ايليا الطائي
الاشهر الحرم عند عرب العراق قبل الإسلام
في الحملة الثانية التي قام بها خسرو الاول ضد بلاد القوقاز في ربيع عام 544م ، هاجمت القوات الفارسية بلاط اللاظ (قولخيد) بطلب من حاكم اللاظ نفسه ، الذي طلب العون بنفسه من الفرس ، غير ان الفرس خسرو معركتهم الاولى ضد البيزنطيين ، حتى قاموا بالحفر تحت اسوار القلعة التي يتحصنون بها ، فاضطر البيزنطيين إلى الاستسلام ، مع الاشارة إلى ان تسمية الفرس في هذه المعركة كانت هي (الميديين) وليس (الفرس) .
ورداً على ذلك قامت بيزنطة بتحصين حدودها الشرقية في ارض الجزيرة الفراتية وارمينيا ، ثم قاموا بهجوم مضاد على الفرس على جنوب الجزيرة الفراتية (ارض اشور)، شارك بهذا الهجوم عرب الشام بشكل فعال وعلى رأسهم الحارث الغساني ، فبثت الاضطرابات في سكان هذه المنطقة ، وجمع المهاجمين الغنائم التي نقلوها إلى ديارهم .
أحد القادة البيزنطيين والذي يدعى بليزاريوس لم يوفق في احتلال مدينة نصيبين ولكنه استولى على قلعة سيسوران وسوى اسوراها بالارض ، وعلى الرغم من عرب الشام كانوا قد ذكروا بشكل فعال في هذا الهجوم ، ففي المقابل لا يرد اي ذكر لعرب العراق في التصدي لهذا الهجوم ، ولكن هناك اشارات إلى ما كان يمثله عرب العراق من خطر على سوريا وفلسطين يمكن استجلاؤه من الفزع الذي كان يتملك الوحدات البيزنطية المنفردة من مجرد حدوث غارات عليهم من العرب ، ولما استدعى بليزاريوس قادته إلى الاجتماع بهم في دارا ليحسم مسألة الهجوم على نصيبين وسيسوران وحصارهما فإن الحاكمين العسكريين للبنان وهما التراقي ركيثانكس وثيوقطيسط ، وعلى الرغم من موافقتهما على خطة الهجوم الا انهم ابديا تخوفهما من المشاركة في الحملة بجنودهما خشية ان يتركا قرى فينيقية وسوريا بلا حراسة فيقدما الفرصة للمنذر ملك الحيرة لنهبها ، مما سيجر عليهما سخط الامبراطور جستنيان ، غير ان بليزاريوس اقنعهما بقوله ان من عادة هؤلاء العرب ” ان يتجهوا إلى آلهتهم” خلال شهرين من اشهر الصيف (هما الأشهر الحرام) لا يقومون اثناءها باي ضرب من الغزو ولا يغيرون فيهما على اراضي الآخرين .