التسعيرة …. و يا بلاش؟
بقلم: طلال عبدالله الخوري
قامت الكاتبة اللبنانية سوسن الابطح بتحقيق صحفي هام, من خلال حوارات اجرتها مع بعض المعارضين السوريين الشباب اللاجئين ببلدها لبنان, ونشرته بجريدة الشرق الاوسط, وهو بعنوان:” عشائر سورية بدأت بالتململ.. وشيوخها يقمعون الشباب بالقوة”. تأتي اهمية هذا المقال وعلى بساطته وصدقه من حيث انه يوثق تاريخ سوريا السياسي وربما العالم العربي بأكمله منذ الاحتلال العثماني للوطن العربي وحتى وقتنا الحاضر؟
في هذه المقالة سنعرج على اهم ما ورد في هذا التحقيق الصحفي الرائع, وسنبين من خلال هذه الاجابات التي ادلى بها هؤلاء المعارضون الشباب وبمنتهى الصدق والعفوية وهم من أبناء العشائر السورية, كيف كان شكل الحكم بسوريا والوطن العربي منذ الاحتلال العثماني وحتى وقتنا الحاضر! وسنركز بالطبع على المرحلة الحالية من حكم عائلة الاسد لسوريا وهو ما يهمنا في هذا المقال.
تقول الكاتبة سوسن الأبطح:
بان العشائر السورية: يشكلون أكثر من 60% من السكان.. وولاؤهم سر بقاء النظام
تعليق كاتب المقالة:
نحن نعتقد بان الطبيعة القبلية والابوية ومبدأ الولاء لشيخ القبيلة وكبير العائلة وزعيم الطائفة في الوطن العربي عامة وفي سوريا خاصة كهدف لهذا البحث, تجعلنا نجزم بان فئات مكونات الشعب السوري بأكمله منتظمون بطريقة او بأخرى بما يشبه العشائر العربية السورية, فالمسيحيون, مثلا, ينوب عنهم أبائهم الروحيين من قساوسة ومطارنة, والمسلمون ايضا وبنفس الطريقة يتبعون شيوخ ملتهم وزعمائهم الدينيين , وبهذه الطريقة نستطيع ان نصل الى نتيجة مفادها بأن 100% من المواطنين السوريين ينهجون منهج العشيرة بطريقة او بأخرى, كما سنرى لاحقا, هذه الطبيعة القبلية سهلت على اي حاكم لسوريا( او لاي بلد عربي) تطويع البلاد لسلطته وبأرخص الاثمان؟ وكانت عن طريق شراء ولاء زعماء العشائر والكنائس والمساجد؟ وبهذه الطريقة ضمن الطغاة ولاء الشعب بكامله؟ وهذا بالضبط ما فعلته مؤخرا عائلة الاسد التي ما زالت تحكم سوريا منذ اكثر من اربعين عاما؟ وهذه الطريقة هي بالطبع سر بقاء النظام الحالي وجميع الانظمة التي حكمت سوريا بما فيها الاستعمار الغربي لسوريا.
ولكن الاهم من هذا كله: هو ان هذا المبدأ الابوي بالعشيرة وشراء ولاء زعماء العشائر من قبل السلطة الحاكمة بابخس الاثمان, هو أيضا سر عدم تأثر شعوبنا بموجات الثورات التحررية التي اجتاحت العالم على مر التاريخ؟؟ حتى كدنا ان نظن بان شعوبنا لا تنتمي الى هذا العالم؟
ان سر عدم تأثر شعوبنا بالموجات التحررية والتي جرت بالعالم على مر التاريخ, والتي كان اخرها تحرر دول اوروبا الشرقية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي قد حيير الباحثين الغربيين. وللاستزادة بهذا الموضوع راجعوا مقالنا بعنوان: شرعا: قتل الكفار للمسلمين حلال.
وللتأكيد على مبدأ شراء الزعامات العربية بابخس الاثمان, نريد ان نشير, هنا, الى استغلال هذه الميزة عند الشعوب العربية من قبل ثعلب السياسة الاميركية, هنري كيسنجر, والذي بذكائه استطاع ان يخلص اميركا من تبعات حربها بفيتنام, وهو مخترع سياسة “الخطوة خطوة” والتي طبقها بحنكة ليس لها مثيل خلال معالجته للنزاع العربي الاسرائيلي, حيث لم يول كيسنجر اي اهمية الى جميع الدول العربية المعارضة للصلح مع اسرائيل واهتم فقط باهم دولة عربية في ذلك الوقت وهي مصر؟ وعندما كان يرفع السياسيون الاسرائيليون مشكلة عدم موافقة بقية الدول العربية على اتفاقيات كامب ديفيد, كان يجيبهم بما معناه: بان العرب مجتمع عشائري! ويكفي ان نضمن ولاء زعيمهم, فاما البقية فستنجر وراءه كالقطيع؟ وزعيم العرب في ذلك الوقت كان زعيم اكبر واقوى دولة عربية آنذاك وهي مصر, اي انور السادات!
تؤكد الكاتبة سوسن الابطح:
بان النظام السوري لا يزال يمسك بزمام الأمور في المناطق العشائر بسوريا بسبب تحالفه المتين مع رؤساء العشائر الذين يمارسون ضغطا كبيرا بفعل نفوذهم على أبناء عشائرهم، ويردعونهم عن أي تحرك.
وتتابع السيدة الابطح وتقول: بان عبدالرحمن عدوان وهو من عشيرة سورية كبيرة اكد لها أن«النظام أفلح إلى الآن في تحييد العشائر التي تشكل نسبة أكثر من 60 في المائة من سكان سوريا بسبب المغريات والرشى التي يقدمها النظام لشيوخ هذه العشائر». ويشرح عدوان أن «المبالغ التي دفعت لهم مع بداية الثورة تبدأ من 150 ألف دولار لتصل إلى 250 ألفا للشيخ الواحد، وقد تزيد، وكل يقدر المبلغ الذي يدفع له بحسب حجم عشيرته، فثمة عشائر تبلغ ما يقارب مليوني شخص، مثل عشيرة البقارة الموجودة بشكل أساسي في حلب، وهناك عشائر لا تبلغ أكثر من آلاف قليلة». «المبالغ قليلة ».
ويقول السيد بيري, وهو من عشيرة طي : «إن رشوة شيوخ العشائر ليست بالأمر الجديد، وأنا أتحدث عن منطقتي وما رأيته بأم عيني. فشيوخ عشائر طي، تمت مكافأتهم عام 2004 بأن أصبح الشيخ محمد الفارسي عضوا في مجلس الشعب، وقدمت له كهدية سيارة (مرسيدس 500) كان يتباهى بها في المنطقة، تحمل رقما يعود إلى القصر الرئاسي. هذه الرشى لشيوخ القبائل لا تزال هي السياسة التي يتبعها النظام، ولهذا استطاع حتى هذه اللحظة تحييد عدد كبير من السوريين العرب بسبب إلزام شيوخ عشائرهم لهم، بعدم المشاركة في الثورة .
يضيف عبد الرحمن عدوان و يقول: «لا تزال القيم والتقاليد العشائرية مما يتوجب احترامه، وهو ما يلعب على أوتاره النظام. فشيخ العشيرة مسموع الكلمة، وقيمته المعنوية كبيرة، وبالتالي فإن موقفه من السلطة الحاكمة يقيدنا بشكل كبير، والآباء باتوا يضغطون على أولادهم، ولو عن غير اقتناع، كي يلتزموا بما يقوله الكبار، لذلك فإن تحركات شباب العشائر، تبقى في غالبيتها سرية وغير معلنة».
ويضيف عدوان: لقد حول النظام السوري شيوخ العشائر والمتحلقين حولهم إلى (شبيحة) مسلحين يستقوون على أفراد عشيرتهم، ويفرضون عليهم بالقوة ما لا يستطيعونه بسلطتهم التقليدية.
تعليق كاتب المقالة:
اولا: هذا المقال يدحض ما يردده بعض الكتاب الاسلاميين التافهين والذين حاولوا ان يلقوا سبب نجاح النظام السوري بالتحكم بقبضته على سوريا وافشال الثورة السورية على عاتق ولاء المسيحيين لنظام بشار الاسد وهم اقلية, ولقد قمنا بالرد على مثل هؤلاء السفهاء بمقالنا: اسلمة الدراسات الكنسية, حيث قلنا بانه لا يمكن لاي أقلية ان تكون عثرة بطريق الاكثرية, وهذا ما اكده بالتالي مقال السيدة الأبطح حيث كما نرى بان المشكلة هي اكبر بكثير من ولاء المسيحيون المزعوم لنظام بشار الاسد وان المشكلة بسوريا هي بعمق الاكثرية الاسلامية وهذا هو الواقع وهذا هو المنطق وهذا ما اكده هذا المقال.
ثانيا: هذه هي بالفعلة تسعيرة الزعماء السوريين والذين يحترمهم ويخضع لهم الشعب السوري من شيوخ عشائر ومساجد وقساوسة كنائس: راجعوا مقالنا: قس وعلماني: معضلة الكنائس العربية, للاستزادة.
اي انه حسب ما ورد بمقالة السيدة سوسن: بأن تسعيرة الزعيم حسب عدد الانفار التي تتبعه او من المفروض انها تتبعه؟ وهناك فئات من الشعب السوري وهي كثيرة ولكن زعمائهم لا يتم حسابهم ابدا بسبب قلة عدد تابعيهم؟ وبهذه الطريقة, فأن ما على نظام الاسد الا ان يسترضي ويضمن ولاء بضعة قليلة من الزعامات العشائرية والدينينة والتي لديها عدد معتبر من التابعيين, بابخس الاثمان وبذلك يضمن ولاء سوريا بأكملها؟
أي من هذه المقالة نستنتج بأن تسعيرة ضمان ولاء المواطن السوري, يقف على النظام الأسدي بأقل من دولار كرشورة للزعيم المزعوم؟؟ ويا بلاش ارخص من الفجل……
اي مواطن سوري مثل حال كاتب هذه المقالة, انفق على تعليمه وتخصصه اكثر من مئة الف دولار, وقرأ عدد من الكتب التي وزنها اكبر من ثقل عائلة الاسد مجتمعة! ويتم شراء ولائه من قبل بشار الاسد باقل من دولار ومن دون ان يعلم او يتم اخذ رأيه؟؟ يا للمهزلة!!!!!! ويا للبؤس ؟؟؟ وهناك الملايين من المواطنين السوريين الذين من حالي ايضا؟؟ وبعد ذلك هناك من ينتقدني لانني من الثائرين على وضعنا؟ اليست هذه الحالة المزرية تجعل الحيطان تثور؟؟
ولكن املنا هو بالتغيير نحو الافضل ولن ننحاد عن هدف التغيير قيد انملة, ومهما كلفنا الامر, فالوطن غالي على كل مواطن سوري.
ثالثا: من المهم ان نشير هنا الى ان الطريقة التي تم تشكيل بها المجلس الوطني السوري والى حد كبير هي نفس تركيبة الزعامات العشائرية والدينية والتي هي نفس التركيبة التي يستخدمها النظام بتحكمه بوطننا سوريا؟؟ وهذا حقيقة تدعو الى الاشمئزاز؟
لقد اكدنا واثبتنا بأكثر من مقال على ان ما يهتم به اعضاء المجلس الوطني السوري هو حصتهم بكعكة الحكم بسوريا اكثر من اهتمامهم بنجاح الثورة والتغيير بسوريا نحو مستقبل مزدهر وراقي للشعب السوري؟ راجعوا مقالنا: تشكيل المجلس الوطني ليست البطولة.
ولقد اثبتنا بان معظم اعضاء المجلس الوطني السوري وهم من الاسلاميين, هم يسعون الى التغيير فقط لانهم خارج السلطة, وأثبتنا ايضا على انهم على استعداد للوقوف مع النظام والمصالحة معه اذا قبل نظام بشار الاسد ان يرمي لم بعض الفتات من كعكة الحكم بسوريا: راجعوا مقالنا بعنوان هل تظنون الاسد اجدبا يا اخوان؟
من هنا نرى بان سبب استمرارية حكم بيت الاسد منذ اكثر من اربعين سنة هو بالدرجة الرئيسية رخص زعمائنا العشائريين والدينيين, من شيوخ عشائر الى شيوخ مساجد وقساوسة كنائس؟ لقد كانت هذه الشخصيات من الرخص بحيث جعلوا من تسعيرة المواطن التابع لهم اقل من دولار واحد؟ وجعلوا من استعبدانا ارخص من الفجل على النظام الأسدي, والسؤال الحيوي هنا هل يجب ان نثور على زعمائنا الاسرية والدينية اولا ام يجب ان نثور على السلطة السياسية المستبدة اولا؟ وما هي الاولوية هنا؟؟ هل يمكن ان تكون ثورتنا ضدهم جميعهم معا من زعامات اسرية ودينية ونظام سياسي حاكم؟؟
طلال عبدالله الخوري
هوامش:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=278769
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=277638
https://mufakerhur.org/?p=184