التوافقي بين موقف الراعي ونصائح السفراء تداعيات للتعقيدات أمام الزعماء المرشحين
روزانا بومنصف
انزعج غالبية الافرقاء المسيحيين اما علناً او بعيداً من الاضواء مما اعلنه البطريرك الماروني مار بشارة الراعي في جنيف من استبعاد يراه لرئيس من 14 او 8 آذار ولاحقوه بالاتصالات الى المدينة السويسرية استيضاحاً فيما رأى متابعون سياسيون ان البطريرك يعبر عن خلاصة معطيات سياسية واقعية توافرت له من لقاءات داخلية وخارجية بحيث يختصر ما قد يعجز عنه الافرقاء الحلفاء للمرشحين في قوى 8 و14 من خلال تولي ابلاغ هؤلاء المرشحين علناً بعدم تضييع الوقت في المهلة الدستورية واختصاره للذهاب الى التوافق على رئيس جديد خشية الفراغ في الموقع الدستوري الاول في البلاد. وهو الأمر الذي اضطر البطريرك الى توضيح موقفه وتخفيف حدة الالتباسات التي قرأها كثر في موقفه. ويرى سياسيون كثر في لبنان صوابية في ما اعلنه البطريرك من دون ان يعني ذلك ان المرشحين الاساسيين لم يردوا من ضمن البحث عن الاحتمالات الممكنة لانتخاب رئيس في اطار المواصفات التي يريدها اركان الطائفة اكان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان او البطريرك او الزعماء السياسيون انفسهم. لكن ما ازعج البعض في رأي هؤلاء هو ما رأوه من احتمال تسليم البطريرك بالواقع بدلاً من المحاربة من اجل اي مرشح قد يكون مناسباً من بين 14 او 8 او انه قد يعطل بذلك مسار الكباش الذي من شأنه ان يفرز نتائج سياسية عدة حتى لو ادى في نهاية الامر وبعد بضعة اشهر من الفراغ الى اتفاق سياسي على اسم الرئيس العتيد.
تتم مقاربة الرؤية الى الانتخابات الرئاسية من زوايا عامة مختلفة لم تحجب مساعي واتصالات حثيثة وناشطة بعيداً من الاعلام من اجل تأمين كل مرشح ظروف فوزه بالرئاسة وضمان الا يكون هذا الفوز او تتم قراءته على انه يشكل تحدياً لأي جهة باعتبار ان المرشحين الاساسيين وعلى حد قول احدهم من الظرفاء في ايجاد التعليق المناسب ان الزعماء الموارنة يقدمون على الرئاسة راهناً كمن يقدم على امتحان اهملوا الدراسة له سنوات لكي ينكبوا على الاعداد له قبل ليلة الامتحان في اشارة الى رسائل الانفتاح والود التي يرسلها هؤلاء في اتجاهات مختلفة.
واحدة من هذه الزوايا يقول اصحابها انه وفي ضوء الستاتيكو المرتقب في الانتخابات العراقية من خلال افساح المجال امام عودة رئيس الوزراء نوري المالكي في العراق وما يعنيه ذلك من انعدام اي متغير على المستوى العراقي وفي ضوء التسليم بأمر واقع في سوريا سيتمثل باعادة تأمين الرئيس السوري بشار الاسد انتخابه مرة ثالثة نظراً لجملة اعتبارات سورية ودولية وتلاقي جملة مصالح في هذا الاطار اكان انتخاباً شرعياً ام غير شرعي، فإن الوضع اللبناني لن يكون عنواناً للتغيير خصوصاً في ظل توزانات سياسية افرزت حكومة من المحتمل ان فريقاً حقق نقاطاً اكثر او اقل من الفريق الاخر فيها لكنها لم تسجل انتصاراً لاي فريق على الآخر. وحين ينصح سفراء اجانب باعتماد المقاربة نفسها التي انتجت الحكومة، فإن ذلك يضمر توافقاً على رئيس يحفظ مصالح الجميع ولا يشعر اي فريق بانه “هزم” علماً ان لهذا الانطباع او الشعور تداعيات كارثية على لبنان. وتفسير ذلك يعني ان اياً من المرشحين الرئيسيين سواء اعلنوا ترشحهم ام لم يعلنوه يحمل وصوله الى موقع الرئاسة الاولى تحدياً يفيد او يعني هزيمة الفريق الاخر ليس على المستوى المحلي الداخلي فحسب بل على المستوى الاقليمي وحتى الدولي ايضا. وسيكون من المستحيل في حال وصول أي من الزعماء الاساسيين من هذا الفريق او ذاك حتى لو كان رمم علاقاته في الاشهر او الاسابيع الاخيرة عبر مواقف تبدو اقل حدة ان تزيل مثل هذا الشعور.
وثمة ما يضيفه اصحاب هذا الرأي بالقول ان الزعماء الموارنة يتنافسون في خطب ود خصومهم لادراكهم ان رئيساً- طرفاً لا قدرة له لا على الفوز ولا على الحكم في حال فوزه لاسباب ما، مما يجعلهم اقرب الى سعيهم بان يكونوا وفاقيين وساعين الى اخذ دور ينافسهم عليه من يمكن ان يتحلى بهذه الصفة اصلاً. وبناء على هذه الاعتبارات، فإن هؤلاء يقولون ان الظروف الخارجية المرتبطة بجملة استحقاقات اقليمية والظروف الداخلية المرتبطة بحتمية اعادة تهدئة الحزبيين او المؤيدين من خلال رسم سقوف مرتفعة لشخص الرئيس العتيد ستفرض تمرير بضعة اشهر لكي تتضح الأمور وتحصل الانتخابات مما يعني ان الفراغ سيكون احتمالاً قوياً حتى الصيف والى ما قبل الانتخابات النيابية التي سترحل عبر تمديد مجلس النواب لنفسه مجدداً حتى الربيع من السنة المقبلة لاستحالة اجرائها في الخريف من السنة الحالية.
الزاوية المناقضة لهذا المنطق يرى اصحابها ان رفض التمديد للرئيس ميشال سليمان لدى دول خارجية مؤثرة مبني على جملة امور من بينها الرفض المبدئي لعدم اجراء الانتخابات كعملية ديموقراطية لا بد منها واعتراض افرقاء داخليين وفق الحملة التي شنها “حزب الله” على الرئيس سليمان في الاشهر الاخيرة، لكن ايضاً لرفض هذه الدول استمرار الستاتيكو الحالي في لبنان. مما يفسره هؤلاء بأن وصول رئيس وفاقي على غرار الرئيس الحالي او بمواصفاته يعني استمراراً للستاتيكو المرفوض، ما يحتم البحث عن رئيس بمواصفات مختلفة رسم سقوفها الزعماء من المرشحين الاساسيين.
لكن ثمة غموضاً كبيراً قبل اتضاح الصورة في وقت قريب.