البحث عن الروح ! ج10 / تلخيص كتاب الخرافة في عصر العِلم !
مقدمة :
في خاطرة من فيلم أمريكي يُحدّث (جاك نيكلسون) نفسه بعد وفاة زوجته
قائلاً :سأموتُ أنا أيضاً ربّما قريباً ..غداً أو بعد عشرينَ عاماً ,لايهّم !
لكن ما الذي صنعته في حياتي لأجعل هذا العالم مكاناً أفضل ممّا كان ؟
عندما أموت أنا ويموت كلّ مَن يعرفني ,فكأنّي لم اُوجد أصلاً !
بعدها يتبنى فكرة الصرف على تنشئة طفل أفريقي يتيم لا مُعيل له .
فهو قرّرَ تركْ عملاً صالحاً بعده ,لتكون لحياتهِ قيمة ومعنى .
هكذا ينبغي علينا جميعاً أن نُحاول على الأقلّ ,بصرف النظر عن فكرة خلود الروح ووجودها (أصلاً) من عدمه !
الآن أستمر في تلخيص كتاب الخرافة في عصر العِلم / لعالم الفيزياء الأمريكي روبرت لي پارك !
***
ص 79 / معنى الصلاة !
يُعرّف قاموس إكسفورد الإنكليزي الصلاة بأنّها .. “دُعاءٌ الى الإله” !
لكن هل يهّم أيّ إله ؟
هل يهّم لو قُمتَ بها جاثياً على رُكبتيك ؟
هل الصلاة لأجلِ حصانٍ في السباق تنال نفس الإهتمام الإلهي كالصلاة لأجلِ السلم العالمي ؟
هل صلوات بيلي غراهام (الداعية الإنجيلي الأشهر الى يومنا) تحمل وزناً أكبر من صلوات مُتشرّد عادي ؟
لاشك أنّ أشخاصاً عديدين يقفون مُستعدين لتقديم الآراء حول هذهِ الأسئلة
لكن أيّ دليل لهم أنْ يُقدّموا ؟
***
ص 80 / الفصل الرابع
التخّلي عن الشبح ـ فيه نبحث عن الروح !
دعتها وظيفتها لتكون “مُقاتلة لأجلِ صحة النساء” !
لخمسِ سنين خدمَت الدكتورة (سوزان وود) كرئيسة لمكتب صحّة النساء في إدارة الأغذية والأدوية
FDA ,
كانت فيها مُقاتلة بحقّ !
لكن عام 2005 شعرت (د. سوزان وود) بأنّها مُلزمَة بالإستقالة للإحتجاج على قرار المُدير المُفوّض لل
FDA
(ليستر كروفورد).الذي رفضَ أن يكون مانع الحمل الطاريء هو “الخطة ب” على رفوف الصيدليّات !
مع أنّ لجنة الإستشارة العلميّة في ال
FDA
أوصت بقوّة بالموافقة .
منذُ أصبحت متوّفرة في أوائل الستينات ,فتحَت مانعات الحمل الفموية المُسماة تحبّباً (الحبّة) أبواباً للنساء كانت مُغلقة عليهنّ طوال التأريخ !
مكنّت تلك الحبّة النساء ربّما أكثر من أيّ عامل آخر أن يكنّ مُسيطرات على حياتهنّ ويسعين لتحقيق إمكاناتهنّ .
أمّا اليوم فمائة مليون إمرأة في العالم يستخدمنّ الحبّة .رغم ذلك تبقى هناك حالات طارئة بسبب الإغتصاب أو خلل أدوات منع الحَمل!
هناك حالات طارئة اُخرى تنتج من الجنس المتراضى عليه لكن غير المُخطط له .
بعد كلّ شيء كان الدافع الجنسي البشري قد شكّلهُ التطوّر لضمان الإنجاب ,وهو يعمل جيّداً بشكل غير عادي .
ففي وجود العوامل النفسيّة المُلائمة كلّ أحدٍ تقريباً بما في ذلك رؤوساء أمريكا والزُعماء الدينيّون البارزون ,سيخاطرون بكلّ شيء لأجلِ لقاء جنسي ممنوع !
إنّ الإصرار على إعتماد المُجتمع على العفّة بدلاً من مَنعِ الحمل ,هو إنكارٌ لغريزة يقف أمامها الأرباب دونَ تدخل !
***
ص 81/هل البويضة المُخصّبة تساوي إنسان ؟
طُوّرت “الخطة ب” لتغطية الطواريء أيّاً كان سببها .
توّفرت كدواء موصوف عام 1999 .وجدت ملايين النساء منذُئذٍ أنّ الخطة ب آمنة ومؤثرة لو اُخذت بعد الجماع .
لكن بشرط قبل أن يخترق الحيمن غلاف البويضة !
هذا يعني أنّ الخطة ب يجب أن تتناول خلال 72 ساعة بعد الجماع .
الحصول على وصفة في فترة قصيرة قد يكون صعباً وربّما مُستحيلاً خصوصاً في العطل الإسبوعيّة التي تميل لكونها اكثر الفترات نشاطاً جنسيّاً .ولتجنّب التأخير ولكونها آمنة فقد أوصت لجنة إستشارة في
FDA
من عُلماء الطبّ بتصويت (23 مقابل 4) أنّ الخطة ب يجب أن تتوفر دون وصفة !
قد ترفض
FDA
أحياناً توصيات لجان خُبرائها ,لكنّها لم تفعل هذا من قبل مع تصويت لجنة بهذا الإنحياز الواضح!
رغم ذلك فَضَّلَ الطاقم العلمي في
FDA
نفسها الموافقة بقوّة !
لكنّ عضواً واحداً من لجنةِ الخُبراء هو (د.ديفيد هايغز) طبيب نسائية من لكسنغتون ـ كنتاكي (دون أيّ شهادات في علوم الطبّ) ,قدّم تقرير أقلية ـ أقليّة (لاحظوا أقليّة من فرد واحد) ساوى فيه البويضة المُخصّبة بالإنسان!
(يعني إستخدم خطاب من قبيل :مَن قتلَ بويضة مُخصبة فكأنّما قتل الناس جميعاً / كاتب السطور) !
كصوتٍ مسيحي مُحافظ رائد في صحّة وجنسانية النساء ,أثارت مُعارضة (هايغز) للجنس قبل الزواج والإجهاض إنتباه البيت الأبيض !
فتدخل البيت الابيض لإضافة (د.هايغز) الى لجنة الخُبراء .
كمسيحي إنجيلي ربّما ظنّ (د.هايغز) أنّ الله قد عيّنهُ في اللجنة !
وعدَّ المُدير المُفوّض (د.ليستر كروفورد) وهو مسيحي إنجيلي أيضاً عيّنه بوش ,”تقرير أقليّة هايغز” كتبرير لتجاوز توصيّة اللجنة .
وهنا إستقالت (د. سوزان وود) من منصبها في
FDA !
***
شرارةُ الحياة !
أثرتُ جدليّة الخطة ب مع القسيّن (ديفيد و شون) في نزهتنا اللاحقة !
رغم أنّنا حَمَلنا رؤىً مختلفة جداً حول تنظيم الأسرة ,إلاّ أنّهم لم يبدوا متأثرين من أسئلتي .لعلّهما أملا في تحويلي ,أو ربّما إستمتعا ببساطة (كما فعلتُ) بالتحدّث الى شخصٍ ذو رؤية مختلفة كليّاً للعالَم ,شاركهم رغبتهم في عالم أسعد وأجمل وأرحم !
سألتهم : لماذا يجب أن تُعّدْ البويضة المُخصّبة .. إنساناً ؟
أجابا في شبه إتحّاد : لأنّ لها روحاً !
ففي عين الله هذه الخليّة الواحدة رغم صغرها لتُرى بالعين المجردة .
هي كائن إنساني لأنّ الله قد قدّسها .فمعجزة الحمل نفسها تدفع للإيمان بالله قال شون في شيء من الدفاع .وأضاف : (إنّ منحَ الروح هو شرارة الحياة التي تُحرّك الجسم وتجعلهُ إنساناً .فالروح تُخلَق في لحظة الحمل وهي تُحدّد الشخص وتحيا بعد موتهِ) !
***
ص 82 /
الزيجة Zygote
و الأمشاج Gametes !
(الحَملُ حدثٌ رائع) رددتُ على شون .لكن مع نفسي كنتُ اُفكر بغرابة المُصطلح “شرارة الحياة” لعالَم في القرن الحادي والعشرين !
في بداية القرن العشرين كان وجود “قوّة حياة دافعة” أو “شرارة إلهيّة” لايزال ضروريّاً لبعض العُلماء كي يشرحوا لماذا بعض الأشياء معدن ,في حين بعض الأشياء المُركبة من نفس العناصر تستطيع الحياة ؟
كانت هذه فكرة عتيقة للمذهب الحيوي
Vitalism
فقدتْ بمرور الزمن أيّ معنى علمي لها !
لم يَعُد في الكيمياء أو الفيزياء المُحركتين للمادة أيّ غموض .
وبالتأكيد مذ كشفَ (واطسون وكريك) غموض الـ ( د.ن.أ) ,لم يعد هناك حاجة بعد الآن لشرارة إلهيّة !
إنّما تكوّن
الزيجة Zygote
من الأمشاج Gametes
الذكرية والإنثوية
لايزال رائعاً !
فالإلتقاء المُميّز لخيوط كروموسومات الذكر والاُنثى مُلتَفين على بعضهما لتكوين حلزون مزدوج لجزيئة د.ن.أ. فريدة بالكامل ,فيه جمال محسوس يدفع للتقديس !
هل للـ ( د.ن.أ. ) أن يكون الروح ؟ سألتُ بسذاجة ؟
وبدا أنّهما (ديفيد وشون) جفلا من إقتراحي !
بدا ديفيد الذي درّس القانون الكنسي في المعهد ,بالتفاخر المستنير نسبياً للكنيسة الكاثوليكيّة تجاه نتائج العلوم ,على الأقل في العصرِ الحديث !
كان مأسوراً بوضوح بإقتراح انّ (الـدنا) وهو كيان مادي ,عليه عيون البايولوجيا الحديثة .وقد يكون الروح التي كانت تُعّد تقليديّاً غير مادية .
ووعدَ أن يبحثَ السؤال ليرى إن كانت الكنيسة قد أقرّت بعلاقة ما ,بين الدنا والروح !
لكنّ (شون) وهو شاعر درّسَ الأدب الإنكليزي في المعهد كان غير مُستعد حتى للنظر في فكرة أنّ روح الإنسان قد تكون محض جُزيئة .
وإنْ كانت جُزيئة رائعة كالدنا ,فالروح (قال شون) روحانيّة وليست شيئاً ماديّاً !
في الحقيقة كنتُ مستعجلاً فالناس هم أكثر بكثير من الدنا تبعهم !
فهويتنا الذاتية (روحنا لو شئتم) تستمر بالتغيّر خلال حياتنا مع تغيّرنا وإضافتنا لما نعتقده عن العالم من حولنا .
لا يأتي هذا التغيّر من الجينات بل من الثقافة !
في الجين الأناني سمّى د.ريتشارد داوكنز وحدات التناقل الثقافي “ميمات” وهي شبيهة بالجينات .تخزن الميمات وهي كلّ الذكريات في الحقيقة كتغيّرات مادية حقيقية في ترابطات أدمغتنا ,وهي إضافات للطبعة الزرقاء للدنا !
لكن الزيجة ليس لها ماتتذكره ,فهي لا تملك أجهزة حسيّة ,لذا فهي لا تشعر بشيء ,لا ترى أو تسمع شيء ,لا دماغ لها لتخزّن الذكريات لو كان لها شيء تتذكره !
الوظيفة الوحيدة للزيجة هي أن تنقسم جسديّاً
mitosis
وهذه عمليّة باهرة اُخرى !
نتيجة الإنقسام الجسدي هو بعد حوالي ساعتين ستكون هناك خليتان بنفس الدنا .وخلال 40 إسبوع إنْ تمّ كلّ شيء بسلام ,سيؤّدي الإنقسام الجسدي المُتعاقِب الى إنسان حيّ يتنفس !
يتكون هذا الإنسان من تريليونات الخلايا التي تضّم كلاً منها نسختها الخاصة من الطبعةِ الزرقاء للشخص المُكتمل !
لكن هناك إحتمال بعيد جداً بأنْ لا يتّم الأمر بصورة جيّدة !
لايهّم كيف يُصمّم مهندس بحري سفينة جديدة.إذ لا يمكنك الإبحار بالطبعةِ الزرقاء .يجب أن تُبنى السفينة أولاً .لكن يتطلب الأمر أكثر من خيط فريد من الدنا كي تصنع إنساناً !
***
ص 83 / الخلايا الجِذعية !
كالزيجة
(Zygote)
تماماً فالوظيفة الوحيدة للخلايا الوليدة الناتجة عن الإنقسام الجسدي ..هي الإنقسام من جديد !
مع تزايد الخلايا تتكوّن منهم كرة جوفاء تُدعى (البلاستولا) .
تكون هذه الخلايا غير مُتخصصة .فهي غير مُبرمجة لتكوّن عضلات مثلاً أو عظام أو أيّ شيء آخر .وظيفتها الوحيدة هي إنتاج النُسَخْ !
لكن بعد أسابيع قليلة تقوم بعض النُسَخ بإستعراض التخصّص !
وستكون هي بذلك أوّل المُتخصّصات التي تهدف الى تكوين جزء من عين ,طرف,عضو ..الخ !
لكن الخلايا الباقية دون تخصّص في البلاستولا ,هي ما يحمل أهّم وعد للإنسان !
فالعُلماء يتعلّمون اليوم كيف ينغزون تلك الخلايا الجذعيّة الجنينيّة (غير المتخصصة),لتصبح أيّ نوع من الخلايا المُتخصصة المطلوبة للتعافي من أمراض عديدة !
وتُظهر النتائج الأوليّة وعوداً هائلة في معالجة (وحتى شفاء) أمراض هدّدت البشرية طوال التأريخ !
إضافةً لذلك هناك مورد وفير للخلايا الجذعيّة الجنينيّة .
ومنبع الكنوز هذا هو ناتج جانبي لإجراء الإخصاب بالأنابيب
IVF
الذي طوّر عام 1978 على يد طبيبين بريطانيين هما (پاتريك ستيبتو و روبرت إدواردز) لعلاج العُقم !
تُخَصّب البويضات المأخوذة من مبايض المرأة خارج الجسم بخلطها مع المني في وسط سائل .ثم تُنقَل البويضة المخصبة الى رحمِ المرأة حيث تنمو هناك بشكل طبيعي !
رغم أنّ الإصوليين الدينيين يعارضون إجراء
IVF
ك “غير طبيعي”
فهو يحّل معظم عقبات الخصوبة وقد أصبح شائعاً جداً .ففي العالم الصناعي يُعّد ال
IVF
مسؤول عن 1% من أحداث الحمل !
ص 84/ تأثير السياسة على العِلم !
في العادة ينتج إجراء
IVF
أجنّة أكثر بكثير من المطلوب .وتُخزّن الأجنّة المتروكة بالتجميد لأجلِ إستخدامها في حملٍ لاحق ,أو التبّرع بها لنساءٍ عواقر .يُقدّر اليوم عدد الأجنّة المجمّدة المخزونة في الولايات المتحدة بنصف مليون جنين (هذا يشبه أفلام الخيال العِلمي قليلاً) !
ربّما اُنتج في الواقع ست ملايين جنين .لكن حين تنتفي الحاجة الى الأجنّة المُجمّدة يتّم التخلّص منها ببساطة !
صدرَ قانون عام 1996 ,مُرّرَ بضغط من نُشطاء (الحقّ في الحياة) الذين يعدّون الزيجات
Zygote
بشراً في مرحلة مُبكرة جداً من الحياة ,بمنعِ إستخدام الخلايا الجذعيّة الجنينيّة غير المُتخصصة في البحوث المُموّلة فيدراليّاً !
في ذلك الوقت لم تكن وعود بحوث الخلايا الجذعية تحظى بتقدير واسع من العموم .لكنّ القانون المذكور كان عقبة كأداء في وجه الباحثيين الأمريكان في الخلايا الجذعية !
حَكَمَ (هارولد فارمَس) المُدير المُوّقر لـ
NIH
حينئذٍ والعالِم الفائز بنوبل بأنّ هذا القانون لاينطبق على البحث في خلايا جذعيّة مُستزرعة من نسيج جنيني في مختبرات خاصة .بحيث أبقى حُكم فارمس هذا بحوث الخلايا الجذعيّة حيّة في الولايات المتحدة .لكنّه لم يُرضِ إدارة بوش ,فترك فارمس
NIH
الى القطاع الخاص !
ومع إبتعاد سياسة إدارة بوش أكثر فأكثر عن الواقع العِلمي ,أصدرت مجموعة من ستينَ عالماً قياديّاً من ضمنهم عشرون فائزاً بجائزة نوبل بياناً يتّهمُ الإدارة فيه بالتلاعب بعمليّة الإستشارة العِلمية .وإدّعوا كذلك أنّ المجالس الإستشاريّة كان يتّم غشّها .وإنْ لم يُمكن غشّها فيتّم حلّها !
كانت تقارير المجالس الإستشاريّة التي لا تدعم موقف الإدراة تُحجَبْ .
وكانت القرارات المُثيرة للأسئلة عن الوكالات الفيدراليّة تُحجب عن المراجعة العِلمية .
وكان الرّد المُباشر للبيتِ الأبيض على هذهِ الإتهامات هو الإستهانة بالموضوع .فقد وصفَ (جون ماربورغر) وهو أهمّ علماء البيت الأبيض نُخبة المؤسسة العِلميّة الأمريكية بأنّهم ” شرذمة منتفشة الريش ” !
***
ص 85 / عام 2006 !
بعد إسبوع أصدرَ البيت الابيض ردّاً أكثر فصاحة .فقد طردَ داعمانِ لبحوث الخلايا الجذعيّة فجأةً من مجلس أخلاقيّات الحياة .
وعيّن بدلهما شخصينِ بشهادات ضعيفة لكن لهم سجل قوي من المُعارضة الدينية لبحوث الخلايا الجذعيّة .
كانت الرسالة واضحة :إنْ لم تتفق مع الرئيس فسوف نجدُ شخصاً يفعل !
عام 2006 كان العلاج بالخلايا الجذعيّة يُنقذ حيوات بالفعل .وكان ذلك مجرّد لمحة عمّا يمكن تحقيقة مستقبلاً في هذا المجال !
تغيّر موقف الكونغرس والشعب الى دعم بحوث الخلايا الجذعية ,والتي كانت تتقدّم بفعالية أكبر في دول اُخرى .لكن رغم ذلك مازالت هناك معارضة شديدة من المحافظين الدينيين في أمريكا .
في روما قام الكاردينال (تروخيلو) متحدثاً نيابةً عن البابا بندكت السادس عشر ,بتهديد الكاثوليك (بالحَرْمْ)
Excommunicaition
إنْ هم شاركوا في بحوث الخلايا الجذعية !
لكن ألمع علماء البحوث الجذعيّة في إيطاليا (سيزار غاللي) ,وهو أوّل عالِم يستنسخُ حصاناً ,لخّص موقف جميع العلماء حول العالم بقوله :
[لا أظنّ أنّ العُلماء المُهتمين ببحوث الخلايا الجذعيّة الجنينيّة سيهتّمون كثيراً إنْ تمّ حرمهم أم لا] !
ورغم تهديد الرئيس بالفيتو ,فقد مرّر الكونغرس قانون تعزيز بحوث الخلايا الجذعية عام 2006 .وكما وعد إستخدم الرئيس جورج دبليو بوش قوّة الفيتو تبعه للمرّةِ الأولى !
كان الفيتو ضروريّاً قال الرئيس في مقابلة تلفازية لحماية كرامة الأجنّة !
لم يكن لداعمي بحوث الخلايا الجذعية في الكونغرس أصواتاً تكفي للرّد على الفيتو .وبذلك كان أحد أكثر التقدّمات وعداً في تأريخ الطبّ قد أوقف بسبب إعتقاد ديني بأنّ خليّة زيجة واحدة
Zygote
قد مُنِحَت روحاً .
لكن أيّ دليل يتوّفر للروح في زيجة أو أيّ مرحلة من نمّو الإنسان ؟
***
ص 86 / في البدء !
وفقاً لنكتة شائعة جداً ,كان قس كاثوليكي ووكيل بروتستانتي و ربوبي يهودي يناقشون قضيّة بداية الحياة !
قال القس :الحياةُ تبدأ في لحظة الحمل !
ردّعليه الوكيل :لاتبدأ الحياة حتى يستطيع الجنين البقاء خارج رحم اُمّهِ !
هزّ الربوبي رأسه مستنكراً وقال :كلّ يهودي يعلم أنّ الحياة لا تبدأ حتى يُغادر آخر ولد المنزل ويموت الكلب !
***
في مُعظم الأديان تُعرّف الحياة بوجود الروح ,لكن هناك إتفاقاً ضئيلاً على وقت حدوث ذلك .
يشير اليهود والمسيحيّون المتحررون لسفرِ التكوين لدعمِ إعتقادهم بأنّ الروح تُمنَح حين يأخذ الوليد نفسهُ الأوّل .
[وخلق الله آدمَ تراباً من الأرض ونفخَ في أنفهِ نسمة الحياة فصارَ آدم نفساً ناطقة /سفر التكوين 2ـ 7] !
لكن آدم يبدو أنّهُ بدأ حياته كرجل وليس كطفل !
هذا ما يجعل الكتاب المُقدّس مستنداً غنيّاً جداً ,فـ “أعظم قصة رويت على الإطلاق” محكيّة بالمجازات .ويقرأ الناس في هذه المجازات كلّ ما يريدونه !
يتّفق المسيحيّون المحافظون عادةً مع الروم الكاثوليك على أنّ الروح تُعطى للبيضة المُخصّبة في لحظة الإخصاب !
لكن معظم المسيحين المتحررين يتفقون مع اليهود على أنّ الروح تظهر مع النَفَس الأوّل !
الخلاصة نجد بين الحملِ والولادة ,كلّ مرحلة من نمّو الجنين نُسِبَتْ إليها منحة الروح عند فرقةٍ ما !
حين تنقسم الزيجة أوّلَ مرّة / حين يبدأ تخصص الخليّة / حين يحتوي الجنين دماً / حين ينبض القلب أوّلَ مرّة / حين ينمو جذع المُخ /حين يُمكن للجنين الحياة خارج الرحم … الخ .
آيات الكتاب المُقدّس المستخدمة لدعم هذهِ الفرضيّات واضحة فقط للمؤمنين بها .
والسؤال هو : إنْ كان الكتاب المُقدّس هو كلمة الله المعصومة (كما يعتقد الكثير) فلماذا إختار الله أن لا يكون دقيقاً ؟؟؟
فحتى حين يقتبس القساوسة والربيّون والوكلاء نفس الآية الكتابيّة ,فإنّهم يختلفون حدّ الشقاق على معناها ،
لايمكن أن يكونوا جميعاً على حقّ !
لكن ممكن أن يكونوا على خطأ !
(إنتهى الجزء العاشر من تلخيص هذا الكتاب العلمي الرائع) !
***
الخلاصة :
لاحظوا أحبتي ثانيةً ,السؤال المنطقي للعالِم المؤّلف لهذا الكتاب :
[إنْ كان الكتاب المُقدّس هو كلمة الله المعصومة (كما يعتقد الكثير) فلماذا إختار الله أن لا يكون دقيقاً ؟]
الآن أخشى أنْ يأتيني شيخ إسلامي عفن اللحية والزبيبة والدشداشة ليقول الأمرُ واضح عندنا في الإسلام ولا جِدال فيه .والدليل من سورة الإسراء آية 85
[ويسألونكَ عن الروح قل الروح من أمرِ ربّي وما أوتيم من العلمِ إلاّ قليلا]
حسناً إن كان هذا خيار بعض المشايخ ,أن لا يسألوا عن الروح بتاتاً .
فأنا أظنّ بعضهم سيفضل إحدى الآيات التالية التي تذكر لفظة الروح :
[فإذا سوّيتهُ ونفختُ فيه من روحي فقعوا له ساجدين] 29 الحجر !
[نَزَلَ به الروح الأمين] 193 الشعراء /والمقصود هنا الملاك جبريل !
[يُلقي الروح من أمرهِ على مَنْ يشاء من عبادهِ ليُنذرَ يومَ التلاقٍ] 15 غافر
[يوم يقوم الروح والملائكة صفّاً] 38 النبأ !
[وآتينا عيسى إبنَ مريمَ البيّناتِ وأيدناهُ بروحِ القُدس] 87 البقرة !
[وكلمتهُ ألقاها الى مريمَ وروحٌ منهُ] 171 النساء !
[والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا] 91 الأنبياء !
وهناك آيات عديدة سوى هذه تذكر الروح ,فبأيّ آلاء ربّكما تُكذبان ؟
تحياتي لكم
رعد الحافظ
16 مارس 2015