ينتشر على الفيسبوك واليوتوب بين الشباب دعوات علنية وصريحة لتغيير الديانة ( من الاسلام إلى المسيحية ) ) وهي ترعاها هيئات دولية اجتماعية وإعلامية وفضائية كقناة ( الحياة ) التي تبدو في ظاهرها أنها قناة فكرية ثقافية تنتقد الفكر الديني كفقه منتج بشريا، وليس كدين منتج الهيا ، وفق ما كنا نتطلع فكريا وعلميا وأكاديميا ة وتنويريا نحن دعاة التنوير والحداثة والمدنية ، لكن مع الأسف رغم المستوى الفكري والثقافي الرفيع لخط (القناة) ، لكن لن يطول بنا الانتظار لنكتشف أن هذه القناة تنتقد الإسلام والفكر الإسلامي (الفقهي) ليس من منظور ( معرفي ابستمي) منهجيا عقليا وكونيا، بل من منبر مسيحي نصراني أجنبي مضاد غربيا يخوض حربا طائفية ضد الإسلام ، وليس معركة ( فكرية – معرفية ) ضد الفكر الديني اللاهوتي كمنظور غيبي أسطوري ميتافيزيقي للعالم والكون ( إسلاميا كان أم مسيحيا أم يهوديا ……
.
هذه النظرة (التفاضلية التقريظية) بين الديانات والمذاهب ساهم بتأسيسها في المجريات الثقافية الشعبوية للفكر العربي الإسلامي ( العلامة النير عدنان ابراهيم ) ، الذي عجز كل من تصدى من مشايخ تقليديين وعصريين له أن يزعزع موقعه العلمي الرفيع النابع والنابه العاليس الكعب على كل من حوله من أصحاب الخطاب الفقهي ….
لكن ولا واحد منهم حاوره على منهجيته في البحث، بل ناقشوه في نتائج أحكامه في قراءة وتفسير التاريخ ووقائعه ، مما أدى إلى سطحية ( تفضيلية تحبيذية)، على من هو الأفضل ( معاوية أم علي) الذي كانا أصلا هما المعضلة في الاشتقاقات الفرعية في كتابة التاريخ الإسلامي نحومن الأفضل هذا الفقيه أو المتحدث أو المتكلم …أو ذاك على ضوء موقفه من الثنائية الأصل ( معاوية أوعلي )اللذين يحضعان لمحاكمة (أخلاقية !!) وليس سياسية أو تاريخية !!!؟؟؟
وذلك حول من كان بينهما هو أكثر استجابة لسنن تطور التاريخ نحو المدنية والحضارة الإسلامية التي كانت في أكثر الأحايين ضريبتها الظلم والعنف والقمع ككل الحصارات على حد رأي (فرويد )، حيث الحضارة إنسانيا كانت ثمرة القمع والكبت للحرية على حد قراءات فرويد للتاريخ الذي كان قد بدأ في الجزيرة العربية من قرية مكة لكي يتحول مسار التاريخ إلى حاضرة عالمية …
حيث كان يستحيل على عقل فقهي بدوي قبلي كعقل ( الإمام علي ) أن يقود تاريخا بهذا الاتساع، رغم انه من المشكوك به أن يكون ( علي) أكثر أخلاقية في قيادته وفق سقف روح العصر الذي مثلة معاوية الارستقراكي والي الشام، متقدما بشوط مدني على علي، الذي كان أول من أدخل مبدأ الحرق بالنار للخصوم …بل وهو -على المستوى الشخصي – كان قمينا أن يخاصم ويصارع الفارس ( سيف الله خالد بن الو ليد) الذي يفترض أنه رقيق الدين إذاما قورن بعلي ( باب مدينة العلم الإلهي النبوي والمنسوب إليه زورا ( نهج البلاغة) من جهة، وخالد بن الوليد الذي تبرأ النبي من أفعاله الدموية ( أللهم إني أتبرأ إليك مما فعله خالد )، وذلك عندما تنازعا (خالد وعلي ) على جارية سبية في واقعة حادث (بير خم) ، فلم يكن علي أكثر سموا أخلاقيا ودينيا من خالد بن الوليد في صراعه على الجارية السبية حسب روايات التاريخ !!!!
بل وسط هذا الزخم من التفاعلات الدينية مع الحدث الثوري السوري، ما كان من الممكن للسلفية ( الجهادية داعشية أو قاعدية أو أخوانية ) أن تلحق بالثورة كل هذه الهزائم، دون أن تستثير ردود فعل (عقدية ) في الأوساط الشعبية الإسلامية ، حتى وصلنا إلى ولادة تيار ( الربوبية ) الذي يؤمن برب للكون بدون أنبياء مرسلين ، وهو تيار معروف في الفكر الاسلامي في العصر الوسيط ، لكنه غير معروف في العصر الحديث عربيا وإسلاميا وإن كان معروفا عالميا ….
.لكن هذا التيار(الربوبي) الذي سمعنا عنه على لسان ناشط حلبي من بيت بركات فيما نظن ، سرعان ما دخل لعبة ( عدنان ابراهيم ) في المقارنة والتقريظ اللاتاريخي ، حيث يصدمنا بأهم ما نفخر به فكريا تفسيريا وتأويليا ، وهي اجتهادات ( الفطرة العبقرية الفائقة ) لعمربن الخطاب الذي كان من أول من استخدموا (الرأي والعقل دون النقل) في تفسير النص القرآني ، مما اعتبره الأخ ( الربوبي –الرباني) نقيصة بحق أهل السنة ألحقها بهم عمر بن الخطاب رغم عدم ربوبيته …..
.مع ذلك فإن هذه الحركة الفكرية التي فجرتها الثورة -وافقنا على بعضها أو رفضناه- فإنها تشير إلى الخط التاريخي الصحيح لثورتنا وتساؤلاتها المشروعة في مواجهة البدائية الحسية الرعاعية الوثنية الأسدية …