Fadila Chami
مصطفى
عندما ولدتني امي أذنّت في أذنيّ أغنية بلحن جبلي من الفلكلور الشعبي في مدينة السويداء سمعت اصدائها مدينة ادلب في سوريا، كلماتها تحكي عن النبيذ المعتق في خوابي بلادننا
و عندما التقيتك في عنتاب التركية صدحت كل موسيقانا و رقصنا على الحان ما تبقى من نبيذنا السوري المعتق و شربنا من الدن .
تسألني إن كنتُ تذوقت بعض من اشعار رياض الصالح الحسين ؟!!! نعم مصطفى ..رياض كان بالثلاثين من عمره حين كانا نهداي مكتملا النمو
لم اكن صغيرة
كنت استقل باص السكانيا من جرمانا مرورا بمخيم فلسطين المزدحم و الطبالة و الدويلعة و استريح عند بسام سفر لاشرب المتة مع خالتو ام بسام على الفرندا و بعدها اتابع مشي الى باب شرقي لاعرج الى بيتي في الاحدى عشرية الغافي تحت شجرة التوت المعمرة، لم يكن النمر الوردي، يجلس على غصنها بل كانت هناك افعى تحمي صغارها و كنت اخاف على اولادي منها و يوما اشارت لي الجارة ان اشتري سماً و اضعه على سطح البيت لاقتل الافعى و اولادها، و في صباح اليوم التالي تصرخ جارتي و هي تبكي لتقول لي يا ام يزن ماتو قططي كلهم اكلو السم الذي وضعتيه على السطح !!!!!
هي هذه موسيقى اللامبالاة التي حدثتني عنها ؟
ايام المهرجانات السينمائية كنت اركب على البسكليت خلف أسامة بركة لنذهب الى سينما الكندي بدمشق لحضور افضل الافلام التي تعرض في التاسعة مساءاً و عندما ينتهي عرض الفلم و لم يعد هناك مواصلات للرجعة لجرمانا ، الجميع يعود مشياَ على الاقدام و أسامة و أنا نمشي معهم و يجر البسكليت جنبنا .
قلت لي النمر الوردي الجالس على غصن شجرة التوت و الافعى و اولادها سيموتون عندما ينتهي عمر الشجرة وكوكب الأرض المعلق بها ، يسقطون.
لم ينجو بيتي بحسب خيالاتك، و اسامة بركة قتل تحت التعذيب ، و لم يصمد بيننا داخل سوريا غير بسام سفر الذي يأوي كل صباح لغرفته على السطح بهدوء يترقب كل قذيفة ، و لم تنجو غرفتك التي تجلس على يمين النمر الوردي على ذاك الغصن.
فلم يتبقَّ من كلّي ولم يتبقَّ من كلّ هذه البلاد.. سوى أنتَ.
….
مبروك مبروك الجائزة الرابعة الى مصطفى تاج الدين الموسى من سوريا عن مجموعته ” 72 عاما “
ندوة الثقافة والعلوم شخصية العام الثقافية للدورة التاسعة لجائزة دبي الثقافية للإبداع .