*ربما كان برجوازيا *
كتب شهاب الدمشقي
تميل بعض التيارات الإسلامية الى تضخيم دور الشيخ في حياة المريد، بحيث يكون للشيخ رأي مؤثر في قرارات المريد واختياراته الشخصية .. وقد تجلت سطوة الشيخ وبشكل واضح عند الطرق الصوفية حيث يدور المريد في فلك الشيخ ! ويكون بين يديه كالميت بين يدي مغسله ! كما جاء في أدبيات الصوفية !! ..
وقد تبنت ذات المبدأ بعض الجماعات الإسلامية ذات الطابع التنظمي مثل الإخوان المسلمين ، إذ للمرشد العام أو المراقب العام دور محوري تنظيمي أو حتى أدبي في حياة عضو الجماعة المأمور بالسمع والطاعة ..
كنت أعتقد أن مبدأ السمع والطاعة صنعة إسلامية صرفة .. ولكني تفأجات بأن الحزب الشيوعي اليساري التقدمي التنويري الثائر على الظلامية والجهل والتخلف يتبنى ذات المبدأ !! .. إذ يروي القيادي الشيوعي السوري “يوسف الفيصل” في مذكراته قصة ذات دلالة كبيرة في هذا الشأن، فبعد أن انهى يوسف الفيصل دراسة الصيدلة عاد إلى مسقط رأسه في حمص لإدارة صيدلية والده وتأمين مصروف والدته وشقيقه، وإذ به يتفاجأ في أحد الايام بصدور تعليمات حزبية “من فوق !” تأمره بترك الصيدلية والسفر إلى براغ باعتبار أن مصلحة الحزب تقتضي ذلك ! .. وبعد أن وافق يوسف الفيصل على هذا القرار الحزبي (رغم أنه يضر بمصالح أسرته ويتركهم بدون معيل) جاء فرمان حزبي آخر بأن عليه أن يتزوج قبل سفره ! ، وعندما ناقش يوسف قيادته في هذا القرار(مجرد نقاش وليس اعتراض !) جاءه الرد وبالحرف الواحد كما قال يوسف الفيصل (هذا قرار وعليك تنفيذه !!) ويعلق يوسف الفيصل على ذلك بالقول (كان علينا أن نمتثل للأوامر، فالحزب تنظيم شبه عسكري والانضباط فيه يقوم على هذا الأساس، وهكذا كانت تربيتنا الحزبية ! ) ..
ولم ينته الأمر عند هذا الحد .. فقد اختار يوسف الفيصل فتاة معينة للزواج، لكن الحزب لم يوافق عليها !! .. فاضطر الى اختيار شقيقة “رفيق حزبي شيوعي” .. وأبلغ قيادة الحزب باسم الفتاة، وبدأ ينتظر قرار الموافقة، ولكن الموافقة لم تأت ! بل اتى مكانها سؤال: ماذا يعمل والد الفتاة؟ وأين يعمل؟ ..وقد علل يوسف الفيصل تساؤلات القيادة الشيوعية الكريمة بأنهم يخشون أن يكون والد الفتاة برجوازياً ! وموقفه السياسي لا يتفق مع تطلعات الحزب ! وبعد أن اطمأنت القيادة الى حسن سيرة الوالد تكرمت على يوسف الفيصل بالموافقة على الزواج ! ..
من الواضح أن البلاء واحد عند الجميع !! ..
صورة ل يوسف الفيصل رئيس الحزب الشيوعي الموحد مع القائد التاريخي ل الحزب الشيوعي السوري خالد بكداش