استوقفني مؤخرا ثلاثة عناوين بارزة لثلاثة تقارير اخبارية في جرائد عربية تصدر في لندن وتقرأ عربيا ودوليا نقلا عن وكالات انباء دولية. لم استطع تمالك نفسي من الضحك بافراط بعد قراءة العناوين.
القاسم المشترك بين التقارير الثلاثة هي انها تفضح دجل وأكاذيب وخزعبلات انظمة طهران والخرطوم ودمشق. نجحت هذه التقارير في احتلال الصفحة الأولى في جرائد رصينة ومواقع أليكترونية. ونجحت عناوين التقارير في اجباري على الضحك الذي أسعفني في وقت يجب ان أكون غاضبا وقلقا ومليئا بهموم وطننا العربي.
العنوان الأول او النكتة الأولى: التاريخ 17 نوفمبر 2012
” قال العميد محمد رضا نقدي، قائد قوات التعبئة الإيرانية (الباسيج) إن قواته تنتظر بفارغ الصبر إصدار أوامر المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية لتحرير القدس
نقلت قناة العالم الإخبارية عن العميد نقدي قوله للصحافيين اثناؤ العدوان الاسرائيلي الأخير على غزة إن الإجراءات التي قامت بها دول المنطقة لحد الآن اقتصرت على استدعاء السفراء والتي لم تعد كافية ومقبولة وجادة نظراً إلى جسامة الوضع.
“وتابع أن قوات التعبئة في إيران والعالم تنتظر بفارغ الصبر صدور أوامر من قائد الثورة الإسلامية (السيّد علي خامنئي) لتحرير القدس الشريف من المحتلين الصهاينة، مؤكداً أنه رغم العدوان على غزة فإن عملية القضاء على الكيان الصهيوني باتت قريبة جداً.”
وتعقيبي باختصار انه من المضحك ان ايران تتحدث عن مسح اسرائيل من الخارطة منذ بداية عام 2006 وسنحت لها ثلاث فرص لتنفيذ التهديد ولم تفعل. الفرصة الأولى جاءت في صيف عام 2006 اثناء الاعتداء الاسرائيلي على لبنان. والفرصة الثانية جاءت اواخر عام 2008 وبداية 2009 اثناء الهجمة الاسرائيلية الشرسة على غزة حيث قتلت اسرائيل 1500 فلسطيني ودمرت الاف المنازل. والفرصة الثالثة جاءت اوائل هذا الشهر عندما اغتالت اسرائيل القيادي الحمساوي احمد الجعبري ودك الطيران الاسرائيلي اهداف حيوية في غزة وقتلت 400 فلسطيني. لماذا لم تتفضل ايران وتنفذ التهديدات بازالة اسرائيل من الأطلس الجغرافي؟.
الاستنتاج لم يعد أحد يصدق التهديدات الايرانية لأنها سوف لا تترجم الى افعال. وما يقوله العميد محمد رضا نقدي سوى هراء فارغ لاستهلاك السذجة واحراج دول الاعتدال العربي.
العنوان الثاني أو النكتة الثانية 2 ديسمبر 2012:
نظام الأسد يتوعد المعارضة فتح “ابواب جهنم” بدمشق
نص الخبر: قالت صحيفة سورية قريبة من النظام أن الأخير “فتح أبواب جهنم” ضد كل من يخطط للهجوم على العاصمة. وأفردت صحيفة “الوطن” السورية مساحة واسعة في عددها الصادر الأحد للحديث عن العمليات العسكرية في محيط دمشق وطريق المطار، مشيرة إلى أن “الجيش العربي السوري فتح منذ صباح الخميس أبواب جهنم على مصراعيها أمام كل من سولت له نفسه الاقتراب من دمشق أو التخطيط للهجوم عليها”.
ألم يفتح النظام ابواب جهنم على اطفال درعا في مارس آذار 2011. ألم يفتح ابواب جهنم على حمص وحماة وحلب ودير الزور ودرعا وريف دمشق. الم يستعمل طائرت الميغ والمروحيات وبراميل البترول والقنابل العنقودية. ألم يستعمل كل ما لديه من اسلحة تقليدية لمدة 20 شهرا وحتى اللحظة فشل في اخماد الثورة. ألم يقتل 40 الف سوري من اجل البقاء في السلطة. واذا لجأ لاستعمال اسلحة كيماوية وغازات سامة سيكون رد الفعل العالمي سريع وحاسم وسيؤدي الى اسقاط النظام الذي يتفاخر بالبطولات ضد شعبه ويختبيء تحت شعار الرد المناسب في الوقت المناسب عندما يتعلق الأمر باسرائيل وهذا يأتي بنا للعنوان الثالث.
والعنوان الثالث المضحك: التاريخ 3 ديسمبر
السودان يعلن احتفاظه بحق الرد على العدوان الاسرائيلي
ونص الخبر كالآتي:
“أكد أحمد بلال عثمان وزير الثقافة والاعلام الناطق الرسمي بأسم الحكومة السودانية احتفاظ بلاده بالرد على العدوان الاسرائيلي على مصنع اليرموك بالخرطوم.
وقال عثمان في تصريحات لبرنامج في الواجهة التلفزيوني “ملف العدوان الاسرائيلي على مصنع اليرموك لم ولن يطوى”، حسبما ذكرت وكالة الانباء السودانية سونا. وكان السودان قد حمل إسرائيل المسؤولية عن الهجوم على مجمع اليرموك في الثالث والعشرين من شهر تشرين اول/ اكتوبر الماضي.
واعقب بالقول هل يصدق أحد تهديدات نظام مجازر دارفور وجلد النساء في الأماكن العاملة بسبب ارتداء البنطال. عمر البشير المطلوب من العدالة الدولية بتهمة جرائم حرب ينضم لزمرة الدجالين الذين امتهنوا حرفة الكذب والضحك على الساذجين في الشارع العربي.
ودمشق أيضا:
ألا يذكرنا التهديد السوداني بتهديدات دمشق المتكررة بعد الاختراقات والانتهاكات الاسرائيلية.ألم نسمع باستمرار النغمة القائلة “نحن من يختار الرد المناسب في الوقت المناسب، ولا نقبل أن نُجر إلى معركة يختار العدو توقيتها”. هذه الجملة يرددها الناطقون السوريون من أمثال وليد المعلم او بثينة شعبان بعد كل اختراق اسرائيلي للاجواء السورية ولمدة 40 عام انتظر الشارع العربي الرد السوري المناسب. حلقت الطائرات الاسرائيلية فوق قصر بشار الأسد في حزيران 2006 وفي ايلول 2007 قصف السلاح الجوي الاسرائيلي منشآت نووية في دير الزور ودمرها بالكامل ولا يزال الشعب السوري ينتظر الرد المناسب ضد الاعتداء الاسرائيلي.
الاعلام الصحفي والفضائي:
أدرك وأقدر ان الصحافة تلعب دورا حيويا وهاما في توصيل الخبر والمعلومة للقاريء وايضا في تثقيفه وتنويره وتسليته وأتمنى ان التصريحات المضحكة والأكاذيب ممن لا مصداقية لهم لا يتم منحها مساحة كبيرة في الصفحات الأولى الا اذا كان الهدف هو فضح الأكذوبة والمصدر.
ولا بد من التطرق باختصار شديد لدور الفضائيات البارزة في منح مساحة كبيرة للصحافيين ولا أعني الصحفيين بل الذين ينتمون لمدرسة محمد سعيد الصحاف وزير الاعلام العراقي اثناء الغزو الأميركي عام 2003. الموضوعية والحياد تستدعيان اعطاء جميع الاطراف في النزاع فرصة للتعبير عن وجهة نظرهم. وفي الشأن السوري يعني ذلك هو تخصيص مساحات كبيرة على الهواء مباشرة للترويج لأكاذيب نظام المجازر التي تبرر وتنفي من خلال ناطقين متمرسين بالكذب باسم عصابات الشبيحة. وهذا موضوع آخر.
لندن