أورثوذكسي Orthodoxy – كلنا شركاء
ذا ناشنل , حسن حسن
وسط تفاقم المشكلة السورية هناك ظاهرة جديدة كلياً لم يسبق لها مثيل بالنسبة للمنطقة بأسرها من قبل و هي ظهور ” الجهادية الشيعية العالمية ” , عدد الجهاديين الشيعة في سوريا اليوم يمكن القول بأنه أكثر من الجهاديين السنة, أي سيقودنا ذلك ؟
للتأكيد, الجهاديين الأجانب من الطرفين يدمرون سوريا, و لكن ظهور الجهاديين الشيعة أضاف مزيج من السموم الى التوتر الطائفي الحالي .
هناك اختلاف بين السنة و الشيعة على مفهوم الجهاد , فحسب مصادر سنية و غربية , فإن الجهاد في العقيدة الشيعية أقل أولوية , و يؤكد البعض أن الجهاد عند الشيعة متوقّف حتى ظهور المهدي المنتظر , بينما المصادر الشيعية تختلف على هذا الأمر, في الحقيقة إن النشاط العسكري الشيعي غالباً ما يلتزم بالجغرافية التي ينتمي اليها الشخص .
و لكن هذا الأمر تغير بشكل كبير خلال الانتفاضة السورية , و بالعودة الى نشأته فقد نشأ أيام الاحتلال الامريكي للعراق و قبل ذلك تأثر بالثورة الاسلامية الايرانية و لكنها المرة الاولى في تاريخ الاسلام الشيعي , تتسلل عناصر شيعية الى بلد آخر لتشارك في حرب مقدسة للدفاع عن معتقداتها !
آرون زيلين , خبير في الجماعات الجهادية في معهد واشنطن يقول : تتراوح أعداد السنة الجهاديين في سوريا من 2500-7000 مقاتل
بينهم 500-600 قتلوا أو عادوا الى بلادهم , أما المقاتلين الشيعة فأكثر التقديرات تحفظاً تتحدث عن ضعف عدد المقاتلين السنة .
الجهادية الشيعية و القتال لأجل حرب مقدسة بإسم الدين للتوسع في البلاد او الدفاع عن الاخوة في الدين , هو شيء لم يسمع به أحد من قبل !
هذه الظاهرة الجهادية التي كانت تميز السنّة , تمثل تحولاً في العقيدة الشيعية مقتربة من فكرة ” ولاية الفقيه ” و التي اوجدها مؤسس الدولة الاسلامية الايرانية آية الله الخميني , و الذي قال بأن المسلمين يجب أن يحكموا من رجل دين واحد, على عكس الفكر السابق الذي ترك هذه المهمة للمهدي المنتظر , هذه الفكرة من قبل الخميني أدت الى تغذية الخط السياسي الشيعي بفكرة طويلة الأمد تسيطر عليه.
نشأت الجهاديّة السنية بعد حرب أفغانستان ضد السوفييت عام 1978 و من هنا نستنتج ماذا يحصل اليوم حول الجهادية الشيعية و التي ستبتلع المنطقة اذا لم يتم التصدي للعوامل التي تغذيها .
في سوريا , تم صنع هذا التوجه من الأيام الاولى للانتفاضة ضد النظام , ظهرت مقاطع فيديو عديدة تظهر قيادات عسكرية علوية تصور الصراع على أنه قتال سني شيعي بدأ منذ القرن السابع فأحدهم قال مرة ” المعركة التي تقاتلون فيها اليوم عمرها 1400 عام , أنتم تقاتلون الى جانب الامام الحسين .
في دمشق , تم استعمال ضريح السيدة زينب كأداة كي يتم تجنيد الشيعة من أجل الدفاع عنه فأتوا من العراق و لبنان و اليمن و ايران للدفاع عن الضريح من الهجوم, و تورط حزب الله بشكل تدريجي , أولاً قال أنه يدافع عن القرى الشيعية اللبنانية, ثم الدفاع عن القرى الشيعية و لكن على الجانب السوري من الحدود , ثم القتال الى جانب النظام السوري , حزب الله يصف مقاتليه الذين يقتلون في المعارك بالشهداء الذين توفوا أثناء قيامهم بواجبهم الجهادي .
سوريا هي قيمة كبرى في وجدان الشيعة و السنة و أتباعهم, فهي أرض الأمويين , ارض ذكريات النصر و الهزيمة و اضطهاد عائلة النبي , للسنّة, سوريا هي الارض المباركة حسب الأحاديث , و هي الارض حيث يأتي المخلص .
السياسة اليوم هي التي تلعب دوراً كبيراً في تأجيج هذا التوتر, هناك عدم ثقة عميقة بين السنة و الشيعة, كل منهما يتهم الآخر بأنه العدو القريب الذي يريد أن يطعن الاسلام في ظهره , السياسيون يستغلون هذه المشاعر لصرف الانظار عن أنفسهم كي لا يكونوا ذلك العدو القريب , هذه الفكرة التي تبناها العديد من القادة السلفيين .
العديد من رجال الدين النافذين يقذفون السم الطائفي , ك يوسف القرضاوي و عدنان العرعور , يجب ايقافهم قبل فوات الأوان , رجال الدين هؤلاء و اتباعهم يلعبون بالنار , و بالمقابل يجب على الدول العربية أن تتخذ التدابير اللازمة لمنع مواطنيها الشيعة من الانجراف نحو التطرف .
السياسيون الذين يظنون أن التوتر الطائفي و ايدولوجيا العنف هما وسيلتان سياسيتان سكتشفون أن تلك الوسائل لا يمكن احتواءها او ادارتها .