الحضارة لا تقاس بطول الفستان
زهير دعيم
نشر احد مُحرّري الصُّحف المحليّة في الأيام الأخيرة مقالا في صحيفته – وعلى فكرة اكنُّ له احترامًا كبيرًا- يلوم فيه الكاهن الشّاب الذي “يتدخّل” حسب رأيه ويتوعّد الشباب والصبايا لملابسهم غير المحتشمة ، وينتقد العروس قائلا للعريس : الاجدر بك ان تحضر لحافًا تغطي به عورة العروس …ويتابع المُحرّر قائلا: ” كأنّ العيد يقبع في أروقة التطرّف”…ويروح صاحبنا يصول ويجول في دنيا الحضارة ..فالحضارة في نظره او هكذا استنتجت من مقاله تكون في العري واللباس غير المحتشم..انها الحريّة الشخصيّة وحرية التعبير ناسيًا ومتناسيًا انك حرّ في بيتك لا في بيت الله ولا حتى في بيوتنا ، فلا يحقّ لك ان تزورني في وضع اخجل منه وتخجل السماء.
ويتابع المحرّر في مقالته ناقدًا انتقادات الكاهن لنشر المواقع والصحف صورا تظهر فيه بعض الفتيات في الكنيسة او خارجها وهنّ لابسات وغير لابسات ، أو بالأحرى فستان احداهن لا يملأ كفّ يدي .
واسأل واتساءل هنا..ماذا تجنّى هذا الكاهن الشّاب ؟ وأين هي جريمته؟..علمًا بأنّني أنادي بأنّ يلبس الداخل او الداخلة الى الكنيسة – كلّ كنيسة- أجمل واحلى ملابسه لأنّه يَمثُل بين يدي الله ، فمن منّا إذا أراد أن يقابل وزيرًا أو رئيس وزراء لا يلبس احلى وأجمل حُلله ؟ ! فكيف بك وأنت ذاهب لتقابل الإله الخالق والربّ السّرمديّ؟!!
نعم ان نلبس اجمل الثياب ولكن باحتشام يليق بالمكان وربّ المكان والحضور والقداسة .
كنتُ في مصرَ عدّة مرّات ودخلت الكنائس هناك ولكلّ الطوائف ، فوقفت متحسّرًا وأنا أرى الحشمة ترفع رأسها الى جانب الخشوع وغطاء الرأس والسجود، وهذا لا أراه في معظم كنائسنا ، أتراهم في مصر متخلّفين لا يعرفون الحضارة ولا التنورة القصيرة والشورت؟..انهم يعرفون وأكثر ولكن لكلّ مقام مقال ، مع انّني أنادي بالاحتشام المعقول والمقبول في كلّ المواقف ، وأقول الاحتشام لا التزمت وتغطية كلّ جُزيء من الجسد.
وقد قال احد الآباء الرّوحيين مرّة : ” على الصّليب عُلِّق المسيح عاريًا ليحمل عنّا عارنا وفضيحتنا ويعطينا أن نكتسيَ ببرِّهِ وثوب طهارته ، فنعيش في نقاوة وكرامة”.
وجاء في الكتاب المقدّس : ” وأجسادنا أعضاء المسيح نفسه “
(1 كو 6: 15)
” وكذلك أنّ النساء يزيّنَ ذواتهن بلباس الحشمة مع ورعٍ وتعقّل ٍ ” (1تي 2:9)
“ملاحظين سيرتكن الطاهرة بخوف ولا تكن زينتكم الزينة الخارجية من ضفر الشعر والتحلّي بالذهب ولبس الثياب.( 1بط 2:3)
ويقول اشعياء النبيّ : ” إنّ لكلِّ مجدٍ غطاء “.
وبعد هذا فالكاهن الذي لا ينتقد مثل هذه المظاهر هو مُقصّر يجامل ولا يقوم بواجبه كراعٍ يهتمّ برعيته وبسمعتها وكرامة الهه.
لقد حان الوقت ان ندرك ونعي أنّ الحضارة والحريّة لا تتعلّقان أبدًا باللباس والشكل الخارجي كما ان الشرف ليس منوطًا بقصر الفستان او طوله، متأكدين ان علينا نحن المسيحيين في الشرق ان “نُحجّب” القلوب والعقول من الرذائل لا الرؤوس، ولكن كما سبق وقلت يبقى للاحتشام دور ، رغم انّني مع ” الشياكة” ومع الجمال ، فالله المُحبّ خلق كلّ شيء جميلا ، فترى الجمال في الرّياحين والورود والمرأة والطفولة والرجولة وفي كنار غِرّيدٍ وفي زنبقة ترفع رأسها شَمَمًا.
كاهننا الشّاب : أشدّ على يديك وأقول تابع المسيرة ، مسيرة القداسة التي مشاها السيّد وكتبها بدمه ملحمةً للأجيال .
واقول للمحرر كلّنا يخطيء فهيّا نعطي للراعي ان يقود القطيع الى المراعي الخضراء فهو أدرى.