أسوِّق هذا البوست للدلالة على الفائدة الكبيرة التي نستطيع أن نجنيها من
دبلوماسية العموم Public Diplomacy.
وأريد هنا أن أذكر بأن هذا البوست لا يستهدف المعتقد اليهودي فاليهود السوريون كانوا جزءاً أصيلاً من شعبنا قبل قيام دولة إسرائيل.
في لندن كان مجلس العموم ‘البرلمان’ أهم مكان لإجراء لقاءات تضم حشداً من النواب والشخصيات المهتمة بالشأن العام.
وكان لسفير السعودية في الماضي الأمير تركي الفيصل الفضل في حجز قاعة كبيرة تضم أكثر من 300 مدعو، وأن يدعوني مع السفير الفلسطيني المعروف عفيف صافية لمشاركته مخاطبة المدعويين.
بعد الكلمات والنقاش، كانت تتم دعوة الجميع إلى العشاء في قاعة أخرى، حيث نأخذ مكاناً على طاولة الصدر مع عدد من كبار المثقفين لمتابعة النقاش.
وفي إحدى هذه الدعوات، شاركنا على طاولة الصدر حاخام يهودي مشهور (نسيت إسمه)، وكان بريطانياً مؤيداً لحقوق الشعب الفلسطيني.
في نهاية العشاء تابعنا النقاش الذي كان ناجحاً، وفي نصف الساعة الأخير وقفنا لنتبادل الأحاديث مع المدعوين من سيدات ورجال.
توجهت إلى الحاخام لأشكره على مواقفه المعتدلة، وبينما نحن نتحدث تقدمت سيدة لتصافحني، ثم مدّت يدها لتصافح الحاخام، فسحب يده إلى الخلف معتذراً.
سألته بعد أن مضت ‘لماذا فعلت ذلك’؟
قال لي ‘ديننا يمنعنا من مصافحة النساء الغريبات’.
قلت له ‘هل هذا عام لدى اليهود، أم ينطبق على طائفتك فقط’؟
قال ‘طبعاً عام ومن يفعلها من اليهود فهو يخالف شرعنا’.
فكرت لحظة ثم قلت في نفسي ‘إجت والله جابها’…
وصرت أجول في القاعة وفي كل مرة أصادف فيها سيدة أعرفها وذات مقام سياسي أو إجتماعي، كنت أدعوها للتعرف على الحاخام. وبعدها تمد يدها للسلام عليه، فيعتذر…
وأقول أنا ‘ لا تؤاخذيه، ففي دينه لا يصافحون النساء !!!
وكررت هذه العملية عدة مرات حتى إلتفت إلي الحاخام وقال:
‘أيها السفير، لقد ألحقت الأذى بعاداتنا بما فيه الكفاية. لكنك شاطر!
اعتذرت بلطف قائلاً ‘ هذه عادات موجودة عند بعضنا أيضاً، لكني لم أكن أعرف أنكم سبقتونا إليها’.
لكني كنت أعلم أنني حققت إنجازاً دبلوماسياً صغيراً لدى نخبةٍ من الناس، بإظهار أنّ بعض ما نُنْتَقَدُ عليه في تطبيق ديننا، موجود في الدين الذي تدين به إسرائيل …
شكراً أيها الحاخام …