سانتحر, كانت الكلمات الاخيرة للأستاذ جلال, قبل أن يرمي نفسه من نافذة الغرفة المؤجرة, في الطابق الخامس من الفندق القديم, كان يحلم ببيت ملك, لكن مرت السنوات وهو ينتقل بين بيوت الإيجار, وهو يرى قوافل الفاسدين, والمرتشين, والمتملقين, وساسة النخاسة والعواهر, كلهم يسكنون في قصور, وكل فترة تتضخم عقاراتهم, فالمال العراقي سائب لا صاحب له يدافع عنه, في زمن الساسة الأنذال, فكان قراره الأخير أن ينتحر وينهي مأساة حياته.
مشكلة السكن من المشاكل التي أحالت حياة العراقيين الى دمار اجتماعي واقتصادي ونفسي, فقد تراكمت المشكلة من عهد الطاغية صدام الى عهد الديمقراطية, وكل من حكم العراق لم يهتم حقيقة بحل إشكالية السكن, بل غرقوا جميعهم في ملذاتهم.
لو فكرت حكومتنا “الشريفة جدا” بحل مشكلة السكن, فالأفضل لها أن تتعامل مع الصين, فالصين نجحت نجاح مبهر في حل مشكلة السكن, فحلولها ممتازة وسريعة, ويمكن أن تتحقق أحلام العراقيين بظرف زمني قياسي, هذا أن توفرت النية السليمة عند ساستنا “الجهابذة”.
● ساسة ما بين الوعد والكذب
منذ سنوات والساسة يزرعون الأمل بوعود تدغدغ مخيلة العراقيين, فحلم كل عراقي أن يكون له بيت ملك, تتوفر به كل الخدمات, هذا الحلم في دول الخليج تحول الى حقيقة, بعد أن اهتمت دول الخليج بتوفير ما يحتاجه المواطن, من سكن وخدمات وعمل, وهكذا حققت الكثير من العدل, ووصلت الى هدف مهم وهو تحقيق رضا المجتمع, بخلاف ساستنا الذين اشتهروا بالكذب, والوعود التي لا يسعون الى تحقيقها, والضحك المستمر على الشعب المقهور, مما جعل مشكلة السكن تتفاقم وتصبح كالجبل الكبير, والتي تحتاج الى معجزة كي تحل.
وعود مدن الأحلام ومشروع المليون وحدة سكنية, والتي كلها تبخرت مع السنوات, فقط الأموال الحكومية أهدرت, والمشكلة تعمقت بشكل مخيف.
لو كان لنا أعلام مهني ونزيه أو قضاء عادل, لأسقط الساسة بفعل كذبهم الفاضح, ووعودهم التي لم يحققوها, لكن المصيبة بأعلام يسيطر عليه الساسة, وقضاء مسيس, مما جعل الجريمة تستمر من دون ردع ” الكذب السياسي”, فقط الضحية هو المواطن البسيط, حيث يستمر سحق المواطن تحت شعارات الإصلاح, فتحولت قضية السكن لوحش كبير يقضم أحلام المواطنين.
● الأخذ التجربة الصينية
الحل الصيني لحل مشكلة السكن, من أفضل الحلول, التي يمكن أن تزيل عنا كابوس الحاضر, فالصين تمتلك شركات يمكن لها أن تحول منطقة عشوائية كمعسكر الرشيد او الدسيم الى مجمع من العمارات السكنية وبمواصفات عالية, بما يتصل من الخدمات والحاجات, وفي غضون أشهر معدودة, فالشركات الصينية خبرت كيف تبني عشرات العمارات وبوقت واحد, ويمكن مشاهدة تقرير لإحدى للشركات الصينية الرصينة, التي استطاعت إن تبني فندقا من ثلاثين طابق في خمسة عشر يوم.
فهل تتصور حجم الانجاز في مجال السكن لو أعطيت الفرصة للشركات الصينية لكن على شرط أن لا تتدخل الجهات العراقية في العمل ويستحسن أن يكون بأشراف أممي لأننا خبرنا أحزابنا وكتلنا والتيارات كلها تنتهج منهج واحد وهو الإفساد, وبرامج الأعمار والإغاثة أصبحت فيه محترفة, في عملية اللصوصية والفساد والتلاعب.
● كيف تخلص الصينيون من العشوائيات؟
الاهم في أي مسعى لحل أي مشكلة, هو توفر الولاء للوطن ,مع تواجد فكر للمتصدين, بالاضافة العزيمة الصلبة لحل المشكلة, هذا يغيب تماما عن اغلب العصابة المتصدية للحكم في العراق, فعمدت الحكومة الصينية على وضع خطط حقيقية للخلاص من العشوائيات, خطة متعددة المراحل, ونفذتها تماما حتى اختفت أزمة السكن.
فبدل الأسواق العشوائية قامت ببناء أسواق عصرية بجانبها ثم أعطت لكل صاحب محل عشوائي محل عصري حديث, وهكذا تم الانتقال من السوق العشوائي الى سوق عصري, وبجانب كل تجمع عشوائي يرعون ببناء بنايات سكنية توزع حصرا على أهل العشوائية, وهكذا تم القضاء على العشوائيات مع قرارات رحيمة بدل القسوة فهم أعطوا شقة بدل كل بيت عشوائي, فاختفت العشوائيات وظهر للوجود بنايات عصرية جميلة, أي أن التنظيم والعمل الجاد حقق انجاز كبير للشعب الصيني.
حل سهل وممكن لو كان هنالك أسلام حقيقي لمسلمون السلطة, أو أن يتواجد ولاء تام للوطن بدل الولاء للشيطان.
● الثمرة
قضية السكن ليست مستحيلة بل ممكنة الحل, والشاهد كيف تم الحل الصيني مع ما يعانيه الصين من كثافة سكانية ومحدودية الموارد, لكن العزيمة والتخطيط السليم أمكن تجاوز الصعاب, في العراق نعاني من تواجد جماعة حاكمة تتسم بالتخبط والصراعات المصالح, وفشلت تماما في أدارة ملف توفير السكن للعراقيين, لكن الحل ممكن وسهل ومتيسر, لكن نحتاج لهمة حكومية حقيقية, وتخطيط واقعي, والاهم خلوص النية, مع التعاون الوثيق بالشركات الصينية, وبأشراف أممي كي لا تضيع الأموال هدرا, لان اللجان الحكومية والمقاولين المرتبطين بالسلطة أصبحوا محترفين فساد, فأي ارتباط لهم بأي مشروع أعماري, يعني أن نقرا السلام على المشروع.
هكذا فقط يمكن أن تنتهي مشكلة السكن في العراق فهل يأخذ ساسة الخضراء “الشرفاء جدا” بالحل الصيني؟