السيطرة على مبنى البرلمان في طهران، والعملية الانتحارية التي حدثت قرب قبر الخميني، تؤكد على العداوة الكبيرة بين ايران الشيعية وداعش السني الذي تحمل المسؤولية عن العمليات. الصراع بين التيارات السنية والشيعية بدأ في اعقاب موت النبي محمد وهو يستمر الى الآن. الاسلام ضد الاسلام. المسلم يقتل المسلم. داعش لا يعترف بالطائفة الشيعية ويعتبرها منفصلة عن الاسلام. الشيعة ايضا لا يعترفون بشرعية السنة. بكلمات اخرى، الطرفان يرفضان الاعتراف بشرعية الطرف الآخر الدينية. تدخل ايران في شؤون الدول العربية والتآمر عليها زاد العداوة بينها وبين السعودية.
الحرب غير المباشرة والخفية بين ايران والسعودية، التي أصبحت أكثر علنية في هذه الاثناء في ظل وجود الازمة مع قطر، تستمر في تأجيج الحرب الدينية داخل الاسلام. عمليات داعش في قلب طهران هي انتصار، ليس فقط استخباري ولوجستي، بل ايضا انجاز ديني، الامر الذي قد يدفع السنة في ايران الى القيام بعمليات مشابهة في المستقبل القريب. وليس صدفة أن اختار داعش التفجير قرب قبر الأب الروحي للشيعة، وقائد الثورة في العام 1979 ضد الشاه.
إن التوتر بين ايران وداعش وصل الى الذروة في سوريا. حزب الله الذي يفقد كل يوم الكثير من مقاتليه، يحارب بأسنانه ضد داعش. وهو يحصل على الدعم وعلى السلاح والاموال من ايران. وبالتالي فان لدى داعش اسباب كثيرة تجعله يستهدف ايران. السعودية تقوم بتمويل المتمردين في سوريا لمحاربة نظام الاسد وحزب الله الشيعي.
ايران تقوم بتأييد الارهاب وتهدد استقرار بعض الدول العربية. والدولة الشيعية تحاول منذ 1979 تصدير الثورة الى عدد من الدول، من اجل الدفاع عن الاقليات الشيعية في هذه الدول. في السابق كان الشيعة مطاردين في ليبيا ولبنان: قمع وتمييز في العمل وغير ذلك. الآن ايران تعتبر نفسها قوة عظمى فارسية اقليمية، وتعتبر أن من واجبها الاخلاقي الاهتمام بالشيعة الموجودين في جميع الدول العربية. لذلك هي تستخدم استراتيجية تحاول من خلالها وتنجح في الحصول على المزيد من القوة والتأثير في الخليج الفارسي وفي الشرق الاوسط. انهيار نظام صدام حسين وانسحاب القوات الامريكية من العراق ومحاربة ايران ضد داعش بدعم الرئيس اوباما في حينه، كل ذلك منح ايران فرصة نادرة للعمل بحرية وتوسيع تأثيرها في دول اخرى. الاتفاق النووي والتقرب من روسيا في الحرب السورية من اجل انقاذ حليفها الاسد، ضاعف قوة ايران وحولها، للأسف الشديد، الى قوة عظمى عسكرية واقتصادية.
في هذه الاثناء تحاول ادارة ترامب بكل قوتها وقف تأثير ايران وقطع يدها وفرض عقوبات اقتصادية عليها. ايران تدفع الآن ثمن تآمرها على الدول العربية. من يستخدم الارهاب بشكل دائم لا يجب عليه الاستغراب عندما سيصل الارهاب اليه. لقد تغيرت صورة ايران الآن، وكذلك تغيرت صورة اسرائيل في نظر العرب. اغلبية العرب استيقظوا من سباتهم الذي استمر عشرات السنين. فهم لم يعودوا يعتبرون اسرائيل عدوة، بل يعتبرون أن ايران هي العدو الحقيقي الذي يهددهم.
اسرائيل اليوم 8/6/2017