعد ان يرى الله أمره في والده ، وصار للخان ما يفخر به مثل خان حمارنا الأبيض. بل وأوعز لمجلس الأمة في الخان ان يمنح الحمار الأبيض شهادة بروفسور فخرية .. وقد راقت حمارنا هذه الفكرة ، وهذا ما كان فعلا. فصار الحمار الأبيض زعيما وبروفسورا وملكا على الحمير وفيلسوفا، أدامه الله .. وأدام عزه وأكثر نسله حميرا بيضاء ذكية لخدمة الوطن.
إرضاء لحمارهم الأبيض كرر حمير الخان أقواله ، التي انتشرت لسائر خانات الحمير في الوطن ، لدرجة ان أحدا لا يعرف هل كان التكرار عن فهم واستيعاب ، أم عن مراضاة لولي الأمر ملك الحمير الزعيم القائد الفيلسوف وبروفسور في العلوم من جامعة الحمير الوطنية ؟ كذلك أشادوا بمناسبة وبغير مناسبة بفكره العظيم . بل وقام بعض الحمير بكتابة دراسات معمقة وطويلة عن فلسفة الحمار الأبيض وتحفيظ سائر الحمير مقولاته ونظرياته خاصة كيفية إدارة نظام الخان ، ودور الحمير في مجتمع الخان، كيف تعامل أنثى الحمار وما هي حقوقها ، هل يصح ظهورها المكشوف أمام الحمير الغريبة؟
يقال انه أقيم مركز أبحاث خاص لدراسة عبقرية الحمار الأبيض ، جرى نشر ابحاثه أيضا للفائدة العالمية في الخانات الدولية .. ووصل بعضها إلى أوروبا … لكن لأمر غير مفهوم لم يجدوا حميرا في دول أوروبا المتخلفة والغارقة بالجهل، فقيرة العقل والدين، إلا في حدائق الحيوان. مع ذلك نشر فكر الحمار الفلسفي بين الحمير في حدائق الحيوان ، تحضيرا لانتفاضة تعيد أوروبا إلى عصر الحمير ، بعيدا عن ضياعها الذي سيقودها إلى نار جهنم.
ازدادت حمير حدائق الحيوان ذكاء ويبدو ان انتفاضتها قاب قوسين او أدنى مما يتوقع الحمار الأبيض، لدرجة ظن بعض أطباء البيطرة ان الحمير في الحديقة أصيبوا بجنون البقر المشهور.او يستعملون الشيفرا لضمان سرية التحضيرات لإعادة أوروبا حميرية بدل ضلالها وكفرها!!
3 –
في الواقع ان مسئول الخان رغم إعجابه الشديد بنزيل خانه الأبيض وانصياع سائر الحمير التلقائي لتوجيهاته السامية ، إلا انه لم يستوعب استعلائه حتى عليه ، كأن الأدوار تبدلت بينهما. عندما يدخل لإطعامه يبقى منتصبا في مكانه وكأنه يستعرض جحافله المقاتلة .. مع ان الخان فارغ من وسائل القتال .. وفكر مسئول الخان ان يكسر عصاه الغليظة على ظهر هذا الثرثار.. ليرى كيف تصير حاله .. لكن السؤال الأساسي كان عن مدى الارتباط العاطفي بين الحمير السمراء وحمارهم الأبيض ، خاصة ما لاحظه من صد الاتان لإصرار الحمير السمراء على الاقتراب منهن، والتنافس بينهن للاقتراب من الحمار الأبيض، الذي يبدو انه أرهق بواجباته الوطنية، غير ان المستهجن ان معظم الجيل الجديد كان اسمرا، أو موشحا ببعض البياض؟ لكن الأمل ان يجيء الأحفاد بلون الجد .
كان خوف مسئول الخان ان يسبب نكسة عاطفية للحمير، إذا استعمل العصي لإرجاع الحمار الأبيض إلى مكانته الحميرية، فيخسر أكثر مما يربح. فبدل ان ينقذ حميره من مُنظر، مُتذاكي ويتصرف كملك متوج ، يعرضهم لحزن شديد وطويل مسببا الفوضى والتسيب في نظام حكم الخان ، وربما الى إضراب تباطؤي .. والانعكاس السلبي على إنتاجية العمل بالنظافة … وقد يُحمل مسئولية الإضراب التباطؤي للحمير ، ويعزل من عمله ويعين بديلا له في إدارة خان الحمير.
تساءل مسئول الخان :
– لماذا يخلق الله الحمير ؟ .. هل للعمل الشاق والنهيق فقط ؟.. هل من فائدة أخرى لهم ..؟ حتى لحومهم لا تؤكل .. يمكن الاستغناء عنهم بعربات لا تجرها الحمير … إلا يفهم هذا الأبيض انه جسم زائد في هذه الدنيا ؟ فلماذا هو مشغول دائما مثل أم العروس، لا شيء يعمله إلا القفز على الأتان وإطلاق نهيقه القوي مثل ساعة المنبه؟
كان الحمار الأبيض يتأمل مسئول الخان وهو يفكر .. ويقول لنفسه: ” آه ما أتفهكم أيها البشر.. هذا ما يشغلكم كل نهاركم.. كم نقلة سيقوم فيها الحمير اليوم .. أما أن تفكروا وتستعملوا دماغكم، فهذا مرهق للعقل. ربما حان الوقت يا الهي لتتغير الأدوار. هم في الخان ونحن طلقاء .. لكن هل بقدرة البشر القيام بمهمتنا ؟..
4–
في فجر أحد الأيام وصلهم خبرا مزعج. بأن اعتداء آثما وقع على خان أبي علاء في الحي المجاور من ذئاب داشرة .. على أثره جرت اتصالات عاجلة بين كبار الحمير للتشاور، وقر رأي الأكثرية على عقد مؤتمر قمة طارئ لزعماء الحمير من مختف الخانات في الوطن.. رغم ان التشاور لم يقد إلى موقف واضح بينهم.
جرت الاستعدادات لاستقبال الحمير الأشقاء في خان الحمار الأبيض، الحائز على لقب بروفسور فخري.
نبه الحمار الأبيض على أتان خانه بلهجة تحذيرية بأن لا يظهرن أمام الحمير الوافدة لحضور القمة، منعا لوقوع المحظور. ان التي تتهاون بتحذيره ستتعرض لمائة رفسة وينسب نفوقها للذئاب.
تجمع الأشقاء لتدارس الوضع .. ورغم أهمية الحدث إلا ان عيونهم لم تتوقف عن البصبصة شمالا ويمينا.. لعل وعسى تظهر لهم حورية من خان الملك الأبيض ، ربما لها طعم مختلف عما اعتادوا عليه ، الأمر الذي جعل الحمار الأبيض بارزا على الجميع في دنيا الحمير وشهرته عمت الشرق والغرب ..
افتتح الحمار الأبيض مؤتمر القمة داعيا الجميع لإدانة العدوان وإعلان التضامن والأسى الشديد على الحمير النافقة في عدوان الذئاب الوحشي .. وذلك تنفيذا لأبسط بنود اتفاق الدفاع المشترك. وأعلمهم انه توصل لرؤية سياسية جديدة تماما في هذا الظرف المأساوي ، وقبل ان يسمع أي تعليق بدأ يشرح سياسته رغم زيغان عيون الأشقاء وراء مؤخرات أتانه ، اللواتي أخفين وجوههن حسب تنبيهاته .. .وقال شارحا، والله أعلم إذا أنصتوا لحديثه:
– الخواص ذات القيمة هي الخواص التي تجعلني أنا نفسي الحمار الأبيض الذي أمامكم. صاحب الفكر والقدرات الصوتية والعقلية . إخواني، بدون عقلي لن أكون أنا نفسي. لو نزعتم لوني الأبيض الزاهي الجميل، لن يتغير الواقع، سأظل أنا نفسي. أما الخواص غير ذات القيمة فهي تتعلق بالشكل والحالة. من هنا اعتداء الذئاب على خان الجيران الأشقاء لم يغير مضمون الحمير في الحارة أو في البلد. ظل مضموننا سليما.. ما تغير هو الشكل والكم وهذا نتجاوزه بزيادة جهودنا المشتركة مع جماهيرنا الاتانية. قتل الذئاب 23 حمارا، الله لا يعطيهم عافية، لكن، وهذا المهم والجوهري.. ولد في الخان نفسه في نفس ليلة الاعتداء الإجرامي الغاشم، أكثر من 29 حمارا صغيرا جميلا يفرح قلوبنا جميعا.. لذا نحن لم ننهزم . بل انتصرنا على الذئاب، لأن القيمة الأساسية لم تتغير ولم تسقط. بل ازدادت. وهذا نصر عظيم !!
قام نهيقا كبير عاصف تأييدا لهذا الموقف السياسي القومي الجريء.
هذه الفلسفة المستحدثة في القمة الحمارية الطارئة أرضت جميع الحمير .. لدرجة ان عيونهم لم تعد تبصبص شمالا ويمينا. فقد وجد الحمار الفيلسوف الكلمات الدقيقة للتعبير عن الموقف السياسي الطارئ وإيجاد التعابير التي تلاءم الموقف الحميري المسئول . ومن لم يفهم صمت خوفا من فضيحة جهالته وقصر نظره !!
أعلن الحمير أنهم مساهمة في تعميق هزيمة الذئاب سيبدؤون بإعادة بناء ما تهدم من الخان ..
وتساءل حمار تبدو عليه الوقاحة والجرأة، عرف نفسه كمراسل لإحدى الفضائيات:
– وإذا هوجم الخان مرة أخرى.. ما هي خطط المستقبل أيها السادة ؟
– سنعيد البناء مرات حتى تفهم الذئاب اننا لن نتخلى عن الأشقاء.. لأن النصر يجر النصر .
– لكن انتم سالمين بأجسادكم ، لا تتعرضون للتمزيق بأنياب المعتدين ، وعظامكم لا تكسر مثل عظامهم وانتم لا تتعرضون لأي خطر في خاناتكم ؟
– هل تظن يا مراسل ان الانتصار يتحقق بدون تضحية ؟ وإذا تعرضنا للخطر من سيعقد حسب رأيك مؤتمر القمة القادم ؟ هل نستورد حميرا أوروبية أو صينية أو هندية لتعقد المؤتمرات نيابة عنا ؟
– هل التضحية هي من نصيب خان الأشقاء فقط ؟
– الله أكبر.. تستهتر بالشهادة أيها الزنديق ؟ .. هذا كفر.. هذه عمالة للذئاب ..
صرخ الحمير صرخة واحدة. لكن الحمار المراسل أصر متشجعا من تأييد الحمير المنكوبة:
– ما رأيكم ان تستبدلوا مكانكم بمكانهم لتعاركوا انتم الذئاب وتفخرون بالنصر القادم؟ ألستم أولي الأمر الأقوياء والشرسين ذوي الحوافر القاتلة ؟
– وقاحة .. خيانة قومية..
صرخ المؤتمرون الحمير. انتظر الحمار الأبيض حتى هدأ غضب المؤتمرين . وقف متأملا جرأة المراسل مفكرا ، ترى لو رفسة بحافريه كيف ستصير حاله ؟ وقال :
– سيدي المراسل .. قلوبنا تبكي على إخواننا الحمير النافقة.. فلماذا هذه الأسئلة الاستفزازية التي تخدم أعداء الأمة..؟ اجتمعنا لنتخذ قرارات حاسمة ، مثل هذه التضحية لن تجدوها في خانات حمير الغرب الفاسدة . لذا نحن لا نتشبه بهم . إلا تعلم أيها المراسل ان للشهداء جنان لا يدخلها إلا معشر الصالحين ؟ اني أدعوك لنشر هذا الموقف وضمان آخرتك أنت أيضا. .
– يا سيدي أنت تتحدث من الصبح ولم نفهم إلا ان موت الحمير الأشقاء انتصارات.. ولكن الحمير المنكوبة تقول انها تريد الحياة وان لا يتكرر غزو خانهم وقهرهم وذبحهم من جديد ، فهل هذا مستحيل ؟
فغضب حمار من المؤتمرين ونهق :
– هذا استهتار بالنصر التاريخي .. هذه اهانة للنافقين الشجعان .. هذا استهتار بانتصاراتنا القادمة..
وقام نهيق عظيم :
– لا تستهتر بالانتصار.. يجب طردك من الخان .. اذهب لخان أوروبي يا ملعون.. اسحبوا ترخيصه الصحفي هذا المغرور.. انه يعمل لصالح العدو..
علت الأصوات تشجيعا لهذا الموقف الثوري . واستنكارا لأسئلة المراسل الصحفية الاستفزازية.
وانتهى مؤتمر القمة بقرارات حاسمة. . على رأسها قرار لا يقبل التأخير.. استنكار وشجب قناة الفضائية غير الملتزمة بقضايا النصر ومراسلها الوقح، وسحب ترخيص عمله في وطن الأبطال.. وإدانة وشجب العدوان الذئبي ، والاستعداد لاستقبال أتان الخان المنكوب في ضيافة خانات الحمير المنتشرة في الوطن .. بذلك يستفيد الجميع ويكرس الحمير الأشقاء طاقات يومهم ونهارهم في إنشاء جيل جديد يسير على الدرب البطولي الذي شقه الآباء والأجداد النافقين .
وكلف الحمار الأبيض بصياغة نشيد قومي يعبر عن المرحلة الجديدة من التضامن والتآخي بين خانات الحمير!!
وانتهى المؤتمر بعاصفة النهيق الحماسي …
nabiloudeh@gmail.com