الحروب السورية وانسياح الشعوب !!! جذور (المدنية والوطنية السورية) الخلاقة : عبر تاريخها الطويل وبالنظر لموقعها الحيوي ، سوريا- بحدودها التاريخية المعروفة بسوريا الكبرى أو بلاد الشام- شهدت حروباً داخلية وخارجياً طويلة، كما هو حالها منذ سبع سنوات. جميع الحروب والنكبات كان يصاحبها تبديل سكاني(انسياح الشعوب) وتغير ديمغرافي كبير. الحرب السورية الراهنة لن تشذ عن قاعدة حروب ونكبات الماضي. بمعنى من رحم هذه الحرب المريرة ، ستولد سوريا الجديدة . جديدة بكل شيء ، من حيث التركيبة السكانية والخريطة الديمغرافية . جديدة بنظامها (السياسي والاجتماعي والاقتصادي)….. جاء في كتاب ( تاريخ البشرية- ص 168) للمؤرخ المعروف (ارنولد توينبي): ” نُكبت سوريا بسبب انسياح الشعوب نحو 1250-950 ق.م بدرجة قاسية وكبيرة .. حلت بها كارثة ودمار مادي وتبديل في تركيب السكان .. عادت الحياة الى سوريا من الخراب الكبير الذي ألم بالجميع بسرعة وزمن قصير .. فقد كانت المدنية ضربت جذوراً عميقة في سوريا قبل أن يصيبها انسياح الشعوب.. إذ أن المدنيتين، السومرية الأكادية والمصرية، كان قد مر عليهما قرابة الفين من
السنين وهما تتسربان الى سوريا .. سوريا كانت حتى قبل الثوران الذي عم المشرق نحو 1250 ق.م ، قد بدأت تُظهر قدرتها الوطنية على الُخلق . فقد خطت خطواتها الأولى لاختراع حروف الهجاء ، وقد تطورت تلك الحروف حتى أصبحت بأشكالها المختلفة كتابة العالم بأكمله، باستثناء اسيا الشرقية…”… يبقى التساؤل الذي يطل براسه من تحت ركام الدمار والخراب: هل ستحافظ سوريا الجيدة، بتركيبتها السكانية الجديدة وبعد هذا الانسياح السكاني الكبير ، على هويتها التاريخية وعلى قدرتها الوطنية الخلاقة ؟؟؟ . نأمل ذلك.
سليمان يوسف