فقهاء الإسلام وبعض المتأسلمين سئموا الروائح الكريهة التي بدأت تنبعث من سيرة رسولهم قثم بن عبد اللات بفضل وسائل التواصل الحديثة فعمدوا لإفراغ اللغة العربية من معانيها في محاولة لصب بعض العطر على تلك السيرة النتنة. اعتمد بعض فقهاء الإسلام وكذلك بعض المتأسلمين المعاصرين على تغيير معاني الكلمات العربية المعروفة، فقد ذهب بعضهم إلى تفسير الآية 34 من سورة النساء، والتي تأمر بضرب المرأة التي يخاف زوجها نشوزها، فقالوا إن الضرب هنا يعني التسريح لأننا نقول (ضرب فلان في مناكب الأرض) أي مشى فيها. ويقول السيوطي دون أي اعتبار لذكاء القاريء (حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد} أي تحمل النميمة ومصيرها إلى أن تكون حطبًا لجهنم في جيدها غل (الاتقان في علوم القرآن، ص 298). وفي محاولاتهم البائسة لتغيير ما رسخ في عقول الناس من دموية معتقدهم وتخبط رسولهم، لا يدركون أنهم يتهمون ربهم بالجهل بمعاني اللغة العربية، أو عدم مقدرته على التعبير عما في نفسه بلغة سليمة. وتصطدم محاولاتهم بصخرة تناقضات قثم بن عبد اللات خاصةً عندما يصفه القرآن بأنه على خلق عظيم وسيرته تثبت العكس.
تخبرنا كتب التراث الإسلامي أن عبد المطلب وابنه عبد الله (عبد اللات) تزوجا اختين في نفس اليوم، عبد الله تزوج آمنمة بنت وهب بينما تزوج أبوه أختها. وبعد مرور تسعة أشهر من الزواج ولدت زوجة عبد المطلب ولداً أسموه العباس، عم قثم، وكان عبد الله قد سافر في رحلة تجارية بعد الزواج بأشهر قليلة ومات عند أخواله بني النجار. وبعد أربعة سنوات من الزواج ولدت آمنة بنت وهب ولداً اسمته قثم وقالت إنه من زوجها المتوفى. ولذا يقول أحمد بن حنبل في مذهبه المتزمت إن مدة الحمل أربعة سنوات. فقثم هذا لم يعرف أباه وزادت أمه الطين بله بأن أرسلته إلى الصحراء لترضعه حليمة السعدية، فأصبح قثم يتيماً لا يعرف أباه ولا أمه. وماتت أمه وعمره ست سنوات. ولا بد أن أنداده من الأطفال قد عيروه بأن أمه قد ولدته دون أب معروف ولم ترضعه. ولذا حقد قثم على النساء عامةً وعلى أمه خاصةً. وأول ما بدأ رسالته في مكة أتى بآيات قرآنية تؤكد حقدة على النساء (أم له البنات ولكم البنون) (الطور 39)، (فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون) (الصافات 149)، (ويجعلون لله البنات ولهم ما يشتهون) (النحل 57).
وزاد حقده على النساء بعد أن هاجر إلى المدينة وأنشأ دولته، فقال (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن وأهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا) (النساء 34). فأباح ضرب النساء حتى يطعن الرجال. أما المرأة التي تخاف من زوجها نشوزاً فلا تضربه بل تحاول أن تصالحه (وإن امرأة خافت من زوجها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما والصلح خير) (النساء 128).
وقد ظهر حقده على أمه للعيان في غزوة هوازن عندما مر بالقرب من قبر أمه ولم يزره، وعندما سأله أصحابه لماذا لم يزر قبر أمه قال لهم إنه استأذن ربه في الزيارة فلم يأذن له. يقول هذا رغم أن أمه ماتت قبل بدء الرسالة والإسلام يقول من مات قبل الرسالة فلا جناح عليه. فلماذا لم يسمح له ربه بزيارة قبر أمه التي كانت تعبد اللات والعزة كما عبدهن قثم قبل بدء رسالته ومع هذا اختاره إله السماء رسولاً له، لكنه منعه من زيارة قبر أمه. وفي نفس الوقت يخبرنا القرآن أن إبراهيم دعا لأبيه الذي عاصر رسالته ولم يؤمن بها (إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء) (الممتحنة 4). وكذلك (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه) (التوبة 114). فكيف يسمح إله إبراهيم له أن يستغفر لأبيه الذي رفض اتباع الرسالة ويمنع قثم من زيارة قبر أمه التي ماتت قبل الرسالة.
تبين لنا هذه الآيات أن حقد قثم على النساء عامةً وعلى أمه خاصةً بلا حدود. ولكن عندما استقر بالمدينة وتعددت زوجاته وإماؤه والنساء اللائي وهبن أنفسهن له، قال لأصحابه (حُبب إليّ من دنياكم الطيب والنساء). وبالطبع لم يكن دافعه لتعدد الزوجات والإماء حب النساء كما يزعم وإنما رغبته في أن تلد له إحداهن ولداً يرث رسالته كما كان أنبياء اليهود يفعلون. ولما يئس من الانجاب قال لهم إن الله أراه جهنم في المنام ووجد أكثر أهلها من النساء. وأغلب تشريعات الإسلام عن النساء فيها إجحافٌ بحقوقهن مثل الحديث الذي يقول (الولد للفراش وللعاهر الحجر). رجل وامرأة مارسا الجنس خارج منظومة العلاقة الزوجية وحملت المرأة وأنجبت طفلاً، قثم يقول تلك المرأة التي مارست الجنس، ربما مرةً واحدةً وأنجبت طفلاً أصبحت عاهراً ويجب أن تُرجم بالحجر، والرجل لا عقاب عليه ويُنسب الطفل له. منتهى الحقد على النساء.
يقول لنا قثم (لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها)، وهاهو أبو هريرة يسرق من بيت المال عدة مرات فيسامحه قثم (فقد ثبت في الصحيح عن النبي حديث أبي هريرة لما وكله النبي بحفظ زكاة الفطر فسرق منه الشيطان ليلة بعد ليلة وهو يمسكه فيتوب فيطلقه فيقول له النبي:ماذا فعل أسيرك البارحة، فيقول زعم أنه لا يعود، فيقول له إنه سيعود. فلما كان في المرة الثالثة قال له دعني أعلمك ما ينفعك، إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي) (شذرات الذهب في أخبار من ذهب، عبد الحي بن أحمد الدمشقي/ ج1، ص 17). واضح أن قثم كان يعرف أن أبا هريرة يسرق ليلاً من مال الزكاة ويزعم أن الشيطان هو الذي يسرق، ولكن قثم لم يقطع يد أبي هريرة وزعم أنه سوف يقطع يد فاطمة بنت خديجة لو سرقت. إنه تناقض شخصية قثم الذي كان يعاني من أمراض نفسية عدة نتيجة كونه نشأ يتيماً غير معروف الأب وأمه أهملته حتى ماتت وهو في السادسة من عمره.
وقبل أن يزعم أنه أتى برسالة الإسلام طلب من عمه أبي طالب، الذي رباه بعد موت جده، أن يزوجه ابنته فاختة فرفض طلبه فعاد منكسفآ…والأنكى أن أبا طالب إرتضى هبيرة بن أبي وهب زوجآ لإبنته، عندما تقدم لخطبتها بعد أن رفض إبن أخيه اليتيم، الذي قال لعمه حزينآ منكسر الخاطر: يَا عَمُّ، زَوَّجْتَ هُبَيْرَةَ وَتَرَكْتَنِي؟ وأول ما فعله حين دخل مكة فاتحاً أن أرسل علي بن أبي طالب ليقتل هبيرة، فاعترضت فاختة ابن عمها علي وفاوضته حتى هرب زوجها هبيرة (أحمد القاضي، الحوار المتمدن 23/10/2017 بتصرف).
ربما دفعت العقد النفسية الكثيرة قثم إلى السماح لأتباعه بزواج أربعة نساء وكل ما يستطيعون من الإماء ليكمل إهانة النساء. ولكن عندما خطب علي بن أبي طالب جويرية بنت أبي لهب على فاطمة بنت خديجة، ثار قثم ورفض أن يتزوج ابن عمه علي بن أبي طالب جويرية وقال (فاطمة بضعةٌ مني يؤذيني ما يؤذيها). فهو كان يعرف أن الزواج بامرأة أخرى يؤذي الزوجة الأولى ولكنه سمح بالتعدد لإذلال النساء.
قال قثم لأتباعه إنه لا يجوز لامرأة مسلمة أن تتزوج رجلاً غير مسلم ولكن كانت زينب بنت خديجة متزوجة من أبي العاص بن الربيع ابن أخت خديجة. وقد رفض ابو العاص أن يسلم واستمر زواجه من زينب حتى السنة السادسة من الهجرة، عندما خرج في تجارة فهجمت عليه سرية من أتباع قثم وأخذت أمواله فهرب واحتمى بزوجته زينب التي ذهبت إلى المسجد بعد صلاة الصبح وصاحت في المصلين أنها قد أجارت أبا العاص. ومكث معها حتى ردوا له أمواله ثم ذهب إلى مكة ورجع إلى المدينة بعد عدة أشهر وأسلم، ولم يزوجهما قثم زواجاً جديداً بل استمرا بنفس عقد قرانهما الأول (المنتظم في التاريخ لابن الجوزي، ج3، ص 39). (يعني لا مأذون ولا ترديد لقد أنكحتك ابنتي). أما بقية النساء المسلمات فلا يتزوجن إلا مسلماً. إنه انفصام شخصية قثم الذي يقول ما لا يفعل.
من الواضح أن هذا الرجل كان يعاني من عقدٍ نفسية عديدة بالإضافة إلى داء الصرع الذي جعله يتخيل أنه رسول من إله السماء الذي كان لا يخاطبه كما خاطب موسى وإنما كان يرسل له جبريل ببعض الرسائل المشفّرة التي لم يستطع معاصروه ولا اللاحقون فك طلاسمها. ومع ذلك استطاع هذا الرجل البدوي الطباع أن يقنع معاصريه بأنه رسول الله. ومن ثم بدأت أدلجة الأطفال ليكونوا مسلمين. وما زالوا يؤدلجون حتى بلغت أعداد مغسولي الدماغ خُمس سكان العالم، وما زال أكبر عدد من الأميين الجهلاء يعيش في بلاد إقرأ المنكوبة بالإسلام.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :