سمير عطا الله: الشرق الاوسط اللندنية
لقد ربح الرئيس بشار الأسد جزءا من حرب المؤامرة الكونية عليه، والتي بدأت في درعا عام 2011.. فقد قال إن الأزمة سوف تمتد آثارها إلى المنطقة، وهذا واضح: تركيا ولبنان والأردن، غارقة في فيضان اللاجئين السوريين. وعلى الصعيد الكوني مجلس الأمن مشلول. وروسيا مصابة بما يعرف في علم النفس بانفصام الشخصية: لافروف ينفي في المساء ما قاله بوتين في الصباح. والصين أصيبت بـ«التوحد»: لا كلمة في الصباح ولا في المساء ولا بعد الظهر. وأميركا ملهية بتبديل الحرس في الخارجية.
الجزء الذي لم يربحه الأسد في الحرب هو مطار دمشق. ومدينة حلب. وأمان سوريا. ورغيف السوريين الذين انتخبوه وهو في الرابعة والثلاثين، مدنيا برتبة رئيس للجمهورية العربية السورية، وعسكريا برتبة فريق في الجيش العربي السوري.
حتى الآن النظام باق لكن ماذا بقي من سوريا؟! ووحدة الجيش صامدة لكن قوته تخرج كل يوم خاسرة من امتحان جديد. ولم يعلن الاقتصاد السوري انهياره بعد لكن الدمار الذي حل بالبلاد هدم اقتصادها إلى عقود. وباستثناء حركة المواجهات العسكرية ومجازر الأفران، كل شيء آخر متوقف في سوريا.
وصول الأخضر الإبراهيمي عن طريق بيروت، علامة سيئة. جرت العادة لسنوات طويلة أن يأتي الزوار إلى دمشق ثم يسمح لهم بالسفر إلى بيروت. نقل وزير الداخلية السوري للعلاج في بيروت علامة غير حسنة. هذا يعني أن بعض جهات الحرب الكونية في وضع متأزم.
المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الإعلام السوري، كان علامة أخرى. عدد الصحافيين الحاضرين كان محليا جدا وكئيبا. والمؤتمر كان خطابيا لا إخباريا. وخيل إلى الناس بادئ الأمر أنه سوف يسهب في شرح مهمة الإبراهيمي، لكنه اكتفى بالقول إنه لا يدري عن زيارته، مع أن تلفزيون «المنار» كان قد أعلن موعد وصول الإبراهيمي قبل يوم. والافتراض المنطقي أن «المنار» علم بالموعد من دمشق لا من المبعوث الدولي. كان أداء المؤتمر – وليس الوزير – معاكسا للهدف منه. بدأ النظام يربح معركة روسيا بينما المهم معركة دمشق. ويكرر رفض الضغوط الخارجية مع أن المسألة الكبرى صارت حول المطار. وحرص على استقبال الإبراهيمي بقصف طابور الخبز في حلب، وكأنه يريد تبديد المهمة قبل بدئها. كل شيء بدا قديما في دمشق، كأنما درعا لم تكن: الخطاب السياسي والأداء السياسي والمظاهر «البايتة». لكن سوريا كانت تبدو من الخارج بعيدة جدا عن الصور المتجمدة واللغة المستنسخة. كانت تبدو محزنة في كل شيء.