عند منتصف ليل عاصف من شباط ١٩٨٢، فتحت عيوني على صوت صفارات سيارات الإسعاف و صفير سيارات الاطفاء و الدفاع المدني..
ركضت باتجاه واجهة غرفتي المطلة على بحر اللادقية من الجهة الجنوبية ، بشوف كل الناس و رغم البرد الشديد راكضين باتجاه البحر تحت جنح الليل..
ما لقيت جواب عند اي حدا من عيلتي و اللي فاقوا متلي على صوت ضجيج سيارات الإسعاف عن السبب اللي جعل من كل الناس تركض باتجاه البحر عند منتصف هديك الليلة..
و من شدة فضولي ، بقيت فايق كل الليل و من وراء زجاج غرفتي عم راقب حركة الناس الجنونية الراكضين باتجاه الكورنيش الجنوبي ، من دون ما اعرف السبب..
و بمجرد ما طلعت الشمس، تبيّن لي شو المصيبة اللي صايرة بالليل..
سفينة عملاقة ترفع العلم الصيني ، ضاربة بصخوز اللاذقية من جهة الكورنيش الجنوبي و مازال بحارين عالقين عليها و عم يلوحوا بأيديهون للمنقذين لانتشالهون..
مازالت تكهنات اهل اللاذقية عم ترن بإدني عن سبب جنوح هالباخرة و غرقها..
منهون اللي حكي بعطل ميكانيكي، و منهون اللي حمّل التيارات البحرية سبب غرق السفينة، و اصحاب العقلية المؤامراتية كانوا مقتنعين تماماً انو الغرق كان نتيجة عمل تخريبي بما انو مصطلح ( ارهابي ) ما كان دارج بهديك الايام..
و ضلّت بقايا هالسفينة عالقة عالشط لأكتر من عشرين سنة، و بقي شباب اللاذقية يستخدموها بممارسة هواية الغطس من قمة جسدها المصدّي ، لحد ما اجت شركة إيطالية قامت بفكها و نقلها لاحقاً الى مقابر السفن..
اختفت هالباخرة اللي كانت محملة بالرز كما قيل ، و اختفى سرها معها ..
بس اليوم و بعد محاولة مضنية ، توصلت لمعلومات رح تنكشف لأول مرة عن سر غرق هالباخرة..
في ظل صعود نجم رفعت الأسد في سوريا في بداية الثمانينات ، النجومية اللي حققها على دماء أهالينا في حماة و حلب و حمص و جسر الشغور و بانياس، مال ياسر عرفات الى صف رفعت و أعلن تأييدو المطلق الو ، و خصوصاً بعد إظهار حافظ الأسد الكره الشديد و العلني لابو عمار..
و بما انو حافظ و اولاد عمّوا في اسرائيل دافنينو سوا ، فتم التنسيق بين الأسد و اسرائيل على اجتياح الاخيرة لبيروت في حزيران ٨٢، و الاتفاق على ضرب ابو عمار اسرائيليا من الجو، و سوريا عبر البر..
استشعر بالخطر ابو عمار و طلب من رفعت المساعدة ، فلبّى رفعت نداء الاستغاثة و فتح خط لتسليح الفدائين من منظمة التحرير الفلسطيينة، مو من دوافع قومية و اخلاقية اكيد، لأسباب و دوافع ربحية بحتة..
فبإسم تسليح ابو عمار و كل احزاب الجبهة اللي واقفين معو في لبنان من جنبلاطيين الى شيوعيين و غيرهم من الموهومين بسحر القومية، كان رفعت عم يشتري سلاح جديد من تشيكوسلوفاكيا ، و يستبدلو بسلاح قديم مستخدم في مستودعات سرايا الدفاع ، و يبيعوا لابو عمار و حلفاءو على أساس انو هاد اللي إجانا من أوروبا الشيوعية..
تم هالموضوع عشرات المرات، و كانت سفن رفعت الأسد تطلع من المينا اليوغوسلافية و اللي تحت سيطرتو، بعد تحميلها بالسلاح المستخدم ، و تبحر باتجاه المرافىء الغير شرعية و المنتشرة بكثافة على الخط البحري اللبناني بهداك الوقت..
الا بهداك اليوم من مساء ٧ شباط ١٩٨٢، خرجت السفينة الصينية من المينا اليوغوسلافية في اللاذقية مُحَمّلة بمئات الاطنان من السلاح في العنابر، و مخبئين بين كومات من أطنان الرز للتمويه..
ما حلي لحافظ الأسد اللي كان عم يعملوا اخوه رفعت من ورا ضهرو، فقرر و بالتنسيق مع اسرائيل للمرة الألف خلال هديك السنة ، بضرب هالشحنة بصاروخ خفيف يؤدي الى إغراق الباخرة مو لتفجيرها لعدم لفت الأنظار …
دقايق قليلة على خروج الباخرة من المينا باتجاه المياه الإقليمية ، صاروخ اصاب بطن الباخرة اليسار ، و صاروخ تاني اصاب المراوح لتعطيل المحركات..و غرقت الباخرة و غرق سرها معها اتنين و تلاتين سنة الى اليوم..
لهالسبب ضليت السفينة الغارقة عالقة في البحر عشرين سنة من دون ما يشيلو بقاياها، و ضل اهل اللاذقية ممنوعين من الاقتراب عليها و السباحة صوبها لأكتر من سنة كاملة لحين ما نضّفوا قذارة رفعت الأسد من بطنها، و وسخ اخوه حافظ من على ضهرها..
بس الحمدلله ، كنا عايشين بأمن و أمان و ما ناقصنا شي..
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :